إغاثة السوريين وثأر روسيا من «الخديعة الليبية»

إغاثة السوريين وثأر روسيا من «الخديعة الليبية»
TT

إغاثة السوريين وثأر روسيا من «الخديعة الليبية»

إغاثة السوريين وثأر روسيا من «الخديعة الليبية»

عندما وافقت روسيا على تمرير القرار 2165 في يوليو (تموز) 2014، الذي سمح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا «عبر الحدود»، من دون موافقة دمشق، حصلت على ضمانات بعدم تكرار «الخديعة الليبية»، عندما صدر القرار 1973 الصادر في مارس (آذار) 2011 بفرض حظر طيران، والسماح بـ«استخدام الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين»، ثم استخدم غطاء لتدخل عسكري من دول غربية لفرض التغيير في ليبيا.
الآن، بعد 6 سنوات، تستغل موسكو تغيير وقائع الأرض في سوريا، بينها الحضور العسكري السوري المباشر فيها، وفي الشرق الأوسط، بما فيها ليبيا والعالم، كي تدفع أميركا وحلفاءها لتقديم تنازلات إضافية، قبل الموافقة على تمديد قصير للقرار الدولي الخاص بـ«إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود» السورية.
بين منتصف 2014 ونهاية 2019، كان التمديد للقرار 2165، يتم بطريقة شبه روتينية عبر امتناع روسيا والصين عن التصويت على مسودة قرار عربية - أوروبية تقدم إلى مجلس الأمن، لاستمرار تقديم المساعدات عبر أربع نقاط حدود: واحدة مع كل من العراق والأردن، واثنتان مع تركيا. التنازل الغربي الأول، حصل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما استخدمت روسيا حق النقض (فيتو) رقم 14 حول الملف السوري، ضد مشروع القرار لاستمرار العمل بأربع نقاط، مطالبة بالاكتفاء ببوابتين مع تركيا على أساس أن قوات الحكومة السورية عادت إلى الجنوب السوري، وموجودة شرق الفرات، و«لم تعد هناك ضرورة لمنفذين حدوديين مع العراق والأردن». سياسياً، كانت موسكو تضغط على الدول الغربية ومؤسسات الأمم المتحدة للتعامل مع دمشق، والالتفاف على جهود واشنطن بمنع «التطبيع» مع العاصمة السورية. بالفعل، أعيد صوغ مسودة القرار بعد موافقة الدول الغربية على بوابتين، بل إنها وافقت أيضاً على خفض مدة التفويض الأممي من سنة إلى ستة أشهر. وتبنى مجلس الأمن القرار الدولي الجديد في يناير (كانون الثاني) الماضي، لإغاثة شمال غربي سوريا، حيث يوجد حوالي أربعة ملايين شخص.
وظهرت ملامح التنازل الثاني مع اقتراب انتهاء مدة الستة أشهر. إذ رفعت دول غربية سقف موقفها، وعادت واشنطن للحديث عن فتح بوابة اليعربية بين العراق وشرق الفرات. وقدمت «منظمة الصحة العالمية» في أبريل (نيسان) طلباً إلى الأمم المتحدة لفتح هذا المعبر في شكل عاجل، في إطار مكافحة وباء «كورونا»، الأمر الذي دعمته دول غربية. وفي يونيو (حزيران) طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقرير إلى مجلس الأمن، «تمديداً للتفويض بإيصال الإغاثة عن طريق معبري باب السلام وباب الهوى على حدود تركيا لمدة 12 شهراً إضافياً»، باعتبار أن المساعدات هي «خشبة خلاص لملايين المدنيين الذين يتعذّر على الأمم المتحدة الوصول إليهم بطرق أخرى». ودعم غوتيريش أيضاً فتح اليعربية، باعتبار أنه منذ إغلاقه «بات متعذراً إيصال المساعدات إلى غالبية المنشآت الطبية» في شمال شرقي سوريا.
لكن ذلك لم يحصل. «منظمة الصحة» حذفت الطلب من مسودة مذكرتها. روسيا رفضت. وبلغت بغداد قادة «مجلس سوريا الديمقراطية» برفض فتح اليعربية ما لم توافق الحكومة السورية على ذلك.
الآن، تدفع موسكو في مجلس الأمن، للحصول على تنازلين: الأول، إلغاء معبر باب السلامة الذي يؤدي من حدود تركيا إلى محافظة حلب. الثاني، أن يقوم غوتيريش بتقديم تقرير شهري إلى مجلس الأمن عن آثار العقوبات الاقتصادية الغربية على الوضع الإنساني في سوريا، الأمر الذي اعتبر رداً على قرار الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات لمدة سنة، بدءاً من يونيو، وبدء واشنطن بتطبيق «قانون قيصر» بدءاً من منتصف يونيو.
دعمت روسيا تشددها بأنها استخدمت خلال أسبوع واحد «الفيتو» مرتين، ليصل إلى 16 عدد المرات التي استخدمته حول سوريا منذ 2011، ضد مشروع قرار بتمديد القرار الدولي لمدة ستة، ولمعبرين مع تركيا. وردت الدول الغربية باستخدام «الفيتو» ضد مشروع روسي تضمن التمديد لمعبر واحد لمدة ستة أشهر. وقالت دول غربية إن إرسال المساعدات «خط أحمر».
وخلال المكاسرة الغربية - الروسية في نيويورك، انتهت صلاحية القرار الدولي، الجمعة، وزاد القلق في إدلب التي سجلت فيها حالات إصابة بـ«كورونا». والآن بدأت مرحلة جديدة من التفاوض، قد تكون التسوية فيها، بأن توافق الدول الغربية على تقديم غوتيريش تقريراً كل 60 يوما عن «الوضع الاقتصادي الاجتماعي» في سوريا، مع وجوب ذكر تنفيذ القرار 2254، والاكتفاء بمعبر واحدة هو باب الهوى، مع إعطاء «مرحلة انتقالية» بتشغيل باب السلامة لبضعة أشهر فقط.
في حال تم إقرار ذلك، تكون موسكو انتزعت تراجعاً إضافياً من الدول الغربية، وترجمت تغير الوقائع على الأرض في سوريا بالأروقة الدبلوماسية في نيويورك، وربطت أيضاً الملف السوري بالمسار الليبي الذي يشهد تموضعاً غربياً - روسياً جديداً، يختلف عما كان في 2011. كأن ذلك علاج روسي لـ«الخديعة الليبية».



ارتفاع المهاجرين الأفارقة إلى اليمن 136 %

أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)
أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)
TT

ارتفاع المهاجرين الأفارقة إلى اليمن 136 %

أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)
أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)

ارتفع عدد المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن بنسبة 136 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفق بيانات وزعتها المنظمة الدولية للهجرة، إذ وصل 79 في المائة منهم عبر مواني جيبوتي، فيما وصلت النسبة المتبقية عبر المواني الصومالية.

وبينت المنظمة في تقريرها الشهري أنها ومنذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي تمكنت من الوصول إلى ساحل مديرية ذوباب التابعة لمحافظة تعز والواقعة جنوب غرب اليمن، مما يسمح بتغطية أفضل للقادمين من جيبوتي. وقالت إن هذه التغطية المحسنة ستترجم إلى زيادة إجمالي عدد الوافدين.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

وفق التقرير، فإنه وخلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعقبت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة 6364 مهاجراً دخلوا اليمن، بزيادة قدرها 136 في المائة عن الرقم الإجمالي المبلغ عنه في الشهر السابق، حيث كان العدد (2692 مهاجراً). وقالت إنه يمكن أن تُعزى الزيادة إلى حد كبير إلى زيادة التغطية على الساحل الغربي للبلاد.

حسب هذه البيانات، فقد وصل 79 في المائة من المهاجرين، وجلهم من حملة الجنسية الإثيوبية، عبر دولة جيبوتي، بينما قدم البقية (21 في المائة) عبر المواني الصومالية. ومن بين إجمالي المسجلين، كان 25 في المائة من الأطفال، و17 في المائة من النساء، و58 في المائة من الرجال.

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، نبهت الهجرة الدولية إلى أن معظم المهاجرين دخلوا عبر سواحل محافظة تعز على الساحل الغربي، وقدموا من جيبوتي (79 في المائة)، بينما وصل 21 في المائة إلى سواحل محافظة شبوة وقدموا إليها من السواحل الصومالية.

كان ملاحظاً أن التقرير لم يسجل وصول أي مهاجر عبر سواحل محافظة لحج غرب عدن، ورجحت آلية التتبع أن يكون ذلك بسبب التدابير التي اتخذتها الحكومة لمكافحة التهريب منذ أغسطس (آب) العام الماضي.

تتبع العائدين

سجل فريق التتبع إجمالي 172 مهاجراً أفريقياً تم ترحيلهم من سلطنة عمان إلى مديرية شحن بمحافظة المهرة. وكان جميع المهاجرين المرحلين مواطنين إثيوبيين. بينما أجبرت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن بعض المهاجرين على اتخاذ القرار الصعب بالعودة إلى بلدانهم الأصلية في القرن الأفريقي.

وخلال الفترة ذاتها، سجلت آلية التتبع عودة 1910 مهاجرين من اليمن، إما طواعية أو عادوا بالقوارب. وتألفت هذه المجموعة من 87 في المائة من الرجال، و11 في المائة من النساء، و2 في المائة من الأطفال.

عشرات المهاجرين الأفارقة غرقوا أثناء محاولتهم الوصول إلى اليمن (الأمم المتحدة)

علاوة على ذلك، أفاد فريق تتبع النزوح في جيبوتي بوصول 1561 مهاجراً (94 في المائة رجال، و5 في المائة نساء، و1 في المائة أطفال) قادمين من اليمن.

ورأت منظمة الهجرة الدولية أن هذه الأرقام تعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها المهاجرون في اليمن والظروف اليائسة التي دفعتهم إلى المخاطرة برحلات بحرية خطيرة.

وقالت المنظمة إن مصفوفة تتبع المهاجرين تتولى مهمة مراقبة وتتبع وصول المهاجرين على طول الحدود الساحلية الجنوبية لليمن وعودة المغتربين اليمنيين من دول الجوار لتحديد أنماط الهجرة وتقديم تقديرات كمية للسكان المهاجرين غير النظاميين الذين يدخلون البلاد.

ونبه التقرير إلى ضرورة إدراك أن سجل مراقبة التدفق لا يلتقط جميع تدفقات الهجرة، لكنه يوفر رؤى إرشادية حول اتجاهات الهجرة بناءً على العدد الإجمالي المعروف للمهاجرين الذين يصلون على طول الحدود الساحلية والبرية التي تتم مراقبتها خلال فترة إعداد التقرير.