قصف متبادل في ريف إدلب بين الجيش التركي وقوات النظام

«تحرير الشام» تفرج عن عامل إغاثة بريطاني

عنصر من قوات النظام السوري يتأكد من خلو أرض زراعية من الألغام في ريف حماة أمس (أ.ف.ب)
عنصر من قوات النظام السوري يتأكد من خلو أرض زراعية من الألغام في ريف حماة أمس (أ.ف.ب)
TT

قصف متبادل في ريف إدلب بين الجيش التركي وقوات النظام

عنصر من قوات النظام السوري يتأكد من خلو أرض زراعية من الألغام في ريف حماة أمس (أ.ف.ب)
عنصر من قوات النظام السوري يتأكد من خلو أرض زراعية من الألغام في ريف حماة أمس (أ.ف.ب)

وسط تصاعد التوتر والاستهدافات المتبادلة بين القوات التركية وجيش النظام في شرق إدلب، نوه وزير الدفاع البريطاني بن والاس بالدور الفاعل للطائرات المسيرة التركية التي قال إنها غيرت «قواعد اللعبة» في سوريا وليبيا، في وقت أفرجت «هيئة تحرير الشام» بكفالة عن عامل إغاثة تقول بريطانيا إنها جردته من جنسيتها قبل 3 سنوات.
وقال وزير الدفاع البريطاني، خلال مؤتمر للقوات الجوية والفضائية البريطانية، إنه يجب أخذ الدروس والعبر من الدول الأخرى، مضيفاً: «انظروا كيف استخدمت تركيا طائراتها المحلية (بيرقدار تي بي - 2) وكيف قامت بجمع المعلومات الاستخباراتية، وأداء مهام المراقبة، واستهداف خطوط الجبهة والإمداد والقواعد اللوجيستية، وما فعلته في سوريا، حيث كبدت قوات الأسد خسائر فادحة، بفضل طائراتها المسيرة، والأنظمة الذكية على دباباتها، ومدرعاتها».
وتابع أن الأنباء تشير إلى أن قوات النظام السوري فقدت 3 آلاف جندي، و151 دبابة، و8 مروحيات، و3 طائرات استطلاعية، و3 طائرات مقاتلة، و8 أنظمة دفاع جوي، وقاعدة عسكرية، ولو كان نصف هذه الأرقام فقط صحيحاً، فإنها تؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة».
في سياق مواز، أفرجت «هيئة تحرير الشام» بكفالة عن شخص بريطاني المولد اعتقلته قبل 3 أسابيع في إدلب، شمال غربي سوريا، قالت إنه «عامل إغاثة» جردته بريطانيا قبل 3 سنوات من جنسيتها. واعتقلت «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على نحو نصف مساحة محافظة إدلب توقير شريف (33 عاماً) في 22 يونيو (حزيران) الماضي. وقالت شبكة «إباء» التابعة للهيئة على موقعها الإلكتروني. إن شريف سيمثل بعد أسبوعين أمام «محكمة» تابعة لها.
وقال المسؤول الإعلامي في «هيئة تحرير الشام»، تقي الدين عمر، إن شريف صدرت مذكرة إيقافه بناء على أدلة قدمت للقضاء، وبعد التحقيق معه مثل أمام النيابة العامة في المحكمة العسكرية، واستمع للتهم الموجهة إليه وقدم ما لديه من دفاع ثم أحالته النيابة العامة إلى المحكمة العسكرية. وأضاف أنه تم إخلاء سبيله على ذمة المحاكمة بكفالة حضورية وطلب أهله، حيث أبلغته المحكمة أن موعد جلسته مع القضاء بعد 15 يوماً من تاريخ إخلاء سبيله، وبإمكانه خلال هذه المدة تجهيز دفاعه ليقدمه أمام القضاء، ثم يصدر الحكم القضائي. وكتب أقرباء شريف على «فيسبوك» أنّ الأخير «قد أطلق سراحه»، واصفين النبأ بأنه «رائع».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن شريف اعتقل على خلفية علاقته المشبوهة بفصائل إسلامية منافسة. وتتّهمه هيئة تحرير الشام باستخدام أموال المساعدات في مشاريع تبث التفرقة في محافظة إدلب.
ووصل شريف، المولود في بريطانيا والمتحدر من أصول باكستانية، إلى سوريا في 2012. بحسب منظمة «تطورات حية من سوريا» التي أسسها مع زوجته. وجردته بريطانيا من جنسيتها عام 2017 بعدما اتهمته بالارتباط بجماعة على صلة بتنظيم القاعدة الإرهابي، لم تحددها، بحسب وسائل إعلام بريطانية. لكنه نفى التهم.
في غضون ذلك، نفذت القوات التركية قصفاً صاروخياً، أمس (الخميس)، على مناطق في بلدة سراقب الخاضعة لسيطرة النظام السوري، في حين قصفت قوات النظام الليلة قبل الماضية، أماكن في الفطيرة وكنصفرة وسفوهن وفليفل في جنوب إدلب، قتل فيها 3 عناصر وأصيب آخرون من غرفة عمليات «الفتح المبين».
وكانت القوات التركية وغرفة عمليات «الفتح المبين» قصفتا بعشرات الصواريخ والقذائف تجمعات قوات النظام في كفرنبل وريفها في ريف إدلب الجنوبي، رداً على القصف المكثف الذي تعرضت له قرى ومناطق ريف إدلب الجنوبي.
واستهدفت قوات النظام بقذائف صاروخية عدة محيط سرمين والنيرب وآفس شرق مدينة إدلب، تزامناً مع استهداف فصائل «الجبهة الوطنية» الموالية لتركيا مواقع قوات النظام براجمات الصواريخ في بلدة داديخ شرق إدلب.
وتشهد محاور إدلب الشرقية استنفاراً عسكرياً للفصائل الموالية لتركيا، بالتزامن مع استنفار لقوات النظام على محاور القتال في المنطقة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.