السودان يصعّد لهجته تجاه إثيوبيا ويلوّح بالانسحاب من مفاوضات «سد النهضة»

جانب من سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
جانب من سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

السودان يصعّد لهجته تجاه إثيوبيا ويلوّح بالانسحاب من مفاوضات «سد النهضة»

جانب من سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
جانب من سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

صعّد السودان للمرة الأولى لهجته تجاه إثيوبيا ورفض بشدة مقترحها الداعي للتوصل إلى معاهدة بشأن مياه النيل الأزرق بدلاً من اتفاق شامل حول ملء وتشغيل سد النهضة، ووصف المقترح الإثيوبي بأنه مثير للمخاوف.
كانت مصر قد أعلنت مساء أمس (الثلاثاء)، أنها طلبت هي والسودان تعليق الاجتماعات الخاصة بسد النهضة، وسط اتهامات لأديس أبابا بالمراوغة.
وبعث وزير الري الإثيوبي أمس، برسالة إلى نظيره السوداني ياسر عباس، يقترح فيها أن «يكون الاتفاق فقط على الملء الأول لسد النهضة، بينما يربط اتفاق تشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق».
وذكر بيان صادر عن وزارة الري السودانية أن عباس بعث بدوره بخطاب إلى وزيرة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في جنوب أفريقيا بشأن التطورات التي شهدها الموقف الإثيوبي خلال الساعات الماضية.
ورهن الوزير السوداني «استمرار مشاركة السودان في المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي بعدم الربط ما بين التوصل لاتفاق بشأن الملء والتشغيل من جهة، والتوصل لمعاهدة حول مياه النيل الأزرق من جهة أخرى».
واعتبر عباس أن الرسالة التي تلقاها من نظيره الإثيوبي «ثير مخاوف جدية فيما يتعلق بمسيرة المفاوضات الحالية والتقدم الذي تحقق والتفاهمات التي تم التوصل إليها بما في ذلك تلك التي شملها التقرير الأخير لمكتب مجلس رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي في 21 يوليو (تموز) الماضي».
ورأى وزير الري السوداني أن المقترح الإثيوبي بربط عملية التشغيل والملء بمعاهدة حول مياه النيل يمثل «تطوراً كبيراً وتغييراً في الموقف الإثيوبي يهدد استمرارية المفاوضات». كما عدّ ذلك خروجاً على إعلان المبادئ الموقّع بين مصر وإثيوبيا والسودان في مارس (آذار) 2015.
وشدد الوزير على جدية «المخاطر التي يمثلها السد للسودان وشعبه بما في ذلك المخاطر البيئية والاجتماعية وعلى سلامة الملايين من السكان المقيمين على ضفاف النيل الأزرق وكذلك على سلامة سد الروصيرص، الأمر الذي يعزز ضرورة التوصل لاتفاق شامل يغطي جانبي الملء والتشغيل».
وأكد وزير الري أن السودان «لن يقبل برهن حياة 20 مليونا من مواطنيه يعيشون على ضفاف النيل الأزرق بالتوصل لمعاهدة بشأن مياه النيل الأزرق».
وأفاد بيان لوزارة الري المصرية مساء أمس، بأنه «بناءً على مخرجات القمة الأفريقية المصغرة والتي عُقدت يوم 21 يوليو 2020 فقد عُقد اليوم (أمس) الثلاثاء الاجتماع الثالث للجولة الثانية للدول الثلاث برعاية الاتحاد الأفريقي وبحضور المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الاتحاد الأفريقي وذلك استكمالاً للمفاوضات للوصول إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي».
وأضاف البيان: «كان الاجتماع مخصصاً في إطار ما تم التوافق عليه خلال اجتماع السادة وزراء المياه من الدول الثلاث الذي عُقد أمس (الاثنين) بأن تقوم اللجان الفنية والقانونية بمناقشة النقاط الخلافية الخاصة باتفاقيه ملء وتشغيل سد النهضة خلال يومي 5 - 4 أغسطس (آب)، إلا أنه قبل موعد عقد الاجتماع مباشرةً، قام وزير المياه الإثيوبي بتوجيه خطاب إلى نظيريه في كل من مصر والسودان مرفقاً به مسودة خطوط إرشادية وقواعد ملء سد النهضة لا تتضمن أي قواعد للتشغيل ولا أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق، فضلاً عن عدم وجود آلية قانونية لفض النزاعات».
وتابع بيان وزارة الري المصرية: «وفي هذا الشأن فقد أكدت مصر على أن الخطاب الإثيوبي جاء خلافاً لما تم التوافق عليه في اجتماع الأمس برئاسة السادة وزراء المياه والذي خلص إلى ضرورة التركيز على حل النقاط الخلافية لعرضها في اجتماع لاحق لوزراء المياه يوم الخميس القادم، ومن ثم فقد طلبت مصر وكذلك السودان تعليق الاجتماعات لإجراء مشاورات داخلية بشأن الطرح الإثيوبي الذي يخالف ما تم الاتفاق عليه خلال قمة هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي في 21 يوليو 2020. وكذلك نتائج اجتماع وزراء المياه أمس 3 أغسطس الجاري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».