تحاول المؤسسات الفنية في لندن العودة لجمهورها مرة أخرى بعد أن أجبرها «كوفيد - 19» على الإغلاق في أهم مواسمها، وتباعاً بدأت رحلة العودة، فبعد إعادة افتتاح «ناشيونال غاليري» الأسبوع الماضي عادت الأكاديمية الملكية للفنون «رويال أكاديمي» مرة أخرى لتفتتح معرضها المؤجل «غوغان ورواد الانطباعية... روائع من مجموعة متحف أوردروبجارد». ولمراعاة قوانين التباعد الاجتماعي والإجراءات الوقائية، سمح للإعلام بالدخول في أفواج محدودة محكومة بوقت محدد. وبالطبع وفرت الأكاديمية الأقنعة والقفازات وسوائل التعقيم للزوار. وبعد ذلك جاءت متعة مطالعة مجموعة من أشهر اللوحات العالمية لتعوضها عن الأقنعة والقفازات وغيرها.
المعرض يضم 60 لوحة مستقاة من أشهر المجموعات الفنية في شمال أوروبا وهي مجموعة الزوجين الدنماركيين ويلهيلم وهيني هانسن. قام ويلهيلم وهيني بجمع مجموعة ضخمة من الأعمال الانطباعية في العقود الأولى من القرن العشرين ضمت لوحات لعمالقة الفن الانطباعي أمثال كلود مونيه وإدوار مانيه وكاميل بيسارو ووإدغار ديغا وأوغست رينوار وألفريد سيسلي. وحرص الزوجان هانسن أيضاً على اقتناء لوحات من فنانين أثروا على الموجة الانطباعية بشكل كبير ومنهم كاميل كورو وغوستاف كوربيه وغيرهم، كما اقتنوا أيضاً أعمالاً لفناني الموجة اللاحقة من فناني موجة ما بعد الانطباعية أهمهم بول غوغان الذي يعرض له هنا ثماني لوحات.
بداية المعرض تعريف بويلهلم وهني هانسون وبعد ذلك نغوص في لوحات أبدعها الانطباعيون للمشاهد من الطبيعية استعرضوا من خلالها أسلوبهم الجديد، الذي يختلف عن أسلوب رسم المناظر الطبيعية قبلهم، فنرى هنا ثلاثة لوحات لكاميل بيسارو تمثل الطبيعة المحيطة بمنزله وبعده نرى أعمال لألفريد سيسلي تصور مشاهد على ضفاف نهر السين، وبعدهما نصل لكلود مونيه ولوحته الشهير عن نهار غائم في لندن يمثل جسر واترلو، ثم نرى المزيد من بيسارو. في قاعة أخرى، نرى مجموعة من الأعمال التي اقتناها الثنائي هانسون لفناني ما قبل الانطباعية في القرن الـ19 أمثال يوجين ديلاكروا والذي نرى له لوحة تمثل الكاتبة الفرنسية جورج صاند وهي تستمع لعزف على البيانو من فريدريك شوبان، تشير القصاصة الملصقة لجانب اللوحة إلى أن اللوحة الأصلية كانت تصور شوبان أيضاً ولكن تم قص اللوحة في فترة ما من دون سبب معروف، ولكن بتأثير مؤسف على الزائر للمعرض الذي لم تتح له الفرصة لرؤية شوبان وحبيبته صاند سوياً في لحظة إبداع وعاطفة. تتصدر لوحة «صيد الغزلان» للفنان غوستاف كوربيه الصالة وتبث موجات من الحركة والتشويق، فالغزالتان تسابقان الريح هرباً من الصياد، نكاد نحس بتأثير الريح على شعر جلدهما المنساب بنعومة مثل المخمل وبالأقدام المسرعة، لوحة بديعة بالفعل جمعت ما بين أسلوب الانطباعية في تصوير الأشجار والأرض المغطاة بالثلج وما بين التصوير الواقعي للغزالتين.
المفاجأة الجميلة في القاعة التالية تتمثل في لوحات لنساء الانطباعية اللواتي لم يأخذن حقهن من الشهرة والسمعة الرفيعة، اللوحات هنا تصور نساء داخل غرف الجلوس مستلقيات أو جالسات ينظرن مباشرة نحونا، هناك لوحة بيرث مويسو «فتاة صغيرة تجلس على النجيلة» ولوحة أخرى غونزاليس بعنوان «بورتريه لامراة ترتدي الأبيض».
القاعة تمتد إلى ما أبعد وتنتقل إلى بطل العرض بول غوغان والذي اقتنى هانسون مجموعة ضخمة من أعماله تمثل مراحله الفنية المختلفة. في لوحات غوغان نغوص في الألوان الخالصة التي عبر بها الفنان عن موضوعاته، تخلى عن أسلوب الموجة الانطباعية في التلوين واستخدام مساحات من الألوان الصريحة، من اللوحات البديعة هنا لوحة تصور ابنة غوغان وهي نائمة، عبر الفنان عن الأحلام التي كانت تدور في عقل ابنته برسومات لطيور مختلفة ولعبة على شكل مهرج. هناك أيضاً لوحة «بورتريه لفتاة صغيرة» بديع جداً بألوان ونقوشات وأيضاً بنقوشات تقليدية على الكرسي الذي تجلس عليه الفتاة رسمها الفنان أثناء إقامته في جزيرة تاهيتي.
«غوغان وروّاد الانطباعية» جرعة فن تتحدى «كوفيد ـ 19»
«غوغان وروّاد الانطباعية» جرعة فن تتحدى «كوفيد ـ 19»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة