انتقادات أوروبية لمحدودية القرار الدولي حول المساعدات الإنسانية

السلطات الألمانية تعتقل اثنين مشتبه بتورطهما في جرائم حرب بسوريا

TT

انتقادات أوروبية لمحدودية القرار الدولي حول المساعدات الإنسانية

انتقد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، نوربرت روتغن، الاتفاق على مساعدات محدودة لسوريا في مجلس الأمن.
وتحدث السياسي المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي في تصريحات لصحيفة «فيلت» الألمانية عن «فشل الغرب على كافة الأصعدة»، وقال: «هذا الفشل يتمثل في انسحاب الولايات المتحدة، وما تبعه من فراغ تملأه روسيا بسرور، ويتمثل في الغياب التام لإرادة الأوروبيين في تمثيل مصالحهم في المنطقة... سيبحث النازحون عبر تركيا عن الحماية لدينا».
وكان أعضاء مجلس الأمن الدولي قد اتفقوا بعد مناقشات حادة ومطولة مساء السبت على الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية إلى ملايين السوريين، بصورة محدودة.
وأجري التصويت بالمجلس مساء السبت على مقترح لقرار ألماني - بلجيكي ينص على فتح معبر واحد فقط على الحدود بين تركيا وشمال سوريا، لمدة اثني عشر شهراً لمرور المساعدات، وحاز المقترح على أغلبية الأصوات.
ويتوافق القرار بالصورة التي صدر بها مع مطالب روسيا الحليفة الأهم للحكومة السورية؛ حيث كانت مقترحات عدة من الجانب الألماني طرحت بفتح معبرين، إلا أن روسيا والصين أحبطتا هذا الاقتراح باستخدام قرار حق النقض (فيتو) ضد مشروع القرار.
وكان الاتحاد الأوروبي، الأحد، قد أعرب عن «قلقه العميق» حيال خطوة الأمم المتحدة إغلاق إحدى نقطتي العبور المخصصة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ومفوض إدارة الأزمات يانيز لينارسيتش، إن الترخيص لمعبر واحد قد يعوق إيصال المساعدات الإنسانية. وأضافا في بيان مشترك: «ما يثير القلق العميق أن القرار الذي تم تبنيه بعد استخدام متكرر لحق النقض من قبل روسيا والصين، يسمح بنقطة عبور واحدة فقط من نقطتي العبور اللتين كانتا متاحتين سابقاً للأمم المتحدة». واعتبرا أن «المقاربة غير البناءة لبعض الأعضاء في مجلس الأمن الدولي أمر مؤسف للغاية، في وقت لم تكن فيه الحاجات أكبر من الآن مع تفشي فيروس (كورونا)».
وانتهى مفعول آلية إدخال المساعدات إلى سوريا منذ 2014 مساء الجمعة، بعدما استخدمت موسكو وبكين حق النقض (الفيتو) وأعقب ذلك رفض المجلس اقتراحاً لموسكو.
ومع الموافقة على المشروع الألماني والبلجيكي السبت، تم إبقاء معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا في شمال غربي سوريا لإدخال المساعدات لمدة عام، حتى 10 يوليو (تموز) 2021.
على صعيد آخر، ألقت السلطات الألمانية القبض على سوريين اثنين للاشتباه في مشاركتهما في إعدام قائد عسكري تابع للقوات الحكومية عام 2012.
وأعلن الادعاء العام الألماني في كارلسروه، الاثنين، أن هناك اشتباهاً ملحاً في ارتكاب الرجلين جريمة حرب.
وبحسب البيانات، تم القبض على المتهمين صباح أمس في مدينتي ناومبرغ وإيسن، وتم تفتيش منزليهما هناك.
وقُتل القائد العسكري في 10 يوليو عام 2012 في سوريا. ووفقاً لبيانات الادعاء العام، كان يتولى أحد المتهمين مراقبة الأسير الذي تم تكبيله وإساءة معاملته بشدة، خلال التوجه إلى موقع تنفيذ الإعدام، بينما قام المتهم الثاني بتصوير الإعدام رمياً بالرصاص بغرض الترويج على الإنترنت، وعلق عليه على نحو تمجيدي.
وبحسب المحققين، هناك صلة بين المتهمين و«جبهة النصرة» الإرهابية؛ حيث ينتمي أحدهما للتنظيم، بينما يقدم الآخر الدعم له.
تجدر الإشارة إلى أن «جبهة النصرة» هي الفرع السوري لتنظيم «القاعدة»، وغيَّر التنظيم اسمه بعد ذلك إلى «فتح الشام».
وعُرض المتهمان أمس أمام قاضي التحقيقات، لتقرير ما إذا كان سيُجرى إيداعهما السجن الاحتياطي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».