آثار صحية لنترات الأمونيوم الناجمة عن انفجار بيروت... فهل من مواد نووية؟

نصائح طبية لتفادي الأضرار الناجمة عن المواد المتناثرة في العاصمة

تصاعد الدخان بعد الانفجار الذي هز مرفأ بيروت ودمَره (إ.ب.أ)
تصاعد الدخان بعد الانفجار الذي هز مرفأ بيروت ودمَره (إ.ب.أ)
TT

آثار صحية لنترات الأمونيوم الناجمة عن انفجار بيروت... فهل من مواد نووية؟

تصاعد الدخان بعد الانفجار الذي هز مرفأ بيروت ودمَره (إ.ب.أ)
تصاعد الدخان بعد الانفجار الذي هز مرفأ بيروت ودمَره (إ.ب.أ)

عاش اللبنانيون أمس (الثلاثاء) تجربة تصلح لأن تكون مادة لفيلم هوليوودي حربي، حيث إن الانفجار الذي حصل في مرفأ العاصمة بيروت لم يهز المدينة فحسب، بل سُمع دويه وشعر به السكان في سائر الأراضي اللبنانية.
والمادة التي تسببت بالانفجار الضخم تعرف بنيترات الأمونيوم، وهي عبارة عن ملح أبيض عديم الرائحة يستخدم كأساس للعديد من الأسمدة النيتروجينية على شكل حبيبات، وأدت إلى العديد من الحوادث الصناعية منها انفجار مصنع «آي زد إف» بمدينة تولوز الفرنسية عام 2001.
وبحسب ما قاله رئيس الوزراء اللبناني حسَان دياب، تم تخزين حوالي 2750 طناً من نيترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت، الذي انفجر، ما أسفر عن مقتل أكثر من مائة شخص، وجرح أكثر من 4 آلاف آخرين، والرقم إلى ارتفاع، وسُجلت أضرار ضخمة في العاصمة اللبنانية.
ومنذ الأمس، سُمعت العديد من المناشدات من الأطباء والخبراء الصحيين تدعو المواطنين لالتزام منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة، وذلك بسبب سمية المواد وآثارها الصحية على متنشقيها.
وفي هذا الصدد، قالت طبيبة الأمراض الصدرية مها الريَس لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن هذه الادعاءات صحيحة، حيث إن مادة الأمونيوم التي انتشرت في الجو وصلت إلى كل المناطق اللبنانية تقريباً، وتعتبر شديدة الخطورة. وأوضحت: «تؤثر هذه المادة على كل من الجهاز التنفسي والجهاز العصبي. وأن الأشخاص الأكثر عرضة للتأثر هم أولئك الذين يعانون من الربو وأمراض الحساسية على جميع أنواعها، لأن رذاذات المادة السامة تحفَز عمل هذه الأمراض داخل الجسم، وتزيد من خطورتها».
وأضافت الريَس: «كما أن استنشاق الأمونيوم يسفر عنه تلف الأعصاب، ويمكن ألا تظهر هذه الآثار إلا بعد فترة من الزمن».
كما حذرت الطبيبة من أن هذه المادة قد تسبب تغييراً بتركيبة الخلايا داخل الرئة، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض السرطانية. ولهذا، تشدد الريَس على ضرورة ارتداء الكمامات، وتقول: «على اللبنانيين في كل المناطق ارتداء أقنعة الوجه، وعدم الخروج إلا للحالات الطارئة، وإقفال الشبابيك داخل المنازل لتفادي هذه الآثار الكارثية». وتابعت: «علينا الالتزام بهذه الإجراءات لـ72 ساعة على الأقل».
ونشرت الطبيبة سارا زين الدين عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من التوصيات، من بينها إرسال المسنين والأطفال إلى أماكن بعيداً عن موقع الانفجار أو إجبارهم على البقاء في الداخل. وتنصح أيضاً بغسل اليدين والوجه والجلد المكشوف بالصابون والماء عدة مرات في اليوم.
وقالت زين الدين إنه على المواطنين تنظيف جميع الأسطح الداخلية بالمنزل جيداً باستخدام مناشف مبللة والتأكد من تجفيفها فيما بعد، وعدم تركها رطبة.
من جهتها، قالت نجاة صليبا، البروفسورة في الكيمياء، ومديرة مركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت، لـ«الشرق الأوسط»، إن مادة الأمونيوم لا تبقى في الجو بعد الانفجار بوقت طويل، لكن المشكلة تكمن في الجزيئيات التي علقت في المنازل والأسطح والشوارع.
وقالت صليبا: «المشكلة في الجزيئيات التي انتقلت عبر الغبار إلى المنازل والأسطح والمكاتب والشوارع، لذا من الضروري التنظيف بشكل سليم لتفادي أي احتكاك تسفر عنه عواقب ضارة». وأشارت إلى أن من عوارض الإصابة بهذه الجزيئيات يشمل احمراراً في العينين وضيقاً في التنفس.
وفيما يتعلق بالإشاعات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتحدثت عن مواد نووية في الأجواء جراء الانفجار، قال مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية الدكتور بلال نصولي لـ«الشرق الأوسط» إنه لا داعي للهلع الحاصل، حيث إن المعلومات الأولية تنفي صحة ما يتم تداوله.
وأشار نصولي إلى أن هناك «26 محطة رصد إشعاعي مبكر في لبنان، يوجد اثنتان منها في بيروت، ولم يسجل فيها أي ترصد لمواد مشعة على الإطلاق».
وأكد أن الجيش اللبناني تولى مهمة أخذ عينات من الهواء والمياه والتربة لتقييم المخاطر الناجمة عن الانفجار.
وأوضح نصولي أن مادة الأمونيوم يصدر عنها مادة النيتروجين، لكنها تدوم لساعات قليلة في الجو فقط.
وفي تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية، قال غابرييل دا سيلفا، المحاضر الأول في الهندسة الكيميائية في جامعة ملبورن الأسترالية، إن مادة الأمونيوم لا تنفجر من تلقاء نفسها، بل هي مؤكسدة، أي تجذب الأكسجين إلى النار. ومع ذلك، قال دا سيلفا، إن المادة تشتعل فقط في ظل الظروف المناسبة، التي يصعب تحقيقها. وتابع: «أنت بحاجة إلى ظروف قاسية لتفجيرها».
وفي حين أن المواد الكيميائية الموجودة في الهواء يجب أن تتبدد سريعاً إلى حد ما، فإن الملوثات العالقة يمكن أن تسبب مشاكل في وقت لاحق، وعلى سبيل المثال إذا تساقط الأمطار الحمضية. وأوضح: «إذا نظرت إلى الدخان الناتج عن الانفجار، فهو بلون الدم الأحمر. هذا بسبب ملوثات هواء أكسيد النيتروجين الموجودة فيه».


مقالات ذات صلة

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

آسيا وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم (الأربعاء)، من جراء تفجير بمقر وزارته.

«الشرق الأوسط» (كابل)
المشرق العربي صورة عامة أرشيفية تظهر مباني مدمرة في حمص، سوريا 5 مارس 2013 (رويترز)

قصف إسرائيلي يستهدف بلدتين في ريف حمص وسط سوريا

استهدف قصف إسرائيلي، مساء الثلاثاء، قريتين في ريف حمص في وسط سوريا وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا خلال عمليات الإسعاف بعد انفجار أجهزة «البيجر» التي يستخدمها عناصر «حزب الله» للتواصل في جميع أنحاء لبنان... الصورة في بيروت 17 سبتمبر 2024 (رويترز)

النرويج تلغي تحقيقاً بشأن أجهزة «البيجر» التي انفجرت في لبنان

قالت قوة شرطة الأمن النرويجية، الاثنين، إنها لم تجد أي أساس للتحقيق في صلات نرويجية بتوريد أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) الملغومة لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
آسيا جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

قال الجيش الباكستاني، اليوم الأربعاء، إن انتحارياً فجّر سيارته المفخخة في نقطة تفتيش عسكرية بشمال غربي باكستان، مما أسفر عن مقتل 12 جندياً.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من قوى الأمن السورية ومدنيون يتفقدون مكاناً تعرّض لقصف جوي بحي المزة في دمشق أمس (إ.ب.أ)

هجوم إسرائيلي يستهدف منطقة المزة بدمشق

أفادت «الوكالة العربية السورية» للأنباء (سانا) بأن هجوماً إسرائيلياً استهدف منطقة المزة بدمشق، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (بيروت)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.