انكماش فصلي تاريخي للاقتصاد الألماني

صدمة متعددة الأوجه... وتوقعات باستئناف النمو من أكتوبر

تراجع الاقتصاد الألماني بمعدل تاريخي في الربع الثاني من العام مع ضغوط متعددة الأوجه في ظل تفشي وباء كورونا وإجراءاته الاحترازية (إ.ب.أ)
تراجع الاقتصاد الألماني بمعدل تاريخي في الربع الثاني من العام مع ضغوط متعددة الأوجه في ظل تفشي وباء كورونا وإجراءاته الاحترازية (إ.ب.أ)
TT

انكماش فصلي تاريخي للاقتصاد الألماني

تراجع الاقتصاد الألماني بمعدل تاريخي في الربع الثاني من العام مع ضغوط متعددة الأوجه في ظل تفشي وباء كورونا وإجراءاته الاحترازية (إ.ب.أ)
تراجع الاقتصاد الألماني بمعدل تاريخي في الربع الثاني من العام مع ضغوط متعددة الأوجه في ظل تفشي وباء كورونا وإجراءاته الاحترازية (إ.ب.أ)

شهدت ألمانيا في الفصل الثاني من 2020 تراجعا تاريخيا نسبته 10.1 في المائة في إجمالي ناتجها الداخلي، إذ انهار إنفاق الأسر واستثمارات الشركة والصادرات خلال جائحة «كوفيد - 19» نتيجة القيود التي فرضت بسبب انتشار الفيروس، حسبما أعلن الخميس المكتب الفيدرالي للإحصاءات (ديستاتيس). وقال المكتب في بيان «إنه أسوأ تراجع للمؤشر منذ بدء الحسابات الربعية لإجمالي الناتج الداخلي في ألمانيا في 1970»، وهو أكبر بكثير من الانخفاض القياسي السابق الذي بلغ 4.7 في المائة في الربع الثاني من 2009 في أوج الأزمة المالية. وتبلع نسبة الانخفاض على مدى عام 11.7 في المائة وفق الأرقام المصححة للتضخم. وقال «ديستاتيس» إنه «في الفصل الثاني من 2020 شهدت الصادرات والواردات من السلع والخدمات انخفاضا كبيرا». وكان محللون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا انكماش الناتج القومي تسعة في المائة على أساس فصلي و11.3 في المائة على أساس سنوي استنادا إلى بنود معدلة في ضوء عوامل موسمية.
وواجه الاقتصادي الألماني صدمة متعددة الأشكال. فقد أدت إجراءات العزل من منتصف مارس (آذار) إلى مايو (أيار) خلال الأزمة الصحية، إلى شل الإنتاج في العديد من القطاعات، وتباطؤ المبادلات التجارية والحد من الاستهلاك.
وفي أبريل (نيسان)، في أوج القيود سجل إنتاج قطاع الصناعات التحويلية عماد أكبر اقتصاد في منطقة اليورو انخفاضا تاريخيا نسبته 17.9 في المائة. وتراجعت طلبيات الصناعة بنسبة 25.8 في المائة، بينما هبطت الصادرات 31.1 في المائة.
وبسبب الوضع الصحي الأفضل من جاراتها، رفعت ألمانيا منذ مايو الماضي معظم القيود التي فرضتها مما سمح ببعض الانتعاش في نشاطها الاقتصادي. وقال ينس أوليفر نيلكلاش، الخبير الاقتصادي في مصرف «ال بي بي في»، إنه «يجب أن نتوقع الآن تعويضا طوال بقية العام» بوتيرة مرتبطة بالوضع الصحي، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وحسب توقعات معهد أبحاث الاقتصاد الألماني (دي آي دبليو)، فإن هناك إشارات «واضحة على التعافي»، لكن المعهد قال إنه ربما استغرق الأمر عامين لتعويض التراجع التاريخي للاقتصاد في ربيع العام الحالي.
وتشير تقديرات مصرف «دويتشه بنك» إلى أن الأنشطة الاقتصادية بلغت أدنى مستوياتها في أبريل الماضي، وتوقع المصرف أن يتم استئناف التعافي الاقتصاد في النصف الثاني وكتب خبراء البنك في أحدث تقرير شهري: «وستسهم حزمة تحفيز الاقتصاد التي تم إقرارها مؤخرا في هذا».
وكانت الحكومة الألمانية قد أقرت حزمة لتحفيز الاقتصاد بقيمة إجمالية 130 مليار يورو للعامين 2020 و2021. وشملت الحزمة تخفيض ضريبة القيمة المضافة ابتداء من يوليو (تموز) الحالي لمدة ستة أشهر بغرض تحفيز الاستهلاك كداعم مهم للاقتصاد.
وتتوقع الحكومة الألمانية استئناف النمو ابتداء من أكتوبر ، وارتفاعا نسبته 5.2 في المائة ابتداء من 2021، وكذلك عودة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الأزمة في 2022.
ورغم التعافي المتوقع في النصف الثاني، تتوقع الحكومة الألمانية أن يسجل الاقتصاد الألماني عن مجمل العام أسوأ ركود له منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت آخر توقعاتها أشارت إلى أن الاقتصاد سينكمش بنسبة 6.3 في المائة، كما كانت توقعات أخرى أشارت إلى نسبة مقاربة. وكان الاقتصاد الألماني قد سجل انكماشا بنسبة 5.7 في المائة إبان الأزمة المالية والاقتصادية في عام 2009.
وفي مؤشر إلى بعض الاستقرار، بقي معدل البطالة على حاله في يوليو بالمقارنة مع يونيو (حزيران)، وهو 6.4 في المائة، بعد ثلاثة أشهر من الارتفاع بسبب الأزمة الاقتصادية. وذكرت الوكالة الوطنية للوظيفة أن عدد العاطلين عن العمل انخفض 18 ألفا على مدى شهر حسب الأرقام الموسمية المصححة التي نشرت الخميس، بينما سجل عدد الذين أصبحوا في بطالة جزئية عددا قياسيا في مايو.
وقال رئيس الوكالة الاتحادية للعمل، دتلف شيله: «سوق العمل لا تزال تحت ضغط بسبب وباء كورونا، حتى وإن كان الاقتصاد الألماني يوجد في اتجاه التعافي... حجم التشغيل الكبير بساعات عمل مختصرة حال دون حدوث زيادات أقوى في البطالة وفقدان وظائف».
إلى ذلك، أشارت توقعات شركة السكك الحديدية الألمانية «دويتشه بان» إلى أنها ستسجل خسائر قياسية في عام 2020. وأعلنت الشركة المملوكة للحكومة، أنها تتوقع بحلول نهاية العام تسجيل خسائر تشغيل (قبل احتساب الضرائب والفوائد) بقيمة تصل إلى 3.5 مليار يورو، وأنه من الممكن أن تتراجع العائدات إلى 38.5 مليار يورو، مقابل عائدات بقيمة 44.4 مليار يورو حققتها الشركة في العام الماضي، وذكرت الشركة أن توقعاتها محفوفة بدرجة عالية من حالة عدم اليقين.
من جانبه، قال ريتشارد لوتس، رئيس مجلس إدارة الشركة إن «الفيروس عرقل مسارنا الناجح للنمو على نحو غير متوقع، ومن ثم أوقع دويتشه بان في أسوأ أزمة مالية لها منذ نشأتها». وتراجعت عائدات الشركة في النصف الأول بنسبة نحو 12 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من 2019، لتصل إلى 19.4 مليار يورو، فيما وصلت خسائر التشغيل إلى 1.8 مليار يورو، وعزت الشركة هذه الخسائر بالدرجة الأولى إلى جائحة كورونا.
كما تضمنت هذه الخسائر عاملا خاصا تمثل في قيود إهلاك بـ1.4 مليار يورو في قيمة شركة أريفا البريطانية المملوكة لدويتشه بان، ويُعْزَى هذا التراجع في قيمة أريفا إلى تداعيات الجائحة في دول مثل إسبانيا وإيطاليا، بالإضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومشاكل في السوق البريطانية.
وقد أدت كل هذه العوامل إلى صافي خسائر لدويتشه بان بقيمة 3.7 مليار يورو في النصف الأول، كما تم الإعلان عنه الثلاثاء.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.