إثيوبيا ترفض اتفاقاً بشأن «سد النهضة»... ومصر تعدّها «غير متعاونة»

أديس أبابا قالت إنها لا تسلّم مصلحتها استجابة للضغوط الأميركية

عملية ملء سد النهضة في صورة عبر الأقمار الصناعية نُشرت في يوليو الماضي (أ.ف.ب)
عملية ملء سد النهضة في صورة عبر الأقمار الصناعية نُشرت في يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

إثيوبيا ترفض اتفاقاً بشأن «سد النهضة»... ومصر تعدّها «غير متعاونة»

عملية ملء سد النهضة في صورة عبر الأقمار الصناعية نُشرت في يوليو الماضي (أ.ف.ب)
عملية ملء سد النهضة في صورة عبر الأقمار الصناعية نُشرت في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

قبيل جولة مرتقبة من المفاوضات بشأن «سد النهضة»، قالت أديس أبابا إنها ستعقد غداً (الاثنين)، أطلق مسؤولون مصريون وإثيوبيون تصريحات منفصلة أظهرت «استمرار تباعد المواقف بين الجانبين».
وفي حين وصف رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، أمس، موقف إثيوبيا بأنه «غير متعاون، وغير صريح بشأن ملف السد»، جددت الخارجية الإثيوبية تمسكها بأنها لا يمكنها توقيع «اتفاق ملزم يشترط تمرير حصص محددة للمياه من سد النهضة لدول المصب».
وعلقت مصر والسودان وإثيوبيا، الأسبوع الماضي، مفاوضات يرعاها «الاتحاد الأفريقي»، بهدف محاولة التوصل لاتفاق، بعد مقترح من أديس أبابا بشأن التفاوض عدته القاهرة «لا يتضمن أي قواعد للتشغيل، أو أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق»، فيما قالت الخرطوم إن الطرح الإثيوبي «يثير مخاوف جدية، ويعد تطوراً كبيراً يهدد استمرارية المفاوضات».
وتعقد الاجتماعات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، السفير دينا مفتي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية الإثيوبية، أمس، إن «المفاوضات الثلاثية مع مصر والسودان ستبدأ يوم (غد) الاثنين».
وأضاف مفتي أن «إثيوبيا لا تسلم مصلحتها الوطنية لأطراف أخرى متأثرة بالضغوط الأميركية»، منوهاً وفق الوكالة الرسمية إلى أن «قطع الولايات المتحدة لعلاقاتها الثنائية بإثيوبيا لا يلحق ببلاده ضرراً، بل تتأثر به أميركا».
وبشأن الأنباء عن زيارة وزير الخارجية المصري لأرض الصومال، وما تم ترويجه من «افتتاح مصر قاعدة عسكرية في هرجيسا»، قال مفتي إن «إقامة مصر علاقات مع أي دول لا يؤثر على إثيوبيا سلباً»، مشيراً إلى أن بلاده «لا تقبل أي علاقات تضر بمصالحها».
ولم تعلق مصر رسمياً على الأنباء بشأن اعتزامها إقامة قاعدة في أرض الصومال. وفي يونيو (حزيران) الماضي، نفت جمهورية جنوب السودان أنباء أشارت إلى موافقتها على إقامة قاعدة عسكرية مصرية على أرضها.
ومن جهته، قال رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، في حوار مع صحيفة «الأهرام» المصرية اليومية المملوكة للدولة، أمس، إن «إثيوبيا اتخذت نهجاً غير إيجابي، ولا يتفق مع موجبات حسن النية، واستمر لما يقرب من 8 سنوات على هذا النحو، شهدت كثيراً من الجولات التفاوضية».
وأضاف عبد العال موضحاً أن «الموقف المصري المتفهم لاحتياجات الشعب الإثيوبي التنموية قوبل بالتعنت والشدة تارة، والمماطلة تارة أخرى من الجانب الإثيوبي، ولذلك كان اللجوء لمجلس الأمن خطوة على الطريق السليم تأتي في سياقها الطبيعي، فمياه النيل قضية وجودية لشعب مصر».
وأشار عبد العال إلى أن «مصر تعاملت مع الأزمة بدبلوماسية، وانتهجت الخيار التفاوضي منذ البداية، مستندة في ذلك إلى مجموعة من الثوابت الحاكمة التي تنم عن حسن نية، والرغبة في تنمية العلاقات الثنائية بين مصر وإثيوبيا، وتوسيع أطر التعاون، والسعي لإيجاد رؤية مشتركة لحل تداعيات إنشاء السد، وإعلاء مبدأ (ليربح الجميع) في المفاوضات المشتركة بين الدول الثلاث».
ومنذ عام 2011، تتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكن رغم مرور عدة سنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق.
ويتوقع أن يصبح السد أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه في أفريقيا، وتقوم إثيوبيا ببنائه على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر. وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعد مصر تأثر حصتها من مياه النيل تهديداً وجودياً لها، إذ إنها تحصل على 90 في المائة من مياه الري والشرب من نهر النيل.
وترغب مصر والسودان في التوصل إلى اتفاق شامل بشأن السد، بما في ذلك كيفية إدارته، لكن إثيوبيا ترفض ذلك، فيما تؤكد مصر أن لها «حقاً تاريخياً» في النهر، بموجب المعاهدات المبرمة عامي 1929 و1959، لكن إثيوبيا تعتمد على معاهدة موقعة في 2010، قاطعتها مصر والسودان، تجيز إقامة مشاريع للري وسدود على النهر.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.