سلوكيات «التحوط الشخصي العنيف» تهدد تعافي الاقتصاد العالمي

مع تهديد الوظائف ومصادر الدخل

ولدت أزمة «كورونا» حالة من عدم الأمان المالي لدى كثيرين خوفاً من فقدان وظائفهم أو مصادر دخلهم (رويترز)
ولدت أزمة «كورونا» حالة من عدم الأمان المالي لدى كثيرين خوفاً من فقدان وظائفهم أو مصادر دخلهم (رويترز)
TT

سلوكيات «التحوط الشخصي العنيف» تهدد تعافي الاقتصاد العالمي

ولدت أزمة «كورونا» حالة من عدم الأمان المالي لدى كثيرين خوفاً من فقدان وظائفهم أو مصادر دخلهم (رويترز)
ولدت أزمة «كورونا» حالة من عدم الأمان المالي لدى كثيرين خوفاً من فقدان وظائفهم أو مصادر دخلهم (رويترز)

كشفت دراسة أجريت حديثاً عن أن أزمة تفشي جائحة «كورونا» ولدت حالة من عدم الأمان المالي لدى كثيرين خوفاً من فقدان وظائفهم أو مصادر دخلهم تحت ضغط التداعيات الاقتصادية السلبية لعمليات الإغلاق، وهو ما ترتب عليه زيادة الميل نحو الادخار، وتراجع حاد في نسب الإنفاق الاستهلاكي، أو ما يعرف باسم «سلوكيات التحوط الشخصي في زمن الأزمات»، بما يهدد مسيرة تعافي الاقتصاد العالمي.
وأظهرت الدراسة؛ التي أجرتها شركة «يو غوف» البريطانية المختصة في أبحاث السوق، ونشرتها وكالة «بلومبرغ» الأميركية، أن قطاع المستهلكين في نحو 26 دولة شملتهم الدراسة، لديه شعور بأن مصادر دخله باتت مهددة بفعل الفيروس الذي تسبب في تغيير كل شيء، منذ بدء تفشيه في مارس (آذار) الماضي، بما يحتم عليه توخي الحذر كثيراً في أوجه الإنفاق أو استثمار أمواله.
وأوضحت نتائج الدراسة أن الخوف من خسارة الوظائف هو الشغل الشاغل لكثيرين، حيث كشفت نسبة بلغت 30 في المائة من المشاركين بالدراسة عن أنهم يشعرون بأنهم أقل أماناً فيما يتعلق بالحفاظ على وظائفهم مقارنة بالشهر الماضي، فيما أجاب نصف المشاركين بأنهم يحجمون عن الإنفاق على الأشياء التي لا تعد ضرورة قصوى بالنسبة لهم.
ولفتت الدراسة إلى أن المخاوف المتعلقة بعدم الأمان الوظيفي تنبع من الخسائر الفادحة التي مني بها قطاع التوظيف العالمي خلال الربع الثاني تزامناً مع عمليات الإغلاق والعزل لمكافحة انتشار فيروس «كورونا»، حيث تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن حجم الضرر الواقع على سوق العمل جراء قيود الفيروس يضاهى في آثاره خسارة 400 مليون وظيفة بأجر كامل.
وأوضحت أن تلك المخاوف تظل مستمرة حتى مع توجه دول العالم إلى استئناف نشاطها الاقتصادي، بسبب استمرار تسجيل إصابات جديدة بالفيروس وعدم توافر عقار حتى الآن لمعالجة مرضاه.
وفي الولايات المتحدة، التي لا تزال تختبر زيادة كبيرة في معدل الإصابات الجديدة بفيروس «كورونا»، يشعر 23 في المائة من المشاركين في الدراسة بأن أمنهم الوظيفي معرض للخطر مقارنة بالأسبوعين الماضيين؛ إذ بلغت النسبة 18 في المائة فقط.
وحذرت الدراسة من أن حالة عدم الأمان المالي المصاحبة لأزمة تفشي «كورونا» وميل المواطنين إلى الادخار والإحجام عن النشاط الاستهلاكي، تشير إلى أن بوادر التعافي في بعض القطاعات التي كانت سبباً في تفاؤل المستثمرين بشأن حدوث تعافٍ اقتصادي، ليست سوى مرحلة مبكرة من عملية تستغرق وقتاً طويلاً كي تعود مستويات الإنفاق إلى ما قبل الجائحة أو قبل أن نرى إقبال المواطنين على الشراء وارتياد المطاعم والمراكز التجارية والقيام برحلات طيران.
يذكر أن الدراسة التي أعدتها شركة «يو غوف» شملت 27 ألفاً و681 شخص من 26 دولة حول العالم في الفترة ما بين 22 و30 يونيو (حزيران) الماضي.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.