أزمة بين الجزائر وبلجيكا بعد مقتل مهاجر اعتقلته الشرطة

مبررات الأمن البلجيكي {لم تقنع} الجزائريين

TT

أزمة بين الجزائر وبلجيكا بعد مقتل مهاجر اعتقلته الشرطة

قالت مصادر جزائرية مهتمة بحادثة وفاة الشاب قادري عبد الرحمن في بلجيكا، الأحد الماضي، إن سلطات البلاد «لم تقتنع بالمبررات التي ساقتها الشرطة البلجيكية بخصوص أسباب الاعتقال العنيف، الذي تعرض له رعيتها، فطلبت من بروكسل التحقيق بعمق في الظروف التي أدت إلى موته».
وكانت شرطة مدينة أنفرس (شمال)، حيث كان يقيم الشاب مع والدته وأخته، قد ذكرت أنه كان «تحت تأثير المخدرات، وبصدد التهجم على أشخاص»، حين اعتقاله بمحطة القطار. وبحسب المصادر نفسها، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن «السلطات العليا للبلاد شددت على سفيرها في بروكسل، عمار بلعاني، أن ينقل للحكومة البلجيكية حرصها على إطلاق متابعة قضائية ضد المتسببين في وفاة الرعية قادري عبد الرحمن، إذا أثبت تحقيق جاد وعميق أن وفاته كانت بسبب الأسلوب العنيف، المتبع معه أثناء اعتقاله».
ووصف جرائريون في بلجيكا ما جرى للشاب، المعروف بأكرم (29 عاماً)، بأنها حادثة تشبه قضية جورج فلويد بالولايات المتحدة الأميركية، لوجود شبهة عنصرية في الوقائع.
وأكد سفير الجزائر ببروكسل أول من أمس، حسبما نقل موقع الإذاعة الجزائرية الحكومية، أن «ممثلية الدولة الجزائرية ببروكسل أخطرت رسمياً السلطات المعنية البلجيكية من أجل الحصول على معلومات مستفيضة ومفصلة عن الظروف الحقيقية لتوقيف ووفاة الشاب أكرم بمدينة أنفرس في 19 من يوليو (تموز) الجاري».
وذكر عمار بلعاني أنه «في إطار المتابعة المنتظمة والدقيقة لقضية وفاة الشاب الجزائري قادري عبد الرحمن رضا، المدعو أكرم، وبأمر من السلطات العليا الوطنية، أخطرنا رسمياً السلطات المعنية البلجيكية في إطار الحماية القنصلية، وطبقاً لأحكام الاتفاقية القنصلية الثنائية المبرمة بين البلدين، بغرض الحصول بشكل سريع على كل المعطيات الخاصة بالقضية». وبدا من نبرة حديث السفير أنه غير مقتنع بتبريرات الشرطة بشأن ظروف الاعتقال، خصوصاً جزئية أن قادري «كان تحت تأثير مخدر».
وأضاف الدبلوماسي الجزائري: «لقد اتخذت إجراءات مماثلة على الفور لدى وكيل الملك على مستوى نيابة أنفرس، وقاضية التحقيق المكلفة التحري في القضية، حتى يتم إطلاع ممثلية الدولة الجزائرية ببروكسل بكل ما يجري خلال التحقيقات القائمة، من أجل توضيح ورفع اللبس عن النقاط الغامضة، التي تطرقت إليها يوم الاثنين 21 يوليو، غداة وفاة مواطننا في ظروف مريبة وغامضة».
وبحسب بلعاني، فإن «التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية في بروكسل طلبت وعبرت عن آمالها بإجراء تحقيق معمق بكل جدية وشفافية، من أجل تحديد الاختلالات المحتملة، لأن اللجنة الدائمة لمراقبة مصالح الشرطة (هيئة بلجيكية تتكفل برصد تجاوزات محتملة لجهاز الشرطة)، قد تم إبلاغها للتكفل بهذه القضية، وذلك في إطار مهامها الرقابية والتفتيشية لعمل مصالح الشرطة».
وتابع المسؤول الجزائري موضحاً: «سنواصل مرافقتنا ودعمنا المطلقين لعائلة المتوفى في هذه المحنة، بالتنسيق مع المحامي والطرف المدني لإحقاق العدل، وتبيان حقيقة هذه القضية المأساوية، التي أثارت تعاطفاً في الجزائر ولدى الجالية الجزائرية ببلجيكا». وكانت وزارة الشؤون الخارجية قد أكدت الخميس في بيان، أن «الجزائر تسهر على تسليط الضوء على ملف وفاة المواطن الجزائري أكرم»، وأكدت أن الملف «يحظى باهتمام بالغ، وبمتابعة عن كثب من السلطات العليا في الجزائر».
وقالت والدة الضحية زليخة زيتوني، لفضائية «الشروق» الجزائرية الخاصة، إن إدارة المستشفى أخبرتها أن سبب الوفاة يعود إلى معاناة ابنها من مرض الصرع، وهو ما نفته بشدة بقولها: «ابني كان بصحة جيدة عندما التقيته السبت الماضي، أي يوم قبل الحادثة». واتهمت الشرطة البلجيكية بـ«التعدي على ابنها باستعمال العنف»، وقالت: «وفاة ابني غامضة وقد اتصلت بمحامٍ بلجيكي، كما قالت السفارة الجزائرية إنها تنتظر نتائج التشريح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».