السراج يشترط لإبرام هدنة دائمة إعادة تموضع «الجيش الوطني»

TT

السراج يشترط لإبرام هدنة دائمة إعادة تموضع «الجيش الوطني»

استبق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» الليبية، اجتماعاً مرتقباً للجنة العسكرية المشتركة المعروفة باسم (5+5)، التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة، بالتأكيد لدى لقائه مساء أول من أمس مع وفد حكومته العسكري، بالمطالبة بإعادة تموضع قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، كشرط لإبرام هدنة دائمة لوقف إطلاق النار في سرت.
وقال السراج، الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي، إنه أكد في الاجتماع الذي ناقش الترتيبات الأمنية المرتبطة بوقف إطلاق النار، على ضرورة أن تضمن هذه الترتيبات عدم تعرض المدن الليبية والمواقع الحيوية لأي تهديد مستقبلا، موضحا أن هذا المسار «هو المحك، وعلى ضوء نتائجه يتحرك أو يقف المساران الآخران السياسي والاقتصادي».
كما ناقش الاجتماع أيضا مستجدات المسار العسكري الأمني، الذي اعتمده مؤتمر برلين لوقف لإطلاق النار.
وقبل لقاء وشيك بين وفد أميركي وحفتر لمناقشة الوضع السياسي والعسكري في ليبيا، سعت الولايات المتحدة إلى طمأنة حلفائها في مدينة مصراتة (غرب) البلاد، حيث كشفت السفارة الأميركية لدى ليبيا النقاب عن زيارة قام بها القائم بأعمالها، جوشوا هاريس، إلى المدينة «للتشاور مع القادة الليبيين لإحباط التصعيد العسكري في سرت والجفرة، وإعادة فتح قطاع الطاقة في ليبيا، وتكثيف الجهود الليبية لتسريح الميليشيات العنيفة ونزع سلاحها وإعادة دمجها».
ومن المنتظر أن يقوم وفد أميركي بلقاء حفتر في مكتبه بالرجمة (شرق) خلال اليومين المقبلين، وفقا لما أكده مسؤول ليبي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، بهدف حسم المفاوضات حول شروط الجيش لإعادة استئناف النفط. ونشرت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات «الوفاق» على صفحتها الرسمية على «فيسبوك» صورا قالت إنها تظهر قيام عناصر الجيش مع عناصر روسية، بما وصفتها بأعمال «تحصين بائسة لطريق سرت - الجفرة - جارف، بخنادق وسواتر ترابية، خوفاً من تقدم قواتها في عمليات تحرير سرت والجفرة»، على حد قولها.
وكان لافتا إعلان السفارة الأميركية أمس في بيانها أن القائم بأعمالها جدد خلال اجتماعات عقدها مع أحمد معيتيق نائب السراج، ووزير داخليته فتحي باشاغا، دعم بلاده لسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وشدّد على الحاجة الملحة لمغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة البلاد.
من جانبه، قال باشاغا إن الاجتماع ناقش آفاق التعاون المشترك بين البلدين في عدة مجالات أمنية، من بينها مكافحة الإرهاب، والتعاون في مجال التدريب عبر تنفيذ دورات تدريبية رفيعة المستوى لعناصر من الأجهزة الأمنية.
بدورها، اتهمت بعثة الأمم المتحدة مجددا الجيش «الوطني الليبي» بالمسؤولية عن استمرار إغلاق المنشآت النفطية في البلاد. وأعلنت ستيفاني ويليامز، الرئيسة المؤقتة للبعثة في بيان لها مساء أول من أمس، عن استكمال الإجراءات الضرورية للشروع في المراجعة المالية الدولية لفرعي مصرف ليبيا المركزي، معتبرة ذلك تتويجاً لمسار بدأه رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبل نحو عامين بالخصوص.
وقالت البعثة إنها تغتنم هذه الفرصة، استناداً إلى البنود التي طرحتها البعثة وعدد من الدول الأعضاء الرئيسية مؤخراً، للحث على الإنهاء الفوري للإغلاق النفطي، المفروض على المنشآت النفطية الليبية.
من جانبه، وزع اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، لقطات فيديو تظهر «مرتزقة سوريين»، موالين لتركيا خلال تدريبهم بمعسكر داخل العاصمة طرابلس. وأوضح المسماري، مساء أول من أمس، أن «فرقة السلطان مراد السورية»، التي تتبع أنقرة، أقامت معسكرا في اليرموك بالعاصمة طرابلس لتدريب مجموعات من «المرتزقة»، تم نقلهم على عجل من سوريا إلى ليبيا، دون تدريب كاف، ليحلوا في نقاط الحراسة محل المقاتلين المتمرسين الذين يتم نقلهم وإعدادهم، وحشدهم على جبهات سرت - والجفرة في خطة تهدف لحشد 15 ألفا من المرتزقة السوريين، الذين يعرفون بـ«الاقتحاميين»، والقوات الخاصة وقوات النخبة التابعة لـ«جبهة النصرة»، أو ما يعرف بـ«الانغماسيين».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».