انقلابيو اليمن يفرضون جبايات على السكان للاحتفال بـ«يوم الولاية»

TT

انقلابيو اليمن يفرضون جبايات على السكان للاحتفال بـ«يوم الولاية»

تحدثت مصادر يمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن قيام الجماعة الحوثية بشن حملات متواصلة منذ شهر لجباية الأموال من التجار والسكان للإنفاق على احتفالات الجماعة بما تسميه «يوم الولاية» أو «عيد الغدير» الذي تزعم أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أوصى فيه بالحكم لسلالة زعيمها عبد الملك الحوثي، ويصادف 18 من شهر ذي الحجة من كل عام هجري.
وذكرت المصادر أن الجماعة فرضت جبايات على التجار والباعة وعلى المواطنين وعلى الشركات والمؤسسات الخاصة تنفيذاً لأوامر من قادتها شددت على «ضرورة الحشد والدعم والمساندة المجتمعية والشعبية الواسعة لإقامة الاحتفالية التي حولتها الجماعة إلى ذكرى سنوية للسلب وفرض الإتاوات».
وتضمنت توجيهات قادة الميليشيات؛ «إلى جانب فرض الجبايات التعسفية على منتسبي القطاع الخاص، إلزام جميع قطاعات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية والاجتماعية وغيرها في مدن سيطرتها، بإحياء الفعالية السياسية وإقامة الأمسيات على مدى أسبوعين قبل وبعد المناسبة».
وفي الوقت الذي تعاني فيه غالبية اليمنيين بمناطق السيطرة الحوثية من أزمات متعددة وأوضاع معيشية صعبة «في ظل استمرار نهب المرتبات وانعدام الوقود وتفشي (كوفيد19)؛ وأخيرا كوارث السيول، فإن الجماعة مستمرة في سرقة ما بقي من قوت اليمنيين وإنفاقه على احتفالاتها ومناسباتها (الخمينية)».
وفي سياق متصل، شكا تجار وباعة متجولون في صنعاء ومدن يمنية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار استهدافهم وبصورة متكررة عبر حملات حوثية مكثفة بدأت قبل شهر، فرضت عليهم إتاوات مالية بحجة الاحتفال بالذكرى الطائفية.
وتحدث شهود عيان في صنعاء من جانبهم، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن مسلحي الجماعة «شنوا على مدى الأيام القليلة الماضية حملات تنكيل واختطاف طالت عدداً من التجار الصغار والباعة المتجولين في عدد من أسواق وشوارع المدينة عقب رفضهم دفع المبالغ التي تراوحت بين 5 آلاف ريال و50 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال)».
ويؤكد «ع.السروحي»، وهو صاحب محل لبيع الخضراوات بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، تعرضه بين الحين والآخر للمضايقة من قبل المسلحين الحوثيين، حيث يأتون إليه دائماً قبيل كل مناسبة للجماعة لإجباره وغيره على دفع مبالغ مالية.
ويقول إن الجماعة تجبره وغيره من صغار الباعة الذين يفترشون سوق «حزيز» جنوب العاصمة «في كل مرة على دفع مبالغ مالية إتاوات لدعم احتفالاتها، إلى جانب الجبايات الرسمية التي تدفع تحت أسماء (رسوم النظافة) و(التحسين) و(الضرائب) و(الزكاة)».
وكان معممو الميليشيات الحوثية أطلقوا من على منابر المساجد الخاضعة لهم الجمعة الماضية دعواتهم لجموع المصلين لتقديم الدعم وكذا الحضور والمشاركة لإحياء ما سموه «يوم الولاية».
وتوعد الخطباء الحوثيون - بحسب مصادر محلية - من يرفضون دعم المناسبة أو المشاركة فيها بـ«أقسى العقوبات، وإجبارهم على دفع غرامات مضاعفة»، كما عدّوا أن الرافضين دعم المناسبة يندرجون ضمن «قائمة المناهضين للمسيرة الحوثية والمنافقين والخارجين عن الدين».
وفي السياق ذاته، شكا أحد التجار بصنعاء، وطلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط» من جور وبطش الحوثيين، واستهدافهم مؤخراً متجره، واختطاف نجله الأكبر واقتياده لأحد سجون الجماعة السرية عقب رفضه دفع إتاوات تحت اسم «دعم الاحتفالية الحوثية».
وتحدث التاجر عن سلسلة من التعسفات والمضايقات التي يتعرض لها وزملاؤه؛ «بما في ذلك التهديدات الصريحة بأن المخالفين توجيهات الجماعة ستكون عقوبتهم قاسية ووخيمة». ومضى قائلاً: «للأسف أصبحت ذكرى (يوم الولاية) و(عاشوراء) و(المولد النبوي) و(يوم الشهيد)... وغيرها من المناسبات التي فرضتها علينا الجماعة، تخيفنا جداً نحن التجار، حيث نجد أنفسنا مجبرين على دفع مبالغ مالية كبيرة لها، تتراوح بين 500 ألف ريال، و5 ملايين ريال، وفقاً لحجم كل عمل تجاري، لتغطية تكاليف ونفقات طقوسها الطائفية التي لا تتوقف على مدار العام».
ويرى مراقبون محليون أنه، ومع بداية كل عام وقبل أي مناسبة طائفية، تعمل الجماعة على تدشين مشروع جباية الأموال؛ سواء من خلال مؤسسات الدولة التي تخضع لسيطرتها، وبممارسات أخرى ابتزازية ضد التجار وأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن الميليشيات، وعبر حملاتها الابتزازية الممنهجة، تسعى بالدرجة الأولى لضرب وتدمير القطاع الخاص اليمني، ودفع ما تبقى من التجار ورؤوس الأموال إلى مغادرة البلاد أو مناطق سيطرتهم، حتى يتمكن التجار الجدد الموالون لها من الاستحواذ على السوق وفرض سيطرتهم عليها.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم