حراك عربي ودولي باتجاه بيروت عشية انعقاد مؤتمر المانحين

أبو الغيط يعرض مشاركة عربية في التحقيق بالانفجار

الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (دالاتي ونهرا)
TT

حراك عربي ودولي باتجاه بيروت عشية انعقاد مؤتمر المانحين

الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (دالاتي ونهرا)

حشدت الدول الصديقة للبنان طاقتها السياسية لإغاثته إنسانياً، وسجلت زيارات مسؤولين أوروبيين وعرب إلى بيروت، عشية انعقاد مؤتمر للمانحين من أجل لبنان يستضيفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمم المتحدة، عبر الفيديو، اليوم (الأحد)، وتشارك فيه جامعة الدول العربية.
وسار الحراك الدولي على عدة مستويات، بدءاً من اتصال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالرئيس اللبناني ميشال عون، بعد زيارة ماكرون إلى بيروت، واتصال الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعون أول من أمس، واستكمل بزيارة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى بيروت، أمس.
وبحث جونسون مع عون، خلال الاتصال الهاتفي، الاحتياجات الإنسانية والطبية العاجلة، ومتطلبات إعادة الإعمار في بيروت، بعد الانفجار الهائل في المرفأ يوم الثلاثاء. وقال مكتب جونسون، في بيان: «شكر الرئيس عون المملكة المتحدة على الدعم الذي قدمته حتى الآن، بما في ذلك تقديم 5 ملايين جنيه إسترليني (6.5 مليون دولار)، في شكل تمويل طارئ، وإرسال سفينة البحرية الملكية (إنتربرايز)». وأضاف: «اتفقا على العمل مع الشركاء الدوليين لضمان تعافي البلاد وتعميرها على المدى البعيد، فيما يواجه لبنان أزمة مالية وفيروس كورونا وآثار هذا الانفجار المأساوي».
ووصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى بيروت، أمس، وقال بعد لقائه الرئيس عون: «لستم وحدكم، والاتحاد الأوروبي معكم، بالأفعال لا الأقوال، وهناك نية وتأكيدات على مساعدة لبنان بإعادة الأعمار، كما ندعو إلى الشفافية والإصلاحات».
بالموازاة، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن «هناك إحساساً كبيراً عميقاً للغاية بالتضامن العربي مع شعب لبنان الأبي القوي»، مشدداً على «المساندة المطلقة من قبل الجامعة العربية، واستعدادنا للمساعدة والدعم بما هو متاح لدينا. ونحن لدينا قدرات معنوية تجميعية للحشد العربي».
وأشار إلى «استعداد الجامعة العربية لأن تشارك الطاقات العربية في أي شيء يتعلق بالتحقيق في هذه المأساة، وكيفية تأمين أن يأتي التحقيق شفافاً إيجابياً لصالح الحقيقة، وهذه هي مهمة الجامعة العربية في هذه اللحظات الصعبة».
وجاء كلام أبو الغيط في أعقاب المحادثات التي أجراها مع عون، وأعلن وضع كل إمكانات الجامعة العربية بتصرف لبنان لتجاوز هذه المحنة الصعبة، وقال: «أنا على ثقة بأن هذا الشعب العظيم الذي تغلب على صعوبات ومحن عدة قادر على الخروج من أزمته الراهنة بعزيمة أقوى وثقة أكبر».
وقال أبو الغيط إنه سيرفع فور عودته إلى القاهرة تقريراً إلى رؤساء الدول العربية ووزراء الخارجية عن نتائج مشاهداته، كما سيتصل بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لإطلاعه على الوضع، وستكون له مشاركة في مؤتمر باريس، اليوم، للبحث في آلية المساعدات التي ستقدم إلى لبنان. كذلك أشار إلى أنه سيدعو المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى اجتماع في الأسبوعين المقبلين لدرس الوضع في لبنان، وكيفية المساعدة.
ورد الرئيس عون شاكراً الأمين العام على عاطفته، لافتاً إلى الحجم الكبير للكارثة التي أضيفت إلى تراكمات عدة، منها الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، ووباء كورونا، وأزمة النازحين السوريين. وقال: «إن لبنان بحاجة إلى أي مساعدة في المجالات كافة، والأمل كبير بالدول العربية الشقيقة». ولفت كذلك إلى أن «المساعدات الطارئة تتوزع إلى عدة أنواع، لكن الحاجة أيضاً إلى إعادة إعمار ما تهدم، سواء في أحياء بيروت أو في المرفأ، والدعوة مفتوحة إلى كل الدول العربية والدول الصديقة للإسهام في إعادة إعمار بيروت».
وتحدث أبو الغيط عن مساعٍ لدعوة الجامعة العربية إلى اجتماع يكون جدول أعماله هو بند خاص بلبنان، قائلاً: «نحن نسعى لتفعيل كثير من التوجهات. ويجب أن نعترف أن هذا الوضع المفاجئ يفرض على البشر التفكير والتفاعل. وهذه المسائل تأخذ بعض الوقت». وأعرب عن ثقته بأن المجتمع العربي والدول العربية، كما المجتمع الدولي ومختلف الدول «سوف تتحرك بناء على ما يريده الشعب اللبناني، وكيفية التفاعل معه. ونحن سوف ندعم لبنان بكل ما هو متاح».
ومن بعبدا، انتقل إلى عين التينة، حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال أبو الغيط: «نقلت للرئيس بري استعدادنا الدائم لكل أنواع الدعم، وتطرقت إلى موضوع لجنة التحقيق، وعرضت من جانبي أن تساهم الجامعة العربية باختيار شخصيات عربية بالمشاركة في هذا الصدد».
وأضاف: «سوف نشارك في اجتماع حول الدعم الدولي للبنان، وسوف أنقل إلى وزراء خارجية الدول العربية، والحكومات العربية كافة، المرئيات التي شاهدناها هنا، ووجهات النظر التي استمعت إليها، ونأمل أن توافينا الدولة اللبنانية باحتياجاتها وطلباتها لكي نساهم. وسوف أكتب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وسوف نبذل أكبر جهد للمساندة».
وتطرق إلى موضوع التحقيق، وقال: «عرضت من جانبي، والأمر متاح للدولة اللبنانية والقيادات اللبنانية بأن تساهم الجامعة العربية باختيار شخصيات عربية للمشاركة والمساعدة في هذا الصدد»، وقال: «استمع الرئيس بري بكثير من الاهتمام، وأتصور أنه إذا كان هناك خلاف فنحن نتيح إمكانيات الجامعة العربية لهذا الموضوع».
وبعدها، تفقد أبو الغيط وزارة الخارجية والمغتربين، ثم زار الرئيس سعد الحريري، والتقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وجال أبو الغيط أيضاً في مرفأ بيروت متفقداً الأضرار.
ووصل كذلك نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي إلى بيروت، وشدد بعد لقائه الرئيس عون على أن «لبنان ليس وحيداً»، وقال: «نحن بصفتنا جاراً وصديقاً وشقيقاً للبنان، نقول له إنه ليس وحيداً، وتركيا بجانبه دائماً، من خلال التضامن، وتقديم كل أنواع المساعدات له».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».