الباريسيات يأخذن الحكمة من فم كريستينا

برازيلية تستحوذ على برامج الأناقة في التلفزيون الفرنسي

كريستينا كوردولا
كريستينا كوردولا
TT

الباريسيات يأخذن الحكمة من فم كريستينا

كريستينا كوردولا
كريستينا كوردولا

ما إن حطت كريستينا كوردولا على الشاشة الفرنسية؛ حتى أصبحت الخبيرة التي تدل النساء، وحتى الرجال، على أسرار الأناقة. وبعد أن كانت تقدم برنامجاً واحداً من القناة السادسة، تعددت برامجها وصار لها مقلدون حتى في طريقة لفظها للمفردات الفرنسية، وهي طريقة أقل ما يقال عنها إنها تجعل فولتير يتقلب في قبره.
برنامجها الأشهر هو «ملكة التسوق»، وفيه تستضيف كل أسبوع خمس نساء، وتخصص لكل واحدة ميزانية طيبة، ثم ترسلهن إلى دكاكين الثياب والأحذية والحلي في باريس، وتقترح عليهن اختيار الثياب المناسبة لمناسبة معينة، وتحصل الفائزة في نهاية الأسبوع على جائزة قدرها ألف يورو، بالإضافة إلى الثياب المشتراة.
بسرعة قياسية، تمكنت هذه البرازيلية من أن تحفر لها اسماً بين نجوم التلفزيون. إن عملها في الأساس هو تقديم النصائح للنساء في اختيار الثياب التي تناسب القوام والسن ولون البشرة؛ لكنها نجحت في برنامجها الأول بشكل جعل المشاهدات يتسمرن أمام الشاشة عصر أيام الأسبوع لكي يتابعن كريستينا كوردولا، مستشارة الأناقة التي قلبت القواعد المتفق عليها التي تجعل من المرأة حسنة المظهر و«شيك». فهي لا تحتمل أن يكون الحذاء من لون الحقيبة نفسه، كما تنصح بتنويع ألوان الثياب؛ بحيث لا تكون منسجمة مع هذين، فالفستان الأخضر – مثلاً - لا يمكن ارتداؤه مع حذاء أخضر، وإلا ارتكبت صاحبته ما تطلق عليه كريستينا: «هفوة أناقية». كما أنها تنصح بألا يكون لون أحمر الشفاه متجانساً مع لون الثياب؛ لأن هذه «هفوة أناقية» أخرى، فقد انتهت موضة التناظر اللوني التي كانت شائعة في القرن الماضي، وحلت محلها مغامرة التجريب بين التدرجات ومزج النقوش والألوان. أما ما لا تطيق كريستينا احتمالها فهي تلك السراويل النسائية الضيقة التي تلتصق بالسيقان مثل الجوارب. إنها تعتبرها عدوة الأناقة؛ خصوصاً للسيدات اللواتي تجاوزن سن المراهقة.
البرنامج الواحد صار ثلاثة برامج. وزحفت كريستينا من بحر الأسبوع لتحتل مساحة من شاشة نهار السبت. ومع ازدياد مشاهديها راحت تؤلف الكتب؛ مستغلة فرصة رواج اسمها بين الفرنسيات من كل الأعمار، بعد أن كانت مجهولة تماماً قبل ثلاث سنوات. وعدا تقليد الفتيات لها في أسلوبها القريب من الإنجليزية في لفظ المفردات، فإنها روجت لموضة الشعر القصير جداً، والحلي الظاهرة، لا سيما الأقراط الإسبانية التي تأخذ شكل الحلقات الكبيرة.
والحقيقة أن برامج تغيير المظهر باتت شائعة في عديد من البلدان الغربية وحتى العربية؛ لكن كريستينا تميزت بحضورها الطاغي وضحكتها الواسعة وتعليقاتها الطريفة التي تجعل من برنامجها فاصلاً ممتعاً من المنوعات؛ بل أحد برامج المسابقات المثيرة؛ حيث إن المشاركات فيه يتنافسن للفوز بجائزة آخر الأسبوع.
قادها النجاح إلى التوسع في الوكالة التي افتتحتها التي تقدم فيها المشورة للنساء. إن الباحثات عن وظيفة جديدة يذهبن إليها لترشدهن إلى المظهر الذي يناسبهن عند الذهاب إلى مقابلة عمل. وكذلك الراغبات في تغيير مظهرهن واستعادة تألقهن بعد سنوات الإهمال بسبب الولادة وتربية الأطفال. وكريستينا في كل ذلك لا تقوم بدور المعلمة الصارمة؛ بل تعرض آراءها الذكية وتقوم بـ«إعادة قولبة» للنساء اللواتي يلجأن إليها.
ولدت كريستينا كوردولا، النجمة السمراء ذات القامة الفارعة، في خريف 1964، في مدينة ريو دي جانيرو. ونشأت في عائلة من المثقفين والفنانين. فوالدتها درست علم الاجتماع ثم تخصصت في النقد الفني. أما عمها فكان رساماً. وهكذا وجدت نفسها محاطة بالكتب واللوحات والنقاشات الأدبية منذ طفولتها، وكان من الطبيعي أن تتجه لدراسة الصحافة والاتصالات في الجامعة، قبل أن تقرر استغلال شخصيتها الأنيقة ورشاقتها الطبيعية في العمل عارضة للأزياء في بلدها. وكان أول عرض لها هي في السادسة عشرة من العمر؛ لكنها لم تلفت الأنظار كما كانت تتمنى. ثم حدث أن شاركت في عرض للأزياء في ميلانو بإيطاليا، ونصحها مصفف شعر من معارفها أن تتخلى عن شعرها الأسود الطويل وتقصه قصيراً جداً. وحالما نفذت النصيحة تغير شكلها واكتسبت طابعها الخاص، ولم تعد مجرد سمراء ذات شعر أسود وعينين سوداوين مثل كل البرازيليات.
انتقلت العارضة الصاعدة إلى أوروبا، وشاركت في عروض لمشاهير المصممين، أمثال «ديور» و«سان لوران» و«شانيل» في باريس.
لقد كانت تعرف أن عمر العارضة قصير، ففكرت في افتتاح وكالتها الخاصة التي تحمل اسمها لتقديم المشورة للنساء، مستفيدة من دراستها للاتصالات، ومن خبرتها على منصات العرض وأمام الكاميرات. ولما استقرت في باريس تمكنت من اقتحام ميدان العمل التلفزيوني، وكان برنامجها التجريبي الأول بعنوان: «مظهر جديد لحياة جديدة». وبموازاة ذلك، نشرت كتاباً بعنوان «كل النساء جميلات»، وفيه تشرح كيف يمكن لكل امرأة أن تكون جميلة إذا عرفت كيف تختار ثيابها وزينتها، وتتعامل مع شعرها وأسنانها. وبعد ذلك توالت الكتب، مثل: «50 نصيحة ذهبية لتغيير مظهرك»، و«الدليل العملي لتغيير المظهر».
حين تزوج الأمير البريطاني ويليام من خطيبته كيت ميدلتون، وقع اختيار القناة التلفزيونية السادسة على كريستينا للتعليق المباشر على وقائع الحفل الفخم. وقد تألقت في وصف فساتين المدعوات، وشرح ما هو مناسب وما هو غير مناسب في أزيائهن. ولم تكتف بالقناة السادسة؛ بل صارت لها حصة في قناة «تيفا» المخصصة للنساء، كما أطلقت مسابقة في الخياطة والتفصيل بين عدد من الخياطين والخياطات الشباب الموهوبين. وكانت الجائزة تمكين الفائز من نشر كتاب حول مبادئ الخياطة. وحتى البرامج الرياضية خطبت ود كريستينا التي اختيرت للتعليق على مباريات كأس العالم لكرة القدم في العام الماضي؛ نظراً لأن البرازيليين يولدون وفي يد كل منهم كرة.
كريستينا هي اليوم ظاهرة اجتماعية في باريس؛ رغم أنها ما زالت تسعى للحصول على الجنسية الفرنسية. لقد دعيت للظهور في برنامج شهير في القناة الثانية للحوارات التلفزيونية المفتوحة والتعليق على الأحداث؛ لكنها وجدت نفسها في مأزق حين كشفت إحدى مقدمات البرنامج، ليا سلامة، ابنة الوزير اللبناني السابق غسان سلامة، أن هناك فقرات مكررة في كتاب كريستينا كوردولا الأخير. وفتحت ليا الكتاب أمام الكاميرا، وأشارت إلى الصفحات المقصودة. وإزاء هذا الموقف المحرج اكتفت المؤلفة بالقول: «تبا لي»؛ لأن تكرار الفقرات يعني أنها لم تراجع الكتاب. ولا راجعه ناشرها؛ لكن مجرد الإعلان عن مشاركة كريستينا في الحلقة رفع رقم المشاهدين إلى 1.3 مليون متفرج.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.