متلازمة التعب المزمن... تأثير محتمل طويل المدى لـ«كورونا»

مريض مصاب بـ«كورونا» يتلقى العلاج في منزله بالمكسيك (د.ب.أ)
مريض مصاب بـ«كورونا» يتلقى العلاج في منزله بالمكسيك (د.ب.أ)
TT

متلازمة التعب المزمن... تأثير محتمل طويل المدى لـ«كورونا»

مريض مصاب بـ«كورونا» يتلقى العلاج في منزله بالمكسيك (د.ب.أ)
مريض مصاب بـ«كورونا» يتلقى العلاج في منزله بالمكسيك (د.ب.أ)

أصيبت تيري وايلدر بمرض رهيب في عام 2014، حيث كانت تنام على الفور كل يوم بعد عودتها من العمل إلى المنزل وتستلقي في السرير طوال عطلة نهاية الأسبوع لتستجمع قواها كي تذهب إلى العمل الأسبوع التالي، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن إن». وقالت: «بالكاد أستطيع رفع يدي لنداء سيارة أجرة».
وبعد ما يقرب من عامين، تم تشخيص وايلدر بمرض يسمى التهاب الدماغ والنخاع العضلي، ويُعرف أيضاً بمتلازمة التعب المزمن، وهي حالة من أمراض المناعة العصبية مع أعراض تشمل ضباب الدماغ، والتعب الشديد، والألم، والشعور بالضيق بعد الجهد.
وعملت لعقود من الزمان كاختصاصية اجتماعية وناشطة للمجتمعات المهمشة، مع التركيز على أبحاث فيروس نقص المناعة البشرية. وصُدمت وايلدر عندما اكتشفت أن مرضها يفتقر إلى دواء معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء، وأن العلماء الذين يدرسون المرض لم يتلقوا سوى نحو 5 ملايين دولار سنوياً في تمويل الأبحاث من المعاهد الوطنية للصحة.
وفي تلك المرحلة، وجدت نفسها تواجه مرضاً مهمشاً جديداً تماماً.
ويمكن أن تستمر متلازمة التعب المزمن لعقود. وغالباً ما يتجذر المرض بعد شكل من أشكال العدوى الفيروسية، على سبيل المثال فيروس «إبستين بار» أو فيروس نهر روس. وإن «كورونا» هو مجرد فيروس آخر يمكن أن يؤدي إلى ظهور هذه الحالة المنهكة.
وتخشى وايلدر أن يصاب مئات الآلاف من الأشخاص المصابين بــ«كورونا» بالمرض نفسه الذي ابتليت به. ولدى كبار الخبراء الطبيين نفس القلق.
وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير معهد الحساسية والأمراض المعدية إنه «حتى بعد أن تتخلص من الفيروس، هناك أعراض ما بعد الفيروس. أعرف، لأنني أتابع عبر الهاتف الكثير من الأشخاص الذين يتصلون بي ويتحدثون عن تجربتهم».
وتابع: «هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة ما بعد الفيروس والتي تشبه إلى حد كبير التهاب الدماغ والنخاع العضلي - متلازمة التعب المزمن».
وبعد أكثر من ستة أشهر من أزمة كورونا العالمية، لم يتعاف الكثير من المصابين بالفيروس بشكل كامل.
ولم يعد ما يصل إلى 35 في المائة من الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بــ«كورونا» إلى طبيعتهم بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الإصابة، وفقاً لتقرير صدر في 24 يوليو (تموز) من قبل المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منه.
ومن بين 292 شخصاً شملهم الاستطلاع الذي أجرته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها على حالات التعافي بعد «كوفيد - 19». أفاد المتعافون عن متوسط سبعة من الأعراض الـ17 لمراكز السيطرة على الأمراض.
وأبلغ خمسة وثلاثون في المائة عن التعب. وذكر واحد من كل خمسة أشخاص أصغر سناً تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً دون أي حالات طبية مزمنة أخرى أنهم لم يتعافوا تماماً.
وأحد هؤلاء الذين ما زالوا يعانون من الأعراض بعد أشهر هو مذيع «سي إن إن» كريس كومو، الذي أعلن لأول مرة إصابته بفيروس كورونا في 31 مارس (آذار).
وفي حديثه في برنامجه يوم 14 يوليو، أشار إلى أن التهاب الدماغ والنخاع العضلي قد اقترح عليه كسبب لعدم تعافيه تماماً.
وقال كومو: «لدي ضباب في المخ لن يختفي... بدأت أشعر بالاكتئاب السريري، وهو ليس حزناً. الناس يقولون لي باستمرار: لا تحزن... أنا لست حزيناً. أنا مكتئب. الأمر مختلف. لا يمكنني التحكم فيه».
وتحدث كومو بانتظام على الهواء عن معركته مع «كورونا» وتحاور مع بعض مستخدمي «توتير» حول رحلته، وقال الكثير منهم إن أعراض «كورونا» الخاصة بهم لم تختفِ بعد أيضاً.
وتابع: «لا أستطيع التعافي عبر التدريبات الرياضية بالطريقة التي كنت أفعلها من قبل».
وغالباً ما يُعتبر الفشل في التعافي عبر التمرين، أو الشعور بالضيق بعد الجهد، سمة مميزة من أعراض هذه الحالية الصحية، وفقاً لتقرير عام 2015 الصادر عن الأكاديمية الوطنية للطب. وقدر هذا التقرير أيضاً أن ما بين 836 ألف إلى 2.5 مليون أميركي يعانون من متلازمة التعب المزمن.
وفي الوقت الحالي، تشير التقديرات إلى أن هذه الحالة الصحية لها تأثير بنحو 17 مليار دولار إلى 24 مليار دولار على الاقتصاد الأميركي، بسبب عدم قدرة الكثيرين على العمل، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.