أولمرت يُصارح الإسرائيليين: مجتمعنا يحب الظهور كضحية للكراهية

رأى أن «الوحشية» ضد المدنيين في غزة ولبنان ستزيد التظاهرات المناوئة لتل أبيب

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)
TT

أولمرت يُصارح الإسرائيليين: مجتمعنا يحب الظهور كضحية للكراهية

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)

في الوقت الذي تهبّ فيه إسرائيل بقضّها وقضيضها ضد ما تعدّه «مذبحة ينفّذها العرب والمسلمون في هولندا ضد اليهود»، وتقف فيه الحكومة مع المعارضة صفاً واحداً وتتهم العالم بـ«العداء للسامية»، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، صرخة مصارحة يدعو فيها إلى الصحوة وقراءة الواقع كما هو.

وقال أولمرت، في صحيفة «هآرتس» العبرية، الأحد، إن ما يحصل هو «أعمال شغب خطيرة» تجب معالجتها بشكل حثيث وقوي، لكنها ناجمة عن الممارسات الوحشية التي نقوم بها في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، ورأى أن المجتمع الإسرائيلي أحب فكرة الظهور كضحية للكراهية.

وكانت أعمال عنف واشتباكات شهدتها مدينة أمستردام الهولندية في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، شهدت نزع مشجعي فريق «مكابي تل أبيب» الإسرائيلي لأعلام فلسطينية في المدينة والهتاف ضد العرب بشوارعها، وأعقب ذلك قيام مجموعة من شباب هولنديين، أصولهم عربية أو مسلمة، بالاشتباك مع الإسرائيليين وملاحقتهم.

وفنّد أولمرت تلك الأعمال في هولندا، ورأى في مقاله أنها «ليست ظاهرة عنيفة من اللاسامية؛ فقد كانت بالأساس مظهراً من مظاهر كراهية معظم المسلمين لدولة إسرائيل ومواطنيها، بسبب ما حدث ويحدث في المنطقة، وليس استمراراً للاسامية التاريخية التي تكمن مصادرها في التعصب الديني المسيحي». وعدّ أن «هذه الكراهية آخذة في الاتساع، وهي تهدد بعزل إسرائيل بشكل سيهدد مكانتها ونمط حياتها».

اشتباكات بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين وشباب هولنديين بالقرب من محطة أمستردام المركزية بهولندا في 8 نوفمبر الحالي (وسائل التواصل - رويترز)

«نظرية العالم ضدنا»

وقال أولمرت إن «محاولة المقارنة بين أعمال الشغب في أمستردام وكارثة المحرقة (النازية) هي في المقام الأول الدليل على فقدان الاتزان النفسي».

وأضاف: «نحن نعيش منذ سنوات غير قليلة في أجواء ترعى فيها حكومة إسرائيل وتشجع على نظرية أن كل العالم ضدنا، وأن الجميع يحاولون القضاء عليها، وأن الإسرائيلي الذي يعارض سياسة الحكومة أو جزءاً من عملياتها العسكرية في السنة الأخيرة يعدّ حسب من يؤيدون الحكومة وبعض أعضائها أنه من (حماس) ويتعاون مع قتلة الإسرائيليين، حتى ربما قام بالتنسيق للهجوم القاتل في أكتوبر (تشرين الأول) في 2023 مع يحيى السنوار (زعيم حركة «حماس» الراحل)».

واستكمل: «من ينتقد خطوات الحكومة خارج الدولة، أو ينتقد الأحداث في ساحات الحرب، فهو بشكل تلقائي عدو الشعب ومؤيد لـ(حماس). في هذا المناخ، قمنا بتحويل الرئيس الأميركي جو بايدن، الصديق الكبير لإسرائيل، الذي هبّ لمساعدتها بشكل لم يفعله أي رئيس أميركي آخر في أي يوم، إلى عدو ومؤيد لـ(حماس). بايدن أرسل جيشه إلى الشرق الأوسط، وأرسل حاملات الطائرات والغواصات. كما أن الطائرات القتالية الأكثر تقدماً شاركت بالفعل في الدفاع عن المدن والمستوطنات من صواريخ إيران. لكن تأخيراً صغيراً في تزويدنا بعدد من القنابل - على ضوء الاستخفاف الفظّ من قبل الحكومة، وبالأساس رئيس الحكومة، بتوصيات الإدارة الأميركية في مواضيع تتعلق بالمسّ الشديد بمئات آلاف الفلسطينيين الذين ليسوا إرهابيين في غزة - كان من شأنه أن يعرض بايدن كعدو».

نتنياهو يلتقي بايدن بالبيت الأبيض في يوليو الماضي (رويترز)

«غضب مما نفعله»

يضيف أولمرت أن الحادث في أمستردام هو «في المقام الأول تعبير عن الغضب المتزايد على ما نفعله، وما نقوله، وكيف نظهر في نظر كثيرين، ليس لهم إرث تاريخي في كراهية اليهود. إن ما يشكل الوعي في أرجاء أوروبا وفي أميركا الشمالية والجنوبية ودول كثيرة في آسيا هو صور الدمار في غزة».

وزاد: «كثيرون تماهوا مع ألمنا بسبب المذبحة الإجرامية التي ارتكبها (جناة حماس) في 7 أكتوبر، لكنهم يبالون أيضاً بالمشاهد المتواصلة التي تبثها وسائل الإعلام في أرجاء العالم عن أكثر من مليون من الفلسطينيين الذين يسيرون وهم يحملون أكياس البلاستيك في أرجاء غزة، مرة من الشمال إلى الجنوب، وأحياناً من الجنوب إلى الشمال، بعد تدمير بيوتهم بالكامل، كثيرون في العالم لا يمكنهم التسليم بتحويل غزة إلى أنقاض».

أولمرت حذّر كذلك من أن «إعادة غزة أو الأحياء السكنية في بيروت (ليس الضاحية وحدها) إلى العصر الحجري كما وعد بعض الزعماء لدينا، ليس بالضبط الشعار الذي يحسّن سمعة دولة إسرائيل، ويعزز مكانتها في العالم... وحتى الآن لم نقل أي شيء عما يفعله الإسرائيليون في الضفة الغربية، حيث انفلات هناك، وقتل وتمييز وتدمير ممتلكات، ونشاطات منهجية، تستهدف سحق حقوق الإنسان لدى كثيرين، وربما (للأسف) لا تجد تغطية كافية لها في وسائل الإعلام في إسرائيل، لكنهم في أوروبا يشاهدون ويسمعون ويفقدون الصبر علينا».

استحواذ مرضي

ويستنتج أولمرت أنه «لا مناص من الاعتراف بأن المجتمع الإسرائيلي أحبّ الظهور كضحية للكراهية، واللاسامية، التي تأخذ تعبيرات عنيفة في أماكن مختلفة في العالم». محذراً من أن «هذه المظاهر، هذه المرة خلافاً لأحداث أخرى في التاريخ الدموي للشعب اليهودي، ترتبط بالتجربة المعاصرة لأعمال العنف والوحشية، وأحياناً القاتلة، التي نحن أنفسنا المسؤولون عنها».

وقال أولمرت: «ما يحدث في هذه الفترة في غزة ليس حرباً وجودية لنا، وليس تعبيراً عن حاجة مبررة للدفاع عن أنفسنا، بل هو استمرار دون أي مبرر لعنف ليس له هدف أو اتجاه واضح، عنف يساهم بشكل حاسم في تقليص احتمالية إنقاذ المخطوفين، كما أنه يتعلق بموت كثير من الجنود في أحداث لا تؤدي إلى أي نتيجة مناسبة. وأيضاً، يجب الاعتراف بنزاهة، أن ذلك يؤدي إلى موت كثير من سكان غزة غير المشاركين في الإرهاب، والادعاء الكاذب بأن جميع سكان غزة هم مؤيدون لـ(حماس)، وبناء على ذلك فقد تم حسم مصيرهم، هو بالضبط ما يثير غضب كثيرين في أرجاء العالم، ويشجع المسلمين الذين يعيشون في أوروبا وأميركا على التظاهر ضدنا، وأحياناً استخدام العنف».

مظاهرة لدعم غزة في ميدان ترافالغار بلندن أكتوبر الماضي (رويترز)

وأضاف: «الاستحواذ المَرَضيّ لدينا كي نشعر بالكراهية ضدنا، يجد التشجيع الحقير من حكومة إسرائيل. وهو يستهدف تبرير مواصلة المعركة العسكرية وتعزيز تضامن الضحايا بين السكان الإسرائيليين وإثبات الادعاء بأنه لا يجوز لنا تقديم أي تنازل قد يؤدي الى إنهاء الحرب وإنقاذ المخطوفين، الذين بقوا على قيد الحياة، وجثث الموتى. في نفس الوقت، لعب دور الضحية يدفعنا إلى التورط بلا حاجة إلى استمرار القتال في لبنان، الذي يجني أيضاً عدداً كبيراً من الضحايا في أوساط مواطني شمال البلاد، وفي أوساط الجنود أيضاً».

ويختتم: «سنواصل أعمال الشغب، والوحشية تجاه الناس الذين يعيشون في مناطق القتال، رغم أنهم ليسوا إرهابيين، إضافة إلى جميع الأثمان التي ندفعها مقابل القتال... وهم سيواصلون التظاهر ضدنا في أرجاء العالم، والتنديد بنا في وسائل الإعلام العالمية، وسيواصلون أيضاً كراهية أفعالنا، وكراهية من يتماهى مع هذه الأفعال». مضيفاً: «انفصال دولة إسرائيل عن العالم سيتواصل، لن يأتوا إلينا، ونحن لن نسافر، وستتم مقاطعتنا في المطارات والموانئ والتصويت ضدنا في الأمم المتحدة. ويمكننا القول برضا وبقدر كبير من الشفقة على الذات: الجميع يكرهوننا!».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيّرتين حاولتا دخول أجواء إسرائيل من جهة الغرب

شؤون إقليمية جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيّرتين حاولتا دخول أجواء إسرائيل من جهة الغرب

قال الجيش الإسرائيلي الخميس إن قواته اعترضت طائرتين مسيّرتين حاولتا دخول الأجواء الإسرائيلية من الجهة الغربية في محاولة تهريب

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

أعلنت السلطات الإسرائيلية توقيف إسرائيلي بشبهة ارتكاب مخالفات أمنية بتوجيه من عناصر استخبارات إيرانيين، وذلك بعد أيام من إعدام طهران إيرانياً متهماً بالتجسس.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يستهدف عنصراً من «حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إنه استهدف عنصراً ينتمي إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية في منطقة الجميجمة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يسيرون خلال جولة أسبوعية للمستوطنين في الضفة الغربية (رويترز)

إسرائيل تخطط لاستثمار 110 مليارات دولار لتعزيز استقلال صناعتها العسكرية

تعتزم إسرائيل استثمار 350 مليار شيقل (نحو 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة لتعزيز استقلالية صناعتها العسكرية المحلية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أنّ روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني بين الجانبين، وذلك بمعرفة ورضا الإدارة الأميركية.

وقالت هيئة البثّ الإسرائيلية الرسمية «كان 11» إنّ أذربيجان تستضيف وتقود حالياً الاجتماعات والمحادثات، التي يقوم بها مسؤولون رفيعو المستوى من الطرفين إلى العاصمة باكو.

ولفت مصدر أمني مطّلع إلى أنّ هناك فجوة قائمة في الاتصالات بين إسرائيل وسوريا، على الرغم من الوساطة الروسية، ولكن تمّ إحراز بعض التقدّم خلال الأسابيع الأخيرة.

وذكرت «كان 11» عن المصادر أنّ موسكو ودمشق تعملان على تعزيز العلاقات بينهما، إذ نقلت روسيا، الشهر الماضي، جنوداً ومعدّات إلى منطقة اللاذقية عند الساحل. وأضافت المصادر أنّ إسرائيل تفضّل السماح بوجود روسي يكون على حساب محاولة تركيا لترسيخ وجودها التمركز في الجنوب السوري أيضاً.

لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو الأربعاء (سانا)

وأمس (الأربعاء)، زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو، والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، مشيراً إلى أنّ الهدف هو نقل العلاقات بين البلدين إلى مستوى استراتيجي.

وكان التطور الأبرز في العلاقات حين استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ شدّد الطرفان على أهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية والسياسية بين بلديهما والتعاون في مجالات الطاقة والغذاء.

يذكر أن إسرائيل تقيم علاقات ودية مع روسيا، تحاول فيها تل أبيب التفاهم على تقاسم مصالحهما في سوريا. وفي الشهور الماضية، منذ مايو (أيار) الماضي، أجرى بوتين ونتنياهو 4 مكالمات هاتفية طويلة تباحثا خلالهما في عدة مواضيع، بينها الموضوع السوري.

وأكّدت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية، في أعقاب المكالمة في مايو، أن الرئيس الروسي شدد في لقاءاته مع المسؤولين السوريين دائماً على رفض بلاده القاطع لأي تدخلات إسرائيلية أو محاولات لتقسيم سوريا، وأكّد التزام موسكو بدعمها في إعادة الإعمار واستعادة الاستقرار.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والتركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي مشترك في دمشق (إ.ب.أ)

وفي تل أبيب يتحدثون عن «عدة مصالح مشتركة مع موسكو في سوريا لمواجهة النفوذ التركي». وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن الروس يقيمون علاقات جيدة مع تركيا ومع إسرائيل، ويسعون لمنع تدهور العلاقات بينهما. وفي الوقت ذاته، تريد الحفاظ على مواقعها في سوريا بموافقة الطرفين، وتفعل ذلك بالتنسيق مع جميع الأطراف، بما فيها سوريا.

ومع أن الولايات المتحدة هي التي تتولى موضوع التفاهمات الأمنية بين إسرائيل وسوريا، فإنها لا تمانع في مساهمات إيجابية تأتي من بقية الأصدقاء، بما في ذلك روسيا.

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال مباحثاته في إسطنبول السبت مع مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (إ.ب.أ)

الدبلوماسي السابق، ميخائيل هراري، الباحث والمحاضر الجامعي في موضوع سوريا والشرق الأوسط، يرى أنه في الوقت الذي يدير فيه أحمد الشرع سوريا بطريقة حكيمة، جعلتها تحظى بهذا الاحتضان الإقليمي والدولي، ينبغي لإسرائيل أن تحرص على ألا تظهر كمن يريد استمرار الفوضى في سوريا.

ولكي تدير إسرائيل مصالحها بشكل جيد، يجب أن تسارع إلى إبرام اتفاق أمني مع دمشق. وأضاف، في مقال لصحيفة «معاريف»، إن إسرائيل تحتاج إلى ترجمة إنجازاتها العسكرية في الحرب الأخيرة إلى مكسب سياسي، وهذا لا يكون بمواصلة السياسة الحالية التي تظهر فيها إسرائيل سلبية.


واشنطن تؤنب إسرائيل: تصريحاتكم الاستفزازية تُبعد الدول العربية

آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)
آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تؤنب إسرائيل: تصريحاتكم الاستفزازية تُبعد الدول العربية

آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)
آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)

أعربت أوساط أمريكية رفيعة عن امتعاضها من التصريحات الإسرائيلية المتلاحقة حول الاستيطان في قطاع غزة والضفة الغربية، وعدّتها «استفزازية».

ووفقاً لموقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، وجَّهت هذه الأوساط تأنيباً حاداً للحكومة الإسرائيلية بسببها، ونقل عن المصادر التي وصفها الموقع بأنها تحتل مركزاً مرموقاً في البيت الأبيض، أن «التصريحات الاستفزازية لوزير الدفاع، يسرائيل كاتس، وغيره تمس بالتقدم المرجوّ في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام الشامل في الشرق الأوسط، وتبعد المزيد والمزيد من الدول العربية عن الانخراط فيه، وأنه على جميع الفرقاء الالتزام بما تعهدوا به لدعم هذه الخطة».

كان كاتس قد أعلن يوم الثلاثاء الماضي أنه سيقيم بؤر استيطان في المنطقة الشمالية من قطاع غزة، ولكنه تراجع عن هذا التصريح، في أعقاب اعتراض أميركي، وقال إنه يقصد إقامة مواقع سكن عسكرية مؤقتة.

عودة لنفس النغمة

وكرر كاتس معنى قريباً، عندما أعلن، الخميس، أن الجيش لن ينسحب أبداً من القطاع. وبدا ذلك متناغماً مع حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي عاد ليُثبت موقف كاتس وغيره من المتطرفين في الحكومة، ويظهر النيات الحقيقية لهم إزاء غزة.

وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب، عن أنه ينوي الطلب من الرئيس ترمب، خلال لقائهما الاثنين القادم في ميامي، موافقته على جعل الخط الأصفر حدوداً دائمة بين إسرائيل وقطاع غزة، مما يعني ضم 58 في المائة من القطاع وفرض السيادة عليها.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

ونُقل على لسان نتنياهو القول إن «على العرب أن يفهموا أن من يقتل إسرائيليين يخسر أرضاً». وبذلك، يبرر نتنياهو قيام الجيش الإسرائيلي بالتقدم في احتلاله غزة، من 53 في المائة لدى وقف إطلاق النار إلى 58 في المائة اليوم.

وعلى أثر ذلك، عاد الوزير كاتس، الخميس، ليعلن أنه لم يتراجع عن موقفه وأن إسرائيل تعتزم إقامة نوى استيطانية في شمالي قطاع غزة، مشدداً على أن إسرائيل «لن تخرج أبداً من أراضي غزة»، وأنها ستُبقي داخل القطاع «منطقة أمنية واسعة» بحجة حماية البلدات الإسرائيلية في «غلاف» القطاع.

أمام جمهور الاستيطان

جاءت تصريحات كاتس خلال مشاركته في مؤتمر التربية الذي نظّمته صحيفة «مكور ريشون» اليمينية الاستيطانية، وأمام جمهور اليمين الاستيطاني، فقال: «حتى بعد الانتقال إلى مرحلة أخرى، وإذا جرى نزع سلاح (حماس)، وتفكيك قدرات الحركة، فستكون هناك منطقة أمنية كبيرة داخل غزة. ففي الجزء الشمالي، ووفق رؤيتي، يمكن في المستقبل إقامة نوى استيطانية (نوى يشكلها شباب طلائعي محارب) بشكل منظّم... هذا أمر مهم سيتعيّن القيام به».

مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل (رويترز)

ورداً على سؤال إن كان يتراجع عن تراجعه، قال: «أنا لا أتراجع. رؤيتي هي أنه في المنطقة الشمالية من القطاع، وهي المنطقة التي أُخليت منها مستوطنات سابقاً، ستُقام نوى استيطانية عسكرية، لكنها ذات معنى، يمكن أن تكون هناك يشيفا (معهد توراتي) وأمور أخرى. تماماً مثلما نفعل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). فقد شاركت هذا الأسبوع في مراسم بمناسبة بناء وحدات سكنية في مستوطنة بيت إيل، وكان ذلك احتفالاً عظيماً. نحن نُطبّق هناك سياسة السيادة العملية».

مستوطَنة إسرائيلية في الضفة الغربية (رويترز)

وقال: «هذه دفعة لم نشهد مثلها، برأيي، منذ بداية الاستيطان»، مضيفاً: «قلت هناك إننا نقود فرض سيادة عملية على أرض الواقع. لا يمكن في هذه المرحلة، بسبب الظروف، إعلان السيادة (ضم الضفة)».

وأوضح كاتس أنه في إطار ما وصفها بـ«السيادة العملية»، أخلى الجيش الإسرائيلي فلسطينيين من مخيمات لاجئين في الضفة الغربية، واصفاً هذه المخيمات بأنها «مخيمات إرهاب»، على حد تعبيره.

إدانة للمستوطنات

في السياق نفسه، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، وزعمت أن الانتقادات «خطأ أخلاقي» و«تنطوي على تمييز ضد اليهود».

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، إن «الحكومات الأجنبية لن تقيّد حقّنا في العيش في إسرائيل، وإن قرار الحكومة الإسرائيلية إنشاء 11 مستوطنة جديدة وإضفاء الطابع القانوني على 8 مستوطنات إضافية يهدف، من بين أمور عديدة، إلى المساعدة في التعامل مع التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل».

كانت 14 دولة، من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وكندا، قد أصدرت بياناً دعت فيه إسرائيل إلى التراجع عن قرارها والكف عن «توسيع المستوطنات».

وقالت هذه الدول إن مثل هذه الإجراءات الأحادية «تنتهك القانون الدولي»، وتهدّد بتقويض وقف إطلاق النار الهش في غزة، الساري منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأكدت أنها «مصممة على دعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، وعلى «سلام عادل وشامل وقابل للحياة... يستند إلى حل الدولتين».


الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيّرتين حاولتا دخول أجواء إسرائيل من جهة الغرب

جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيّرتين حاولتا دخول أجواء إسرائيل من جهة الغرب

جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، إن قواته اعترضت طائرتين مسيّرتين حاولتا دخول الأجواء الإسرائيلية من الجهة الغربية في محاولة تهريب.

وأضاف الجيش في بيان مقتضب أنه بمجرد رصد الطائرتين تمكنت طائرة هليكوبتر حربية من اعتراضهما لدى دخولهما أجواء إسرائيل.

كانت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي قد ذكرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن الجيش أحبط محاولة تهريب أسلحة على الحدود الغربية بواسطة طائرة مسيّرة.