«أنتربال» بين التقييم والمعوقات

بعد مرور عشرين عاما من الكفاح من أجل الشعب الفلسطيني

«أنتربال» بين التقييم والمعوقات
TT

«أنتربال» بين التقييم والمعوقات

«أنتربال» بين التقييم والمعوقات

يعيش في لبنان أكثر من 450 ألف فلسطيني لاجئ مسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، يتوزعون في المخيمات الـ12 الموجودة في البلاد، حيث يعانون من فقر مدقع وحرمان بسبب قوانين الحكومة الصارمة، من مزاولة 73 مهنة ومن إكمال دراسة الشباب الجامعية بسبب الجنسية.
وتساهم «أنتربال» الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية، إلى جانب (الأونروا)، بمساعدة المحتاجين الفلسطينيين.
«أنتربال»، هي جمعية خيرية بريطانية تعنى بتوفير المساعدات الإنسانية والإنمائية للفلسطينيين المحتاجين في قطاع غزة والضفة الغربية وفي مخيمات اللاجئين في لبنان والأردن؛ تأسست عام 1994 واتخذت من لندن مركزا رئيسا لها، ويتفرع عنها مكاتب ميدانية في كل من لبنان والأردن وغزة. ومن أهم شعارات الجمعية "حق الفرد في العيش بسلام وعدالة وكرامة".
احتفلت «أنتربال» أخيرا بالذكرى الـ20 على تأسيسها؛ وذلك في العاصمة البريطانية لندن. وألقى المشاركون خلال الاحتفالية في كلمتهم، الضوء على مسيرة الجمعية التي واجهت هجمات وتحديات الحكومة الإسرائيلية واللوبي الصهيوني في أوروبا لوقف عملها الإنساني، واتهامها بالتعامل مع "الإرهاب" ومساندته، كما ركزوا على الجهود التي بذلتها الجمعية وتبذلها والخدمات التي قدّمتها إلى جانب المشاريع المستقبلية التي تحضر لها.
شارك في الاحتفالية عدد من الشخصيات البريطانية والأوروبية والعربية التي تساند القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني؛ منهم أولغا سيرا المنسقة الأوروبية لصندوق إغاثة الأطفال الفلسطينيين، وأماني كبريت رئيسة قسم الرعاية الاجتماعية «انتربال» في لبنان، وزاهر البيراوي عضو اللجنة الدولية لمسيرة القدس العالمية والناطق الرسمي باسمها، ومحمد صوالحي رئيس المبادرة الإسلامية في بريطانيا.
تحدثت أماني خلال الاحتفالية عن أبرز مهام المؤسسة ومنها مشروع "كفالات"، التي من خلالها تهتم «انتربال» حاليا في لبنان بـ 760 مكفولا، وتقدم لهم المساعدات المالية بشكل مستمر. وأيضا أشارت إلى كفالة اليتيم والمحتاج.
وأضافت كبريت أن خدماتهم تطول أيضا العمل على السلوك الاجتماعي للفرد، وخصوصا فئة الأطفال والشباب؛ وذلك للتخلي عن المشكلات السلوكية السيئة. إضافة إلى صندوق المساعدات الاجتماعية، الذي يقدم مساعدات استشفائية للمرضى في المخيمات وخارجها. وكان لـ«الشرق الأوسط» حوار مع كبيرت؛ التي تحدثت عن تنسيق بين «انتربال» و«الأونروا»، موضحة أن الأخيرة من أحد أبرز شركاء المؤسسة، وأن التنسيق بينهما في العمل على أوسع نطاق.
ومن ضمن المشاريع التي تعنى بها الجمعية، تحدثت كبريت عن "مشروع كرامة" لتأهيل المنازل في المخيمات ولإعادة ترميمها، بالإضافة إلى مشروع "خطوة أمل"؛ الذي يعنى بالقروض الصغيرة؛ في محاولة لتخفيف المساعدات وتمكين العائلات من أخذ القروض ونقلها من مستهلكة إلى منتجة في المستقبل القريب.
أمّا في غزّة فيزداد نشاط «انتربال» خصوصا في فترات العدوان الإسرائيلي، وتتركز المساعدات على الدعم الطبي للمستشفيات والأمن إلى جانب الدعم النفسي الاجتماعي في المدارس التي تؤوي الأسر.
كما أفادت كبريت، أن «انتربال» في لبنان تحاول إعالة العائلات الأكثر عددا والأكثر حاجة، والأولوية تأتي لتلك التي تحوي مسنين أو أشخاصا ذوي احتياجات خاصة. وبما أن القانون اللبناني لا يسمح للطلاب الفلسطينيين من دخول الجامعات بسبب جنسيتهم، تحاول «انتربال» دعم التعليم في مجالات أخرى وتركز على التدريب المهني ومنح تعليمية مهنية.
وتؤكد كبريت أن مساعدات «انتربال» إنسانية بحتة. وحتى مع الأزمة السورية التي زادت من معاناة الفلسطينيين، فإن الدعم يكون لجميع الناس بغض النظر عن الانتماءات السياسية أو الدينية.
كما تحدثت «الشرق الأوسط» إلى زاهر البيراوي، الذي بدوره أثنى على جهود "أنتربال" الحثيثة في مساعدة ودعم اللاجئين الفلسطينيين، إذ يصل معدل الأموال التي ترسلها الجمعية إلى الفلسطينيين المحتاجين في الداخل الفلسطيني إلى حوالى 5 ملايين جنيه استرليني سنويا، وهذا الرقم يتضاعف في الأزمات.
وتطرق البيراوي، إلى الهجمة الشعواء التي تعرضت لها الجمعية، عندما اتهمت بمساندة وتمويل حركات المقاومة الإسلامية، مثل حماس والجهاد الإسلامي؛ التي قامت بها أضخم مؤسسة لوبي صهيوني عندما أشارت على موقعها على الإنترنت أن «انتربال» تابعة لحركة «حماس»، فتعرضت حينها الجمعية لضغوطات كبيرة وجمّدت أموالها. ولكنها رفعت دعوة قانونية ضدّ اللوبي الصهيوني في بريطانيا وكسبت القضية في سابقة كانت هي الأولى لدى المؤيدين للقضية الفلسطينية أو المنظمات الفلسطينية، بتاريخ الصراع في الساحة الأوروبية، بمعنى أن اللوبي الصهيوني يمنع الفلسطينيين في أوروبا من العمل في صالح قضيتهم.
ويرى البيراوي كذلك أن الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني يؤثر على صورة فلسطين أمام المجتمع العالمي. وتحدث عن الانتقاضات الكثيرة التي واجهتهم من أجل توحيد الصفوف حتى تتوحد الجهود من خلفهم. معتبرا وخلال السبع سنوات من الانقسام الفلسطيني، أنهم استطاعوا تلافي مشاكل جمّة، واستطاع فلسطينيو الاغتراب سواء من المحسوبين على التيار الإسلامي (حركة حماس) أو المحسوبين على فتح، أن يتفقوا فيما بينهم من أجل القضية.
وأكّد أن عمل أنتربال يركز كثيرا على الأعمال الإنسانية؛ وهي مؤسسة خيرية مسجلة، ولكن العمل الخيري لا يخلو من بعد سياسي، وأن «انتربال» تناشد الساسة إلى حل مشكلة فلسطين، ليخففوا من الأزمات الموجودة عند الناس.
ووجّهت «الشرق الأوسط» أيضا أسئلتها إلى محمد صوالحي، الذي بدوره تكلم عن «أنتربال»، بصفتها أكبر جمعية خيرية فلسطينية حول العالم، وعن العقبات التي واجهتها وتواجهها المؤسسات الخيرية الأخرى في دعمها للفلسطينيين.
وذكر صوالحي أنّ الحملات التي دعتمها «أنتربال» وكانت تذهب باسم (أميال من الابتسامات)، كلّها ساهمت إلى حد ما في تخفيف الضغوط والإشكالات المادية لقطاع غزة، على الرغم من أنها لم تكسر الحصار لأن كسره هو قرار سياسي.
وردا على سؤال بين فتح وحماس، كيف توزع وتصل المساعدات إلى غزّة؟ أجاب أن المؤسسات الخيرية بشكل عام تتعامل مع مؤسسات المجتمع المدني النظيرة في قطاع غزّة ولا تتعامل مع فتح أو حماس، فهي تتعامل مع المنظمات الخيرية والمجتمع المدني والمستشفيات بشكل مباشر. موضحا أنّ الموقف الإسرائيلي يستهدف المساعدات لأنها تصب في صمود الشعب الفلسطيني، وهذا مرفوض بالنسبة للسياسة الإسرائيلية.
واختتم صوالحي كلامه بقوله، إنه إلى جانب الدعم المالي من الجاليات الإسلامية في بريطانيا، فإن هناك دعما سياسيا من اليسار البريطاني وتحالفا، بالإضافة إلى العلاقات الوثيقة معهم، وهناك عدد من الحاضرين أيضا من الخلفيات اليسارية ولكن هذا الدّعم يبقى سياسيا فقط ولا دخل له بالمساعدات المادية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.