إليسا لـ «الشرق الأوسط» : خياراتي تشبهني ونضجي الفني ينعكس عليها

«صاحبة رأي»... قصص قصيرة في 18 أغنية تصدرت الـ«تراند»

تقدم إليسا في ألبومها «صاحبة رأي» 18 أغنية تعاونت فيها مع باقة من الملحنين والشعراء
تقدم إليسا في ألبومها «صاحبة رأي» 18 أغنية تعاونت فيها مع باقة من الملحنين والشعراء
TT

إليسا لـ «الشرق الأوسط» : خياراتي تشبهني ونضجي الفني ينعكس عليها

تقدم إليسا في ألبومها «صاحبة رأي» 18 أغنية تعاونت فيها مع باقة من الملحنين والشعراء
تقدم إليسا في ألبومها «صاحبة رأي» 18 أغنية تعاونت فيها مع باقة من الملحنين والشعراء

تنقلنا الفنانة إليسا في ألبومها الجديد «صاحبة رأي» إلى عالمها الخاص. فهي تتيح لنا من خلال أغانيه الـ18 الدخول إلى صميم أفكارها وقناعاتها. مجموعة قصص قصيرة، عنونتها على طريقتها، وضعتها إليسا في هذا الألبوم، ليكون بمثابة رواية لا يمل من قراءتها. تتفوق إليسا على نفسها في هذا العمل الذي يتناول الألم والأمل والحب والقسوة والفرح والخيانة. فتتلوها بصوتها العذب الدافئ الواحدة تلو الأخرى، مبرهنة مرة جديدة بأن لقبها «ملكة الإحساس» يسكنها قلباً وقالباً.
3 ملايين ونصف المليون مشاهدة حققتها أغنية الألبوم «صاحبة رأي» في مدة لم تتجاوز الأسبوع. أغاني ألبومها اكتسحت وسائل التواصل الاجتماعي، أنست اللبناني همومه السياسية وأخذته إلى عالم سوريالي مع أنه ينبع من الواقع. غنّت وكأنها تكتب أحرف حياة ذهبية بصوتها، وقّعته بخبرة وحرفية فترجم ذلك بتصدرها الـ«تراند» على موقع «تويتر».
هذا الإصدار الذي يأتي بالتعاون مع شركة روتانا للمرئيات والصوتيات تتشارك فيه مع مجموعة ملحنين وشعراء لبنانيين ومصريين. وإضافة إلى أغانٍ فردية سبق وأنزلتها في الأشهر القليلة الماضية («هنغني كمان وكمان» و«قهوة الماضي»)، نستمع في هذا الألبوم إلى أخرى. فكما «صاحبة رأي» و«غلطة وقت» و«وفي» و«على حس حكايتنا» و«عظيمة» و«سمعني» و«الي الله» و«أغانينا» و«مباحة ليك»، نتابع في العمل أيضاً «حبة اهتمام» و«هعتبرك مت» و«أنا شبه نسيتك» و«ليك لوحدك» و«أنت قصادي» و«بنحب الحياة». ولتنهيها بأغنية «mourir sur scene» للراحلة داليدا.
كل ما تريد النساء أن تقوله للرجل الحبيب والعاشق والأب، قدمته إليسا بصوتها. فحملت راية المرأة الموجوعة والمجروحة والمشتاقة. كما تناولت موضوعات حديثة وأخرى ترافق الأحباء في قصصهم اليومية، لم يسبق أن باحوا بها. فكسرت تقاليد الحب الكلاسيكي ورفعته بصوتها إلى مرتبة الكلام الأنيق المباح.
وتقول إليسا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «خياراتي تشبهني دائماً، وعندما أختار مواضيع معينة، فليس بالضرورة أن أكون عشتها، ولكنها تأتي من صلب قناعاتي. بعضها يمثلني في كيفية تفكيري الحقيقي والطبيعي بالحب والكره». وعما إذا هذا العمل الذي يحمل التأمل والنضج، يشكل منعطفاً جديداً في حياتها الفنية، ترد: «لا شك أن النضج الفني ينعكس على خيارات الفنان بشكل عام. ولذلك أجد أنه هو من يحدد عملية الاختيار بشكل مباشر».
«صاحبة رأي» الذي يأتينا من عالم إليسا ليكون بمثابة كتاب لرواية من نوع آخر، هل يحمل قصصاً من حياتها؟ تردّ إليسا: «هي ليست قصصاً من صلب حياتي، بقدر ما هي قصص من حياة كل شخص فينا. فجميعنا نحب ونغار نكره ونخون وندعي ونخاف. فلكل منا قصة تأتي على قدر قياس تجربته. وهذا ما يدفع بكل مستمع للألبوم أن يجد في أغانيه ما يشبهه».
تقدم إليسا في «صاحبة رأي» تحية لوالدها هي التي تردد دائماً مدى افتقادها له في حياتها بعد رحيله عنها. فتذكر تأثيره عليها من خلال واحدة من عبارات أغنية «صاحبة رأي». وتقول فيها: «وأبوي علمني ما خفش ودايما أواجه قدري. وما دام على حق ما خفش ده مبدأ عايشة عليه». ويدخل شقيقها كميل خوري في صلب صناعة ألبومها بعد توقيعه للتوزيع الموسيقي لأغنيات «غلطة وقت» و«وفي» و«الي الله». ومن الملحنين والموزعين والشعراء الذين تعاملت معهم في هذا الألبوم جمال ياسين وعلي المولى وأيمن قميحة ورامي جمال ومحمد رحيم ونادر عبد الله وسامر أبو طالب وجورج قسيس. كما خصصها المغني والملحن زياد برجي بألحان أغنية «حبة اهتمام». ويقول مطلعها: «مش عايزة منك إني أعيش دنيا ولا الأحلام مش عايزة منك وعد يطلع في النهاية كلام...كل اللي طالباه إني أحس بحبة اهتمام...».
ومن الأغاني اللافتة أيضاً في الألبوم «أغانينا» الفرحة، التي تقدمها إليسا بمنحى غربي إسباني يجتمع في الوقت نفسه مع النمط الغنائي الشرقي. ويشاركها فيها الفنان ليديز دياز بحيث يغني المقاطع الأجنبية من الأغنية، فيما تتولى إليسا إنشاد المقاطع العربية. وهي من كلمات محمد قاياتي وألحان محمد يحيي وتوزع عادل حقي.
كما تطالعنا إليسا في عملها الذي يحمل الرقم 12 في مسيرتها الفنية، بأغنية الراحلة داليدا (Mourir sur scene). وكانت سبق وغنتها في حفلها على مسرح الأولمبيا في فرنسا.
منعطف جديد يسجله ألبوم إليسا «صاحبة رأي» في مسيرتها الفنية. فيختصر مشوارها الغنائي الذي بدأته في عام 1999 ولتحتفل معه بمرور 20 عاماً على دخولها الساحة الغنائية العربية من بابها العريض. وتضمن الألبوم إعادة نشر صور قديمة لإليسا في إشارة منها إلى إبراز أهم محطاتها الفنية منذ 20 عاماً حتى اليوم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».