شجرة غوستاف كليمت وسمكة بول كلي الذهبية في «أحواض النور»

ألوان متغيرة زاهية تنعكس عبر برك مياه مالحة

لوحات بول كلي في برك المياه بقاعدة غواصة سابقة في بوردو (نيويورك تايمز - غيتي)
لوحات بول كلي في برك المياه بقاعدة غواصة سابقة في بوردو (نيويورك تايمز - غيتي)
TT

شجرة غوستاف كليمت وسمكة بول كلي الذهبية في «أحواض النور»

لوحات بول كلي في برك المياه بقاعدة غواصة سابقة في بوردو (نيويورك تايمز - غيتي)
لوحات بول كلي في برك المياه بقاعدة غواصة سابقة في بوردو (نيويورك تايمز - غيتي)

على الجدران داخل ما كان يُعرف يوماً كقاعدة للغواصات في الحرب العالمية الثانية، تمدّ شجرة ضخمة لغوستاف كليمت فروعها، وتسبح في الجوار سمكة بول كلي الذهبية. وتتجلى انعكاسات الألوان المتغيرة الزاهية لتلك الصور عبر أربع برك من المياه المالحة. يسير الزائرون في الممرات بينما يشاهدون الصور الرقمية، التي تمتد من الأرض حتى السقف، والتي تستند إلى أعمال شهيرة لكليمت، وكلي، وإيغون شيلي.
افتُتح المعرض، الذي يحمل اسم «أحواض النور»، في 10 يونيو (حزيران)، بعد تأخير سببه توقّف الأنشطة في فرنسا نتيجة انتشار فيروس «كورونا المستجد». يُعدّ رابع معرض فني تفاعلي قائم على الانغماس في الواقع الافتراضي تقدمه شركة «كالتشر سبيسيز»، ومقرّها في باريس، التي تتولى إدارة مواقع ثقافية، وتنتج معارض رقمية. وكان المعرض الثاني الذي نظمته الشركة تحت اسم «لأتيليه دي لوميير» (معرض النور)، حقّق نجاحاً كبيراً في باريس، حيث جذب نحو 1.2 مليون زائر خلال عام 2018، و1.4 مليون زائر تقريباً خلال العام التالي.
في نهاية عام 2018 نظّمت الشركة معرضها التفاعلي الثالث القائم على تقنية الانغماس في الواقع الافتراضي داخل مستودع على جزيرة جيجو في كوريا الجنوبية. وتعتزم الشركة تنظيم المزيد من تلك المعارض في كل من دبي، ونيويورك، وشيكاغو.
طريقة العرض، التي تطبقها الشركة مباشرة وبسيطة؛ إذ تجد مكاناً له تاريخ مميز شهير مثل ورشة قديمة لسبك المعادن، أو مكان كان مستودعاً في الماضي، ثم تُجدّده وتضيف إليه مكاتب، وغرف تحكم، ومساحة للاستقبال. بعد ذلك يبدأ العرض باستعراض أعمال فنية تخطف الأنظار لفنانين مشهورين حوّلت إلى الصيغة الرقمية، على الجدران باستخدام جهاز عرض مع موسيقى تصويرية مصاحبة. وقد أقام فريق من المنتجين 15 عرضا رقمياً حتى الآن لصالح شركة «كالتشر سبيسيز» باستخدام أعمال لفنانين، من بينهم مارك شاغال، وإيف كلاين، وكلود مونيه، وفينسنت فان غوخ.
وذكرت سيلفي فلايغر، الأستاذة المساعدة في جامعة باريس التي تدرس الاقتصاد الثقافي، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أن شركة «كالتشر سبيسيز» كانت «الجهة الرائدة الحقيقية للفن التفاعلي القائم على الانغماس في تجربة الواقع الافتراضي، الذي ينقل المرء إلى عالم يشبه عالم الأحلام». وتعدّل الشركة من خلال تجارب معرض «لوميير» الحدود الفاصلة بين الترفيه والفن، وبين الحياة الواقعية والواقع الافتراضي. لقد ولى عهد اللوحات ذات الإطارات، التي يقف أمامها الزائر متأملاً، مثلما نرى في المتاحف، وحلّت محلها صور ضخمة تُعرض على خلفية موسيقى من إبداع مجموعة متنوعة من الفنانين مثل بيتهوفن، وجانيس جوبلين.
اعتادت شركة «كالتشر سبيسيز» على العمل خارج الأطر المعتادة، فقد عملت لسنوات طويلة في إدارة المواقع الثقافية ومواقع التراث في فرنسا بهدف تحقيق أرباح، وهو ما يمثل سياقاً غير اعتيادي في بلد تعتمد فيه الفنون على تمويل الدولة بشكل كبير. وعلى الرغم من أن الشركة تستطيع إقامة معارضها الرقمية حول العالم من دون تكبد أعباء مالية ناتجة عن التعامل مع الأعمال الفنية الحقيقية، هناك تكاليف أخرى باهظة مثل تكاليف الإعداد والتجهيز، فعلى سبيل المثال بلغت تكلفة إعداد قاعدة الغواصات في بوردو 14 مليون يورو، أي ما يعادل نحو 15.9 مليون دولار. وقد دفع جزء من هذا المبلغ لإحضار 80 سماعة خارجية، و90 جهاز عرض، داخل صناديق متحكمة في المناخ داخلها، و75 كابلاً من الألياف الضوئية أو البصرية، ومزودات خدمة داخل الموقع تتعامل مع بيانات حجمها 10 تيرا بايت تقريباً.
أسّست الشركة عام 1990 على أيدي برونو مونييه، الذي كان يعمل في وزارة الثقافة الفرنسية. وتدير الشركة أيضاً مواقع للفنون والتراث في أنحاء فرنسا مثل «فيلا إفروسي دي روتشيلد» في جنوب فرنسا، والمسرح المدرج في مدينة نيمز. كثيراً ما تكون الجهات المالكة لتلك الآثار، أو المنازل، أو المتاحف بلدات أو مناطق، وبالتبعية يكون المالكون هم دافعو الضرائب الذين يعيشون في تلك المناطق.
عمليات الاستحواذ الخاصة على مؤسسة حكومية أمر غير شائع في فرنسا، حيث تنفق المدن في المتوسط نحو 8 في المائة من ميزانيتها على الثقافة، على حد قول دكتورة فلايغر الأستاذة بجامعة باريس. مع ذلك، حدث ركود في تمويل الفنون على المستويين القومي والمحلي منذ بداية الألفية الثانية. وأضافت «تواجه المدن المزيد من الأعباء؛ لذا تُضطر إلى خفض البند الخاص بالثقافة في ميزانياتها».
عندما تقوم شركة «كالتشر سبيسيز» بالعمل يكون هدفها تحقيق أرباح، ويحصل المالكون على ما يتراوح بين 5 و15 في المائة من أي أرباح تحققها الشركة. وشرح مونييه، رئيس الشركة، المحاور الأربعة لتحقيق العائدات، التي يركز عليها فريق العمل، قائلاً «المحور الأول هو أنشطة الزائرين الكلاسيكية التقليدية، مثل خدمات الإرشاد وقطع التذاكر. والثاني فهو المكتبة ومتجر الهدايا، والثالث هو المطعم، والرابع هو الفعاليات. ومن بين الفعاليات المعارض، وهي ضرورية بالنسبة إلى بعض المشروعات، التي تديرها الشركة مثل متحف «ماليول»، ومتحف «جاك مارت أندريه» في باريس. ويعرض متحف «جاك مارت» حالياً لوحات لجيه إم دابليو تيرنر، المستعارة من متاحف «تات» في بريطانيا. وقال مونييه، إن جذب الزائرين في المعارض يزداد صعوبة بمرور الوقت؛ إذ أنفق متحف بحجم متحف «اللوفر» في باريس مبالغ كبيرة من أجل إقامة معارض جذابة ناجحة، وقد جذب معرض أعمال «ليوناردو دافنشي»، الذي أقيم مرة واحدة خلال الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) حتى فبراير (شباط)، نحو 1.1 مليون زائر. كذلك توجد منافسة من جانب متاحف يموّلها برنار أرنو، الملياردير المحبّ للسلع الفاخرة، الذي أنشأ مؤسسته «لويس فيتون» عام 2014، وفرنسوا بينو، الذي من المقرر أن يفتتح معرض لمجموعته الفنية خلال العام المقبل.
تقول دكتورة فلايغر «تلك المعارض الكبرى باهظة التكاليف، ومن الضروري الحصول على قروض من متاحف، خاصة الأجنبية منها، لضمان نقل الأعمال في حالة وظروف جيدة، وهو ما يتطلب دفع تكاليف تأمين هائلة. ومن الواضح أنّ المتاحف الصغيرة غير قادرة على فعل ذلك».
كان الدافع وراء اتجاه شركة «كالتشر سبيسيز» نحو المساحات الفنية بسيطاً؛ إذ قال مونييه «يمكننا العمل باستخدام صور للوحات لا اللوحات الفنية ذاتها. ويعني ذلك عدم الحاجة إلى عمليات نقل، أو خدمة أمنية، أو تأمين». عندما افتُتح «لأتيليه دي لوميير» في باريس، انتشر بين فئات أكثر مقارنة بالمشروعات الأخرى للشركة، فقال مونييه «شاهدنا أشخاصاً لم يذهبوا يوماً إلى متاحف، وشباباً وفتيات وفتياناً في السادسة عشرة من العمر يسيرون متشابكي الأيدي، وكذلك عائلات، وأجداد، وآباء، وشباب».
ما تسمى بالتجارب التفاعلية القائمة على الانغماس في واقع افتراضي ليست بالجديدة، فقد قالت كونستانس ديفيرو، مديرة الفنون وإدارة الثقافية في جامعة «كونيتيكت»، إنها موجودة في ديزني لاند». وأضافت «لقد كنت أراها في الستينات»، مشيرة إلى أنه ليس من الخطأ تحويل الفن إلى ترفيه وتسلية، لكن ربما تمنع الطريقة المستخدمة في معرض «لوميير» المشاهدين من التفكير بعمق فيما يرونه.
وقالت دكتورة ديفيرو «يحدث الكثير حين تشاهد عملاً فنياً تقلل من وهجه تلك التجربة الرقمية العملاقة». مع ذلك، تعتقد ديفيرو، أن حجم المعرض هو سبب التأثير الذي يحدثه والانطباع الذي يخلفه، وتوضح «يكون المرء داخل المعرض بكامل كيانه، وهو عاطفي للغاية، وليس مجرد لوحات معلقة على الجدار».
ولطالما عبّر بعض المشتغلين في مجال الفنون طوال سنوات عن خوفهم من زحف الخصخصة في دول ظل تمويل الفنون بها مسؤولية الحكومة لمدة طويلة، لكن ترى كريستيان هيلمانزيك، أستاذة الاقتصاد في جامعة «دورتماند» الفنية، أنه من الذكاء تطبيق طريقة التفكير القائمة على التجارة بشكل أكبر في مجال الفنون. وأضافت «من منظور اقتصادي بحت، يكون من المنطقي جمع عدة مشروعات معاً والعمل عليها» في إشارة إلى الاستراتيجية، التي تتبناها شركة «كالتشر سبيسيز»، والتي تستخدم طرق متنوعة في الحصول على دخل، وتقديم تجربة رقمية يمكن تكرارها وعرضها حول العالم، إلى جانب طريقة إدارة المتاحف التي يمكن استخدامها في مشروعات مختلفة. وأوضحت أخيراً «هذه هي الطريقة التي تعمل بها شركة (غوغل)، فلماذا لا يبدأ عالم الفنون في تطبيقها؟».
- خدمة «نيويورك تايمز»



حكاية صورة تاريخية لتشرشل سُرِقت في كندا ووُجدت في إيطاليا

«الأسد المزمجر» (يوسف كارش)
«الأسد المزمجر» (يوسف كارش)
TT

حكاية صورة تاريخية لتشرشل سُرِقت في كندا ووُجدت في إيطاليا

«الأسد المزمجر» (يوسف كارش)
«الأسد المزمجر» (يوسف كارش)

عُثر على نسخة أصلية من صورة مشهورة لونستون تشرشل في إيطاليا بعدما اختفت من أحد فنادق أوتاوا واستُبدلت بها أخرى زائفة.

وذكرت «بي بي سي» أنّ الصورة التقطها يوسف كارش عام 1941 -وتُعرَف باسم «الأسد المزمجر»- وذلك بعد وقت قصير من خطاب تشرشل في زمن الحرب أمام البرلمان الكندي.

كانت شرطة أوتاوا قد أعلنت، الأربعاء، العثور على هذه اللوحة في حوزة مشترٍ خاص في جنوة بإيطاليا لم يكن يعلم بأنها سُرقت.

كما أعلن المسؤولون القبض على رجل من بواسان في أونتاريو على علاقة بالسرقة والبيع غير المشروع.

ويواجه هذا الرجل (43 عاماً) الذي يُحظَر نشر اسمه، اتهامات عدّة في كندا، بما فيها التزوير، والسرقة، والإضرار بالممتلكات. ويقول المحقّقون إنه قُبِض عليه في 25 أبريل (نيسان)، ومَثل أمام المحكمة في أوتاوا في اليوم التالي.

تُظهر الصورة رئيس الوزراء البريطاني في زمن الحرب، أمام مبنى البرلمان بعد لحظات من انتزاع كارش سيجاراً من فم تشرشل. «أمسكتُ بمنفضة السجائر، لكنه لم يتخلَّص منه... انتظرت؛ استمرَّ في التمسُّك بالسيجار بحماسة. ثم انتظرت»، كما يتذكّر كارش لاحقاً.

يتابع: «تقدَّمتُ نحوه، من دون تعمُّد ولكن باحترام، وقلتُ: (سامحني يا سيدي)، وانتزعتُ السيجار من فمه. عندما عدت إلى الكاميرا، بدا تشرشل عدائياً جداً حدَّ أنه كان يمكن أن يلتهمني».

لاحظ أحد الموظّفين في فندق «شاتو لاورير»، للمرّة الأولى، أنّ الصورة قد استُبدِلت في 19 أغسطس (آب) 2022. فقال المدير العام للفندق، في بيان: «نشعر بحزن عميق لهذا العمل الوقح».

وتعتقد الشرطة أنّ الصورة سُرقت في وقت ما بين 25 ديسمبر (كانون الأول) 2021 و6 يناير (كانون الثاني) 2022، وسط عمليات إغلاق صارمة لـ«كوفيد - 19».

وتقول الشرطة إنَّ الصورة -وهي واحدة من أشهر الصور التي جرى التقاطها على الإطلاق، وتظهر أيضاً في ورقة نقدية من البنك البريطاني بقيمة 5 جنيهات إسترلينية- بيعت من خلال دار مزاد في لندن إلى مشترٍ خاص في إيطاليا. وتابعت الشرطة في بيانها أنّ «الطرفين لم يكونا على علم بأنَّ القطعة سُرقت»، مضيفةً أنه «جرى التعرُّف إلى المُشتبه به من خلال معلومات قدَّمها الجمهور وتحليل الطبّ الشرعي، ومن خلال استخدام بحوث مفتوحة المصدر».

وفي وقت لاحق من الشهر الحالي، يتوجَّه المحقّقون الكنديون إلى روما لحضور احتفال يعيد فيه المشتري الذي لم يَجرِ الكشف عن هويته العمل الفنّي رسمياً.

علَّقت الشرطة: «بمجرّد وصول اللوحة إلى شرطة أوتاوا، ستكون جاهزة للمرحلة الأخيرة من رحلة عودتها إلى قصر (فيرمونت شاتو لاورير)، حيث ستُعرَض مرّة أخرى بوصفها صورة تاريخية بارزة».