بعد توقف الوساطة القطرية.. الجيش اللبناني يضيق الخناق على الخاطفين بجرود عرسال

وسيط سابق: المسلحون لن يدخلوا في أي مفاوضات لا تشمل المقايضة

دوريات القوات الخاصة في الجيش اللبناني بالقرب من المنطقة التي نصب فيها مسلحون كمينا لجنود لبنانيين في بلدة رأس بعلبك (شرق لبنان) الأسبوع الماضي (أ.ب)
دوريات القوات الخاصة في الجيش اللبناني بالقرب من المنطقة التي نصب فيها مسلحون كمينا لجنود لبنانيين في بلدة رأس بعلبك (شرق لبنان) الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

بعد توقف الوساطة القطرية.. الجيش اللبناني يضيق الخناق على الخاطفين بجرود عرسال

دوريات القوات الخاصة في الجيش اللبناني بالقرب من المنطقة التي نصب فيها مسلحون كمينا لجنود لبنانيين في بلدة رأس بعلبك (شرق لبنان) الأسبوع الماضي (أ.ب)
دوريات القوات الخاصة في الجيش اللبناني بالقرب من المنطقة التي نصب فيها مسلحون كمينا لجنود لبنانيين في بلدة رأس بعلبك (شرق لبنان) الأسبوع الماضي (أ.ب)

بدأ الجيش اللبناني ليل الأحد الماضي بتنفيذ عملية واسعة في جرود بلدة عرسال الحدودية شرق البلاد، تهدف إلى إقفال معظم الطرقات التي كان يسلكها المسلحون الموجودون في الجرود، للولوج إلى داخل البلدة وتأمين حاجاتهم الغذائية والاطمئنان على عائلاتهم التي تقيم في مخيمات هناك.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش أقفل طريقي وادي عطا ووادي الحصن، حيث استهدفت دورياته أكثر من مرة هناك بعبوات ناسفة أو بكمائن أعدها المسلحون، لافتة إلى أن الإجراءات الجديدة «من شأنها التخفيف من منسوب العمليات ضده كما التضييق على المسلحين وخاطفي العسكريين اللبنانيين». وأوضحت المصادر أنه لا يزال هناك منفذان تحت سيطرة الجيش قد يتم إقفالهما في الأيام المقبلة بحسب تطور الأمور. وأضافت: «بالعادة كان المسلحون يتركون سلاحهم في نقطة محددة قبل حاجز الجيش عند أحد مداخل عرسال، ويدخلون إلى البلدة لشراء المواد الغذائية ليعودوا بعدها أدراجهم فيأخذوا السلاح بطريقهم إلى الجرود».
وبالتزامن مع عملية قطع الطرقات التي نفذها الجيش، أفادت المصادر نفسها أن المدفعية العسكرية الثقيلة قصفت يوم أمس الاثنين بـ6 قذائف تحركات مشبوهة لمسلحين في وادي العجرم في جرود عرسال.
وتأتي هذه التطورات العسكرية، بُعَيد إعلان دولة قطر عبر وزارة خارجيتها عن عدم إمكانية استمرارها في جهود الوساطة لإطلاق سراح العسكريين اللبنانيين الذين يختطفهم تنظيما «داعش» و«جبهة النصرة» منذ أغسطس (آب) الماضي، لافتة في بيان إلى أن «جهود الوساطة جاءت لأسباب إنسانية وانطلاقا من حرص دولة قطر على الحفاظ على أرواح الأبرياء، وذلك بعد طلب من الأشقاء في لبنان».
وإذ أكدت الخارجية القطرية أن قرار عدم إمكانية الاستمرار جاء نتيجة لقيام الخاطفين بقتل أحد الجنود المختطفين، أعربت عن «بالغ أسفها لمقتل الجندي اللبناني، مجددة حرص دولة قطر على بذل كل الجهود الدبلوماسية من أجل الحفاظ على الأرواح».
وكانت «جبهة النصرة» قد أعدمت الجندي اللبناني علي البزال ليلة يوم الجمعة الماضي ردا على توقيف الجيش نساء وأطفالا، على حد تعبيرها، مهددة بقتل أسير آخر خلال فترة وجيزة.
ولا تزال كل المفاوضات متوقفة حاليا ما بين الدولة اللبنانية والخاطفين، اجتمعت هيئة العلماء المسلمين التي لعبت دورا سابقا في هذا الملف، يوم أمس بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بهدف إعادة تحريك الأمور.
وأعرب الشيخ سالم الرافعي رئيس الهيئة، بعد الاجتماع، عن استعدادهم لـ«المضي بالمبادرة لإطلاق سراح العسكريين بشرطين، الأول أن يكون هناك تكليف رسمي من الحكومة للهيئة والثاني القبول بمبدأ المقايضة».
وقال الرافعي: «علمنا أن النساء الموقوفات لا توجد أي تهم بحقهن ونحن لا نقبل أن توقف امرأة لأن زوجها مطلوب»، ناقلا عن المفتي دريان تشديده على «ضرورة حل ملف العسكريين المخطوفين سريعا ووضع مبادرتنا بعهدة رئيس الحكومة».
وكانت الهيئة أطلقت مساء السبت ما أسمتها بـ«مبادرة الكرامة والسلامة» وما قالت أنها تأتي «حرصًا على كرامة النساء والأطفال وذوي المخطوفين، وحرصًا على سلامة العسكريين والوطن، وتنفيسًا للاحتقان وتمهيدًا لإعادة الملف إلى سكة الحل»، داعية الجهات الرسمية اللبنانية إلى «اﻹطلاق الفوري لسراح النساء والأطفال المحتجزين»، ومطالبة الجهات الخاطفة بـ«الكف عن ترويع الأهالي وتهديدهم بقتل أبنائهم، لما له من أثر بالغ ومرير على ذويهم وعلى سائر المواطنين، والإفراج عنهم».
وشدد الشيخ مصطفى الحجيري الذي كان وسيطا بالملف في فترة من الفترات، على عدم أهمية الطرف المفاوض وجنسيته، لافتا إلى أن المطلوب أن تكون هناك نية لبنانية بأن تصل أي مفاوضات إلى حل، «خاصة وأن حزب الله وحلفاءه يرفضون مبدأ المقايضة، حتى ولو قال بعضهم غير ذلك علنا لمسايرة الرأي العام والأهالي»، وأضاف الحجيري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كما أنه وبالمقابل، فإن موقف الخاطفين واضح ونهائي لجهة رفضهم الدخول بأية مفاوضات لا تشمل المقايضة».
واستهجن الحجيري «كيف يلتزم حزب الله بالمقايضة لتحرير أسيرة ويرفضها حين يتعلق الأمر بالعسكريين اللبنانيين»؟ وقال: «هو حزب إلهي، يعتبر أن ما يحق له لا يحق لغيره.. عندما يحرر أسيرة عن طريق المقايضة يكون بطلا، وحين يقوم غيره بذلك يكون خائنا».
وتساءل الحجيري: «من يضمن حاليا أن لا تعمد المجموعات الخاطفة على تصفية عسكري جديد؟»، وقال: «كفى مزايدة ومتاجرة بدموع الأمهات ودماء العسكريين، حتى ولو كان القرار بالمقايضة صعب، لكن يجب اتخاذه، فأميركا وتركيا واليهود يفاوضون ويقايضون». وكشف الحجيري أن الموفد القطري الذي كان موكلا بملف العسكريين اللبنانيين، «حضر إلى بيروت قبل يومين لاصطحاب عائلة قطرية كانت في سجون النظام السوري، وتم الإفراج عنها بمفاوضات قطرية - سورية».
ويتعاطى أهالي العسكريين بإيجابية مع إمكانية تولي هيئة العلماء المسلمين عملية التفاوض مع الخاطفين، لاقتناعهم بأن الوسيط اللبناني قد يكون أكثر فعالية من غيره من الوسطاء. وهذا ما عبرت عنه صابرين زوجة الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي المخطوف زياد عمر، مشددة على وجوب أن تعطي الحكومة أوراقا للهيئة تمكنها من التفاوض وتحقيق نتائج إيجابية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أصلا الموفد القطري لم يكن فعالا، والهيئة قد تحقق النتائج المرجوة كونها تقف في نقطة وسط بين الخاطفين والدولة» .
واستبعدت صابرين أن يكون هناك أي دور تركي بالملف في الأيام المقبلة، ناقلة عن السفير التركي في لبنان قوله لها خلال لقاء به أن «تركيا غير معنية بالملف ولا علاقة لها بالمجموعات الخاطفة، وبالتالي غير قادرة على القيام بأي دور يُذكر بخلاف ما قامت به في ملف مخطوفي أعزاز».
ويستمر أهالي بلدة البزالية المتاخمة لعرسال ومسقط رأس الجندي الذي أعدمته «النصرة» علي البزال بقطع طريق السيارات والشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية للاجئين السوريين الموجودين في البلدة والذين يفوق عددهم الـ70 ألفا، مما يهدد بنفاد المواد الغذائية في البلدة.
وقال مسؤول «اتحاد الجمعيات الإغاثية» في عرسال حسن رايد لـ«الشرق الأوسط» إن «أهالي البزالية منعوا منذ يومين شاحنة كانت تحمل طحينا لأفران عرسال بالتوجه إلى البلدة، مما يعني أن أهالي عرسال واللاجئين السوريين محاصرون تماما، والكل يترقب تطور الأوضاع».
وأشار رايد إلى أن اللاجئين لم يستفيدوا حتى الساعة من تعليق «برنامج الأغذية العالمي» قراره بوقف مساعداته الغذائية، باعتبار أنه لم يعاد شحن البطاقات التي يشترون بها الطعام، وأضاف: «لقد ازدادت الأوضاع سوءا بإغلاق الطريق من قبل أهالي البزالية، فحتى لو أرادت جمعيات محلية التوجه إلى عرسال لمساعدة اللاجئين، فهي أيضا ممنوعة من الوصول».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.