المايسترو إيلي العليا: الفن مهنة... والدولة اللبنانية لم تلتفت إلى معاناتنا

أطلق مقطوعة موسيقية بعنوان «أمل»

المايسترو إيلي العليا يُحضر ألبوماً موسيقياً كاملاً
المايسترو إيلي العليا يُحضر ألبوماً موسيقياً كاملاً
TT

المايسترو إيلي العليا: الفن مهنة... والدولة اللبنانية لم تلتفت إلى معاناتنا

المايسترو إيلي العليا يُحضر ألبوماً موسيقياً كاملاً
المايسترو إيلي العليا يُحضر ألبوماً موسيقياً كاملاً

قليل من الفرح في زمن المآسي نثره المايسترو إيلي العليا على محبيه، من خلال مقطوعته الموسيقية الجديدة التي أطلقها أخيراً بعنوان «أمل».
كليب المعزوفة التي يتابعها اللبنانيون عبر شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي تم تصويره في غابة بولونيا في منطقة المتن. أما عملية الإخراج فسلمها إيلي العليا لابنته فانيسا التي يتعاون معها لأول مرة في عمل مصور.
ويعلق إيلي العليا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة ترددت قبل طرح هذه المقطوعة سيما وأننا نعيش في لبنان فترة صعبة. ولكن دخول ابنتي فانيسا على الخط وتشجيعي على القيام بهذه الخطوة، جعلني أفكر بالموضوع من جديد. فهي أكدت لي أن المعزوفة تحمل طاقة إيجابية من شأنها أن تضفي بعض الفرح على اللبنانيين». ويتابع إيلي العليا: «فانيسا درست الإخراج فطلبت منها سكريبت فيديو كليب للمقطوعة، وهكذا ولد العمل ولاقى صدى طيبا لدى الناس».
تدور أجواء معزوفة «أمل» وهي من ألحان إيلي العليا في إطار مليء بالبهجة التي تنعكس إيجابا على مشاهدها. فكما موقع التصوير والأزياء وإيقاع الموسيقى فهي ألفت مجتمعة منتجا فنيا أعجب الناس. «هذا صحيح سيما وأننا حاولنا تقديم صورة تعكس حياتنا وأجواءنا كلبنانيين نعشق الحياة. كما رغبنا في الإشارة إلى طبيعة لبنان من خلال غابة بولونيا الرائعة، الواقعة على كتف الجبل في بلدة المروج».
ويرى المايسترو الذي وقف إلى جانب أهم وأشهر الفنانين اللبنانيين والعرب «أن الصورة اليوم تعد عنصرا رئيسيا في إيصال رسالة فنية. كما أنها سيف ذو حدين يمكنها أن ترفع من شأن عمل ما أو تسهم في فشله إذا لم يكن على المستوى المطلوب».
وماذا بعد «أمل»؟ يرد المايسترو إيلي العليا: «أحضر لألبوم موسيقي كامل أطلقت منه حتى الآن مقطوعتين «يا ليلي» و«أمل». وأستعد لطرح معزوفة ثالثة منه تميل أكثر نحو الكلاسيكية الدافئة المطعمة بشكل أكبر بآلات شرقية لتتلاءم مع أجواء الخريف والشتاء المقبلين».
وعن سبب تفكيره بتأليف ألبوم موسيقي يقول في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بعد كل هذه الخبرة التي عشتها على المسرح، أرغب في تقديم ما يمثلني كموسيقي ويرتبط مباشرة بهويتي الفنية. أشعر أنني من خلال ألبوم موسيقي بإمكاني إيصال أعمالي لشريحة أكبر من خلال الوقوف على المسرح، وتقديم حفلة خاصة بي. كما أن هناك شريحة من الناس تهوى سماع الموسيقى من دون غناء، فلم لا أشاركها هذه المتعة في عمل موسيقي كامل؟
كان المايسترو إيلي العليا من أول الفنانين الذي لجأوا إلى الحفلات الافتراضية الفنية مع بداية انتشار الجائحة. فهل هو مع هذه الظاهرة ولماذا؟ يرد: «أعتقد أن الهدف من إقامة الحفلات الفنية الافتراضية هو الحفاظ على هذا التواصل ما بين الفنان وجمهوره. ولاحظنا أن الناس تفاعلت مع هذه الحفلات فتلقفتها بحماس. المهم في هذا الموضوع القيام باختيارات صحيحة من قبل الفنان مستخدما تقنية جيدة. ولكن مما لا شك فيه هو أن هناك دائما عنصرا ناقصا فيها ألا وهو حضور الجمهور وتفاعله مع الفنان مباشرة».
تابع إيلي العليا بعض الحفلات الافتراضية لجورج وسوف ونجوى كرم وراغب علامة، فهل لمس الإحساس نفسه في الغناء لدى الفنانين هو الذي يعرفهم عن كثب؟ يقول في معرض حديثه: «عدم اكتمال إحساس الفنان في غياب جمهوره، أمر طبيعي. فهو من يحفزه على تقديم الأفضل وعلى الغناء بحماس. ولكني بالمجمل لست ضد هذه الحفلات، واعتبرها بمثابة لفتة من المطرب إلى جمهوره كي يحافظ على استمراريته».
ويعلق على حفل مهرجانات بعلبك الافتراضي أيضا «كان حفلا رائعا جذبني بعناصره المتكاملة وبالسينوغرافيا والإضاءة اللذين اتبعا فيه. حفل بعلبك بالفعل رفع صوت لبنان عاليا وأسهم في تسليط الضوء على لبنان الثقافة رغم كل شيء».
سبق ووقف إيلي العليا على أدراج بعلبك مع الفنانين ميادة الحناوي وصابر الرباعي وخلال «الليالي اللبنانية». ولكنه في المقابل يحلم في الوقوف على خشبتها مقدما مجموعة أعماله الموسيقية. «يا ليت هذا الحلم يتحقق فالوقوف على مسرح ضخم عالمي بحضور جمهور متفاعل من شأنه تحفيز الفنان لتقديم الأفضل. وعندما وقفت على مسرح مهرجانات صور أيضا تملكتني طاقة غريبة وكأن التيار الكهربائي سار في دمي فشعرت بالقوة والفرح معا».
وعن كيفية استدراك المايسترو أخطاء الفنانين أثناء غنائهم على المسرح يوضح: «ان مهمة قائد الأوركسترا هو تجهيز الفرقة الموسيقية بالشكل الذي يراه مناسبا لهذه الحفلة أو تلك. وينشر على المسرح الأجواء التي يراها مناسبة. كما أن للفنان رأيه في هذا الموضوع وكلما كان المايسترو والفنان متناغمين في تحضيرهما لحفل ما، حضر الكمال ونجحا بشكل ملحوظ. وتختلف حفلة عن أخرى بقيادة موسيقي معين من خلال الروح التي يرسيها بين العازفين وهو ما يحدث الفرق بين مايسترو وآخر، حتى في حال عزفهم نفس الموسيقى».
كغيره من الناس لم يتوقع المايسترو إيلي العليا يوما أن يحجر في منزله لشهور طويلة بسبب انتشار الجائحة. «فيروس كورونا أصابنا بالشلل ولكنه حثنا من ناحية ثانية على تغيير أهدافنا وتجديدها». وهل فكرت بالتحول إلى بلد آخر لإكمال مسيرتك الفنية في ظل الأزمات التي يعيشها لبنان؟ يرد: «لا أخفي عليك أني فكرت بالهجرة ولكني عدت وتراجعت عن ذلك وقررت عدم الاستسلام والحفر بالصخر من أجل الاستمرار. فاللبناني معروف بإرادته الصلبة وهو من الأشخاص الذين لا يستسلمون بسرعة».
ويرفع إيلي العليا الصوت عاليا فيما يخص المشكلات التي يواجهها القطاع الموسيقي في هذه الفترة. «إننا كموسيقيين نعد جزءا لا يتجزأ من قطاع سياحي ضخم يصل عدد العاملين فيه إلى نحو 400 ألف شخص. وأعني بذلك الموسيقيين والمغنيين والشعراء والملحنين، وكذلك العاملين في القطاع السياحي من مقاه ومطاعم وما إلى هناك من خدمات مشابهة في لبنان. فلا يكفينا القول أن الفن رسالة، لأنه في الوقت نفسه هو مهنة نعتاش منها ونحمل مسؤولية توريثها إلى جيل جديد، وهي على أفضل ما يرام. ولكن الدولة اللبنانية لم تحرك حتى الساعة ساكنا بخصوصنا ولم تلتفت إلى معاناتنا سيما وأننا نعيش بطالة في العمل منذ شهور طويلة. والمطلوب أن تجري لقاءات بين النقابات الفنية وجهات رسمية من الدولة، وبمقدمها وزارتي السياحة والثقافة للوقوف على طلباتنا والعمل على إيجاد حلول سريعة لنا، وإلا فإننا لن نتأخر عن النزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقنا».



لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
TT

لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})

رغم تمتع بعض متسابقي برامج اكتشاف المواهب الغنائية العربية بشهرة واسعة خلال عرض حلقاتها المتتابعة، فإن تلك الشهرة لم تصمد طويلاً وتوارت بفعل اختفاء بعض المواهب الصاعدة من الشاشات عقب انتهاء مواسم تلك البرامج، وفق موسيقيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» وأثاروا تساؤلات بشأن أسباب تعثر خطوات المواهب الصغيرة والشابة وانطلاقها بشكل احترافي في عالم الغناء.

الناقد الفني المصري أحمد السماحي الذي كان مسؤولاً في أحد هذه البرامج أكد أن «الغرض من هذه البرامج هو الربح المادي وليس الاكتشاف الفني»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بعض القنوات تستغل طموحات الشباب الباحثين عن الشهرة لتحقيق مكاسب دون إضافة حقيقية للفن، والدليل أن كثيراً من المواهب التي ظهرت من خلال هذه البرامج، وصوّت لها الملايين في أنحاء العالم العربي تعثرت بل واختفت في ظروف غامضة».

محمد عطية ({فيسبوك})

وتعددت برامج اكتشاف المواهب الغنائية عبر الفضائيات العربية خلال الألفية الجديدة ومنها «سوبر ستار»، و«ستار أكاديمي»، و«أراب أيدول»، و«ذا فويس»، و«ذا إكس فاكتور»، و«ستار ميكر».

ويوضح السماحي: «رغم أن كثيراً من هذه الأصوات رائعة، لكنها للأسف الشديد تجلس في البيوت، ولا تجد فرصة عمل، مثل المطرب الرائع الصوت محمود محيي الذي هاجر من مصر بعد حصوله على لقب (ستار أكاديمي) في الموسم التاسع عام 2014، حيث اضطر للتخلي عن حلمه بالغناء، متوجهاً للعمل موظفاً في إحدى الشركات».

نسمة محجوب ({فيسبوك})

ويؤكد الناقد الفني أن «هذه البرامج اكتشفت مواهب حقيقية، وسلطت الضوء على كثير من الأصوات الجيدة، لكن أين هم الآن في عالم النجوم؟».

ورغم أن «مسابقات الغناء كانت تركز على الدعاية والأنشطة التجارية، فإنها في الوقت نفسه قدمت فرصاً لكثيرين، فإن الحكم في النهاية يكون للكاريزما وحلاوة الصوت، ما يساعد على الانطلاق والمضي قدماً، وتحقيق جماهيرية بالاعتماد على النفس». وفق الشاعرة السورية راميا بدور.

محمد رشاد ({فيسبوك})

وأوضحت بدور في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه البرامج كانت النقطة المحورية التي ساعدت بعض المواهب على الانتشار، لكنها ليست منصفة أحياناً وكلما خاضت الموهبة منافسات أكبر واستمرت ذاع صيتها، ولكن بالنهاية أين هم حاملو الألقاب؟».

في المقابل، يشدد الملحن المصري وليد منير على أن برامج مسابقات الغناء تسلط الضوء على المواهب وتمنحهم فرصة الظهور، لكن النجومية تأتي عقب الشهرة المبدئية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «صناعة قاعدة جماهيرية للمواهب أمر صعب، ويبقى الاعتماد على اجتهاد المطرب من خلال (السوشيال ميديا) لاستكمال الطريق بمفرده». وحققت كلٌّ من جويرية حمدي ولين الحايك ونور وسام وأشرقت، شهرة على مستوى العالم العربي عبر برنامج «ذا فويس كيدز»، لكن الأضواء توارت عن معظمهن.

أماني السويسي ({فيسبوك})

ويرى الناقد الفني اللبناني جمال فياض أن «جيل ما قبل الألفية الجديدة حقق علامة بارزة من خلال برامج اكتشاف المواهب في لبنان»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نجوم كثر خرجوا من هذه البرامج وأصبحوا نجوماً حتى اليوم، لكن البرامج التي أنتجت خلال الألفية الجديدة لم تؤثر مواهبها في الساحة باستثناء حالات نادرة». وأوضح فياض أن «سيمون أسمر صاحب برنامج (استوديو الفن) كان يرعى النجم فنياً بشكل شامل، ويقيم حفلات كبيرة لتفعيل علاقاته بالإعلام»، وأشار إلى أن «بعض المواهب هي اكتشافات ولدت ميتة، وقبل ذلك تركت بلا ظل ولا رعاية، لذلك لا بد أن يعي المشاركون أن نهاية البرنامج هي بداية المشوار بعد الشهرة والضجة».

فادي أندراوس ({إنستغرام})

وساهمت هذه البرامج في بروز أسماء فنية على الساحة خلال العقود الماضية، من بينها وليد توفيق، ماجدة الرومي، وائل كفوري، راغب علامة، غسان صليبا، نوال الزغبي، ديانا حداد، ميريام فارس، رامي عياش، علاء زلزلي، وائل جسار، إليسا، وإبراهيم الحكمي، وديانا كرزون، و ملحم زين، شادي أسود، رويدا عطية، شهد برمدا، سعود بن سلطان، سعد المجرد، وكارمن سليمان، ومحمد عساف، دنيا بطمة، ونداء شرارة، ومحمد عطية، هشام عبد الرحمن، جوزيف عطية، شذى حسون، نادر قيراط، عبد العزيز عبد الرحمن، ناصيف زيتون، نسمة محجوب، وفادي أندراوس، وأماني السويسي.

لكن موسيقيين يفرقون بين برامج الألفية القديمة التي كانت تعتني بالمواهب وتدعمها حتى تكون قادرة على المنافسة، وبرامج الألفية الجديدة التي كانت تهتم بـ«الشو» على حساب دعم المواهب.

ويؤكد الناقد الفني المصري أمجد مصطفى أن «سيمون أسمر عندما قدم برنامجه (استوديو الفن)، كان الأوحد في العالم العربي، وكانت نتائجه واضحة، لكن عندما انتشرت برامج أخرى لم يكن هدفها اكتشاف أصوات بل التجارة». على حد تعبيره.

ويرى مصطفى أن «(السوشيال ميديا) سحبت البساط من برامج المسابقات التي يعدها (موضة) انتهت». فيما يرهن الملحن المصري يحيى الموجي نجاح برامج اكتشاف المواهب بوجود شركة إنتاج تدعمها أو إنتاج ذاتي لاستكمال المشوار، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه البرامج إذا كانت جادة فعليها أن تتبنى المواهب وتنتج لهم أغانيّ، لكن ذلك لم يحدث مطلقاً، والنتيجة تعثرهم وعدم وجودهم على الساحة».