عون يرفض التحقيق الدولي في الانفجار بحجة «حماية السيادة»

«حزب الله» يشارك الرئيس موقفه... والمعارضة طلبت دعم ماكرون لطلبها

شاحنات محترقة في مرفأ بيروت (أ.ف.ب)
شاحنات محترقة في مرفأ بيروت (أ.ف.ب)
TT
20

عون يرفض التحقيق الدولي في الانفجار بحجة «حماية السيادة»

شاحنات محترقة في مرفأ بيروت (أ.ف.ب)
شاحنات محترقة في مرفأ بيروت (أ.ف.ب)

دخل لبنان في تأزم سياسي جديد، إثر إعلان الرئيس ميشال عون رفضه إجراء تحقيق دولي في تفجير مرفأ بيروت، معتبراً أن المطالبة بالتحقيق الدولي في قضية المرفأ «الهدف منها تضييع الحقيقة»، مضيفاً أن «العدالة المتأخرة ليست بعدالة»، نافياً أن يكون الأمر قد طرح في المحادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول من أمس.
وينقسم لبنان الآن بين فريقين، الأول يطالب بلجنة تحقيق دولية ويمثله «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب»، فيما يعارض الفريق الآخر المتمثل بـ«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» لجنة التحقيق الدولية.
وقالت مصادر مطلعة على لقاء رؤساء الكتل النيابية اللبنانية مع الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر أول من أمس، إن الأطراف التي كانت تنضوي تحت فريق «14 آذار» في السابق، تتقاطع عند هذه النقطة ونقطة أخرى هي عدم وجود دولة فاعلة في لبنان. وأشارت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع طلب رسمياً من ماكرون أن يدفع باتجاه تحقيق دولي جدي وفعال لكشف الحقيقة وملابسات الزلزال الذي ضرب بيروت، وقال له إن اللبنانيين يعولون على فرنسا لتحقيق هذا المطلب، في مقابل معارضة ممثل «حزب الله» حيث اعتبر رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد في الاجتماع أن لا ثقة بتحقيق دولي يمكن أن يكون مخترقاً من إسرائيل.
وأكد الرئيس عون في دردشة مع الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري، أن هدفه تبيان حقيقة انفجار مرفأ بيروت من خلال التحقيق الجاري، مشدداً على تحقيق العدالة وعلى أن أحداً لا يمكنه أن يدفعه باتجاه الخطأ أو يمنعه من كشف الحقائق. وقال: «في هذه القضية لن يكون صغير أو كبير بل ستكون أبواب المحاكم كلها مفتوحة أمام الكبار والصغار على حد سواء».
ورداً على سؤال عن إمكانية التدويل، أكد الرئيس عون أن «ليس هناك من تدويل، فإذا لم نتمكن من حكم أنفسنا، فلا يمكن لأحد أن يحكمنا، ولن تمس السيادة اللبنانية خلال عهدي».
وكشف رئيس الجمهورية أن مسؤولية ما حدث تتوزع على ثلاث مراحل: كيف دخلت المواد المتفجرة إلى المرفأ، وكيف وضعت، وكيف حفظت لسبع سنوات حيث تعاقبت عدة حكومات كما تعاقب عدد من المسؤولين وقد كتب البعض إلى السلطات المختصة في المرفأ والمسؤولين عن الموضوع وأنذروهم بخطورة الموضوع. طبعا كان هناك عدم إدراك أو إهمال في القيام بالأعمال اللازمة.
وأضاف: كما أن ثمة احتمالين لما حصل، إما نتيجة إهمال أو تدخل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة، وقد طلبت شخصيا من الرئيس الفرنسي أن يزودنا بالصور الجوية إذا ما كانت متوفرة لدى الفرنسيين كي نستطيع أن نحدد إذا كانت هناك طائرات في الأجواء أو صواريخ. وإذا لم تكن هذه الصور متوفرة لدى الفرنسيين فسنطلبها من دول أخرى كي نتمكن من أن نحدد إذا ما كان هناك اعتداء خارجي أو أن ما جرى ناشئ عن إهمال.
وشدد الرئيس عون على «أننا أمام تغييرات وإعادة نظر بنظامنا القائم على التراضي بعد أن تبين أنه مشلول ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة»، وأشار إلى أنه في ظل الكلام عن قيام حكومة وحدة وطنية، «يجب تحضير الأجواء المناسبة لذلك، ولا يمكننا أن ندعو إلى حكومة وحدة لنصل إلى الانقسام الذي شهدناه في الحكومات». غير أن هذا الموقف عكس شرخاً سياسيا تنظر إليه مصادر سياسية على أنه سيفاقم التأزم والانقسام في المشهد اللبناني، بالنظر إلى الانقسام السياسي حول لجنة تحقيق دولي تدفع باتجاهها قوى المعارضة. وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب يؤيد لجنة تحقيق دولية كونه لا ثقة بأي تحقيق محلي، موضحة أن السبب الأول يتمثل في أنه «لا يمكن لأطراف محلية قد تكون مسؤولة عن التخزين وعدم معالجة موضوع هذه المواد، أن تدين نفسها أو تقوم هي بالتحقيق فيه، فذلك يترتب عليه تضارب في المصالح والمسؤوليات».
وأضافت أن السبب الآخر للمطالبة يتمثل في أنه «نتيجة واقع الفساد في لبنان وسياسة الأمر الواقع، لا يمكن التوصل إلى الحقيقة، لذلك فإن الوصول إلى الحقيقة لا يمكن أن يتم بواسطة اللبنانيين». وعليه، «فإننا متمسكون بتحقيق جدي وشفاف ولا يمكن أن يحصل إلا إذا كان دوليا»، معربة عن خشية الحزب من أن تكون هناك محاولات «لتمييع ما حصل».
ويلتقي «القوات» مع «المستقبل» على هذه النقطة. ورأى الرئيس تمام سلام، أن «الثقة بالسلطة الحالية مفقودة، الأمر الذي يستدعي تشكيل لجنة دولية أو عربية للتحقيق في ملابسات الانفجار في مرفأ بيروت». وقال في حديث إذاعي: «الغاية من اللجنة الدولية الوصول إلى نتيجة دقيقة وشفافة وحاسمة. لبنان يمر بمرحلة من الاضطراب السياسي، ومعظم القيمين على السلطة الحالية غير قادرين على إدارة البلاد بشكل سليم. هم يتعثرون في كل خطواتهم وغير قادرين على المشكلات المالية أو ضمان استقلالية القضاء، لذلك لبنان في طريقه لأن يصبح دولة فاشلة. والمطلوب في الدرجة الأولى، الثقة بالسلطة، إلا أن هذا أمر غير متوفر في الوقت الحالي».



تنسيق مصري - أنغولي لدعم قضايا السلم والأمن في أفريقيا

محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
TT
20

تنسيق مصري - أنغولي لدعم قضايا السلم والأمن في أفريقيا

محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر وأنغولا على تعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب استمرار التنسيق والتشاور المشترك في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وذلك خلال لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره الأنغولي جواو لورينسو، في القاهرة، الثلاثاء.

وناقش الرئيسان جهود حفظ السلم والأمن في القارة الأفريقية، إلى جانب عدد من القضايا الأفريقية، شملت الأوضاع في القرن الأفريقي والسودان والصومال وشرق الكونغو الديمقراطية.

ويرأس لورينسو الاتحاد الأفريقي، هذا العام.

وخلال اللقاء أكد السيسي «التزام بلاده بتعميق التعاون مع لواندا»، مشيراً إلى أن المحادثات «عكست تطابقاً في الرؤى، وإرادة سياسية للارتقاء بالعلاقات المشتركة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية.

وأشار السيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع لورينسو إلى أن المحادثات تناولت الأوضاع في القرن الأفريقي والسودان ومكافحة الإرهاب، وأشاد بدور الرئيس الأنغولي في الوساطة في أزمة شرق الكونغو الديمقراطية.

الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)

وركزت المحادثات على «قضايا السلم والأمن الملحة في أفريقيا»، وأشار البيان المشترك إلى إدانة السيسي ولورينسو «تصاعد الأنشطة الإرهابية في الصومال، وأكدا دعم وحدته واستقراره».

كما دعا الرئيسان إلى «وقف الأعمال العدائية في السودان، واستئناف حوار وطني شامل يخفف من معاناة السودانيين»، إلى جانب رفض «أي محاولات لتشكيل حكومة سودانية موازية».

وأكدت المحادثات ضرورة الحفاظ على المواقف الأفريقية الموحدة إزاء مختلف القضايا الدولية، وفق السيسي الذي أشار إلى «توافق البلدين بشأن قضايا التحديات الاقتصادية، وندرة المياه، وتغيُّر المناخ»، إلى جانب «استمرار التنسيق والتشاور المشترك، في مختلف المحافل الدولية والإقليمية».

كما تناولت المحادثات قضية الأمن المائي، والتعاون عبر الأنهار الدولية، حيث أكد الرئيسان «ضرورة إدارة الموارد المائية العابرة للحدود، وفقاً للقانون الدولي، بطريقة شاملة تحقق المنافع المشتركة، مع احترام مبدأ (عدم الإضرار)»، وشددا على «ضرورة الامتناع عن الإجراءات الأحادية التي تثير النزاعات بين الدول المشاطئة»، وفق البيان.

وتناولت المحادثات كذلك تطورات الأوضاع في غزة، وأكدت «ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، دون عوائق»، مع «دعم الخطة العربية الإسلامية للإعمار».

وعلى الصعيد الثنائي، أكد السيسي استعداد بلاده تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لأنغولا، في مجالات التنمية وبناء القدرات في قطاعات متعددة، منها الشرطة والدفاع والصحة والإعلام والسياحة والزراعة ومكافحة الفساد، والطاقة المتجددة والدبلوماسية.

وعقب المحادثات الثنائية، شهد الرئيسان التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والإسكان والبنية التحتية.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 34.2 مليون دولار خلال العام الماضي، مقابل 21.3 مليون دولار عام 2023، وفق إفادة للجهاز المركزي للإحصاء بمصر، الثلاثاء.

«رسالة مهمة»

يشكل التوافق المصري - الأنغولي بشأن القضايا الأفريقية «رسالة مهمة» وفق مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية الأسبق، السفير محمد حجازي، الذي أشار إلى أن المواقف الصادرة عن المحادثات «تعبِّر عن موقف أفريقي جامع تجاه التطورات في المنطقة».

وأضاف حجازي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المشاورات تناولت التحديات الاقتصادية بأفريقيا، المتعلقة بآثار فرض الإدارة الأميركية رسوماً جمركية على الواردات الأفريقية، بما يهدد تنفيذ الاتفاقيات التعاقدية بين واشنطن ودول أفريقيا».

وأشار إلى «أهمية طرح ملف الأمن المائي المصري خلال المحادثات، بسبب تأثيرات أزمة (سد النهضة) الإثيوبي على علاقات دول حوض نهر النيل الأزرق».

وهناك خلاف بين إثيوبيا، ودولتي المصب - مصر والسودان - حول مشروع «سد النهضة» الذي تقيمه أديس أبابا على رافد نهر النيل الرئيسي منذ عام 2011. وتطالب القاهرة والخرطوم باتفاق قانوني ملزم ينظم عملية تشغيل السد بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وتُضاف زيارة الرئيس الأنغولي للقاهرة إلى «نشاط دبلوماسي مصري رفيع للانخراط في القضايا الأفريقية في الفترة الأخيرة»، وفق حجازي.