موجة خسائر تطال الشركات الألمانية في الربع الثاني

قطاع الرعاية الصحية الوحيد الذي قفزت أرباحه

تحتل الشركات الألمانية المركز الـ11 في قائمة الشركات الأوروبية الأكثر تضرراً مالياً (رويترز)
تحتل الشركات الألمانية المركز الـ11 في قائمة الشركات الأوروبية الأكثر تضرراً مالياً (رويترز)
TT

موجة خسائر تطال الشركات الألمانية في الربع الثاني

تحتل الشركات الألمانية المركز الـ11 في قائمة الشركات الأوروبية الأكثر تضرراً مالياً (رويترز)
تحتل الشركات الألمانية المركز الـ11 في قائمة الشركات الأوروبية الأكثر تضرراً مالياً (رويترز)

طغت موجة الخسائر في صفوف الشركات الأوروبية خلال نتائجها في الربع الثاني من العام، واللافت أن هذه الخسائر لم تتدهور إلى أكثر من 50 في المائة فحسب، إنما بلغت في بعض القطاعات الصناعية والإنتاجية، أكثر من مائة في المائة. وكانت موازنات الشركات الألمانية بين الأكثر تأثراً بتداعيات فيروس كورونا الاقتصادية على أوروبا.
يقول المُحلّل الألماني كريستيان بورير من مصرف دويتشه بنك، إن أرباح الشركات المُدرجة أسهمها في مؤشر (ستوكس يوروب 600) تراجعت بمعدل 53.9 في المائة في الرُبع المالي الثاني من العام. كما تراجعت مبيعاتها بمعدل 17.2 في المائة. أما الشركات العاملة في قطاع الطاقة الأوروبي فتراجعت أرباحها بما معدله 45.7 في المائة مقابل تراجع مبيعاتها بما معدّله 12.2 في المائة بفِعل انهيار سعر برميل النفط عالمياً.
ويضيف أن ألمانيا تعتبر أكثر حظاً من دول أوروبية أخرى في تحجيم خسائر شركاتها بقدر المستطاع. فالنمسا مع آيرلندا وبريطانيا وإيطاليا كانت الأكثر تضرراً تجارياً من جرّاء كارثة فيروس كورونا الاقتصادية.
وفي سياق متصل، قال الخبير الألماني إيفو شيلدكنيخت في الأسواق الاستهلاكية الأوروبية إنّ أرباح الشركات الألمانية العاملة في قطاع التجارة بالسلع الاستهلاكية قد تتراجع أكثر من 125 في المائة لغاية نهاية العام في حال ظهور موجة ثانية من فيروس كورونا في الخريف القادم. ومنذ بداية العام، تراجعت أرباح القطاعات الصناعية المحلية، وبينها صناعة السيارات، 93.4 في المائة مقابل تراجع أرباح شركات السلع الأولية نحو 66.4 في المائة، كما تراجعت أرباح شركات الاتصالات 8 في المائة وشركات التكنولوجيا 17 في المائة تقريباً.
ولفت إلى أن شركات قطاع الرعاية الصحية هي الوحيدة التي قفزت أرباحها، منذ بداية العام، أكثر من 2.2 في المائة. علما بأن قطاع الرعاية الصحية الأوروبية بدأ يوقظ اهتمام شرائح واسعة من المستثمرين الدوليين.
وقال شيلدكنيخت: «ثمة أزمات مالية كبيرة، تقف وراء أزمة فيروس كورونا، تتكتّم الشركات الألمانية عن الإفصاح عنها لا سيما تلك التي تحّولت من أنشطة الإنتاج والتصدير إلى ملف المساعدات المالية الحكومية ومعظمها يعمل في قطاع الطاقة. واللافت أن أكثر من 60 في المائة منها لم يحصل على المساعدات المنشودة بعد بسبب عقبات مالية بيروقراطية. وللتعويض عن خسائرها تحتاج الشركات الألمانية لما لا يقلّ عن 18 شهراً كي تتمكّن من استرداد نحو 33 في المائة من الخسائر التي سجّلتها العام».
وزاد «في ظل غياب خطط تجارية واضحة لا يبقى على الشركات الألمانية إلا هوامش متواضعة للتحرّك. أما الأكثر استفادة من الأوضاع المالية المتدهورة فهي شركات الإقراض الخاصة، خصوصاً تلك العاملة في وسط ألمانيا، التي تصل أسعار فوائدها إلى أكثر من 200 في المائة. ومع أنها تنتمي إلى فئة الأسواق المالية السوداء، العاملة تحت غطاء قانوني وتجاري بامتياز، إلا أن الإقبال عليها يتعاظم أسبوعاً تلو الآخر من الأفراد والشركات معاً».
وفي شأن آخر، قال ديتلف شيله رئيس الوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا إن أمام سوق العمل في ألمانيا نحو ثلاثة أعوام على الأقل حتى يتعافى من تداعيات أزمة جائحة كورونا. وذكر شيله، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «سيستغرق الأمر بالتأكيد حتى عام 2022 أو 2023 قبل أن نعود إلى المستويات الطبيعية».
وبلغ معدل البطالة في ألمانيا 6.2 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، حيث وصل عدد العاطلين عن العمل إلى نحو 2.85 مليون شخص، وتسببت الأزمة الحالية في فقدان نحو 640 ألف فرد منهم لوظائفهم.
ويتوقع شيله أن ترتفع البطالة خلال فصل الصيف، كما هو الحال عادة، ومع ذلك لا يتوقع أن يرتفع عدد العاطلين عن العمل إلى أكثر من 3 ملايين. وقال شيله إن الأزمة الحالية مرتبطة بالجائحة وليس لأسباب اقتصادية أو هيكلية، ما يعني أن التعافي يمكن أن يبدأ بمجرد أن تبدأ عوامل معينة في التحرك نحو الاتجاه الصحيح، وأضاف: «نتوقع حاليا تراجعا يعود في الغالب إلى آثار الجائحة. سوق العمل في الواقع بصحة جيدة».
وبدد شيله مخاوف من أن يؤدي البرنامج الحالي لدعم العمالة بدوام جزئي، والذي تغطي الدولة بموجبه جزءا من أجور الموظفين العاطلين عن العمل في الشركات المتعثرة، فقط إلى تأخير عمليات التسريح والإفلاس. وأكد شيله فاعلية هذه الآلية، وقال: «في الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات على موجة أكبر من شطب العمالة».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.