تأخير مشاورات تشكيل الحكومة سيصطدم بموقف سلبي من المجتمع الدولي

TT

تأخير مشاورات تشكيل الحكومة سيصطدم بموقف سلبي من المجتمع الدولي

قال مصدر نيابي بارز بأنه ليس في مقدور رئيس الجمهورية ميشال عون أن يطالب لنفسه التمهُّل في تحديد موعد لإجراء استشارات نيابية مُلزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة بذريعة أنه في حاجة إلى مزيد من الوقت للقيام بمشاورات سياسية يراد منها - بحسب وجهة نظره - بأن تتلازم تسمية الرئيس مع تسهيل مهمته في تشكيل الحكومة.
ورأى المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» بأن لا مبرر للتأخير في إجراء الاستشارات المُلزمة، وأن ما حصل من مشاورات قبل تكليف الرئيس حسان دياب بتشكيل الحكومة لا يمكن أن يتكرر لأن عامل الوقت لا يسمح بتكرار هذا السيناريو غير المسبوق الذي كان ابتدعه المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي.
وحذّر من أي محاولة يراد منها تأخير إجراء الاستشارات النيابية المُلزمة مهما كانت الذرائع التي يمكن لعون أن يتسلّح بها، وقال إن مجرد التمهُّل سيدفع باتجاه اصطدامه بالموقف الفرنسي الذي عكسه الرئيس إيمانويل ماكرون في خلال زيارته للبنان، وشدّد فيه على ضرورة الإسراع بتهيئة الظروف لتسهيل ولادة الحكومة العتيدة التي يفترض أن ترى النور بالتلازم مع عودته في مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل إلى بيروت.
واعتبر المصدر نفسه أن مجرد جنوح عون إلى التريُّث يترتّب عليه موقف سلبي من المجتمع الدولي، خصوصاً تلك التي شاركت في مؤتمر باريس بدعوة من ماكرون والذي خُصّص لتقديم مساعدات إنسانية وطبية عاجلة لدعم لبنان، وقال إن عون بات يفتقد إلى زمام المبادرة بعد أن تعذّر عليه تعويم حكومة دياب ما اضطر الأخير إلى تقديم استقالته.
ولفت إلى أنه من السابق لأوانه الدخول في بازار الترشيحات لتولي رئاسة الحكومة على الأقل في المدى المنظور لأن جميع الأطراف تنكبّ حالياً على مراجعة حساباتها من جهة والتبصُّر في أبرز العناوين التي يُفترض أن تؤسس لمرحلة سياسية جديدة، خصوصاً أن الاصطفاف السياسي الذي كان تشكّل مع ولادة حكومة دياب أُصيب بانتكاسة بعد أن تعذّر عليه توفير الحماية لها.
وشدد على أن من المعالم الرئيسية للمرحلة السياسية الراهنة تلك التي أخذت تدفع باتجاه إعادة خلط الأوراق، وعزا السبب إلى أن تحالف قوى «8 آذار» و«التيار الوطني الحر» تعرّض إلى هزّة من داخله لأنه تعذّر عليه توفير خطوط الدفاع لحكومة دياب التي لم يسجّل لها أي إنجاز يُذكر، وقال: إن هذا لا يعني أن المعارضة التي كانت تُعرف سابقاً بقوى «14 آذار» هي في وضع متماسك وواجهت صعوبة في إعادة توحيدها ما اضطرت إلى معارضة الحكومة بالمفرّق وغالباً على القطعة.
وكشف المصدر نفسه عن أن الاجتهادات تضاربت في تفسير ما قصده ماكرون بدعوته إلى تشكيل حكومة جديدة تستجيب لتطلعات الشعب اللبناني ورغبته في تحقيق الإصلاح، وقال إن بعض من شارك في لقاء قصر الصنوبر بدعوة من الرئيس الفرنسي أخذ يتصرّف وكأنه يؤيد تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري في مقابل البعض الآخر الذي أعتقد بأنه يدعو لقيام حكومة مستقلة تحاكي الحراك الشعبي.
وقال: بصرف النظر عن هذه الاجتهادات المتضاربة في تفسير ما قصده ماكرون بدعوته تشكيل حكومة جديدة فإن الصيغ التي اتُّبعت سابقاً كأساس لتشكيل الحكومات قد سقطت ولم تعد تصلح للمرحلة الراهنة التي تتطلب من الحكومة الجديدة أن تستعيد ثقة اللبنانيين كممر إلزامي لاستعادة ثقة المجتمع الدولي.
ورأى أن لا مكان لما يسمى بحكومة الأقوياء لأنها غير قادرة على ردم الهوّة بين السلطة وبين اللبنانيين وإن كان من السابق لأوانه الخوض في أسماء المرشحين لرئاسة الحكومة. وسأل أين تقف إيران من الوضع المستجد في لبنان وما مدى صحة تواصلها مع باريس؟ وهل لديها استعداد بأن تعيد النظر في سياستها حيال لبنان؟
ورأى بأن السؤال عن موقف طهران في محله لاستقراء موقف «حزب الله» واستعداده للالتفاف إلى الوضع الداخلي والانكفاء عن تدخله في الشؤون الداخلية العربية؛ لأنه لا مجال لتسويق الحكومة الجديدة عربياً ومحلياً ما لم يبدّل سلوكه في الداخل، شرط أن يكون مقروناً بالتزامه بسياسة النأي بالنفس، خصوصاً أن الجميع يعترف بدوره الفاعل في الشأن الداخلي، وإنما مشكلته تكمن في أنه يشكل رأس حربة في لبنان لمحور الممانعة بقيادة إيران، وبالتالي فإنه يتوجب عليه اتخاذ قرار جريء يقضي بإفساح المجال أمام تشكيل حكومة مستقلة كشرط لإعادة إعمار بيروت.
وتوقف المصدر النيابي أمام الزيارة المرتقبة لوكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل إلى بيروت، وقال إن أهمية هذه الزيارة تأتي للتأكد من وجود تفاهم بين واشنطن وباريس يدفع باتجاه تزخيم التحرك الفرنسي لإنقاذ لبنان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».