زينة القش... مريم تحفظ إرث «الزمن الجميل»

أتقنت صناعتها قبل حوالي 50 عاماً

أم يوسف تتفقد قطعاً صنعتها من القش
أم يوسف تتفقد قطعاً صنعتها من القش
TT

زينة القش... مريم تحفظ إرث «الزمن الجميل»

أم يوسف تتفقد قطعاً صنعتها من القش
أم يوسف تتفقد قطعاً صنعتها من القش

لم تعد المُسنة الفلسطينية مريم محمود، تخشى كثيراً فكرة «الموت»، بعد أن تمكنت خلال السنوات الخمسين الماضية، من أداء رسالتها «الوطنية» في حفظ التراث، عقب تدريبها لمئات الفتيات والنساء الفلسطينيات، على طرق تحويل «القش» لقطع وتحف جميلة، تستعمل كزينة في البيوت والأعراس.
ترى المُسنة التي تقطن بلدة جماعين، قضاء نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، أنّها صانت «المهنة» التي أخذتها عن أمها وجدتها قبل نحو 50 عاماً. فمنذ ذلك الوقت، لم يمر عليها يوم من دون أن تكون مشغولة في صناعة «القش»، أو بتدريب النسوة، التي كانت تطوف لأجلهن، محافظات الضفة كاملة.
«صناعة أطباق وقطع القش، هي من الحرف اليدوية القديمة، التي تستعمل فيها عيدان القمح والزيتون»، تقول المُسنة المُكناة بـ«أم يوسف»، في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»، موضحة أنّ النساء الفلسطينيات، يُعتبرن على مدار التاريخ من الرائدات في تلك المهنة، «وهي ترتبط بالحياة الفلاحية والأرض، بشكل كبير».
وتحكي أنّ المهنة تحتاج لجهد كبير ومتابعة على مدار أيام العام، فعلى صعيدها الشخصي، «لا تستخدم سوى القش الناتج عن محصول القمح الذي تزرعه بنفسها في أرضها»، مبيّنة أنّ أصل المهنة يكمن في يدويتها وأصالتها، ولذلك فإنّ المتقنين لها قلة.
وبدأت أم يوسف التي تبلغ من العمر (70 عاماً) العمل في هذه المهنة، منذ أن كانت بعمر الـ20 سنة، وبعد ذلك تحولت لمصدر دخل لها ولأسرتها، التي كانت تتكون من 9 أفراد، قبل قتل الجيش الإسرائيلي لزوجها وابنها فوق تراب أرضهم، دون وجه حق، كما تردف.
وتسرد أنّها تدرجت في المهنة بمراحلها المختلفة، وخلال فترة معنية، اتجهت لتنظيم دورات تدريبية حول صناعة القش، شارحة أنّها كلما تقدمت في العمر، كلما أحست بازدياد المسؤولية الواقعة على عاتقها تجاهها، وأيضاً ينمو حافزها تجاه العمل بصورة أكبر.
ويساعد الجدّة، في عملها أبناؤها وأحفادها، حيث ينطلقون معها في مواسم الحصاد نحو الأرض، لجمع القش ونقله للبيت، ويوضع في الأحواض المليئة بالمياه لـ«تقشيشه»، وبعدها يُجفّف في الشمس لفترة طويلة، لتزيد صلابته ولمعانه، وبعد ذلك تعمل أم يوسف، على «تلوين القش»، بألوانٍ مختلفة، منها الأزرق والأصفر والأحمر وغيرها.
وعن سبب «التلوين»، تعقب السبعينية: «قديماً، كنتُ أستعمل القش، بلونه الطبيعي، لكن مع تطور الحياة، ودخول التحف وقطع الأنتيكا الملونة للمنازل، كان لازماً عليّ، ملاحقة (موضة) العصر، فلجأت للتلوين، لأنّ ذلك يعطي القطع روحاً جميلة وشكلاً أكثر لطافة، يستهوي معظم أذواق الكبار والصغار».
وتسير عملية «صبغ القش»، من خلال الأحواض المغمورة باللون المطلوب بحالته السائلة، وبعد ذلك يتم «تغطيس» القش بها، ويترك فترة جيدة ليأخذ اللون فيه، كما تشير، مبيّنة أنّها تعمل بعد تأكدها من تمام العملية، على نقل القش، لمكان جاف يدخله الهواء والشمس، وهناك يترك لمدّة زمنية، تكفي لإعادة تجفيفه مرة أخرى.
تحتاج القطعة الواحدة من الجدّة، أربعة أيام عمل، حيث تخصص في اليوم الواحد لها، نحو عشر ساعات، وتروي: «عملية نسج القش، تحتاج لدقة شديدة، وطولة بال عالية، لأنّ أي خطأ، سيتطلب فك كل ما تم تجمعيه، وإعادته من جديد لتصحيح الخطأ».
«الصواني الملونة، وعلب الحلوى، والساعات التراثية، وعصا الرقص، وحوامل الحنا وزينة الأفراح، وكثير من أدوات المنزل والعرس الأخرى»، هذه كلها قطع تصنعها أم يوسف، وتعمل بين الفترة والأخرى، على استحداث أشكال جديدة لها، وتضيف عليها بصماتها الخاصّة كي تزيد من إقبال الناس عليها.
ولدى الجدّة، صفحة على منصة «الفيس بوك»، تحمل اسم «مشغولات تراثية - أم يوسف»، وتديرها بنفسها، وتعمل من خلالها على تسويق ونشر صور أعمالها للمتابعين، الذين يتفاعلون معها بصورة جميلة، وتلفت إلى أنّ أسعار القطع، مناسبة لوضع الناس في فلسطين.
وعبر السنوات الطويلة، سافرت العديد من القطع، التي أنتجتها يدا أم يوسف، إلى كثير من البلدان العربية والأوربية، حيث تصلها بشكل دائم رسائل من فلسطيني الخارج، يطلبون فيها الأدوات المصنوعة من القش، وذلك لما لها من قدرة على تذكيرهم بالبلاد والماضي، وتنوه إلى أنّها شاركت على مدار السنوات في الكثير من المعارض المحلية، التي تهتم بالتراث، وتُحيي المناسبات الوطنية.
بصوتٍ متحشرج أخفت خلفه دموعاً كثيرة، قالت الجدّة: «هذه المهنة، هي تراثنا وتاريخنا، هي إرث أمي وجدتي، كيف يمكن لي أن أتركها؟»، في إجابة منها عن سؤال «متى ممكن أن تتوقفي عن صناعة الأدوات بالقش»، وأضافت: «ارتباطي بالقش، هو ارتباط بالوطن وبذكريات البلاد القديمة، وبالأيام الخالية الجميلة».



البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
TT

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

أعلنت «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» انتهاء المرحلة الأولى من عملية التحكيم للقائمة الطويلة التي شارك فيها 1967 مشاركاً من 49 دولة حول العالم، وبدء المرحلة الثانية للجائزة لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر (كانون الأول) قبل إعلان الفائزين في فبراير (شباط) المقبل.

وأكد الدكتور سعد البازعي، رئيس الجائزة خلال مؤتمر صحافي عقده الاثنين في الرياض، أن أرقام المشاركات التي تلقتها اللجنة مبشّرة وتعطي سمة عالمية من حيث عدد الدول التي جاءت منها المشاركات، مبيناً أن «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» تربط بين الرواية والسينما، وهو أمر لم نعتد على رؤيته من قبل، على حد تعبيره.

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

وكانت هيئة الترفيه السعودية أطلقت في سبتمبر (أيلول) الماضي «جائزة القلم الذهبي» للأدب الأكثر تأثيراً»، التي تركز على الأعمال الروائية الأكثر قابلية للتّحويل أعمالاً سينمائية، بمجموع جوائز يصل لـ740 ألف دولار، وإنتاجات سينمائية لعدد من الأعمال الفائزة.

وعدّ المستشار تركي آل الشيخ، حينها، الجائزة فرصة لظهور جيل جديد من الكتاب باللغة العربية، والمساهمة في الوصول إلى بنك متكامل من الروايات والمحتوى العربي، الذي يتواكب مع الإنتاجات السعودية والعربية الضّخمة.

وأوضح البازعي في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بأن الجائزة قد تدعم مستقبلاً ترجمة أعمال عربية إلى لغات أخرى، دعماً للأدب العربي، وقال: «إذا كان هناك حضور للأدب العربي عالمياً لا يمكن أن يكون إلا من خلال الترجمة، وتحويله عملاً سينمائياً وترجمته، الأعمال السينمائية والروائية التي حققت قدراً من العالمية كانت مترجمة، نحن في حاجة إلى دعم الأدب العربي بالتأكيد، وأعتقد أن الترجمة مهمة ويُحمَد للجائزة أنها تدعم الترجمة، وربما في المستقبل ندعم ترجمة الأعمال العربية إلى لغات أخرى، هذا قد يكون من التطورات المطلوبة التي أتمنى أن تحصل».

المستشار تركي آل الشيخ يتحدث خلال المؤتمر الصحافي للجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)

انتهاء المرحلة الأولى

استهل الدكتور سعد حديثه بإعطاء لمحة عن مراحل الجائزة الأساسية التي بدأت في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأضاف: «الجائزة أنهت المرحلة الأولى من التحكيم التي انتهت من القائمة الطويلة كما هو معلن، وبدأت المرحلة الثانية والعمل على القائمة الطويلة للخروج بالقائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر، ومن ثم إعلان الفائزين في فبراير المقبل».

انتهت المرحلة الأولى للتحكيم على أن تبدأ مرحلة اختيار القائمة القصيرة قبل إعلان الفائزين فبراير المقبل (جائزة القلم الذهبي)

جائزة متفردة

ذكر رئيس جائزة القلم الذهبي مزايا عدة للجائزة تجعل منها متفردة وتصل للعالمية، من أبرزها التأكيد على الشفافية، وتوخي الحياد في التحكيم، إلى جانب السماح للأفراد بالمشاركة، ودعم العلاقة بين الرواية والسينما.

وفنَّد ذلك بقوله: «الأعمال تُرسَل رقمياً لكل المحكمين ولا يعرفون مَن هو مؤلف العمل، كذلك من المسائل التي اختلفت بها الجائزة عن غيرها أنها تسمح للأفراد بتقديم أعمالهم، والأكثر تفرداً للجائزة أنها تدعم العلاقة بين الرواية والسينما، حيث تكافئ الأعمال الكبرى بأربع جوائز تحولها أفلاماً سينمائية، اثنتان رواية واثنتان سيناريو».

د. سعد البازعي رئيس الجائزة يستعرض تفاصيلها خلال إطلاق الجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)

وعدّ البازعي قيمة الجائزة الكبيرة المقدرة بـ740 ألف دولار بأنه ليس الرقم النهائي، حيث يتطلب تحويل الأعمال الفائزة أفلاماً سينمائية إلى ملايين، وقال: «الهيئة العامة للترفية التزمت بتحويل هذه الأعمال أفلاماً سينمائية، بما في ذلك من تكلفة إضافية ستجعل من الجائزة الأعلى من نوعها بالمطلق». وتابع: «نحن أمام تكريم نوعين بينهما علاقة وثيقة لم نعتد رؤية جائزة تربط بينهما الرواية والسينما، وهذا فيه خدمة كبيرة لصناعة السينما السعودية، التي ظل صناعها يشتكون من قلة النصوص لسنوات طويلة، الآن نتمنى أن تتوفر لأن من شروط قبول الرواية أن تكون صالحة لتحويلها فيلماً».

1969 مشاركة من 49 دولة

الأرقام التي وصلت للجائزة - بحسب الدكتور سعد البازعي - بلغت 1967 مشاركة من 49 دولة، يضيف بقوله: «هذه سمة عالمية للجائزة، نحن أمام جائزة عالمية بمعنى الكلمة، هناك مشاركات من أميركا، أستراليا، الأردن، السعودية وغيرها». تصنيفات الجائزة تشير إلى أن عدد المشاركين الذكور بلغ 69.7 في المائة، في حين حظيت مشاركة الإناث بنحو 30 في المائة، وشاركت 1347 رواية أصلية، 508 روايات مترجمة، إلى جانب 93 عمل سيناريو. وأشار البازعي كذلك إلى أن هنالك جوائز أخرى لم تفز بالجوائز الكبرى، لكنها تفوز بالتصنيف، مثل الكوميديا، الرعب، التشويق، الروايات التاريخية، الرومانسية، الغموض والجريمة، التشويق والإثارة، الفنتازيا، والواقعية.

القائمة الطويلة

أوضح رئيس لجنة القلم الذهبي أن اللجان فرزت نحو 2000 عمل للقائمة الطويلة، حيث تم اختيار 30 رواية، 7 روايات مترجمة، 10 أعمال سيناريو، بالإجمالي 47 عملاً. وأضاف: «معظم النصوص التي أُرسِلت لا علاقة لها بالسرد أو الرواية، وكان على اللجنة الاحتفاظ بالأعمال الجديرة، وأن يكون لها ترقيم دولي، وحقوق نشر، وإذا كانت مترجمة فحقوق ترجمة، كذلك كان على اللجنة مواجهة احتمالات التلاعب، سواء إدخال عمل لا يستحق أو الرقم الدولي غير صحيح، وعملية التأكد هذه أخذت وقتاً وجهداً».

القائمة الطويلة شملت 47 عملاً بين رواية ورواية مترجمة وسيناريو (جائزة القلم الذهبي)

القائمة القصيرة

سيتعين على لجنة التحكيم خلال الفترة المقبلة العمل على تحديد القائمة القصيرة من الأعمال التي تم اختيارها وعدد 47 عملاً، وفقاً للدكتور البازعي، الذي أوضح أن العدد لم يحدد بعد، ويعتمد ذلك على متغيرات كثيرة، منها عدد الأعمال الجيدة التي سيتم اختيارها، على حد تعبيره. وقال: «لو كان عدد الأعمال الجيدة 20 عملاً مثلاً، سنرفع عدد القائمة وتصبح قائمة طويلة، هناك مرونة». وتضم لجنة تحكيم «جائزة القلم الذهبي» روائيين ونقاداً ومخرجين وكتاب سينما، إلى جانب منتجين؛ وهو ما يجعلها قادرة على التعامل مع مختلف الأعمال المشاركة بشكل احترافي وشفاف، وفقاً للدكتور سعد البازعي. وفي رده على سؤال بشأن أبرز التحديات التي واجهت اللجان، أشار البازعي إلى أن ورود أعمال لا علاقة لها بالجائزة، وحدوث ازدواجية بين دور النشر والكتاب عبر إرسال العمل مرتين كانت من أبرز الصعوبات.

جائزة رقمية

وأكد الدكتور سعد البازعي أن «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» تعدّ رقمية وغير ورقية، وهي الفكرة التي ابتكرها المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، وقال: «الأعمال تصل بنسخة (PDF)، وتصنف بأرقام دون ذكر اسم المؤلف ويقرأها أكثر من شخص، وفي النهاية يظهر من حصل على أكبر عدد من الترشيحات».

لأول مرة تتيح «جائزة القلم الذهبي» مشاركة الأفراد بأعمال أدبية (جائزة القلم الذهبي)

دعم صناعة السينما السعودية

ومن المتوقع أن يكون لـ«جائزة القلم الذهبي» تأثير إيجابي على المشهد الثقافي السعودي، لا سيما صناعة السينما، وفقاً للبازعي الذي أردف بقوله: «هذه الجائزة سيكون لها تأثير نوعي؛ لأنها تدعم الأدب الروائي، والأدب السينمائي، تدعم صناعة السينما، تأثيرها سيكون كبيراً، إذا أنتجت محلياً 4 أفلام رئيسة من روايات عربية معروفة هذا إنجاز كبير، الجوائز بصفة عامة تشجع الإنتاج وتحفّز الآخرين عليه».

وفي الختام، كشف الدكتور سعد، عن أن هنالك جائزةً ستكون مخصصة للجمهور ضمن القائمة الطويلة، حيث سيُفتح المجال للجمهور للتصويت، مشيراً إلى أن ذلك «فرصة للجمهور لكي يقول رأيه وجائزة مرصودة لعمل يفوز نتيجة التصويت الجمهور».

اقرأ أيضاً