اليمين الإسرائيلي يزداد قوة على حساب نتنياهو وغانتس

TT

اليمين الإسرائيلي يزداد قوة على حساب نتنياهو وغانتس

في الوقت الذي يشهد فيه تكتل اليمين الحاكم في إسرائيل تصدعات متلاحقة، دلت نتائج استطلاع رأي جديد، نشرت أمس الجمعة، على أن شعبية زعيم اليمين ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وشعبية شريكه في حزب الجنرالات، رئيس الحكومة البديل ووزير الأمن، بيني غانتس، تتحطم بشكل ملحوظ. والمستفيد الأول من هذا الوضع هو اتحاد أحزاب اليمين المتطرف «يمينا» وزعيمه نفتالي بنيت، الذي يضاعف من قوته حسب هذا الاستطلاع، من 6 إلى 12 نائبًا.
وجاء في النتائج أن حزب «الليكود» بقيادة نتنياهو الذي منحته الاستطلاعات السابقة 42 مقعداً فيما لو جرت الانتخابات اليوم، سينزل إلى 36 مقعداً (كما هو حاله اليوم)، بينما ستحافظ الأحزاب الدينية اليهودية على قوتها، ويهبط حزب غانتس «كحول لفان» من 16 إلى 10 نواب. وفي المعارضة تحافظ «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية بقيادة النائب أيمن عودة على قوتها (15 نائباً)، وكذلك حزب الوسط الليبرالي «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لبيد (16 نائباً). ويرتفع حزب اليهود الروس (يسرائيل بيتنا)، أفيغدور ليبرمان، من 6 إلى 9 نواب، وحزب اليسار الصهيوني من 4 إلى 6 نواب. وأما حزب العمل، مؤسس الحركة الصهيونية وحزب قادة إسرائيل الأوائل: ديفيد بن غوريون، وموشيه ديان، وإسحاق رابين، وشمعون بيريس، فسيختفي عن الخريطة السياسية؛ لأنه حسب الاستطلاع الجديد لن يعبر نسبة الحسم.
ومع أن هذه النتائج لا تغير من قوة معسكر اليمين، وتعطيه أكثرية 64 مقعداً (من مجموع 120)، فإنها تشكل لجماً لتصاعد قوة نتنياهو، ومن شأنها أن تغير وضعه في الائتلاف وحتى في «الليكود». وفي ضوء التصدع الذي يشهده الائتلاف، بسبب غضب الأحزاب الدينية على نتنياهو شخصياً، وعلى المقربين منه في «الليكود» بشكل عام، يرى المراقبون أن هذه النتائج يمكن أن تتحول إلى نزول حاد في شعبية نتنياهو، وإلى خروج الأحزاب الدينية من كتلة اليمين، وبدء رسم مختلف للخريطة الحزبية الإسرائيلية.
وأكد مصدر في الأحزاب الدينية أن استمرار نتنياهو في سياسته هذه يمكن أن يجعلها حليفة لغانتس أو أي تركيبة أخرى. وأوضح أن الأحزاب الدينية وغانتس متفقون على لجم التوجه الجامح نحو انتخابات جديدة يريدها نتنياهو.
وذكرت مصادر مقربة من الائتلاف أن «الذين سمعوا قادة الأحزاب الدينية: يعقوب لتسمان، وموشيه غفني، وأريه درعي، في اليومين الأخيرين، لم يسمعهم يتحدثون بهذا الشكل منذ عشر سنوات. فجأة تسمع تعابير مثل (إنه فقد سحره)، والجمهور الديني في ضائقة حقيقية. أداء نتنياهو لا يجعل الحكومة مستقرة، وإنما العكس». وتابع المصدر نفسه يقول: «سرنا وراء نتنياهو طوال ثلاث جولات انتخابية، وحان الوقت للعمل. ويحظر الانجرار لأي استفزاز».
وينسب المراقبون تراجع شعبية نتنياهو وارتفاع شعبية نفتالي بنيت بالذات، إلى غضب الجمهور من طريقة إدارة نتنياهو للمعركة ضد فيروس «كورونا». فبعد أن كان قد حقق نجاحاً في لجم الفيروس في الموجة الأولى، فشل في لجم التدهور الاقتصادي، ثم جاءت الموجة الثانية من الفيروس لتتسم بانفلات في عدد الإصابات التي تضاعفت عشر مرات في الشهر الأخير.
وجاء في الاستطلاع المذكور، أن 67 في المائة من المستطلعين يرون أن نتنياهو أخفق في معالجة موضوع «كورونا»، وأنهم عندما سئلوا: من أفضل من يدير أزمة «كورونا»؟ حصل نفتالي بنيت على أعلى نسبة تأييد (36 في المائة) بينما حصل نتنياهو على 24 في المائة، وغانتس على 9 في المائة فقط.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.