مُبتَكر جديد من الألمنيوم يساعد في تنقية المياه

سهل التنفيذ قليل التكلفة

مُبتَكر جديد من الألمنيوم يساعد في تنقية المياه
TT

مُبتَكر جديد من الألمنيوم يساعد في تنقية المياه

مُبتَكر جديد من الألمنيوم يساعد في تنقية المياه

يعد توفير المياه النظيفة أمراً ضرورياً، غير أنه يظل أحد أكبر التحديات في العالم، لكن الآن يمكن أن تغير ذلك مادة الألمنيوم الجديدة فائقة الامتصاص للضوء التي تم تطويرها بتمويل من الجيش الأميركي.
وبتمويل من مكتب أبحاث الجيش، التابع لقيادة تطوير القدرات القتالية للجيش الأميركي، طور الباحثون في جامعة روتشستر الأميركية لوحة ألمنيوم جديدة تركز الطاقة الشمسية بكفاءة أكبر لتبخر وتنقي المياه الملوثة، وتم الإعلان عنها في دورية «نيتشر سيستانبليتي»، يوم 13 يوليو (تموز) الماضي.
يقول الدكتور إيفان رانرستروم، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره مختبر أبحاث الجيش: «يحتاج الجيش ورجال الحرب للمياه، لذلك هناك اهتمام خاص بأبحاث المواد الأساسية التي يمكن أن تؤدي إلى تقنيات متقدمة لتوليد مياه الشرب، حيث تتيح الخصائص الممتصة للضوء لأسطح الألومنيوم تنقية المياه بطاقة منخفضة للحفاظ على المقاتل في الميدان بشكل أفضل».
وخلال الدراسة، طور الباحثون تقنية معالجة بالليزر تحول لون الألومنيوم المنتظم إلى اللون الأسود، مما يجعله شديدة الامتصاص، بالإضافة لإكسابه الخاصية الشعرية، وهي خاصية فيزيائية تسمح بانتقال السائل من الأسفل إلى الأعلى، ثم قاموا باستخدام هذا الألمنيوم لتنقية المياه بالطاقة الشمسية.
وتستخدم هذه التكنولوجيا مجموعة من نبضات الليزر الفيمتو ثانية (فائقة القصر) لحفر سطح لوح عادي من الألمنيوم، وعندما يتم غمس لوح الألمنيوم في الماء بزاوية مواجهة للشمس، فإنه يرسم طبقة رقيقة من الماء لأعلى فوق سطح المعدن.
وفي الوقت نفسه، يحتفظ السطح الأسود بـ100 في المائة تقريباً من الطاقة التي يمتصها من الشمس لتسخين الماء بسرعة. وأخيراً، تغير الهياكل السطحية التي تم إكسابها الخاصية الشعرية الروابط بين الجزيئات للمياه، ما يزيد من كفاءة عملية التبخر بشكل أكبر.
يقول الدكتور تشونلي جو، أستاذ البصريات بجامعة روتشستر، في التقرير الذي نشره موقع الجامعة: «هذه الأشياء الثلاثة معاً تمكن التقنية من العمل بشكل أفضل من جهاز مثالي بكفاءة 100 في المائة، وهذه طريقة بسيطة دائمة غير مكلفة لمعالجة أزمة المياه العالمية، خاصة في الدول النامية».
وتظهر التجارب التي أجريت بالمختبر أن الطريقة تقلل من وجود جميع الملوثات الشائعة، مثل المنظفات والأصباغ والبول والمعادن الثقيلة والجلسرين.
ويضيف جو أن التكنولوجيا يمكن أن تكون مفيدة أيضاً في الدول المتقدمة لتخفيف نقص المياه في المناطق المنكوبة بالجفاف ومشاريع تحلية المياه.
ولطالما تم الاعتراف باستخدام أشعة الشمس للغلي بصفتها وسيلة للتخلص من مسببات الأمراض الميكروبية، وتقليل الوفيات الناجمة عن التهابات الإسهال، لكن الماء المغلي لا يزيل المعادن الثقيلة والملوثات الأخرى.
والطريقة الأكثر شيوعاً لتبخر المياه القائمة على الطاقة الشمسية هي «السعة الحرارية الحجمية»، حيث يتم تسخين كمية كبيرة من الماء، ولكن فقط الطبقة العليا يمكن أن تتبخر. وقال جو إن هذا من الواضح أنه غير فعال لأنه يتم استخدام جزء صغير فقط من طاقة التسخين.
ويوجد نهج أكثر كفاءة، يسمى «تدفية بينية»، ويضع مواد عائمة وممتصة ومتعددة الطبقات فوق الماء، بحيث تحتاج إلى تسخين المياه القريبة من السطح فقط.
لكن جميع المواد المتاحة يجب أن تطفو أفقياً فوق الماء، ولا يمكنها مواجهة الشمس مباشرة، علاوة على ذلك، تصبح المواد المسؤولة عن الخاصية الشعرية مسدودة بسرعة بالملوثات التي تركت بعد التبخر، مما يتطلب استبدالاً متكرراً للمواد.
وتتجنب لوحة الألمنيوم التي طورها الباحثون هذه الصعوبات، من خلال سحب طبقة رقيقة من الماء من الخزان مباشرة على سطح جهاز امتصاص الطاقة الشمسية للتسخين والتبخر.
وقال جو: «علاوة على ذلك، نظراً لأننا نستخدم سطحاً ذا فتحات مفتوحة، فمن السهل جداً تنظيفه بمجرد رشه، وأكبر ميزة هي أنه يمكن تعديل زاوية الألواح بشكل مستمر لمواجهة الشمس مباشرة عندما تشرق، ثم تتحرك عبر السماء قبل الضبط، مما يزيد من امتصاص الطاقة».
ويثني الدكتور مصطفى أبو الفضل، الباحث بمركز بحوث الصحراء بمصر، على هذه الطريقة كونها تقوم على تطوير طريقة تنقية المياه وتحليتها باستخدام الطاقة الشمسية. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «استخدام الطاقة الشمسية في التحلية والتنقية ليس جديداً، ولكن الجديد هو القيام بذلك بكفاءة عالية وطاقة أقل».
ويضيف: «مشروعات تحلية وتنقية المياه لم تعد ترفاً في كثير من الدول التي باتت تعاني من الفقر المائي، لكن يعوق التوسع في هذه المشروعات استهلاكها للطاقة، كما أن أغلب خامتها مستوردة».
وتبدو الفكرة التي طرحتها الدراسة الأميركية سهلة بسيطة قابلة للتكرار في أكثر من دولة، مما يجعلها مناسبة للتغلب على تحديات تحلية وتنقية المياه، كما يؤكد أبو الفضل الذي يقول: «ربما سيكون من المفيد التقاط تفاصيل هذه الفكرة، ومحاولها استنساخها على نطاق معملي، وأخذها خطوة إلى الأمام بإنتاج نموذج نصف صناعي، ثم نموذج صناعي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».