«الوطني الليبي» يؤكد «جاهزيته» لأي عمل عسكري

ترحيب محلي ودولي برفع «القوة القاهرة» عن كل صادرات النفط

حقل الشرارة النفطي الذي يعد من أهم الحقول في ليبيا (رويترز)
حقل الشرارة النفطي الذي يعد من أهم الحقول في ليبيا (رويترز)
TT

«الوطني الليبي» يؤكد «جاهزيته» لأي عمل عسكري

حقل الشرارة النفطي الذي يعد من أهم الحقول في ليبيا (رويترز)
حقل الشرارة النفطي الذي يعد من أهم الحقول في ليبيا (رويترز)

بينما تعهد «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خلفية حفتر، مجدداً، بـ«ردع القوات التركية»، مؤكداً جاهزيته «لأي عمل عسكري»، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، أمس، استئناف إنتاج وتصدير النفط بعد قرابة ستة أشهر من التوقف بسبب النزاع المسلح، وسط ترحيب دولي، وجاءت هذه التطورات بعد أن خيمت على العاصمة أجواء عنف طوال ليلة أول من أمس، إثر اشتباكات دامية بين عناصر من الميليشيات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
ووسط فرحة جموع الليبيين، أعلنت مؤسسة النفط، الموالية لسلطات طرابلس، «رفع القوة القاهرة عن كل صادرات النفط من البلاد». لكنّها أشارت إلى أن زيادة الإنتاج واستعادة مستويات إنتاج ما قبل التوقف «ستستغرقان وقتاً طويلاً».
وترجم قبول قوات «الجيش الوطني» بعودة إنتاج النفط مرة ثانية، لكونه المسيطر على ميناء السدرة، على أنها خطوة نحو التهدئة، بالرغم من عملية التحشيد الضخمة التي يجريها الجيش الوطني، وقوات «الوفاق» المدعومة من تركيا.
وعبّرت أطراف ليبية عديدة، خصوصاً بغرب البلاد، عن سعادتها بخطوة ضخ «الذهب الأسود»، نظراً لكونه يعد «قوت ليبيا» الوحيد ومصدر رزقهم، بعد توقفه، إثر قيام رجال قبائل موالين لـ«الجيش الوطني» بعرقلة إنتاجه للمطالبة بتوزيع عادل لإيرادات النفط، الذي تديره سلطات طرابلس.
وفيما استعدت ناقلة عملاقة لتحميل النفط من ميناء السدرة بشرق البلاد، أرجعت المؤسسة، في بيانها، أمس، أسباب عدم استعادة مستويات الإنتاج سريعاً إلى «الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمكامن والبنية التحتية، بسبب الإغلاق المفروض منذ 17 يناير (كانون الثاني) 2020».
وقال رئيس مجلس إدارة المؤسسة، مصطفى صنع الله، «نحن سعداء للغاية، لأننا تمكنا في النهاية من اتخاذ هذه الخطوة المهمة نحو تحقيق الانتعاش الوطني».
وسبق للمؤسسة في مطلع يوليو (تموز) الحالي الكشف عن وجود مفاوضات جارية بين حكومة «الوفاق»، وعدد من الدول الإقليمية، التي قالت إنها «تقف خلف هذا الإغلاق» بغرض إعادة فتح الإنتاج.
واستكملت موضحة: «سيستمر إيداع جميع الإيرادات النفطية في نفس حسابات المؤسسة»، حتى يتم إطلاق «مسارين متوازيين: أحدهما للشفافية المالية، وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية بين جميع الليبيين».
كانت ليبيا تنتج 1.22 مليون برميل يومياً في بداية العام الحالي، فيما كانت المؤسسة تأمل رفع معدّل الإنتاج إلى 2.1 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2024، لكن الحرب على طرابلس عطلت ذلك.
وأعلنت أطراف دولية عديدة عن ترحيبها بإعلان رفع «القوة القاهرة» على صادرات النفط، حيث أشادت السفارة الأميركية بجهود جميع الأطراف الليبية لتسهيل عمليات المؤسسة، مشيرة إلى «مواصلتها دعم الشفافية المالية في ليبيا، من خلال الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة، وتعزيز التفاهم المشترك بين الليبيين بشأن التوزيع العادل لإيرادات النفط والغاز».
ولفتت في بيانها، أمس، إلى تعاون المؤسسة مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «لضمان عدم اختلاس الإيرادات، والحفاظ عليها لصالح الشعب الليبي».
من جانبها، أبدت السفارة الفرنسية ترحيبها أيضاً بعودة عملية الإنتاج، مؤكدة أيضاً على ضرورة «ضمان التعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في إدارة إيرادات النفط بشفافية وعدم تحويلها».
وهنأت السفارة، أمس، جميع الأطراف الليبية التي عملت على ذلك، وأكدت رفضها لـ«عسكرة المنشآت النفطية»، كما أكدت «أهمية الحفاظ على حياد الشركة واحتكارها وسلامة جميع أفرادها».
ميدانياً، قال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني»، إن منطقة غرب سرت ما زالت تحت سيطرة قوات الجيش، مشيراً إلى أن (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان «يصعّد الموقف في ليبيا بشكل خطير»، من خلال «إرسال مزيد من القطع البحرية من شرق المتوسط إلى إقليم تونس البحري».
وأضاف المسماري، في تصريح لفضائية مصرية، مساء أول من أمس، إن هذه المنطقة تشهد دائماً نقلاً جوياً وبحرياً للأسلحة من تركيا إلى غرب ليبيا، لكنه تعهد «بردع أنقرة»، مؤكداً «الجاهزية التامة للجيش لإفشال وصد أي محاولة عدوانية من تركيا، والاقتراب من منطقة سرت والجفرة».
وفيما يتعلق بـ«المرتزقة»، أكد المسماري أنه خلال الأسبوع الماضي فقط نقلت تركيا ما يقرب من ألف عنصر إلى ليبيا، وأوضح أن هذه العناصر تم تدريبها بشكل متقدم على القتال، موضحاً أن إجمالي أعداد المرتزقة الذين نقلهم إردوغان من سوريا إلى ليبيا بلغ 17 ألفاً، بالإضافة إلى ألفي عسكري تركي، وأعداد أخرى تتراوح ما بين 2500 إلى ثلاثة آلاف مقاتل.
في السياق ذاته، قال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، عبر صفحة على «فيسبوك»، أمس، إن «هناك نحو 16 ألف مرتزق من حملة الجنسية السورية وصلوا إلى ليبيا، عاد منهم 5600 بعد أن انتهت عقودهم وحصلوا على أموالهم، ولا يزال هناك أكثر من 10 آلاف منهم في ليبيا، مستعدين للمعركة التي طلبها منهم الجيش التركي، وهي معركة حقول النفط وسرت... هذا هو الهدف الرئيسي لتركيا حالياً».
وأمضت منطقة جنزور بغرب العاصمة ليلة دامية مساء أول من أمس، على وقع اشتباكات، أسفرت عن سقوط 4 قتلى على الأقل، وعدد من الجرحى بين مجموعتين من الميليشيات، وذلك على خليفة الرغبة في السيطرة على محطة لـ«الديزل».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.