مطعم الاسبوع: ماريا مارتي لـ {الشرق الأوسط}: قصتي هي الأروع في العالم.. إنها تدور حول القدر

حققت حلمها من خلال نجمتي «ميشلان» في مطعم «كلوب ألارد» في مدريد

الطاهية ماريا مارتي
الطاهية ماريا مارتي
TT

مطعم الاسبوع: ماريا مارتي لـ {الشرق الأوسط}: قصتي هي الأروع في العالم.. إنها تدور حول القدر

الطاهية ماريا مارتي
الطاهية ماريا مارتي

أكد «دليل ميشلان» حصول «كلوب ألارد» على نجمتي «ميشلان»، ليصبح بذلك خامس مطعم في مدريد ينال هذه الجائزة. إلا أن الأمر الفريد حقا بخصوص هذا المطعم أن سيدة هي التي تتولى رعاية اسمه ومكانته.
في الحقيقة، تعد ماريا مارتي بمثابة سندريلا في عالم الطهي. وقد ولدت في سانتو دومينغو، حيث تعلمت كل شيء حول إعداد المعجنات من والدتها، التي أطلق عليها المحيطون بها لقب «الخبازة الماهرة». واللافت أن مارتي لم تلتحق بأي دروس لتعلم الطهي، بجانب أنها لا تحمل أي ألقاب رسمية كطاهية. والأمر الأغرب أنها بدأت داخل «كلوب ألارد» في غسل الصحون وتنظيف الأرضيات، لتمر الأيام وتصبح الآن طاهية أحد أفضل مطاعم العاصمة الإسبانية.
وخلال مقابلة أجرتها معها «الشرق الأوسط»، قالت مارتي أثناء وجودها داخل مطبخ المطعم وحولها قرابة 20 شخصا يعملون في تناغم كما لو كانوا يؤدون رقصة جماعية: «دائما ما أقول إن قصتي هي الأروع في العالم.. إنها تدور حول القدر. لقد بدأت عام 2003 في أعمال صغيرة هنا، ثم شققت طريقي نحو السماء».
تعد ماريا مارتي ثاني امرأة في إسبانيا تحصل على هذه الجائزة. وعن ذلك، تحدثت بفخر واضح قائلة: «هناك طاهيتان فقط حصلتا على نجمة (ميشلان): كارمن روسكاديلا وأنا».
وشددت مارتي على إيمانها بأن الأحلام تتحقق إذا عمل الناس بجد، وأن حياتها الشخصية هي خير دليل على صحة ذلك. واستطردت قائلة: «لم أتلقَّ تدريبا، وإنما فقط تملكتني الرغبة في القيام بالأمور على الوجه الصحيح. وتعلمت كل ما أعرفه الآن داخل المطبخ من الشيف السابق دييغو غويريرو ومن الكتب، فقد أعطاني فرصة الطهي هنا، لكن بعد أن عملت أولا في غسل الصحون.. عملت هنا طيلة 16 ساعة يوميا كي أحقق حلمي».
يذكر أن «كلوب ألارد» بدأ أشبه بنادٍ خاص حيث يلتقي الأعضاء والأصدقاء كي يتمكنوا من تذوق الأطباق الرائعة الواردة في القائمة. إلا أنه عام 2003، قرر المالك الجديد للمطعم فتحه أمام الجمهور. وأوضح مدير المطعم أن: «(كلوب ألارد) يقع في الطابق الأول من منزل لطيف للغاية، حيث يشعر المرء بدفء المنزل برفقة أسرة كبيرة».
في الواقع، توجد طاولات في بعض غرف المعيشة، حيث يمكن للعملاء الاستمتاع في هدوء بـ3 قوائم مختلفة من أصناف الطعام. ومن داخل المكان، يمكن عبر النوافذ الضخمة مشاهدة شوارع مدريد التي تعتمل بالحركة والصخب.
وأكد أحد الطهاة العاملين بالمكان أن «(كلوب ألارد) بيتي، وأحيانا يأتي أطفالي لهنا يتناولون الطعام معي ومع العاملين. ونتحدث هنا عن الروائح والنكهات والأطباق.. فهذا المطبخ عالمي».
بالقرب من المطبخ، هناك غرفة بها الكثير من اللوحات السوداء، التي يتعين على أي فرد في فريق العمل كتابة أفكاره أو مشروعاته المقترحة عليها. وعلق الطاهي على ذلك بقوله: «نناقش هنا كل سبت أي تفاصيل تتعلق بقائمة الطعام، ولاحقا يتعين عليّ اتخاذ القرار النهائي من دون تكتم أسرار عن العاملين معي، لأن رئيس العمل الجيد لا يحجب أسرارا عن باقي الفريق. ودائما ما أردد عبارتي الأثيرة: الوقت يضعك بالمكان المناسب لك. وهذا أمر مهم للغاية».
أما بالنسبة لمارتي، فقد تمكنت من تحطيم خرافة أن المطبخ الجديد ينبغي أن يضم قدرا من الإبداع يفوق الطعام ذاته. وخلال العام الذي تولت فيه مسؤولية المطبخ، تبدلت الأمور كثيرا داخل «كلوب ألارد»، لكن ما تبقى هو شغف المكان بتعزيز نكهة المكونات التي يستخدمها في إعداد الأطباق. وشددت مارتي هنا على أنه «يجب أن يكون الطاهي صادقا مع العميل».
ويبدأ الصدق من المكان الذي يجلس فيه العميل. وتضم القوائم الـ3 التي يطرحها المطعم وجبات خفيفة وأسماكا ولحوما وحلوى. وبإمكان العميل طلب الحصول على القائمة ذاتها، لكن في صورتها النباتية.
وتحمل القائمة الأضخم اسم «ثورة»، وتبعا لها يتناول العميل وجبة خفيفة لا يكشف عنها المطعم مسبقا باعتبارها مفاجأة خاصة، ثم ينتقل لتناول طبق سمك عروس البحر مشويا ورافيولي بازلاء وأوريتشيو داخل الصدف الخاص به، وسلطة روبيان بالمانغو، علاوة على أرز البحر الأسود، الذي لا يبدو شبيها بالأرز العادي.
إلا أن اللحظات الأفضل على الإطلاق تأتي في النهاية، حيث تبرع ماريا مارتي بصورة خاصة في صنع أطباق الحلوى، خاصة طبق «زهرة الكركديه وكوكتيل بيسكو سور». في الواقع، تضع مارتي على شفتيها وشما على صورة زهرة كركديه، حيث كان ذلك أول طبق تعده داخل «كلوب ألارد». ويتميز هذا الطبق تحديدا بمزيجه الثقافي الثري، حيث ينتمي لجذور لاتينية مع مثلجات إسبانية.
ورغم وجود كثير من أطباق الحلوى الأخرى، بخلاف الأطباق الجديدة المبتكرة التي لم تظهر بقائمة الطعام بعد، تبقى «زهرة الكركديه» عنصرا ثابتا في قوائم الطعام المختلفة بالمطعم، لأنها تذكر مارتي دوما بالمكانة الرفيعة التي نالتها. وعن ابتكاراتها الجديدة، قالت مارتي: «الأطباق الجديدة لا تراودني في أحلامي، وإنما تفاجئني أفكارها أثناء العمل».
واعترفت بأن كل طبق موجود بالقائمة هو وليد قدر هائل من التفكير، أما أول شخص يتذوق أطباقها الجديدة المبتكرة، فهو مدير المطعم، بجانب صديقة أخرى تثق بها كثيرا. وعن هذه الصديقة، قالت مارتي: «إذا لم يعجبها مذاق أحد الأطباق، لا أضعه مطلقا على القائمة. وأحرص على أن يتذوق كل فرد في فريق العمل المعاون لي مشروعاتي الجديدة، وأن نتناقش بشأنها، حتى ولو كانوا في مرحلة التدريب».
الملاحظ أن أطباق مارتي لا تقتصر على المزج بين أطباق مختلفة، وإنما تعتمد كذلك على الطعام الإسباني. وأشارت إلى أن رأسها مليء بالنكهات الجديدة التي تدفعها نحو ابتكار أطباق جديدة. وقالت: «في الواقع، تذوقت حلوى عربية الأسبوع الماضي وأعجبني مذاقها كثيرا، فقد ذكرتني بوطني لأنهم هناك يستخدمون جوز الهند أيضا.. وربما أطرح شيئا مشابها في طبق الحلوى الجديد الذي سأبتكره».
وخلال الحديث معها، يتجلى عشق مارتي الجارف للطهي. وعن ذلك قالت: «أشعر بسعادة أكبر في العطاء عن الأخذ».
تجدر الإشارة إلى أن هذا العام سيفتح «كلوب ألارد» أبوابه في 31 ديسمبر (كانون الأول) للمرة الأولى في تاريخه، ليتيح الفرصة للجمهور بالتمتع بمكان رائع وطعام شهي وصحبة طيبة مع بزوغ فجر عام جديد.
عنوان المطعم:
Calle de Ferraz, 2. Bajo derecha28008 Madrid، Spain



الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
TT

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك، وفي كل الأحوال البصل الأخضر أو الناشف المشطور حلقات ضيف مائدتك، إن راق لك ذلك.

فطبق الفول «حدوتة» مصرية، تُروى كل صباح بملايين التفاصيل المختلفة، لكي يلبي شهية محبيه لبدء يومهم. فقد يختلف طعمه وفق طريقة الإعداد من «قِدرة» إلى أخرى، وطريقة تقديمه حسب نوعيات الزيت والتوابل، إلا أن كلمة النهاية واحدة: «فول مدمس... تعالى وغمس».

"عربة الفول" تقدم الطبق الشعبي بأصنافه التقليدية (تصوير: الشرق الأوسط)

سواء قصدت «عربة فول» في أحد الأحياء أو اتجهت إلى مطاعم المأكولات الشعبية، ستجد طبق الفول في انتظارك، يستقبلك بنكهاته المتعددة، التي تجذبك لـ«تغميسه»، فالخيارات التي يتيحها ذلك الطبق الشعبي لعشاقه عديدة.

من ناحية الشكل، هناك من يفضلون حبة الفول «صحيحة»، وآخرون يرغبونها مهروسة.

أما عن ناحية المذاق، فيمكن تصنيف أطباق الفول وفق الإضافات والنكهات إلى العديد من الأنواع، ولعل الفول بالطحينة أو بالليمون، هما أكثر الإضافات المحببة لكثيرين، سواء عند إعداده منزلياً أو خارجياً. أما عن التوابل، فهناك من يفضل الفول بالكمون أو الشطة، التي تضاف إلى الملح والفلفل بوصفها مكونات رئيسية في تحضيره. بينما تأتي إضافات الخضراوات لكي تعطي تفضيلات أخرى، مثل البصل والفلفل الأخضر والطماطم.

طبق الفول يختلف مذاقه وفق طريقة الإعداد وطريقة التقديم (مطعم سعد الحرامي)

«حلو أم حار»؟، هو السؤال الأول الذي يوجهه جمعة محمد، صاحب إحدى عربات الفول الشهيرة بشارع قصر العيني بالقاهرة، للمترددين عليه، في إشارة إلى نوعَيْه الأشهر وفق طريقتي تقديمه التقليديتين، فطبق فول بالزيت الحلو يعني إضافة زيت الذرة التقليدي عند تقديمه، أما «الحار» فهو زيت بذور الكتان.

يقول جمعة لـ«الشرق الأوسط»: «الحار والحلو هما أصل الفول في مصر، ثم يأتي في المرتبة الثانية الفول بزيت الزيتون، وبالزبدة، وهي الأنواع الأربعة التي أقدمها وتقدمها أيضاً أي عربة أخرى»، مبيناً أن ما يجعل طبق الفول يجتذب الزبائن ليس فقط نوعه، بل أيضاً «يد البائع» الذي يمتلك سر المهنة، في ضبط ما يعرف بـ«التحويجة» أو «التحبيشة» التي تضاف إلى طبق الفول.

طاجن فول بالسجق (مطعم سعد الحرامي)

وبينما يُلبي البائع الخمسيني طلبات زبائنه المتزاحمين أمام عربته الخشبية، التي كتب عليها عبارة ساخرة تقول: «إن خلص الفول أنا مش مسؤول»، يشير إلى أنه مؤخراً انتشرت أنواع أخرى تقدمها مطاعم الفول استجابة للأذواق المختلفة، وأبرزها الفول بالسجق، وبالبسطرمة، وأخيراً بالزبادي.

كما يشير إلى الفول الإسكندراني الذي تشتهر به الإسكندرية والمحافظات الساحلية المصرية، حيث يعدّ بخلطة خاصة تتكون من مجموعة من البهارات والخضراوات، مثل البصل والطماطم والثوم والفلفل الألوان، التي تقطع إلى قطع صغيرة وتشوح وتضاف إلى الفول.

الفول يحتفظ بمذاقه الأصلي بلمسات مبتكرة (المصدر: هيئة تنمية الصادرات)

ويلفت جمعة إلى أن طبق الفول التقليدي شهد ابتكارات عديدة مؤخراً، في محاولة لجذب الزبائن، ومعه تعددت أنواعه بتنويع الإضافات والمكونات غير التقليدية.

بترك عربة الفول وما تقدمه من أنواع تقليدية، وبالانتقال إلى وسط القاهرة، فنحن أمام أشهر بائع فول في مصر، أو مطعم «سعد الحرامي»، الذي يقصده المشاهير والمثقفون والزوار الأجانب والسائحون من كل الأنحاء، لتذوق الفول والمأكولات الشعبية المصرية لديه، التي تحتفظ بمذاقها التقليدي الأصلي بلمسة مبتكرة، يشتهر بها المطعم.

طاجن فول بالقشدة (مطعم سعد الحرامي)

يبّين سعد (الذي يلقب بـ«الحرامي» تندراً، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الفنان فريد شوقي)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأنواع المعتادة للفول في مصر لا تتعدى 12 نوعاً، مؤكداً أنه بعد التطورات التي قام بإدخالها على الطبق الشعبي خلال السنوات الأخيرة، فإن «لديه حالياً 70 نوعاً من الفول».

ويشير إلى أنه قبل 10 سنوات، عمد إلى الابتكار في الطبق الشعبي مع اشتداد المنافسة مع غيره من المطاعم، وتمثل هذا الابتكار في تحويل الفول من طبق في صورته التقليدية إلى وضعه في طاجن فخاري يتم إدخاله إلى الأفران للنضج بداخلها، ما طوّع الفول إلى استقبال أصناف أخرى داخل الطاجن، لم يمكن له أن يتقبلها بخلاف ذلك بحالته العادية، حيث تم إضافة العديد من المكونات للفول.

من أبرز الطواجن التي تضمها قائمة المطعم طاجن الفول بالسجق، وبالجمبري، وبالدجاج، والبيض، و«لية الخروف»، وبالموتزاريلا، وباللحم المفروم، وبالعكاوي. كما تحول الفول داخل المطعم إلى صنف من الحلويات، بعد إدخال مكونات حلوة المذاق، حيث نجد ضمن قائمة المطعم: الفول بالقشدة، وبالقشدة والعجوة، وبالمكسرات، أما الجديد الذي يجرى التحضير له فهو الفول بالمكسرات وشمع العسل.

رغم كافة هذه الأصناف فإن صاحب المطعم يشير إلى أن الفول الحار والحلو هما الأكثر إقبالاً لديه، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية التي تدفع المصريين في الأغلب إلى هذين النوعين التقليديين لسعرهما المناسب، مبيناً أن بعض أطباقه يتجاوز سعرها مائة جنيه (الدولار يساوي 48.6 جنيه مصري)، وبالتالي لا تكون ملائمة لجميع الفئات.

ويبّين أن نجاح أطباقه يعود لسببين؛ الأول «نفَس» الصانع لديه، والثاني «تركيبة العطارة» أو خلطة التوابل والبهارات، التي تتم إضافتها بنسب معينة قام بتحديدها بنفسه، لافتاً إلى أن كل طاجن له تركيبته الخاصة أو التوابل التي تناسبه، فهناك طاجن يقبل الكمون، وآخر لا يناسبه إلا الفلفل الأسود أو الحبهان أو القرفة وهكذا، لافتاً إلى أنها عملية أُتقنت بالخبرة المتراكمة التي تزيد على 40 عاماً، والتجريب المتواصل.

يفخر العم سعد بأن مطعمه صاحب الريادة في الابتكار، مشيراً إلى أنه رغم كل المحاولات التي يقوم بها منافسوه لتقليده فإنهم لم يستطيعوا ذلك، مختتماً حديثه قائلاً بثقة: «يقلدونني نعم. ينافسونني لا».