تحسب إسرائيلي من تدفق لبنانيين عبر الحدود بحثاً عن الرزق

TT

تحسب إسرائيلي من تدفق لبنانيين عبر الحدود بحثاً عن الرزق

في الوقت الذي يعزز فيه الجيش الإسرائيلي قواته بوحدة مشاة إضافية على الحدود الشمالية، صرح قائد المنطقة، الجنرال أمير برعام، بأن أحد دواعي قلق جيشه وحكومته اليوم هو أن تؤدي الأزمة الداخلية في لبنان إلى تدفق مواطنين من هناك للبحث عن مصدر رزقهم في إسرائيل، كما فعل اللاجئون الأفارقة. وقال برعام، في حديث مطول مع محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أمس الجمعة، «في الأشهر الأخيرة شهدنا ظاهرة جديدة للاجئين من السودان يتسللون إلينا من الحدود مع لبنان، ويتم إلقاء القبض عليهم قرب الجدار الحدودي. العامل يتم تسريحه في الصباح من مطعم في بيروت، ولا توجد رحلات طيران إلى بلاده بسبب (كورونا)، ولا يوجد لديه ما يأكله. عندها، يحاول اجتياز الحدود في الظهيرة والقدوم نحونا. هذا هستيري: لو قلت لي قبل سنة بأن هذا ما سيحدث لكنت سأقول لك بأنك ثمل. ولكن إذا استمر هذا الوضع فلن يقتصر الأمر على السودانيين وحدهم، وسيحاول لبنانيون اجتياز الحدود».
كان الجنرال الإسرائيلي قد بدأ الحديث عن حسابات «حزب الله» في الرد على الغارات التي نفذت في سوريا، مطلع الأسبوع، ونسبت إلى إسرائيل، وفيها قتل أحد قادة «حزب الله» اللبناني وخمسة من أفراد الميليشيات الإيرانية العاملة في دمشق، فألمح إلى أن التقديرات لديه بأن «حزب الله» سيكتفي برد محدود، لأنه غير معني بانفجار حرب على نمط ما حصل في سنة 2006. وقال «جارنا في الشمال يمر بهزة اقتصادية شديدة تضع علامات استفهام حول أبسط النشاطات اليومية. التوتر في لبنان يضع (حزب الله) في وضع غير مريح. ويبدو أن الأمر الأخير الذي يعني نصر الله الآن هو مواجهة عسكرية. فالاقتصاد في لبنان ينهار والشارع اللبناني عاصف، وتوجيه النار نحو إسرائيل لن يعتبر بالضرورة المخرج المرغوب فيه من الأزمة».
وقال برعام: «اقتصادياً لبنان يوجد كما يبدو في أسوأ وضع له في تاريخه. إنه يقترب من الأوضاع التي سادت هناك عشية الحرب الأهلية في منتصف السبعينيات. نسبة البطالة اليوم تبلغ تقريباً 40 في المائة، ونصف السكان تقريباً يعيشون تحت خط الفقر. وهناك تقارير تفيد بأن هناك أشخاصاً ينتحرون بسبب الجوع. وشبكة الكهرباء في لبنان تعمل فقط بضع ساعات يومياً. كل ذلك لا يرتبط بشكل مباشر بنا، وإذا سألت أي مواطن في لبنان فأنا أشك بأن إسرائيل توجد قبل المكان العاشر في سلم أولوياته. وهو قلق من غياب الأفق ويفهم أن أحد أسباب ذلك هو سلوك (حزب الله). والتشكك يتسرب أيضاً إلى الطائفة الشيعية في الدولة. لبنان يوجد في شرك حقيقي تحت عقوبات خارجية آخذة في التشدد. وإلى جانب ذلك هناك عدم ثقة المؤسسات الدولية بالاقتصاد اللبناني. ولذلك فإن (حزب الله) يواجه أصعب أزمة في حياته. فهو جزء مهيمن في الحكومة اللبنانية. ورئيس الحكومة هناك، حسان دياب، يتصرف حسب توجيهات نصر الله. قد يكون هذا، بشكل مبدئي، مريحاً لنصر الله. فهو يمسك بزمام الأمور، ولكنه موجود أيضاً في المواجهة، ومن الصعب عليه أن يفصل نفسه عن الأزمة. وإذا اهتم فقط برجاله وبالشيعة فهو يقوض ادعاءه الذي يقول بأن مبرر وجود الحزب هو كونه درع لبنان. وإيران غير قادرة على أن تقدم مساعدات مالية لـ(حزب الله) بالمستوى نفسه الذي كانت تستطيع في السابق».
وقال برعام أيضاً «نحن في إسرائيل ليس لنا أي دور في أزمة لبنان الداخلية. أنا أعتقد أن المواطنين في لبنان يعرفون أن الدولة أسيرة في أيدي (حزب الله)، المرتبط بنظام فاسد. ولا توجد لإسرائيل أي طموحات عدائية في لبنان. (حزب الله) هو الذي يستثمر الأموال في تهريب السلاح وفي مشاريع زيادة دقة صواريخه وبناء قوة نيران أمام إسرائيل. مبدئياً، يمكن أن يتطور سيناريو يحاول فيه نصر الله توجيه إصبع الاتهام لإسرائيل، وأن يسخن الوضع معنا. وأنا أعتقد أنه يقوم بفعل ذلك الآن. فهو يوجد في نقطة حاسمة. وهو يتحدث عن هجمات في أراضينا وعن إخلاء مستوطنات تحت النار. هذا يمكن أن يحدث. نحن نتعامل بكل جدية مع خططهم ونستعد لها. ولكن يجب علينا ألا نخوف أنفسنا عبثاً. في الحرب سيحاول (حزب الله) احتلال مواقع والوصول إلى الصفوف الأولى من بيوت المستوطنات. ولكن لن يكون هناك أي احتلال للجليل. نصر الله هو بطل العالم في الحرب النفسية، لكنه لا يعرف جيداً نسبة القوة الحقيقية. والضرر الذي سيصيبه سيكون أكبر بكثير مما يمكن أن يسببه لنا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.