العيينة.. تاريخ وحضارة من زمن مسيلمة إلى العصر الحالي

مطمع الغزاة عبر القرون.. وضمت أرضها مقابر شهداء حروب الردة

العيينة.. تاريخ وحضارة من زمن مسيلمة إلى العصر الحالي
TT

العيينة.. تاريخ وحضارة من زمن مسيلمة إلى العصر الحالي

العيينة.. تاريخ وحضارة من زمن مسيلمة إلى العصر الحالي

شهدت العيينة شمال الرياض على مر القرون الماضية أحداثا متباينة، وشكلت المنطقة طوال تاريخها قوة سياسية وعسكرية واقتصادية لافتة، حيث عدت من أبرز القرى والبلدان الواقعة على ضفاف وادي العرض «حنيفة»، بعد أن انتشر بنو حنيفة في قرى اليمامة وعمروها وزرعوها.
وسجل التاريخ أن الشاعر العنجهي عمرو بن كلثوم التغلبي أحد أصحاب شعراء المعلقات غزا العيينة وبالتحديد قرية بوضة «أباض»، التي أصبحت فيما بعد قاعدة لحكم نجدة بن عامر الحنفي في عهد الدولة الأموية، كما شهدت العيينة مولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رائد الدعوة التصحيحية، والإصلاحية في الجزيرة العربية.
وتعد العيينة مركزا لإقليم حضاري واسع يبعد عن مدينة الرياض العاصمة نحو 50 كيلومترا باتجاه الشمال، كما تعد واحدة من الحواضر الغنية بالمعالم التاريخية والأثرية القديمة.
«الشرق الأوسط» تجولت في المنطقة بصحبة أحد أبنائها المؤرخ الدكتور عبد المحسن بن محمد بن معمر عضو هيئة المؤرخين السعودية، بدءا بالجبيلة تلك البلدة الصغيرة التي تعد بوابة الإقليم من جهتي الجنوب والشرق، ونحن نخوض لجة التاريخ فهذه «عقرباء» الروضة الغناء والبقعة التي دارت فيها حروب الردة (معركة اليمامة) وهذه شواهد «حديقة الموت» التي قتل على أبوابها مسلمة بن حبيب الحنفي، المعروف بـ(مسيلمة الكذاب)، وهذه قبور الصحابة الكرام الذين استشهدوا في تلك المعارك إذ لا تزال المعالم الأثرية لقبورهم باقية ومنها قبر الصحابي الجليل زيد بن الخطاب شقيق الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وعلى طول الطريق بين العيينة والجبيلة كانت تلوح الشواهد الأثرية على الجبال ومنها أبراج ومراقب حجرية متنوعة الأشكال والأحجام كما أدهشتنا هندسة الآباء الأوائل في تصريف السيول عبر قنوات تتفرع من الوادي لتوزع المياه على المزارع بشكل دقيق يدل على جودة الفكر والإتقان غير أن المؤسف هو اندثار هذه الآثار لأسباب مختلفة طبيعية وبشرية ولم يبق من ذلك لذاكرة التاريخ سوى ما سجلته عدسات المصورين ومنها عدسة الدكتور عبد المحسن المعمر، قبل 30 عاما مما يعد توثيقا مهما لهذا الأثر.
وعند الدخول إلى مدينه العيينة تتراءى لنا معالمها الأثرية المشهورة ومن ذلك عين العيينة النضاحة الموسمية وسواقيها التي تمر على أغلب مزارع العيينة وكذلك الطرق الصخرية التي رصفت رصفا دقيقا لتسهيل انتقال الناس ورواحلهم من سهل العيينة إلى جبالها والعكس وقد حظي أحد هذه الطرق باهتمام الملك عبد العزيز الذي أمر بتوسعته حتى تمر عبره المركبات من (ظهرة سدحا) شمال العيينة إلى وسط المدينة مرورا ببلدة سدوس ثم عبر الطريق المتجه إلى الحجاز عبر ثنية الأحيسي الأثرية المشهورة التي عبر منها جيش خالد بن الوليد رضي الله عنه عام 11هـ أثناء حروب الردة، ومن معالم هذه المدينة أيضا سدودها الزراعية القديمة ومنها سد الظهرة الصخري الذي يغذي عين العيينة ومن معالمها العمرانية المشهورة السور القديم وأبراجه العالية التي أصبحت أثرا بعد عين إذ لم يتبق من ذلك السور الضخم المزدوج إلا وصلة تقدر بنحو مائتي متر فقط، وكذلك مسجدها الجامع القديم الذي أزيلت بقاياه وشيد مكانه مسجد من الطراز الحديث وكانت تقام في هذا الجامع وغيره من جوامع العيينة حلقات العلم التي خرجت عددا من العلماء أبرزهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفي وسط المدينة ينتصب قصر بن معمر الذي شيد قبل 600 عام وتم تحصينه بسور ضخم تزيد سماكته عن مترين وهذا القصر الأثري حظي باهتمام الدولة إذ صدر قرار مجلس الوزراء قبل 37 عاما بترميمه وتجديده، ثم تواصل هذا الاهتمام من قبل الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار.
ويحيط بالعيينة معالم طبيعية منها (روضة الهدار) وشعيب الحيسية الذي يعتبر متنزها طبيعيا للعاصمة الرياض وما حولها حيث الأودية الجميلة والمناظر الخلابة، والأشجار المعمرة، وقد يكون لموقع العيينة الجميل وخصوبة تربتها أثر في اجتذاب حضارات قديمة متتابعة قامت على ضفة واديها مثل حضارة طسم وجديس ودولة بني حنيفة وغيرها وكان وادي حنيفة يسمى وادي الممالك انطلاقا من هذا الاعتبار.
وأثناء التجول في المدينة لفت الدكتور عبد المحسن المعمر إلى أطلال إسطبل الخيل الأثري (حوش خيل بن معمر) كما يسميه العامة في العيينة وهو عبارة عن مبنى من الطين مساحته نحو 1500 متر مربع، يقع على الطريق العام في حي (الطرف) يبلغ ارتفاع ما تبقى من مبانيه 5.70 متر تقريبا. ويقدر عمر الإسطبل بـ400 عام، ويعود لأمير العيينة عبد الله بن معمر المتوفى قبل 300 عام، وقد تواصل الباحث المعمر مع هيئة السياحة والآثار، وزود الهيئة بمعلومات عن الإسطبل وصور قديمة له كما جهز متحفا لأدوات الخيل القديمة يضم نحو 200 قطعة نادرة جمعها من بلاده، ومن دول أخرى وذلك لعرضها في هذا الموقع الأثري.
ويضم المتحف عدة أقسام منها: زينة الخيل وأغلبها سروج محلية وعثمانية ومغولية وأندلسية والتي ورد بعضها إلى الجزيرة العربية مع الحجاج الذين كانوا يبيعونها في الأماكن المقدسة وأماكن مرورهم أو التي يتم إهداؤها إلى الأمراء والأعيان والعلماء وغيرهم.
وأبرز تلك السروج سرج عثماني عليه طغراء السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (ت1918م)، والمياثر (فرش السرج) المصنعة من الصوف الخالص والمزينة بألوان ورسوم مختلفة، إضافة إلى الشكائم والألجمة والأعنة، والأدوات التي تشرب فيها الخيل من الجلد أو الحجر، وأربطة الخيل (القيود) المصنعة من الحديد أو الصوف أو القطن مع مقاود الخيل الأمراس والهجار.
كما يضم المتحف قسما لسلاح وأدوات الفرسان من سيوف وسهام ورماح (عريني، سمهري، رديني) وأسلحة الصيد، إضافة إلى أدوات صناعة أحذية الخيل وعدد كبير من أحذية الخيل القديمة والركائب الحديدية والنحاسية والخشبية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.