«لا عودة إلى العزل التام بعد اليوم، هذه هي كلمة السر المتداولة بين المسؤولين عن إدارة أزمة «كوفيد - 19» وتنسيق إجراءات مكافحتها واحتوائها في المفوضية الأوروبية التي تعمل في سباق محموم مع الوقت بعد أن باتت شبه متأكدة من عودة الوباء في موجة ثانية. ويقول مسـؤول رفيع في المفوضية إن بيت القصيد في الاستعداد للموجة الجديدة يكمن في توحيد تدابير الدول الأعضاء، أو في الأقل تنسيقها، منعاً لفرض العزل التام الذي لن تكون الاقتصادات الأوروبية قادرة على تحمّله.
وتنشط المفوضيّة الأوروبية منذ مطلع هذا الشهر في حضّ البلدان على «افتراض الوقت المتاح» لتجهيز مؤسساتها الصحية والمباشرة في وضع وتنفيذ تدابير واضحة من الآن حتى نهاية سبتمبر (أيلول)، منعاً لتكرار السيناريو المأساوي الذي عاشته أوروبا منذ بداية انتشار الوباء حتى الشهر الماضي.
وفي الوثيقة التي تناقشها أجهزة المفوضية تمهيداً لتعميمها على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تشديد على حماية «الفئات الضعيفة» وتعزيز النظم الصحية والقدرة على عزل البؤر الجديدة بسرعة ضمن مناطق حمراء، وتأكيد على ضرورة القيام بحملات تلقيح مبكرة ضد الإنفلونزا الموسمية التي يُخشى إذا تزامنت مع عودة الوباء أن تصيب النظم الصحية الوطنية بالشلل وتدفع نحو جولة جديدة من العزل التام.
وكان لافتاً أن هذا الشاغل لم يغب عن التصريحات التي أدلت بها المستشارة الألمانية مرات عدة في الأيام الأخيرة حيث قالت: «يجب أن نتحاشى عودة (كوفيد - 19) في موجة ثانية أياً كان الثمن». ومن المنتظر أن تقدّم رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين اليوم الأربعاء هذه الوثيقة التي تهدف إلى منع الوباء من العودة إلى الانتشار بالحدّة التي انتشر بها في الأشهر السابقة.
وتذكّر الوثيقة بأن «الفيروس ما زال يتمدّد، ويؤدي انتشاره لظهور بؤر إقليمية يتزايد عددها باضطراد في أوروبا مع ارتفاع كبير في الإصابات على الصعيد العالمي، ولن تكون للجائحة نهاية ما لم يتمّ القضاء عليها في جميع أنحاء العالم». وتضيف: «المعلومات التي أصبحت متوفرة عن الفيروس، رغم أنها ليست كاملة، تدفعنا إلى استخلاص العِبر والاستفادة من دروس الماضي، وعدم التراخي في فترة انحسار الوباء لتعزيز استعداداتنا ووضع برامج وخطط منسّقة لاحتواء البؤر الجديدة».
وتنصّ الوثيقة على عشرات التدابير الفنيّة للوقاية الصحيّة، ووضع نظم سريعة لرصد الإصابات الجديدة والتحرك الفوري لاحتواء البؤر الجديدة وعزلها. وتوصي لهذا الهدف بتعميم الفحوصات على السكّان، وتتبّع المصابين عن طريق التطبيقات الإلكترونية، وتعزيز وحدات العناية الفائقة وزيادة عددها، وتخزين الأدوية ومواد الوقاية الصحية.
كما توصي المفوضية حكومات الدول الأعضاء، عكس ما حصل في مارس (آذار) الماضي، بالتعاضد في الاستجابة لمواجهة الوباء بإرسال طواقم صحيّة ومواد طبية إلى الدول المحتاجة وتوزيع المرضى بين الدول المجاورة. ويقول مصدر مسؤول إن المفوضيّة تعمل منذ فترة على بناء مخزون كبير من الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية لتوزيعه على الدول الأعضاء عند الاقتضاء «لأن البؤر الجديدة لا بد من احتوائها والقضاء عليها بأقصى سرعة منعاً لانتشار الوباء على نطاق واسع».
وتشدّد المفوضية في التوصيات التي ستقدّمها اليوم الأربعاء إلى الدول الأعضاء على حماية الفئات الضعيفة من «مسنّين ومصابين بأمراض مزمنة ومعرّضين بشكل خاص مثل الأطباء والممرّضين والطبقات الضعيفة اقتصادياً والمهاجرين والعمـّال الموسميين». كما توصي الحكومات بالتشديد على المواطنين، عن طريق حملات توعية وإرشادات منتظمة، لعدم التخلّي عن تدابير الوقاية مثل استخدام الكمامات وغسل الأيدي وتحاشي التجمّعات الكبيرة، وتدعوها إلى تفنيد الحملات التضليلية التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتخوّفاً من تزامن الإنفلونزا الموسمية مع موجة ثانية محتملة للوباء توصي المفوضية بتقديم مواقيت حملات التلقيح ضد الإنفلونزا وتوسيعها لتشمل أكبر عدد ممكن من السكّان، وتجهيز المناطق بمعدات التلقيح تحسـّباً لتدابير عزل محلية وتوفير أمكنة خالية من الوباء أو خدمات طبية منزلية. وتقول المفوضية إن كل هذه التدابير حيوية «لأن العزل التام في الأشهر المنصرمة أنقذ عشرات الآلاف من الموت، علما بأن تداعياته الاجتماعية والاقتصادية والنفسانية كانت وخيمة».
وتنشط المفوضية الأوروبية أيضاً لمنع انهيار جديد لمنطقة «شنغين» وتدعو الحكومات إلى «تحاشي العودة إلى القيود غير الفعّالة على الحدود الداخلية للاتحاد»، وتشدّد على أن أي وقف لتنقّل الأشخاص أو السلع يجب أن يتمّ بالتنسيق بين الدول الأعضاء وفقط لحالات الضرورة القصوى ولفترة محدودة.
الاتحاد الأوروبي يسابق الوقت استعداداً للموجة الثانية
الاتحاد الأوروبي يسابق الوقت استعداداً للموجة الثانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة