معرض بالرباط لإحياء الفن المغربي من خلال 100 عمل

جانب من افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)
TT

معرض بالرباط لإحياء الفن المغربي من خلال 100 عمل

جانب من افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

يقدم متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، حالياً، معرض «الفنانين التشكيليين المغاربة في المجموعات الوطنية، من بن علي الرباطي إلى اليوم»، الذي يقتفي لأول مرة، من خلال أعمال فنية، مسارات فنانين تشكيليين مغاربة من خلال كرونولوجيا موضوعاتية.
يتابع هذا المعرض الذي انطلق أول من أمس، ويستمر حتى 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، من طرف المؤسسة الوطنية للمتاحف، ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، بشراكة مع وزارة الثقافة والشباب والرياضة وأكاديمية المملكة، المجموعات الوطنية المهمة، ونشأة الفن المغربي، عبر نحو مائة عمل فني.
وقال عثمان الفردوس، وزير الثقافة والشباب والرياضة المغربي، في تصريح صحافي بمناسبة افتتاح المعرض: «إنه يوم مهم من أجل عودة النشاط الثقافي»، مشدداً على أن «من شأن هذا المعرض أن يحمل رسالة مفادها أن الثقافة يمكن أن تصلح الكثير من الأشياء التي أفسدتها جائحة كورونا». وأضاف أن «الثقافة تعد أيضاً طاقة متجددة»، مشيراً إلى أن «الإبداع موجود داخل كل إنسان».
وأوضح أن هذا المعرض الرائع سيمكّن المغاربة من فهم تاريخ الفن التشكيلي ببلدهم، مند عهد محمد بن علي الرباطي، مسجلاً أن وزارة الثقافة والشباب والرياضة شاركت في هذا المعرض بأعمال فنية تُعرض لأول مرة أمام الجمهور.
ولفت الفردوس إلى أهمية عرض هذه الأعمال للجمهور المغربي، خصوصاً الأطفال، والأجيال الجديدة من أجل التعرف على التاريخ الفني لبلادهم.
من جهته، ركز مهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، على دور المؤسسة في تنظيم هذا «المعرض البديع»، مشدداً على أن الحياة والفن يستمران «وهو ما نريد إظهاره للمغاربة».
وأضاف أن هذا المعرض بمثابة شهادة على حياة، وتاريخ المغرب من خلال الفن التشكيلي، معرباً عن شكره لأكاديمية المملكة التي «وضعت رهن إشارتنا مجموعات قام بتجميعها أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة الراحل عبد اللطيف بربيش، ووضعها رهن إشارتنا خلفه عبد الجليل الحجمري». وأوضح قطبي أن هذا المسار تم إغناؤه بمجموعة رائعة وُضعت «رهن إشارتنا من طرف وزارة الثقافة»، معرباً عن سعادته بهذه الإضافة النوعية التي كان ينتظرها منذ عدة سنوات.
ورحب قطبي بوجود تمثال فريد بلكاهية في ساحة المتحف، مشدداً على أن الرباط، كما أرادها الملك محمد السادس، هي مدينة الأنوار، وعاصمة الثقافة، لكن أيضاً فضاء للحياة.
من جانبه، سجل عبد العزيز الإدريسي مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، أن هذا المعرض يقدم مسار الإبداع الفني بالمغرب منذ بداية القرن الماضي، مروراً بالمراحل المضيئة التي طبعت الساحة الفنية على المستوى الوطني، وفي بعض الأحيان مع الانفتاح على معارض كبيرة على المستوى الدولي.
وأبرز المتحدث ذاته أن هذا المعرض يأخذ بعين الاعتبار تنوع الفن بالمغرب، وخصوصيات التعبير الفني المغربي، والذي أظهر مختلف المواضيع التي اشتغل عليها الفنانون التشكيليون منذ سنة 1916 إلى اليوم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».