دول تعيد فرض قيود صارمة لاحتواء الوباء

إجمالي الوفيات يقترب من 600 ألف حول العالم

يابانيون يرتدون كمامات في محطة قطار بطوكيو يوم 3 يوليو (رويترز)
يابانيون يرتدون كمامات في محطة قطار بطوكيو يوم 3 يوليو (رويترز)
TT

دول تعيد فرض قيود صارمة لاحتواء الوباء

يابانيون يرتدون كمامات في محطة قطار بطوكيو يوم 3 يوليو (رويترز)
يابانيون يرتدون كمامات في محطة قطار بطوكيو يوم 3 يوليو (رويترز)

يواصل فيروس «كورونا» المستجد الانتشار في العالم، بعد أن سجلت وتيرة انتشاره تسارعا في الأسابيع الماضية ليتجاوز إجمالي الإصابات 13 مليونا ونصف مليون، والوفيات 580 ألفا حول العالم. وأرغم هذا الارتفاع عدة دول على إعادة فرض حجر على عشرات ملايين الأشخاص، بعد أن أسابيع من تخفيف تدابير الحظر.
وكانت أستراليا في مقدمة الدول التي أعادت فرض قيود صارمة على الملايين من مواطنيها. وخيّرت مدينة ملبورن، أمس الأربعاء، سكانها بين الامتثال لقواعد الإغلاق المطبقة حالياً أو مواجهة قيود أكثر صرامة، وفق تقرير لوكالة «أسوشيتد برس». وقد قضى سكان ملبورن البالغ عددهم ٥ ملايين نسمة وجزء من المناطق شبه الريفية المحيطة بالمدينة أسبوعاً في الإغلاق الثاني المستمر لمدة ٦ أسابيع، لاحتواء التفشي الجديد هناك. وقال رئيس وزراء ولاية فيكتوريا، دانييل أندروز: «لقد انتهى وقت التحذيرات ووقت انتقاد سلوك الناس، فنحن الآن في وضع مميت وخطير للغاية». وقد أبلغت فيكتوريا عن ظهور ٢٣٨ حالة إصابة جديدة بـ«كوفيد - 19»، مما دفع السلطات هناك للاعتقاد بأن هناك اتجاها لظهور تفش جديد للمرض في ملبورن.

- إغلاقات جديدة في الهند
من جهتها، ستفرض السلطات الهندية إغلاقا في المناطق عالية الخطورة فيما يقرب من ١٢ ولاية، وذلك في ظل اقتراب عدد حالات الإصابة بالفيروس التاجي في البلاد من مليون شخص، وقد تم فرض إغلاق لمدة أسبوعين ابتداءً من يوم الخميس في ولاية بيهار بشرق الهند البالغ عدد سكانها ١٢٨ مليون نسمة والتي تعاني من هشاشة نظامها الصحي، حيث تسجل ولاية بيهار أكثر من ١٠٠٠ حالة إصابة بالفيروس كل يوم، منذ يوم السبت الماضي، وذلك رغم عدد الاختبارات المحدودة التي يتم إجراؤها.
وقد عاد ما يقرب من ٢.٥ مليون عامل فقير ممن تقطعت بهم السبل خلال فترة الإغلاق الأولية التي فرضتها السلطات الهندية على مستوى البلاد إلى بيهار، بعد أن فقدوا وظائفهم في المدن الكبيرة، كما أمرت الحكومة بفرض الإغلاق لمدة أسبوع في ولاية بنغالور، مركز التكنولوجيا الرئيسي في جنوب الهند، والتي تمتلك شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم مثل «أمازون» و«آبل» فروعاً هناك.
ويقول الخبراء إن التعزيزات التي تلقاها الاقتصاد الهندي في يونيو (حزيران) الماضي بعد تخفيف الإغلاق على الصعيد الوطني قد توقفت بسبب عمليات الإغلاق المحلية الجديدة، حيث انخفضت المؤشرات الاقتصادية مثل معدلات المشاركة في العمل واستهلاك الكهرباء في شهر يوليو (تموز) الجاري عما كانت عليه في يونيو الماضي، وذلك وفقاً لمركز مراقبة الاقتصاد الهندي، وهو مركز أبحاث مستقل.

- قيود صارمة في هونغ كونغ
وقد بدأ سريان فرض القيود من جديد في هونغ كونغ، يوم الأربعاء الماضي، مع اقتصار التجمعات العامة على ٤ أشخاص فقط ومنع تناول الطعام داخل المطاعم بعد الساعة الـ٦ مساءً، وفرض إغلاق لمدة أسبوع للصالات الرياضية ومحلات الكاريوكي وبعض الأنشطة التجارية الأخرى، كما أنه ولأول مرة يتم فرض ارتداء الأقنعة الواقية في وسائل المواصلات العامة مع فرض غرامة على المخالفين، كما أوضحت وكالة «أسوشيتد برس».
وتقول صاحبة صالون «ميبروز» للتجميل، سامي لي، إن الأنشطة التجارية الصغيرة مثل الصالون الذي تمتلكه باتت «تحت رحمة عمليات الإغلاق الإلزامية»، حيث لا يوجد لديها الكثير الذي يمكنها القيام به حيال الأمر. وتتوقع لي أن تستمر دورة إعادة الفتح والإغلاق حتى يتم العثور على لقاح، وتضيف «سنحاول العمل قدر المستطاع في حالة الفتح، وذلك للاستعداد لإغلاق آخر». وخلال الجولة الأخيرة من عمليات الإغلاق، تلقت لي دعماً حكومياً بقيمة ٣٨٧٠ دولاراً أميركياً وهو ما يساعدها في تغطية بعض التكاليف مثل الإيجار والمرافق العامة، ولكن ليس لتغطية خسارتها في الدخل، كما أنه من غير الواضح ما إذا كان سيكون هناك إعانات هذه المرة أيضاً أم لا.
ومن بين ما يقرب من ٢٠ لقاحاً يتم العمل عليهم الآن، باتت بعض اللقاحات من الولايات المتحدة والصين وبريطانيا تدخل مراحل الاختبار النهائية.

- ارتفاع الإصابات أميركياً
وفي الولايات المتحدة، تعمل بعض الولايات بما في ذلك ولاية واشنطن على تأخير جدولها الزمني لإعادة فتح اقتصاداتها. وقال حاكم الولاية غاي إنسلي إن «المقاطعات ستظل في نفس وضعها الراهن على الأقل حتى ٢٨ يوليو الجاري». وحذر إنسلي من وجود «خطر كبير» يتمثل في أنه قد يتعين إغلاق أجزاء من الاقتصاد مرة أخرى إذا استمر انتشار العدوى بالفيروس التاجي.
من جهته، يتمسك الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتفاؤله حيال الوضع الوبائي في البلاد. وكتب أمس على «تويتر»: «أنباء ممتازة بشأن اللقاحات»، في تغريدة تترجم رغبته بقلب صفحة وباء (كوفيد - 19) مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. لكن الواقع قاتم، فعدد إصابات الوباء المعلنة يومياً في ازدياد مطرد في أربعين من ولايات البلاد الخمسين. وأعلنت كاليفورنيا الثلاثاء أنها ستعيد إغلاق جزء من أنشطتها الاقتصادية. وتجد الولايات المتحدة نفسها بوضع سيئ وبائياً بالمقارنة مع المسارات المختلفة جذرياً التي سلكها الوباء في أوروبا. وتعد الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضرراً من فيروس «كورونا» المستجد، بأكثر من ٣.٤ مليون حالة إصابة، وذلك وفقاً لإحصاءات جامعة جونز هوبكنز الأميركية. وهناك اعتقاد سائد بأن الأرقام الفعلية هي أعلى بكثير من الحصيلة الرسمية التي تقدمها دول العالم، وذلك يرجع لعدة أسباب، أبرزها محدودية الاختبارات المحدودة.

- نجاح كوري جنوبي
وقد نجحت بعض الدول، بما في ذلك كوريا الجنوبية، في مكافحة الوباء دون فرض إغلاق اقتصادي شديد، وذلك رغم أن المسؤولين قد قاموا بإغلاق المدارس حتى مايو (أيار) الماضي، كما أغلقوا الأماكن الترفيهية في بعض المدن الرئيسية بشكل مؤقت عندما ارتفع معدل العدوى فيها. وبدلاً من فرض قيود اجتماعية صارمة، تحاول كوريا الجنوبية احتواء تفشي المرض من خلال استخدام الوسائل التكنولوجية لتتبع المخالطين للمصابين وفرض الحجر الصحي عليهم، حيث تراقب تطبيقات التتبع على الهواتف الذكية لعشرات الآلاف من الأشخاص في الحجر الصحي. لكن السلطات الصحية في البلاد قالت إنها باتت تجد صعوبة متزايدة في الأسابيع الأخيرة في تتبع المخالطين ومعرفة أماكن انتشار العدوى، وذلك بسبب خروج الناس بشكل متزايد في الأماكن العامة.

- حالة إنذار قصوى في طوكيو
بلغت مدينة طوكيو حالة الإنذار القصوى إثر ارتفاع عدد الإصابات بفيروس «كورونا» المستجدّ، على ما أفادت الحاكمة يوريكو كويكي أمس (الأربعاء). وأوضحت كويكي خلال اجتماع خُصّص لانتشار وباء «كوفيد - 19»: «قال لنا الخبراء للتو إن وضع الإصابات بلغ المستوى 4 على سلم من أربعة مستويات، ما يعني أن الإصابات تنتشر»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية. وهذا الإنذار «الأحمر» في العاصمة الشاسعة البالغ عدد سكانها 14 مليون نسمة والواقعة ضمن منطقة تضم حوالي 37 مليون نسمة هي الأكثر كثافة سكانية في العالم، لا يعني أن البلدية ستطلب إغلاق متاجر أو إرجاء أحداث.
وأفادت مجموعة من الاختصاصيين، أمس، بأن المدينة تشهد زيادة في عدد الإصابات بين الشباب مع رصد حالات في النوادي الليلية، وكذلك في أماكن العمل وداخل العائلات. وقال أحد الخبراء نوريو أوماغاري: «لا بد لنا من الإقرار بأن ذلك يعني علما أحمر، بأعلى مستوى إذا أخذنا بالاعتبار الأرقام وحدها».
ولم يترافق إعلان حال الطوارئ في اليابان في أبريل (نيسان) ومايو مع فرض حجر منزلي على غرار ما جرى في أوروبا، إذ لا يسمح القانون باستخدام وسائل قسرية لإرغام السكان على لزوم منازلهم.
ورفع رئيس الوزراء شينزو آبي حالة الطوارئ في نهاية مايو، ولا يبدي الآن أي رغبة في إعادة فرضها في ظل ركود اقتصادي يسجل لأول مرة منذ 2015.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.