تصاعد «حرب اغتيالات» في جنوب سوريا

ياسر الدنيفات (ابو بكر) احد الذين اغتيلوا في درعا (الشرق الاوسط)
ياسر الدنيفات (ابو بكر) احد الذين اغتيلوا في درعا (الشرق الاوسط)
TT

تصاعد «حرب اغتيالات» في جنوب سوريا

ياسر الدنيفات (ابو بكر) احد الذين اغتيلوا في درعا (الشرق الاوسط)
ياسر الدنيفات (ابو بكر) احد الذين اغتيلوا في درعا (الشرق الاوسط)

عادت «حرب الاغتيالات» إلى مناطق جنوب سوريا الخاضعة لاتفاق التسوية منذ عام 2018، إذ حصلت أكثر من 10 حالات اغتيال خلال الشهرين الجاري والماضي. ودخلت عمليات الخطف إلى مشهد الفلتان الأمني بين دمشق وحدود الأردن.
وبحسب إحصائية لـ«تجمع أحرار حوران»، فإن 415 عملية ومحاولة اغتيال وقعت جنوب سوريا منذ سريان اتفاق التسوية، منها 277 حالة بحق مدنيين، و133 عملية استهدفت قادة وعناصر سابقين في المعارضة انضموا لتشكيلات تابعة للنظام، و48 حالة بحق قادة وعناصر معارضة سابقين لم ينخرطوا في تشكيلات تابعة للنظام، و7 عمليات استهدفت عناصر سابقة في تنظيم «داعش».
وكانت آخر عمليات الاغتيال التي وقعت جنوب سوريا في محافظة درعا بحق أحد أعضاء اللجنة المركزية للتفاوض مع الجانب الروسي، حيث شيع العديد من أبناء ريف درعا الشمالي والغربي، أحد أعضاء اللجان المركزية للتفاوض مع الجانب الروسي ياسر الدنيفات الملقب بأبو بكر الحسن بعد أن قضى متأثراً بجراحه، إثر استهداف مجهولين له مساء الأحد، في مدينة جاسم شمال درعا. وكان أبو بكر الحسن يشغل منصب المتحدث باسم «جيش الثورة» أحد أكبر الفصائل المعارضة سابقاً العاملة جنوب سوريا، ثم أصبح بعد دخول النظام السوري إلى الجنوب أحد أعضاء اللجان المركزية للتفاوض، وفاوض الجانب الروسي كوكيل عن أهالي منطقة الجيدور التي تضم عدة مدن وبلدات في الريف الشمالي والشمالي الغربي من درعا.
وقالت مصادر محلية إن الدنيفات تعرض لمحاولة اغتيال سابقة، في العام الماضي 2019، حيث حاول مجهولون تفجير سيارة كان يستقلها أثناء مروره على طريق جاسم - عين التينة بريف درعا الشمالي، إلا أنّه نجا منها، وكان يوم الأحد الماضي برفقة ابن عمه عدنان يوسف الدنيفات في مدينة جاسم حيث يقطن، وقام مجهولون باستهدافهم بالرصاص المباشر، حيث قتل ابن عمه ونقل أبو بكر إلى مستشفى الصنمين العسكري، إلا أنه أمضى ساعات وتوفي متأثراً بجراحه البالغة في الصدر والرأس. وشارك الدنيفات في مفاوضات مع الجانب الروسي لإجراء اتفاق التسوية في مناطق شمال درعا، كما حضر عدة اجتماعات برفقة اللجان المركزية في دمشق مع ضباط وقياديين في النظام السوري.
كما استهدف مجهولون محمد الرفاعي بالرصاص المباشر، مساء الاثنين 13 يوليو (تموز) في بلدة أم ولد شرق درعا، ما أسفر عن مقتله. وهو منشق عن جيش النظام السوري، وكان أحد عناصر الفصائل المعارضة جنوب سوريا قبل سيطرة النظام على المنطقة.
وسبق حادثة اغتيال ياسر الدنيفات أحد أعضاء لجنة التفاوض في درعا، حالتا اغتيال؛ وقعت الأولى قبل ساعات من اغتيال الدنيفات في مدينة طفس بريف درعا الغربي، حيث قام مجهولون بقتل «نورس حريذين» بإطلاق النار عليه أثناء وجوده في مكان عمله كحداد، وقالت مصادر محلية إن الحريدين هو أحد عناصر تنظيم «داعش» سابقاً، وعاد إلى مدينة طفس بعد اعتقاله من قبل قوات النظام عقب اتفاق التسوية وانتهاء وجود التنظيم بريف درعا الغربي.
وكانت الحادثة الثانية مقتل أحد عناصر «حزب الله» العاملين في جنوب بعد يوم من اختطافه، حيث عثر أهالي بلدة اليادودة بريف درعا الغربي على جثة الشاب ربيع فرج أبو عريمش، يوم السبت الماضي، ونقلت جثته إلى مشفى طفس، ثم بعد التعرف على هويته نقل إلى مشفى درعا الوطني. وينحدر أبو عريمش من قرية البطيحة في الجولان المحتل، ويقيم في مخيم بلدة اليادودة بريف درعا.
كما تعرض حاجز لعناصر التسوية الذين انضموا للأمن العسكري، قرب مشفى درعا الوطني بين حي درعا المحطة ودرعا البلد، للاستهداف فجر يوم الاثنين 12 يوليو (تموز)، بعبوة ناسفة، عقبها إطلاق نار كثيف في المنطقة، دون أنباء عن وقوع أضرار وإصابات بشرية بين عناصر الحاجز.
وتصاعدت «حرب الاغتيالات» في مناطق جنوب سوريا الخاضعة لاتفاق تسوية بين فصائل معارضة وروسيا منذ يوليو العام الماضي، وكان معظم ضحايا عمليات الاغتيال السابقة قادة من فصائل المصالحات أو ضباطاً وعناصر للنظام أو شخصيات مروجة للميليشيات الإيرانية، حسبما قاله ناشطون في جنوب سوريا.
كما انتشرت عصابات خطف الأطفال والسطو المسلح بشكل لافت في مطلع العام الحالي 2020 في درعا خاصة، وارتفعت نسبتها بشكل غير مسبوق الشهرين الماضيين مع الانفلات الأمني، حيث كشفت إحصائيات وثقها ناشطون أن معدل عمليات خطف الأطفال في محافظة درعا جنوب سوريا وصل إلى 10 حالات خطف، و8 محاولات باءت بالفشل في أرياف المحافظة ومركزها، وقع أغلبها في وضح النهار.
وبحسب ناشطين، تستهدف تلك العصابات الأطفال لأسباب عدة؛ أبرزها المتاجرة بالأعضاء البشرية، وابتزاز ذوي الطفل للحصول على فدية مالية، وأعمال الثأر، وقبصت القوات الحكومية السورية على إحدى تلك العصابات في بلدة ابطع بريف درعا الشمالي الغربي مؤلفة من رجلين وامرأة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».