امتعاض ألماني من التدخل الأميركي في السياسات الاقتصادية الأوروبية

مع تكرار واشنطن التهديد بالعقوبات

ارتفعت نبرة الامتعاض الألماني من التدخل الأميركي المتكرر بالسياسات الاقتصادية الأوروبية (رويترز)
ارتفعت نبرة الامتعاض الألماني من التدخل الأميركي المتكرر بالسياسات الاقتصادية الأوروبية (رويترز)
TT

امتعاض ألماني من التدخل الأميركي في السياسات الاقتصادية الأوروبية

ارتفعت نبرة الامتعاض الألماني من التدخل الأميركي المتكرر بالسياسات الاقتصادية الأوروبية (رويترز)
ارتفعت نبرة الامتعاض الألماني من التدخل الأميركي المتكرر بالسياسات الاقتصادية الأوروبية (رويترز)

أعرب رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، ديتر كيمبف، عن قلقه إزاء العلاقات مع الشريك التجاري المهم، الولايات المتحدة. وقال كيمبف في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إن «التهديد المستمر بفرض جمارك جديدة والعقوبات الأميركية المعلنة في إطار مشروع (نورد ستريم 2) تثقل كاهل الشراكة عبر الأطلسي على نحو كبير حاليا».
وأضاف كيمبف «نحن نرفض العقوبات التي تتجاوز الحدود الإقليمية وتنتهك القانون الدولي، وننتظر من الولايات المتحدة حل النزاعات التجارية عبر الأطلسي»، موضحا أن أمن ورخاء البلدين يعتمدان على تعاون البلدين في المستقبل لتشكيل العولمة «على أساس القيم التي تربطهما».
وقال كيمبف إنه رغم أن جائحة «كورونا» والتداعيات الاقتصادية التي تلتها أدت إلى تراجع كبير في الناتج الاقتصادي الأميركي، فإن الولايات المتحدة لا تزال «شريكا تجاريا مهما للغاية للاتحاد الأوروبي».
ومع ذلك، دعا كيمبف الاتحاد الأوروبي إلى «تأكيد مصالحه وقيمه بشكل أكثر حسما» و«التصرف بثقة أكبر» في شراكاته الاقتصادية مع كل من الولايات المتحدة والصين. وقال: «فقط من خلال اتحاد قوي يظهر الوحدة الداخلية، سنتعامل مع القوى الكبرى الأخرى على محمل الجد».
وفي منتصف الشهر الماضي، أكد وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن الولايات المتحدة تتجاهل السيادة الأوروبية بتهديدها فرض عقوبات على مشروع خط أنابيب الغاز «التيار الشمالي 2»، وأن سياسة الطاقة الأوروبية تتشكل في أوروبا وليس في واشنطن.
وقال: «بإطلاقها تصريحات عن اتخاذ إجراءات بفرض عقوبات على الشركات الأوروبية، تتجاهل إدارة الولايات المتحدة حق أوروبا وسيادتها في اتخاذ قرار الحصول على الطاقة». وأضاف أن الحكومة الألمانية أجرت محادثات عديدة مع السلطات الأميركية في الأسابيع الأخيرة تحسبا لتشديد قانون حماية أمن الطاقة الأوروبي، «ولقد أوضحنا موقفنا في هذا الشأن، ونحن نعتقد أنه من الخطأ أن ندافع عن أنفسنا بفرض عقوبات بين الشركاء. ما نحتاج إليه الآن يتلخص في تبني توجه مشترك عبر الأطلسي في التعامل مع العقوبات المفروضة على روسيا، وتتعقد هذه الجهود بسبب خطاب الولايات المتحدة».
ومن جانبه صرح رئيس اللجنة الشرقية للاقتصاد الألماني، أوليفير هيرميس، أن «الشركات الألمانية تعتبر التصريحات الأميركية بشأن العقوبات ضد (التيار الشمالي - 2) تدخلاً غير مسبوق في سيادة الطاقة للاتحاد الأوروبي». وأضاف أن «هذا التدخل غير المسبوق في السيادة الأوروبية للطاقة سيؤدي إلى نقص المعروض وبالتالي ارتفاع الأسعار».
وكان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حذر منتصف يوليو (تموز) الماضي، المستثمرين في مشروعين روسيين لأنابيب الغاز الطبيعي من أنهم قد يواجهون عقوبات. وقال إن وزارة الخارجية نشرت توصيات بموجب قانون «كاتسا» الخاص «بخصوم الولايات المتحدة» حيث ستطال القيود مشروع الغاز «التيار الشمالي 2» والفرع الثاني من خط أنابيب الغاز «التيار التركي»، مؤكدا أن إنجاز هذين المشروعين ليس إنجازا لمشاريع اقتصادية.
ويأتي ذلك في حين تحاول واشنطن تصدير الغاز المسال إلى أوروبا، وتدعم أيضا مساعي لأوروبا لتنويع وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من مصادر أخرى.
من جانبها، وصفت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في تعليقها على العقوبات الأميركية على «التيار الشمالي 2» و«التيار التركي 2»، بأنه استخدام للضغط السياسي من أجل منافسة غير نزيهة. وأضافت أن ذلك «مؤشر على ضعف النظام الأميركي».


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
TT

بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)

أضافت الصين المزيد من الأجهزة المنزلية إلى قائمة المنتجات التي يمكن استخدامها في خطة «المقايضة الاستهلاكية»، وستقدم إعانات إضافية للسلع الرقمية هذا العام، في محاولة لإحياء الطلب في قطاع الأسر الراكد.

وستشمل خطة المقايضة للأجهزة المنزلية أفران الميكروويف وأجهزة تنقية المياه وغسالات الأطباق وأواني الطهي هذا العام، وفقاً لوثيقة صادرة عن أعلى هيئة تخطيط للدولة ووزارة المالية يوم الأربعاء. ويمكن أن تحصل الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية والساعات الذكية والأساور التي تقل قيمتها عن 6000 يوان على إعانات بنسبة 15 في المائة.

ولم يحدد البيان التكلفة الإجمالية للحوافز، لكن مسؤولاً بوزارة المالية قال في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء إن الحكومة خصصت حتى الآن 81 مليار يوان (11.05 مليار دولار) لتبادل السلع الاستهلاكية لدعم الاستهلاك في عام 2025.

وتشكل التدابير الجديدة جزءاً من خطة أوسع لتحفيز النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2025، حيث أدت أزمة العقارات الشديدة إلى تآكل ثروة المستهلكين والإضرار بإنفاق الأسر. وكان قطاع المستهلكين المتعثر في الصين نقطة ألم خاصة للاقتصاد مع مطالبة المحللين ومستشاري السياسات باتخاذ تدابير عاجلة لتحفيز الأسر على الإنفاق مرة أخرى.

وقال شو تيان تشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميك إنتليجينس»: «نتوقع أن يتضاعف إجمالي الدعم إلى 300 مليار يوان في عام 2025. وهذا يمثل إلى حد ما تحولاً سياسياً نحو المزيد من الاستهلاك». وأضاف أن الإعانات الأكثر محدودية للهواتف والأجهزة اللوحية، بأقل من 500 يوان لكل عنصر، تشير إلى أن بكين لا تنوي دعم الأغنياء للإنفاق الباهظ.

وفي العام الماضي، خصصت الصين نحو 150 مليار يوان من إصدار سندات الخزانة الخاصة بقيمة تريليون يوان لدعم استبدال الأجهزة القديمة والسيارات والدراجات وغيرها من السلع. وقال المسؤولون إن الحملة «حققت تأثيرات إيجابية».

وقال لي غانغ، المسؤول بوزارة التجارة، في نفس المؤتمر الصحافي، إن الحملة أسفرت عن مبيعات سيارات بقيمة 920 مليار يوان ومبيعات أجهزة منزلية بقيمة 240 مليار يوان في عام 2024.

ومع ذلك، لم يجد المستثمرون الكثير من الطموح في إعلانات يوم الأربعاء، حيث انخفض مؤشر أسهم الإلكترونيات الاستهلاكية في الصين بنسبة 3.2 في المائة بحلول استراحة منتصف النهار.

وقال مسؤول في هيئة تخطيط الدولة الأسبوع الماضي، إن الصين ستزيد بشكل حاد التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل في عام 2025 لتحفيز ترقيات المعدات ونظام مقايضة السلع الاستهلاكية. وفي العام الماضي، خصصت الصين ما مجموعه 300 مليار يوان لهذه المبادرات.

وقال تشاو تشين شين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح - الجهة المسؤولة عن التخطيط الحكومي - يوم الأربعاء، إن أرقام التمويل للخطط ستصدر خلال الاجتماع البرلماني السنوي في مارس (آذار) المقبل.

وتعهد كبار القادة الصينيين بتعزيز الاستهلاك «بقوة» وتوسيع الطلب المحلي «في جميع الاتجاهات» هذا العام. وذكرت «رويترز» الأسبوع الماضي أن ملايين العاملين الحكوميين في جميع أنحاء الصين حصلوا على زيادات في الأجور، كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز الاستهلاك.

وقال لين سونغ، كبير خبراء اقتصاد الصين في «آي إن جي»: «نتوقع أن تساعد السياسة الأكثر دعماً في انتعاش نمو مبيعات التجزئة في عام 2025 مقارنة بعام 2024. وسيعتمد تعافي استهلاك الأسر على استقرار أسعار الأصول، بالإضافة إلى تحسن الثقة في آفاق التوظيف».

ووفقاً لوثيقة السياسة، ستزيد الصين أيضاً الأموال من إصدار سندات الخزانة الخاصة طويلة الأجل لدعم ترقيات المعدات في المجالات الرئيسة. وستشمل الحملة الآن المعدات المستخدمة في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والزراعة، مع التركيز على المعدات المتطورة والذكية والخضراء.

وعلى أساس دعم بنسبة 1.5 نقطة مئوية على أسعار الفائدة على قروض ترقية المعدات التي يتم الحصول عليها من البنوك، قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إنها سترتب أيضاً أموالاً من سندات الخزانة لخفض تكاليف تمويل الشركات بشكل أكبر.

ورتب البنك المركزي مرفق إعادة الإقراض المنخفض التكلفة بقيمة 400 مليار يوان لدعم ترقيات المعدات. وقال سونغ إن الوثيقة تشير إلى أن القطاعات الصناعية عالية التقنية بالإضافة إلى تصنيع معدات النقل من المرجح أن تستفيد، مما يساعد هذه القطاعات على البناء على الزخم القوي في العام الماضي.