مجلس الأمن يناقش خطر انفجار «صافر»

اتجاه لإرسال خبراء دوليين لتقييم وضعها وتفريغها

صورة بالأقمار الصناعية للناقلة {صافر} التقطت الشهر الماضي (رويترز)
صورة بالأقمار الصناعية للناقلة {صافر} التقطت الشهر الماضي (رويترز)
TT

مجلس الأمن يناقش خطر انفجار «صافر»

صورة بالأقمار الصناعية للناقلة {صافر} التقطت الشهر الماضي (رويترز)
صورة بالأقمار الصناعية للناقلة {صافر} التقطت الشهر الماضي (رويترز)

عقد أعضاء مجلس الأمن جلسة، هي الأولى من نوعها، لمناقشة وضع ناقلة النفط «صافر» المتهالكة، عند ميناء رأس عيسى في اليمن، وسط مخاوف متزايدة من احتمال انشطارها أو انفجارها، ما قد يؤدي إلى كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية لليمن وجيرانه.
وقبل بدء الجلسة التي انعقدت عبر الفيديو، ركّز رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، المندوب الألماني كريستوف هيوسيغن، في اتصالاته مع الجهات المعنية، ولا سيما بريطانيا التي تحمل القلم في مجلس الأمن لجهة القضايا التي تخص اليمن، فضلاً عن كثير من دول الجوار، ولا سيما المملكة العربية السعودية، من أجل الضغط على جماعة الحوثي المدعومة من إيران كي تسمح للخبراء الدوليين بالوصول إلى الناقلة وتقييم وضعها، استجابة للطلبات المتكررة للحكومة اليمنية المعترف بها شرعياً.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمره الصحافي اليومي عبر الفيديو: «عبّرنا مراراً وتكراراً عن قلقنا بشأن حال الناقلة»، مشيراً إلى «الخشية من كارثة بيئية وآيكولوجية، ليس فقط على الساحل المباشر للبحر الأحمر، ولكن على هذا البحر بأكمله، وتأثير ذلك على حركة النقل البحري في منطقة تشهد حركة تجارة كبيرة». واعتبر أن «ثمة تقدماً أحرز فيما يتعلق بموافقة الحوثيين خطياً على دخول فريق الأمم المتحدة». وأمل أن يبدأ العمل خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وذلك في ظل ترقب للتصريحات التي يمكن أن يدلي بها رئيس مجلس الأمن حول الجلسة، وما إذا كان أعضاء المجلس سيعكسون مواقف كل من المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسون، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، منسق المعونة الطارئة، مارك لوكوك، بشأن «المخاطر البيئية والإنسانية المتزايدة التي تشكلها ناقلة النفط صافر المتهالكة»، علماً بأن «وضعها المزري اتضح من تسرب مياه البحر إلى غرفة المحرك في 27 مايو (أيار)».
وخلال الجلسة، جرت مداولات بشأن إصدار موقف يعبر فيه أعضاء مجلس الأمن عن «انزعاجهم الشديد من تزايد خطر انشطار أو انفجار الناقلة صافر»، ما يمكن أن يسبّب «كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية لليمن وجيرانه»، وأشار أعضاء مجلس الأمن إلى «التزام الحوثيين علناً»، وطالبوهم بـ«تحويل هذا الالتزام على الفور إلى إجراءات ملموسة، من خلال الموافقة على تصاريح الدخول وطريق سفر آمن إلى الناقلة، من أجل تسهيل الوصول غير المشروط لكي يقوم خبراء تقنيون تابعون للأمم المتحدة بتقييم حالة الناقلة، وإجراء أي إصلاحات عاجلة محتملة، وتقديم توصيات بشأن الاستخراج الآمن للنفط، وضمان التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة». وأملوا في «رؤية تنفيذ إجراءات ملموسة قبل جلسة مجلس الأمن المقبلة بشأن اليمن».
أما بريطانيا التي قدّمت الطلب لعقد هذا الاجتماع، بطلب من الحكومة اليمنية، فدعت الحوثيين إلى «السماح لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة» التي تحتوي على 1.14 مليون برميل من النفط الخام. وحذّرت من أن حالتها السيئة تعني أنها قريبة الآن من تسرب ملايين الغالونات من النفط إلى البحر الأحمر، ما يمكن أن يتسبب بتسرب نفطي أكبر 4 مرات من كارثة (إكسون فالديز) عام 1989، التي تضمنت 257 ألف برميل من النفط، وما زالت آثاره ملحوظة بعد أكثر من 30 عاماً. وتضم البيئة البحرية للبحر الأحمر أكثر من 1200 نوع من الأسماك، 10 في المائة منها توجد فقط في البحر الأحمر. كما أن أي انسكاب من شأنه أن يدمر سبل عيش ما يقرب من 4 ملايين شخص. وسيؤدي إلى إغلاق ميناء الحديدة لمدة تصل إلى 6 أشهر، ويكلف تنظيفه ما يصل إلى 16 مليار جنيه إسترليني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
TT

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

وصلت سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخُّل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن، عقب مشاركته في متابعة انتخابات الإقليم الرئاسية، والتي أُجريت قبل أيام، وسط ترقب إثيوبي تداعيات الاقتراع، خصوصاً مع نتائج أولية تشير إلى فوز مرشح المعارضة عبد الرحمن عبد الله.

الاستدعاء الدبلوماسي الصومالي، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يُعد امتداداً لسلسلة إجراءات تبنّتها مقديشو، منذ بداية العام، عقب رفضها توقيع إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»؛ بهدف «تأكيد سيادتها وتضييق الخناق دولياً عليه»، مع توقعات بإمكانية استئناف المفاوضات للذهاب إلى حلول قد تكون سبباً في سحب البساط من تحت أقدام أديس أبابا، وخفض التصعيد بمنطقة القرن الأفريقي.

واستدعت وزارة الخارجية الصومالية السفير الدنماركي ستين أندرسن؛ على خلفية «انتهاكه سيادة وحدة البلاد»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية بالبلاد، الأحد، عن وزير الخارجية أحمد معلم فقي، عقب «توجّهه ضمن بعض السفراء لدى البلاد إلى مدينة هرجيسا للمشاركة في الانتخابات التي جرت مؤخراً دون أن يعلنوا، في خطابهم، عن الدولة التي جرى تعيينهم سفراء لها، واخترقوا البروتوكول الدبلوماسي»، مؤكداً أن «موقف الحكومة واضح تجاه الانتخابات في أرض الصومال، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من البلاد».

وحذّر وزير الخارجية الصومالي «بعض السفراء لدى البلاد بكتابة مقال يتعارض مع وحدة وسيادة البلاد عند الإعلان عن نتائج الانتخابات في أرض الصومال، والتي تعد شأناً داخلياً».

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (رويترز)

خطوط حمراء

ولم تكن تلك الخطوة الأولى ضمن الخطوط الحمراء التي رسمتها مقديشو في رفضها المساس بسيادتها، حيث وقَّع الرئيس حسن شيخ محمود قانوناً يُلغي اتفاقاً مبدئياً وقّعته إثيوبيا، في يناير (كانون الثاني) 2024، مع إقليم «أرض الصومال»، والذي تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة.

وتوجهت مقديشو إلى الجامعة العربية، وحصلت على دعم إضافي باجتماع طارئ ذهب، في يناير (كانون الثاني) 2024، إلى أن المذكرة باطلة. وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة المتوترة علاقاتها مع أديس أبابا، ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وسط قلق إثيوبي، ومدّ مصر الصومال بأسلحة ومُعدات لمواجهة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، رسمياً، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029. وأرجع ذلك إلى «انتهاكها الصارخ سيادة واستقلال الصومال».

وباعتقاد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإن «قرار استدعاء السفير قد يُفهم بأنه تحرك دبلوماسي، في جزء من استراتيجية الصومال لتضييق الخناق على أرض الصومال، قبل العودة إلى أي مفاوضات مرتقبة، إذ تسعى الحكومة إلى تعزيز موقفها في مواجهة أي محاولات لانفصال أو استقلال أرض الصومال، مما قد يؤثر على استقرار المنطقة».

ويَعد المحلل الصومالي «قرار استدعاء سفير الدنمارك أيضاً خطوة تُظهر رغبة الحكومة في الحفاظ على سيادتها، ورفض أي تدخلات خارجية»، لافتاً إلى أن «تحرك بعض السفراء قد يُفسَّر بأنه في إطار ضغوط على الحكومة الصومالية لإحداث تغييرات معينة، أو قد يكون مجرد مراقبة روتينية للانتخابات والأوضاع السياسية، أو محاولة لتوسيع النفوذ الخارجي في منطقة تُعد ذات أهمية استراتيجية».

في المقابل، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد المنعم أبو إدريس، أن «تحركات السفراء الغربيين، احتفاء بالممارسة الديمقراطية التي تجري هناك لعدة دورات، وليست للتأثير على مقديشو»، موضحة أن «الدولة الغربية التي لديها تأثير كبير هي الولايات المتحدة، من خلال حلفها التاريخي مع إثيوبيا وتعاونهما في مكافحة الإرهاب».

أمل في استئناف المفاوضات

ورغم تلك الإجراءات فإن الصومال لم تقطع شعرة معاوية في التوصل لحلول. وأعرب وزير الخارجية أحمد معلم فقي، في كلمته، عن «أمله في استئناف المفاوضات مع إدارة أرض الصومال»، مؤكداً أن «الحكومة عازمة على إيجاد الحلول للشؤون الداخلية»، دون توضيح ماهية تلك الحلول.

وجاءت تلك الآمال الصومالية الرسمية، قبل أيام من إعلان نتائج الانتخابات في أرض الصومال المقررة في 21 نوفمبر الحالي، والتي تنافس فيها 3 مرشحين؛ بينهم الرئيس الحالي للإقليم موسى بيحي عبدي، والمعارض عبد الرحمن عبد الله، ومرشح حزب «العدالة والتنمية» فيصل ورابي، وجميعهم داعمون لمذكرة التفاهم، وتختلف رؤيتهم حول كيفية إدارة الأزمة مع الصومال. وتشير نتائج أولية إلى «تقدم كبير» للمعارض عبد الرحمن عبد الله، وفق وسائل إعلام صومالية.

وفي المقابل، استمرت إثيوبيا على موقفها الداعم لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهنأته وزارة الخارجية الإثيوبية، الجمعة، على «النجاح في إجراء انتخابات سلمية وديمقراطية تعكس نضج الحكم». وسبقها، الخميس، تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية نبيات غيتاتشو أن «أديس أبابا ستواصل عملياتها الحاسمة لإضعاف حركة (الشباب الإرهابية)؛ بهدف ضمان عدم تشكيلها تهديداً للأمن القومي الإثيوبي»؛ في إشارة لعدم الخروج من مقديشو.

ولا يعتقد الخبير في الشؤون الأفريقية عبد المنعم أبو إدريس أن «يكون لنتيجة الانتخابات في أرض الصومال تأثير على علاقة مقديشو مع الإقليم، خاصة أن المرشح عبد الرحمن عبد الله لم يُظهر معارضة لمذكرة التفاهم مع إثيوبيا». ويستدرك: «لكن يمكن أن تعود المفاوضات بين مقديشو وأرض الصومال في حال كان هناك طرح لشكل فيدرالي يعطي الأقاليم المختلفة في الصومال الكبير قدراً من الاستقلالية».

ويعتقد المحلل السياسي الصومالي عبد الولي جامع بري أن «تقارب مقديشو مع أرض الصومال قد يثير قلق أديس أبابا، وإذا كانت هناك رغبة في تعزيز العلاقات بين مقديشو وأرض الصومال، فقد تسعى إثيوبيا إلى عرقلة هذا المسار، ومن المحتمل أن تتدخل لإعادة تأكيد نفوذها في المنطقة، خاصةً في إطار مذكرة التفاهم القائمة».

ويؤكد أن «أي حل محتمل في هذه الأزمة سيكون له تأثير كبير على الأوضاع في القرن الأفريقي، واستقرار مقديشو وأرض الصومال، ويمكن أن يُفضي إلى تعزيز التعاون الإقليمي، بينما أي تصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة».