عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> نايف الفهادي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان، كرم أول من أمس، بحضور الملحق الثقافي علي العنزي، الطالبة السعودية هدى بنت وليد محمد نيازي مراد، بمناسبة تحقيقها المركز الثاني في الفصل الدراسي الأول، والمركز الثالث في الفصل الدراسي الثاني على مستوى قسم علوم البيئة بجامعة Tokai، والطالبة حنين بنت عبد الله الزهراني، بمناسبة تحقيقها المركز الأول على مستوى قسم الهندسة النووية للمرة الرابعة على التوالي.
> علي بن صالح الصالح، رئيس مجلس الشورى البحريني، أكد أول من أمس، أن نجاح تشغيل الوحدة الأولى من محطة «براكة» للطاقة النووية السلمية بدولة الإمارات العربية المتحدة، يعتبر إنجازاً جديداً يضاف لسجل منجزات ونجاحات الإمارات، وأشار إلى أن الإنجاز الإماراتي الجديد، الذي يأتي بعد نحو 10 أيام من إطلاق «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ، يعتبر فخراً واعتزازاً للدول الخليجية والعربية، ويعكس حرص دولة الإمارات على مواصلة تنفيذ الاستراتيجيات المتقدمة في مجال الطاقة المستدامة.
> عبد الباقي بن زيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري، بحث أول من أمس، مع السفير الأميركي لدى الجزائر، جون ديروشر، سبل تطوير التعاون المشترك وتوسيع آفاقه في التدريب والبحث والتبادل العلمي بين جامعات البلدين، وشملت محادثات الجانبين عدداً من القضايا خاصة بالتعليم العالي والبحث العلمي، وأيضا إمكانيات تطوير التعاون وتوسيع آفاقه في البحث وتشجيع حركة الأساتذة الباحثين والتبادل العلمي بين الجامعات في البلدين من أجل اكتساب الخبرات والتجارب الميدانية والعملية.
> نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية، ترأست أول من أمس، جلسة حوارية بعنوان «الأدب الإماراتي ذاكرتنا في المستقبل»، ضمن الأسبوع الثالث من المخيم الصيفي، بمشاركة نخبة من الأدباء والكتاب والشعراء، وأكدت أن الأدب الإماراتي عنصر رئيسي في المشروع الحضاري والثقافي لدولة الإمارات، فقد حظي بدعم لا محدود من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولا يزال يلقى دعماً خاصاً من القيادة من خلال تمكين المواهب الوطنية وصقل مهاراتها واستثمار طاقاتها.
> عصام بن عبد الله خلف، وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني الإماراتي، قام أول من أمس، بجولة ميدانية تفقد فيها بعض المواقع للوقوف على الوضع التجميلي من ناحية كثافة التشجير وتطوير شبكات أنظمة الري، وقال الوزير إن الوزارة وضمن الاستراتيجية الوطنية للتشجير وضعت خطة عمل متكاملة لزيادة الرقعة الخضراء ومشروعات التشجير والتجميل في التقاطعات وأسفل الجسور والشوارع والميادين العامة في مختلف مناطق المملكة.
> الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش الإماراتي، أعلن أول من أمس، أن المعرض الافتراضي للمحتوى المعرفي، الذي يعقد الأسبوع المقبل تحت شعار «تعايش مبني على المعرفة»، بمشاركة 123 دار نشر محلية وعربية وعالمية، سيركز على الاحتفاء بعدة موضوعات رئيسية، منها أهمية التكنولوجيا والواقع الافتراضي لتعزيز التسامح والتعايش في ظل الظروف التي يعيشها العالم الآن، داعيا كافة الكتاب والفنانين والمهتمين بالثقافة وطلاب المدارس والجامعات إلى الدخول على موقع المعرض والمشاركة الإيجابية في فعالياته.
> ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، قامت أول من أمس، بجولة تفقدية لمحمية وادي الجمال بمحافظة البحر الأحمر، لمتابعة تنفيذ قرار فتح محميات جنوب سيناء والبحر الأحمر للزوار مع تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية للتعامل مع الأزمة الراهنة لعودة الحياة إلى قطاع السياحة البيئية، مع الحفاظ على سلامة الزوار والأنظمة البيئية، وشددت الوزيرة على أهمية محمية وادي الجمال للسياحة البيئية عالميا، حيث تعد منطقتا حنكوراب والقلعان من أجمل شواطئ العالم.
> أحمد حاتم المنهالي، سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة المكسيكية، عقد أول من أمس، اجتماعا عن بعد، مع مجموعة الصداقة البرلمانية المكسيك - دولة الإمارات، وأشاد السفير خلال الاجتماع بالمستوى الذي بلغته العلاقات الثنائية بفضل جهود قيادتي البلدين، مؤكدا أهمية العمل البرلماني في صياغة وحماية مقومات التعاون المشترك في مختلف المجالات، وأشار إلى أن الإمدادات الطبية التي قدمتها دولة الإمارات للمكسيك مؤخرا تأتي في إطار العلاقات المتميزة بين البلدين.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)