بسبب «كورونا»... سكان موسكو يتسلّون صيفاً على طريقة «أيام زمان»

ألكسندر ماماييف يتولى تشغيل آلة العرض السينمائي في الهواء الطلق لسكان قريته (أ.ف.ب)
ألكسندر ماماييف يتولى تشغيل آلة العرض السينمائي في الهواء الطلق لسكان قريته (أ.ف.ب)
TT

بسبب «كورونا»... سكان موسكو يتسلّون صيفاً على طريقة «أيام زمان»

ألكسندر ماماييف يتولى تشغيل آلة العرض السينمائي في الهواء الطلق لسكان قريته (أ.ف.ب)
ألكسندر ماماييف يتولى تشغيل آلة العرض السينمائي في الهواء الطلق لسكان قريته (أ.ف.ب)

العودة إلى الريف لقضاء الإجازات عادة قديمة في كثير من بلدان العالم خفتت في العقد الأخير بسبب سهولة السفر بالطائرة لاكتشاف بلاد ومواقع جديدة للسياحة، ولكن يبدو أن جائحة «كورونا» أعادت العادات القديمة لتصبح هي الملجأ من المدن الكبرى.
في موسكو؛ التي نالتها سطوة الوباء وحرمت سكانها من التمتع بشواطئ «المتوسط» المشمسة، يغوص السكان في تاريخ بلدهم وينهلون من تقاليد الماضي للترفيه عن أنفسهم خلال الصيف على طريقة «أيام زمان»، ولكسر رتابة الاكتفاء بقضاء العطلة في منازلهم الثانوية «داتشا»؛ بحسب تقرير مطولة لوكالة «فرانس برس».
ومنذ البدء في الربيع الماضي بتطبيق الحجر لمواجهة جائحة «كوفيد19»، انتقل عشرات الآلاف من سكان موسكو إلى منازلهم الثانوية المخصصة للعطلة، وتسمّى «داتشا».
فمع أن معظم التدابير التي اتخذت ألغيت منذ يوليو (تموز) الماضي، فإن الحدود الروسية بقيت مقفلة. وبالتالي، يمضي كثر من سكان العاصمة عطلتهم الصيفية في الأرياف، بعدما كانوا يفضلون عليها الوجهات المشمسة والغريبة. ودفعهم ذلك إلى أن ينظموا أنفسهم لجعل يومياتهم مسلية، وغير مقتصرة على جزّ العشب وقطف ثمار البستان.
وتتعدد الأنشطة التي ينظّمها أصحاب هذه المنازل المعروفون بالـ«داتشنيكي»، أو تلك التي تنظّم لهم، ومنها مثلاً إقامة متحف مؤقت وعابر يضم مقتنيات سوفياتية وجدت في عليات البيوت، أو تنظيم عروض فنية يقدّمها هواة، أو تخصيص نزهات ريفية لاسكتشاف الطبيعة.
وقالت خبيرة التجميل سنيجانا غولوبيفا (40 عاماً): «عادةً نسافر في يوليو إلى اليونان أو إيطاليا. أما هذا الصيف فننظم عندنا أنشطة ترفيهية هادفة».
وتشارك غولوبيفا مع نجلها المراهق مرتين أسبوعياً في ورشات عمل مجانية ينظّمها القوزاق في بلدة ألياوخوفو التي تبعد نحو 60 كيلومتراً عن موسكو.
وفي برنامج ورشات العمل هذه، مثلاً، تعلّم أغنيات شعبية بالروسية والأوكرانية، بإدارة نيكولاي دولغوبول (69 عاماً) وهو ضابط سابق برتبة مقدم في الجيش بات اليوم متقاعداً وهو عميد القوزاق في المنطقة. ولاحظ دولغوبول أن «عدداً من الشباب يأتون إلى المنطقة لأنهم لا يستطيعون السفر إلى تايلند أو تركيا». ويضيف: «إنهم يكتشفون هنا القيم التقليدية التي تنقصهم».
وبينما يتابع نجلها درساً في الفن القتالي القوزاقي، تتوجه سنيجانا مع آخرين إلى الحقول، حيث يتابعون شرحاً عن الأعشاب الطبية التقليدية التي يقال إنها تساهم في تعزيز النظام المناعي، تقدمه لهم مارينا فاسيلييفا، وهي موظفة سابقة في التلفزيون السوفياتي أصبحت معالجة نباتية.
وتقول كسينيا أكيموفا، ابنة الرابعة عشرة، وهي تحمل بين يديها باقة من الأعشاب الشافية: «أتعلّم تقاليد أجدادنا». أما ليلة السبت في إيمولينو، على بعد 50 كيلومتراً من موسكو، فهي سهرة سينما. ويقعد أصحاب منازل العطلة في الهواء الطلق على كراسي مستعملة، وأمامهم شاشة كبيرة، تُعرَض عليها أفلام كلاسيكية بواسطة آلتي عرض قديمتين. ويلاحظ ألكسندر ماماييف، وهو محامٍ في الثانية والثلاثين يتولى تشغيل آلة العرض، أن «أحداً لم يذهب في عطلة، ولذلك تضاعف عدد مشاهدي» الأفلام بالمقارنة مع العام الماضي. وقد حصل ماماييف من البلدية على نحو 1500 بكرة تعود لأفلام قديمة.
ويرى عاشق الشاشة الكبيرة هذا أن «السينما وسيلة أخرى للسفر»، ويعرب عن سعادته بالعودة إلى العروض المتنقلة التي كانت سائدة في العصر السوفياتي وكانت تتيح لسكان مزارع الـ«كولخوز» النائية في الاتحاد السوفياتي اكتشاف الفن السابع، نظراً إلى أن صالات السينما لم تكن متوافرة فيها.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.