قضايا المرأة تستحوذ على عروض مهرجان مرسيليا

ثلاثة أفلام لاتينية حولها ودفاعاً عن حقوقها

صورة غير واضحة عن حياة امرأة في «نايت شوت»‬
صورة غير واضحة عن حياة امرأة في «نايت شوت»‬
TT

قضايا المرأة تستحوذ على عروض مهرجان مرسيليا

صورة غير واضحة عن حياة امرأة في «نايت شوت»‬
صورة غير واضحة عن حياة امرأة في «نايت شوت»‬

انتهت في السادس والعشرين من الشهر الماضي أعمال الدورة الحادية والثلاثين لمهرجان FID الذي تقيمه مدينة مرسيليا الفرنسية كل عام.
وسط كارثة كورونا، كان من الصعب التيقن من أن هذه الدورة ستُقام فعلياً، وأن القرار بتحدي الوباء سينجح، وبالتالي ستخرج الدورة الجديدة غير مثخنة بجراح الظروف الصحية التي سببها، وما يزال، هذا الوباء المنتشر.
سبعة عشر فيلماً في المسابقة وأكثر منها في زوايا المهرجان المختلفة نقلت إلى الجمهور الفرنسي تلك النوعية من الأفلام التي تحتاج للاكتشاف من قِبل الجمهور والموزّعين لكنها لا تصلح للتنافس أمام أسماء أكبر وخبرات أطول تقبل عليها مهرجانات السينما الرئيسية.
اعتداء
الأفلام الفائزة بالجوائز الأولى تعكس، كباقي الأفلام في الواقع، هذا الجانب من الصورة الماثلة حيث على الأفلام ذات الإنتاج المستقل والمُنجز من قِبل مخرجين غير معروفين إيجاد الوسيلة المناسبة للعرض والفوز والخطو بعد ذلك إلى الأمام. هناك مهرجان «صندانس» في الولايات المتحدة ومهرجان «لوكارنو» في سويسرا لكن مهرجان مرسيليا هو أقرب لأن يكون نقطة جامعة بين المهرجانين الكبيرين.
ذهبت الجائزة الأولى إلى الفيلم التشيلي «نايت شوت» وحظي فيلم «نهر غامض» (Shady River) بجائزة أفضل فيلم دولي، والجائزتان تبدوان غريبتين في التسمية: «نهر غامض» هو فيلم أرجنتيني ما يُطبّق عليه نعت «فيلم دولي»، لكن كذلك الحال مع فيلم «نايت شوت» التشيلي.
يبدأ «نايت شوت» بالتقرير التالي:
«هذه القصة لها ثلاثة أنواع من الضوء: واحد يُغشي البصر، ثم ضوء داكن لا تستطيع معه أن ترى شيئاً، ونوع خافت». في الواقع، لا يمكن التعويل كثيراً على هذه العبارات كون الضوء الوحيد المتسرب من حكاية المخرجة التي تصنع فيلماً عن نفسها وما حدث لها، هو داكن وبلا ملامح تميّز هذه الكانة عن تلك.
تحكي المخرجة كارولينا موسكوزو في «نايت شوت» قصّتها عندما انفرد بها رياضي واغتصبها ليلاً. لا نرى الحادثة الفعلية لكن الفيلم يتمحور حولها وحول الآثار العميقة التي حفرتها في ذات المخرجة. هناك الخوف من الغرباء، الخوف من الخروج من البيت (ولو إلى حين)، خوفها من الأمراض الجنسية أو الحمل بعد الاغتصاب. للتعبير عن هذه المخاوف، وفي ركاب ذلك تعكس تلك المخاوف بطرق شتّى: الكاميرا تلاحق أشياء الحياة العادية (مناظر مُلتقطة من داخل حافلة، زوم على طيور مرتفعة، أشجار، مبانٍ) متبوعة بلقطات ضبابية غير واضحة. المعالم مطموسة غالب الوقت. الأماكن غير محددة وشخصيات تبدو جزئياً في الصورة.
ما تعتمده موسكوزو هنا هو دمج تجربتها وما بعد تلك الحادثة بحياتها القلقة لتصوّر ذلك التأثير غير المستقر بما يوازيه من لا استقرار المشاهد ولا الفيلم بكامله. اللافت هو أنها تمضي بنجاح في مضمار السينما التجريبية. ما نراه في أغلب الأحيان مشاهد غير متّصلة في سياق واحد. مشاهد مختلفة لأشياء مختلفة (عجلات دراجة، طرق، مزارع، شخوص مبهمة تبدو كأشباح، تفتّح الورود، صور، وثائق إلخ... وتصحب كل ذلك باختيارات في الفورمات التي تعمل من خلالها: شاشة سوداء، لقطات ذات حجم صغير جداً محاطة بالسواد، تعليق يصاحب الفيلم قد يلتقي وقد لا يلتقي مع ما هو معروض.
في بعض الأحيان تنبري لالتقاط مشاهد رائعة التكوين. كاميرا من نافذة طائرة تهبط لتحط على أرض المطار. حال تحط تقطع المخرجة إلى مشهد من عمق البحر لكلاب البحر وهو تسبح كما لو كانت ترقص على أنغام موسيقى تسمعها هي وحدها.
تحاول المخرجة داخل هذا الفيلم البيوغراي رفع قضية على الجاني (رياضي في فريق كرة قدم كانت سخرت هي من فريقه علناً) لكن المحامي يخبرها (في رسائل مطبوعة على الشاشة) إن قضيتها صعبة كونها تحاشت استدعاءها للتحقيق ولم تكمل الفحص الطبي الذي كانت بدأته. لاحقاً ما يخبرها المحامي أن قضيتها تجاوزت المدّة المحددة لها (ثماني سنوات).
بالنسبة للمشاهد السائد لن يمر الفيلم من دون ضجر أو ملل، لكنه تجربة في السينما تستحق المتابعة لما تطرحه من تفاعل بين الموضوع الشخصي واختيارات المخرجة للتعبير عنه.
رسالة مباشرة
«نهر غامض» هو أيضاً من إخراج امرأة تدلف إلى الميدان حديثاً. تقوم المخرجة الأرجنتينية تاتيانا مازو الغوزنزاليز بتوفير نظرة فاحصة على بلدة صغيرة اسمها ريو توربيو قوامها بيئة اجتماعية للعاملين في مناجمها. في صميم هذه البيئة نكتشف أن المرأة ممنوع عليها الاقتراب من الآبار خشية أن يجلبن سوء الحظ لباقي البلدة. أكثر من ذلك، تكتشف المخرجة في عداد فيلمها التسجيلي هذا، أن النية في الأساس كانت تنص على التخلص من النساء في تلك البلدة لأنهن مصابات بلعنة ساحر ولن يجلبن إلى الحياة إلا الضرر والأذى.
كون المخرجة في الأساس من السينمائيات اللواتي ينتمين إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية فإنه من المفهوم سبب اهتمامها بالمسألة وكيف تعكس غبها من هذه النرة المتخلفة التي تقبع المرأة تحتها.
من اللقطة الأولى تعمد المخرجة إلى تقديم نساء يجابهن هذا الموقف بعناد. تصوّر، في لقطات قريبة، عيون النساء وهن ينظرن إلى الأمام بتحدٍ واضح. لقد وجدن في الفيلم الفرصة المنتظرة لتقديم ما هو أكثر من شكوى. الكشف عما هو أعلى من مجابهة أو مجرد صوت صارخ بالتخلف الموجود في تلك المجتمعات.
الفيلم مباشر أكثر مما ينبغي بالنسبة لمن يطلب التطرق إلى المواضيع الاجتماعية أو أي قضايا مهمّة من هذا القبيل بالإيحاء أو بالشكل الذي يحرص على توفير الرسالة من دون الضرب بالمطرقة. على ذلك، يدخل الفيلم في عداد ما دأبت السينما الأميركية اللاتينية توفيره من أعمال سياسية بجدارة.
أفضل منه، عند هذا الناقد على الأقل، فيلم برازيلي عنوانه Pajeu للمخرج بدرو ديوغينيز. فيلم روائي في 74 دقيقة فقط يحكي عن تجربة نسائية ثالثة، لكنها مختلفة. إنه عن فتاة شابة يتراءى لها، في الحلم وبين الحلم واليقظة أحياناً وحش اسمه بايّو يخرج من ماء النهر. هذا يثير اهتمامها (وخوفها بالطبع) وتبدأ البحث عن هذا الوحش الأسطوري لتكتشف أنه نتاج جامع بين قوى غيبية وأخرى فيزيائية سادت منذ زمن بعيد.
هناك مزج بين التشويق والرعب والدراما الجادة وهذه الأخيرة هي التي تصهر العمل على النحو الذي نراه في «باجيو» قدر ملحوظ من سينما غويلرمو دل تورو حيث الفانتازيا ممتزجة بتشخيص الحالة اجتماعياً والخلاص من هذا الجمع بمنحى جذّاب وناجح. يحتاج المخرج بدرو ديوغينيس لتجارب أكثر حتى يسيطر على موضوعه على نحو فني أكثر منه وصفي.
كون المخرج لم يستطع الحضور إلى المهرجان الفرنسي لم يعن أنه لم يحضر بطريقة أخرى. بعث للمشاهدين برسالة مصوّرة يتحدث فيها قليلاً عن فيلمه، ولنحو دقيقة ونصف، عن الرئيس البرازيلي الحالي، واصفاً إياه بالمعاداة للثقافة والفن والإنسان ولبرازيل ذاتها، كما يقول.
ليس غريباً، في نهاية المطاف، أن تحظى السينما اللاتينية بالاهتمام لكن هذا لا يمنع أن أفلاماً أخرى وردت من السويد والولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا وصربيا والبرتغال حملت هموماً نسائية ورجالية على حد سواء.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز