أنقرة تعزز قواتها في إدلب بعد تصعيد بريف اللاذقية

TT

أنقرة تعزز قواتها في إدلب بعد تصعيد بريف اللاذقية

تصاعدت حدة التوتر على العديد من المحاور في إدلب وقامت تركيا بالدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة شملت دبابات وناقلات جنود وأسلحة أخرى إلى مناطق تمركزها في شمال غربي البلاد.
ونفّذت القوات التركية من مواقعها في جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي قصفاً صاروخياً لمواقع جيش النظام السوري في معرة النعمان، بالتزامن مع تحليق مكثف للطائرات المسيّرة التركية المسلحة وطائرات الاستطلاع الروسية في أجواء محافظة إدلب.
وكانت قوات النظام قد قصفت بالمدفعية الثقيلة، بعد منتصف ليل الخميس – الجمعة مناطق الفطيرة وكنصفرة وسفوهن وفليفل ومناطق أُخرى في «جبل الزاوية» ومحاور ريف اللاذقية الشمالي.
كما قصفت قوات النظام المتمركزة في محيط مدينة سراقب، بالرشاشات الثقيلة بلدة آفس في ريف إدلب، وقريتي بينين ودير سنبل في جبل الزاوية (جنوب). وتمكنت هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة ليل أول من أمس، من صد 4 محاولات تقدم لقوات النظام على محور تلة الحدادة الاستراتيجية والتلال المحيطة بها في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتشرف تلة الحدادة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) ومناطق واسعة في ريف جسر الشغور الغربي وقريتي بداما والناجية الواقعتين على الطريق ذاته.
واستهدفت فصائل المعارضة تجمعات قوات النظام والقوات الروسية في محور كنسبا وقلعة شلف وقلعة طوبال في المنطقة ذاتها، ما أدى إلى سقوط جرحى من القوات الروسية وسط معلومات عن قتلى في صفوفهم أيضاً، حيث هبطت مروحية لنقلهم في ريف بلدة سلمى التي تتخذها القوات الروسية مركزاً لها.
ووثق المرصد السوري مزيداً من الخسائر البشرية جراء القصف المكثف والاشتباكات العنيفة، ووصل تعداد قتلى عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها إلى 15، وبلغ عدد قتلى الفصائل والجماعات المتشددة 9 عناصر إضافة إلى مصابين بعضهم في حالات حرجة من الجانبين.
وأُصيب شخص بجروح خطيرة نتيجة سقوط طائرة استطلاع تركية مسيّرة في مركز سادكوب علايا شرق مدينة القامشلي وانفجارها الليلة قبل الماضية.
في غضون ذلك، دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى نقاط القوات التركية في شمال غربي البلاد. ودخل، فجر أمس (الجمعة)، من معبر كفر لوسين رتل عسكري تركي ضم 4 دبابات وآليات عسكرية أخرى، توجه نحو مواقع القوات التركية في «جبل الزاوية» بريف إدلب الجنوبي، تزامناً مع استمرار وصول حشود عسكرية جديدة لقوات النظام والمسلحين الموالين لها إلى المنطقة.
كما دخل رتلان عسكريان تركيان، ليل الخميس – الجمعة، يتألفان من نحو 50 آلية ما بين شاحنات محمّلة بالدبابات والأسلحة الثقيلة والذخيرة وآليات عسكرية أخرى تزامناً مع تحرك قوات تركية نحو النقطة العسكرية التركية في تلة النبي أيوب في جبل الزاوية والتي تشرف على سهل الغاب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.