مالي... عندما تتقاطع دوائر الأزمات!

جائحة «كوفيد ـ 19» فاقمت الضائقات السياسية والاجتماعية المزمنة

ابراهيم كيتا
ابراهيم كيتا
TT

مالي... عندما تتقاطع دوائر الأزمات!

ابراهيم كيتا
ابراهيم كيتا

تعيش مالي منذ مطلع يونيو (حزيران) الماضي على وقع احتجاجات شعبية متصاعدة، سقط فيها الكثير من القتلى وأدخلت البلاد في أزمة سياسية واجتماعية مستعصية. والمعارضة التي تقود الاحتجاجات، ترفع مطلباً وحيداً ترفض التنازل عنه، هو «استقالة» الرئيس إبراهيم بابكر كيتا، بينما يرفض الأخير الاستقالة ويعرض جملة من التنازلات التي يبدو أنها غير كافية لإنهاء الأزمة. هذه الأزمة جاءت لتعكس مستوى الغضب الشعبي تجاه حالة «فشل الدولة» في هذه الجمهورية الأفريقية الفقيرة التي تحاصرها الأزمات منذ عام 2011، عندما سيطرت جماعات إرهابية على ثلثي مساحتها في الشمال، وهو ما استدعى تدخلاً عسكرياً دولياً بقيادة فرنسا.
إلا أن التدخل الدولي لم ينجح حتى الآن في القضاء على الخطر الإرهابي، بل إن انعدام الأمن اقترب أكثر من العاصمة باماكو في جنوب البلاد، بعدما فقدت الدولة السيطرة على مناطق واسعة من وسطها لصالح ميليشيات عرقية تقتتل فيما بينها. وهكذا ظلت دائرة الأزمات تتسع وتتقاطع فيما بينها، من دون أن يجد نظام الرئيس كيتا أي حلول لها، وبقي الشباب، الذين يشكلون غالبية السكان، يعانون البطالة والفقر وانعدام الأمل في المستقبل، وهم الذين يقودون الاحتجاجات العنيفة منذ قرابة شهرين، وكم من صفوف الشباب سقط حتى الآن، أكثر من عشرين قتيلاً.
بذور الأزمة التي تشهدها جمهورية مالي، في غرب أفريقيا، متنوعة، ويمكن وصف ما يجري بأنه انفجار لتراكم الكثير من مسببات الاحتقان. إذ إن الشارع ظل في حالة غليان دائم طيلة السنوات السبع الأخيرة، رافعاً مطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية، لكن حراك الشارع هذه المرة كان أكثر شراسة، فمسح طاولة المطالب، وطالب برأس الرئيس، باعتباره رمزاً لكل تلك المشاكل المتراكمة.
يمكن القول، إن الانتخابات التشريعية التي أجريت بنهاية مارس (آذار) الماضي، كانت الشرارة التي فجّرت الوضع، خاصة، أنه قبل يومين من موعدها اختطف مسلحون مجهولون زعيم المعارضة سوميلا سيسي، عندما كان في جولة انتخابية في منطقة تمبكتو، بوسط البلاد. وما زالت أخباره مقطوعة حتى اليوم، وهو ما أشعل فتيل غضب عارم بين أنصار واحد من أكثر السياسيين شعبية في مالي.
ثم أن ما صبّ الزيت على نار الغضب الشعبي، قرار المحكمة العليا في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، إلغاء فوز المعارضة بعدد من مقاعد البرلمان لصالح الحزب الحاكم. وهو ما وصفته المعارضة بأنه «تزوير»، رافضة على الأثر الاعتراف بنتائج الانتخابات. وهكذا فقدت المحكمة العليا مصداقيتها، واستقال عدد من قضاتها، لتأخذ الأزمة أبعاداً دستورية، بالإضافة إلى بداياتها السياسية والاجتماعية.
- الإمام محمود ديكو
مع نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، وفي ظل غياب زعيم المعارضة المختطَف، ظهر تحالف سياسي جديد يقوده الإمام محمود ديكو، الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الأعلى، الذي يعتقد أن أسباب الأزمة في مالي لا يمكن اختزالها في السياسة. وبالتالي، فهو يعطي لنفسه الحق في تحريك الجماهير من أجل «إنقاذ مالي»، ولقد نجح بالفعل في ذلك بسبب شعبيته الكبيرة.
أكثر من هذا، تحالف الإمام ديكو، الذي يتمتع بشخصية قوية وقبول في الشارع، مع هيئات المجتمع المدني وحركات سياسية وناشطين شباب ناقمين على الوضع المتردي، فأصبحت الاحتجاجات التي بدأت يوم الخامس من يونيو الماضي، أقرب إلى التعبير عن تطلعات الشارع الغاضب.
وهنا يقول محفوظ ولد السالك، الباحث في الشأن الأفريقي، إن ما تشهده مالي هو «صراع سياسي - اجتماعي كان في الأساس قائماً، لكنه انفجر بشكل مفاجئ، وفي سياق حرج، حين كانت البلاد تعاني انتشار فيروس جائحة (كوفيد – 19)، والوضع الأمني يزداد اضطراباً في الشمال والوسط». ويرى ولد السالك، أن المعارضة استغلت «الوضع الحرج» لصالحها فركبت موجة الغضب الشعبي والاحتقان لتحشر الرئيس في الزاوية، مضيفاً أن «كل العوامل تضافرت ضد الرئيس كيتا، فضاق عليه الخناق، رغم أنه لا يزال يناور».
ويوضح الباحث في الشأن الأفريقي شارحاً، أن «الاضطراب السياسي والاجتماعي قديم جديد في مالي. وبالنسبة للوضع الاجتماعي بالذات، فإنه كثيراً ما كان محتقناً بسبب الفقر، وتسخير معظم الموارد لمواجهة الإرهاب - أو هكذا يقول النظام - . أما فيما يخصّ الوضع السياسي، فإنه كان دائماً ما يتأزم بعد كل انتخابات. وبالتالي، لو لم يكن السياق العام استثنائياً، وجرى استغلال ذلك، لكان الأمر مألوفاً ولا جديد فيه».
المأزق الذي يوجد فيه الرئيس المالي كيتا ظهر فعلياً منذ أشهر عدة، عندما قرّر تنظيم الانتخابات التشريعية في نهاية مارس الماضي، متجاهلاً التحذير من تفاقم الوضع الصحي بسبب «كوفيد - 19»، إلا أن كيتا كان في موقف صعب جداً، كما يقول ولد السالك «فلو لم ينظم الاقتراع لتسبب في أزمة سياسية واتهم بخرق الدستور والقانون، وربما اعتبر خصومه أن قرار تأجيل الانتخابات له دوافع وغايات أخرى»، لا سيما، وأنه سبق لمالي أن نظمت الكثير من الانتخابات رغم الحرب وتردي الأوضاع الأمنية.
في المقابل، يقول ولد السالك، إن المعارضة استغلت قرار تنظيم الانتخابات ضد الرئيس، واتهمته بتعريض حياة الناخبين للخطر وبالتزوير، أي أنها كانت مستعدة لاستغلال أي قرار يتخذه بهذا الخصوص. ويضيف «مجرد رفض المعارضة النتائج واعتبار الانتخابات مزوّرة، أيضاً مشهد مألوف في أفريقيا، لكن السياق العام حوّل الأزمة إلى أزمتين: سياسية متمثلة في رفض النتائج واعتبارها مزوّرة، واجتماعية تمثلت في انتقاد تسيير الأزمة الصحية».
- أئمة سياسيون
لقد كان من اللافت أن يقود الأئمة والفقهاء الاحتجاجات في مالي، وهي الدولة العلمانية التي تؤكد في دستورها على الفصل بين الدين والدولة. ومع أن الغالبية الساحقة من سكان مالي مسلمون متدينون، فإن رجال الدين فيها ظلوا دوماً أداة تستخدمها أنظمة الحكم، حتى أن الأئمة الذين يتصدّرون الاحتجاجات ضد الرئيس كيتا، كانوا قبل أشهر قليلة من كبار داعميه والمدافعين عنه.
ويعتقد محفوظ ولد السالك، أن «المؤسسة الدينية في غرب أفريقيا تتمتع بنفوذ قوي، والنظام السياسي في غرب أفريقيا، إذا لم تكن لديه حاضنة دينية قوية فلن يصمد أمام الأزمات السياسية والاجتماعية، وقد يُطاح به إما من طرف الشارع، أو عبر صناديق الاقتراع». لكن
المعطى الجديد الذي غير المعادلة لصالح دخول الأئمة والفقهاء على خط المعارضة، هو النفوذ المتزايد للإمام محمود ديكو. وللعلم، سبق لهذا الرجل أن كسب معارك كثيرة ضد الحكومة، خاصة عندما رفض مدوّنة الأحوال الشخصية لأنها في رأيه تعارض الشريعة الإسلامية، وكذلك حين رفض إدراج الثقافة الجنسية في المناهج التربوية، وسن قانون للمثلية، فأرغم الدولة على التراجع حين حرّك الشارع ضدها.
وهكذا، مع تزايد نفوذه، عرض الإمام ديكو مقاربة مقترحة لحل الأزمة الأمنية والاجتماعية في مالي، تقوم على مبدئين أساسيين: إنهاء الوجود العسكري الأجنبي، والدخول في حوار مع الجماعات الإرهابية. وبدأت هذه المقاربة حقاً تنال دعم الشارع، في ظل تزايد الرفض الشعبي للتدخل العسكري الأجنبي، الذي يعتقد عدد كبير من الماليين أنه فشل في كسب الحرب ضد الإرهاب.
يعتقد ولد السالك أن الإمام ديكو استفاد من «شعبيته الكبيرة، وعلاقاته القوية ببعض المؤثرين دينياً واجتماعياً، كشريف نيورو، الذي يعتبره معلمه... وكثيراً ما جمعتهما مع غيرهما مواقف مشتركة من نظام كيتا، كانت في مرحلة من المراحل مساندة له، ثم تحوّلت إلى معارضة له». بيد أن ولد السالك يشدد على أنه من الخطأ الظن أن الحضور المتزايد للأئمة دليل على ضعف الطبقة السياسية، مشيراً إلى أن «الحضور الطاغي للأئمة والعلماء في السياسة بمنطقة غرب أفريقيا، حيث الغالبية المسلمة، لا يعني بالضرورة فشل الطبقة السياسية، بقدر ما يتعلق الأمر بطريقة البنية الثقافية والاجتماعية لشعوب المنطقة، ومكانة الدين وأصحابه عندهم».
- أخطاء كيتا
وصل إبراهيم بابكر كيتا إلى الحكم في انتخابات رئاسية عام 2013، نظمت إبّان الحرب ضد الجماعات الإرهابية في شمال مالي. وكان الرهان الأكبر أمامه هو استعادة الأمن والاستقرار في مناطق واسعة من البلاد، بالإضافة إلى إنعاش الاقتصاد المنهك، والخروج من الأزمة السياسية التي أحدها الانقلاب العسكري الذي شهدته مالي عام 2012.
غير أن كيتا، الذي أخفق في كل هذه الرهانات، ظل رغم كل ذلك ممسكاً بخيوط المعادلة السياسية، ففاز بالانتخابات الرئاسية عام 2018، ليخلف نفسه في فترة رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات. لكنه واجه فيها حتى الآن الرهانات السابقة نفسها، ولكن مع مشاكل جديدة تهدد الوحدة الوطنية في ظل الاقتتال العرقي وتفكك الجبهة الداخلية.
عودة إلى الباحث محفوظ ولد السالك، الذي يعتقد أن «الخطأ الأكبر الذي ارتكبه كيتا هو أنه في محاولته خلال العامين الماضيين لمعالجة الأزمات، لم يشرك المعارضة والمجتمع المدني والمؤسسة الدينية، وهذا بالإضافة إلى أنه لم ينفذ النتائج التي أسفر عنها حوار وطني قدم مقترحات لتوحيد الجبهة الوطنية الداخلية».
ويضيف الباحث «لقد اعتبر كيتا أن النظام وحده المسؤول عن ذلك، فتصرف بأحادية، متجاهلاً أن إدارة الملفات ذات المصير المشترك، تستدعي إشراك الجميع سعيا للإجماع، ووضع للجميع كذلك أمام مسؤولياتهم»، خاصة، أنه عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي حسمها في الشوط الثاني - وبشق الأنفس - أمام زعيم المعارضة سوميلا سيسي، رفض تشكيل «حكومة وحدة وطنية» تشارك فيها المعارضة. ويعتقد ولد السالك أن كيتا، الآن بعدما تأزم الوضع، «بدأ يعي ضرورة التشارك في القرار والتسيير، وأهمية التشاور مع الجميع، لكن إدراكه جاء متأخراً. قد يجدي ذلك، لكن بصعوبة وبتقديم تنازلات كبيرة... فهو بات في موقف ضعف؛ لأن الشارع ضده والأزمات تحاصره. وبالتالي سيضطر إلى الانحناء كثيراً حتى تمر العاصفة بأقل الخسائر».
- لا مؤشرات لمرور العاصفة
في غضون ذلك، لا يبدو أن العاصفة توشك على أن تنتهي؛ ذلك بسبب غياب أرضية مشتركة بين طرفي الأزمة. فالمعارضة مطلبها الوحيد «استقالة الرئيس»، وهي مستعدة بعد ذلك لمناقشة كل التسويات الممكنة. وفي المقابل، يعرب كيتا عن استعداده للمساهمة في جميع التسويات باستثناء أي تسوية تتضمن استقالته، وأمام هذه الوضعية يصعب التوفيق بين الموقفين.
وهكذا، أمام تفاقم الأزمة وفشل محاولات كيتا في إقناع خصومه بالامتناع عن النزول إلى الشارع، والدخول معه في «حكومة وحدة وطنية»، دخلت على الخط «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إيكواس) التي تضم 15 بلداً من ضمنها مالي. وبدأت «المجموعة» وساطة بين أطراف الأزمة قادها رئيس نيجيريا السابق غودلاك جوناثان، بيد أنه سرعان ما فشل في المهمة في أعقاب رفض المعارضة مقترحاته للخروج من الأزمة.
مع هذا، لم تستسلم مجموعة «إيكواس»، بل أرسلت وفداً رفيعاً يضم رؤساء خمس دول، هي: النيجر، والسنغال، ونيجيريا، وكوت ديفوار، وغانا، أمضوا ساعات عدة في العاصمة باماكو، التقوا خلالها بالرئيس كيتا وبقادة المعارضة، بمن فيهم الإمام محمود ديكو. ولكن الأخير خرج من اللقاء ليعلن فشل الوساطة؛ لأن قادة دول «إيكواس» يحاولون حماية كيتا ويسعون لفرض قرارات على الشعب المالي.
وحول هذه النقطة، يعتقد ولد السالك أن «إيكواس» بدأت مقاربتها لحل الأزمة في مالي انطلاقاً من كونها «أزمة سياسية بحتة»، لكن المعارضة رفضت ذلك معتبرة أن «حصر الأزمة في الجانب السياسي خطأ». وعلى الأثر، حاولت دول «إيكواس» معالجة هذا النقص خلال قمة استثنائية الاثنين الماضي، أسفرت عن مقترحات تتضمن «إلغاء انتخاب 31 نائباً من نواب الغالبية بينهم رئيس البرلمان، بسبب النزاع الانتخابي القائم بشأنهم، كما دعت لتشكيل «حكومة وحدة وطنية»، وإعادة تشكيل أعضاء المحكمة الدستورية، وهدّدت بمعاقبة الرافضين للخطة، لكن لغة التهديد قد لا يكون لها كبير وقع»، وفق تعبير ولد السالك.
ومن جديد رفضت المعارضة مقترحات دول «إيكواس»؛ وذلك لسبب بسيط، وهو أنها تبقي على كيتا في السلطة. لكن، مع هذا يعتقد ولد السالك أن وساطة دول غرب أفريقيا لم تفشل بعد، مستطرداً «أعتقد أنها قد تنجح إذا اقتنع زعيم الحراك الإمام محمود ديكو، بجدية النظام في تجاوز الأزمة، وإشراك قادة الحراك في الحكومة، وإعادة تنظيم انتخابات تشريعية جزئية». ولكنه يرى، في الوقت نفسه، أن «سيناريوهات» أخرى قد تبرز في حال فشلت الوساطة الغرب أفريقية؛ إذ «قد يعمد كيتا وأنصاره في الموالاة، على إحداث شرخٍ كبير داخل صفوف الحراك المعارض، فينقسم إلى مؤيد للاحتجاج ومعارض له، وهو ما سيحدّ من حجم تأثيره». ويشير إلى أنه سبق أن ظهرت بوادر ذلك قبل فترة، إلا أن فشل تفكيك الحراك من الداخل سيقلص كثيراً الخيارات أمام الرئيس كيتا.
- السيناريو المالي... ودول الجوار
> يعتقد مراقبون أنه إذا نجح الشارع في مالي بإرغام الرئيس إبراهيم بابكر كيتا على الاستقالة؛ فإن العدوى ستنتقل إلى دول أخرى في شبه المنطقة. ثم إنه في حال استقال فلن تكون تلك المرة الأولى التي يرغم فيها الشارع إحدى دول غرب أفريقيا رئيسها على الاستقالة؛ إذ حدث ذلك عام 2015 في بوركينا فاسو، عندما غادر الرئيس بليز كومباوري الحكم على وقع احتجاجات شعبية غاضبة.
لكن «انتقال العدوى» إلى دول غرب أفريقيا، وفق الباحث محفوظ ولد السالك، «سيدشن عهداً جديداً من انعدام الاستقرار السياسي في المنطقة، يُضاف إلى الاضطراب الأمني، وستكون النتائج بلا شك وخيمة. ويشير إلى أنه، في أي حال، فرنسا تبقى هي اللاعب القوي في المنطقة، «ولن تكون خارج اللعبة، فما تريده باريس سيكون حاضراً بقوة على الأجندات. هذه مستعمراتها السابقة، وفيها توجد قواتها لمحاربة الإرهاب... وبالتالي، لن تغيب عن المشهد وإن لم تحضر بشكل مباشر، لكن المخرج النهائي سيكون مخرجها، وتصورها هو المأخوذ به».
- الدور الدولي... وأولوية مكافحة «القاعدة» و«داعش»
> على الرغم من أن الوساطة في أزمة مالي كانت إقليمية، فإن المجموعة الدولية تتابع الأزمة عن كثب. إذ إن مالي تعد منذ سنوات ساحة لمعركة طاحنة ضد تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وأي انفجار فيها كان سيقود إلى انفجار الوضع في منطقة غرب أفريقيا عموماً، وبالتالي فكل ما يجري فيها يحظى باهتمام كبير.
الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي أعربا عن دعم المقاربة التي قدمتها دول غرب أفريقيا لحل الأزمة، والشيء نفسه ينطبق على اهتمامات فرنسا والاتحاد الأوروبي. وحدها «مجموعة دول الساحل الخمس» لم تعلق على ما يجري، مع أن مالي دولة عضو في المجموعة، وهي الدول الأكثر قرباً مما يجري في مالي، وتأثراً به.
وتعليقاً على صمت دول الساحل، يقول الباحث محفوظ ولد السالك «ربما نشهد وساطة لدول الخمس في الساحل في قادم الأيام، إذا لم تنجح وساطة إيكواس»، مشيراً إلى أن دور يمكن أن يلعبه الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «أولاً، لكونه يرأس مجموعة الخمس في الساحل، ومالي عضو فاعل فيها، وثانياً لكون موريتانيا تتأثر سلباً وإيجاباً بما يقع في مالي، وكانت لها في السابق أدوار وساطة بين الأطراف المالية».
وبالفعل، تبدو الوساطة الموريتانية منطقية بالنسبة لكثير من المحللين، خاصة مع الحضور القوي للأئمة والفقهاء في الأزمة المالية. ثم إن معظم هؤلاء الأئمة بمن فيهم الإمام محمود ديكو، تلقوا تعليمهم في المعاهد الموريتانية، ويكنون احتراماً وتقديراً كبيراً للموريتانيين، وهذا بالإضافة إلى علاقات اجتماعية وروحية وثقافية قوية تربط الموريتانيين والماليين.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.