الحركات المسلحة السودانية تطالب بزيادة تمثيلها في دارفور

توقيع اتفاق السلام ينتظر حسم ملف الترتيبات الأمنية

TT

الحركات المسلحة السودانية تطالب بزيادة تمثيلها في دارفور

قالت مصادر مطلعة إن الحركات المسلحة المنضوية في «الجبهة الثورية» دفعت بورقة جديدة، تطالب فيها بزيادة نسبة تمثيلها في الحكم بولايات دارفور، بعد أن تم الاتفاق مسبقاً حول هذه النسب، وضمنت في مسودة الاتفاق الذي اعتمدته الوساطة. وكشفت وساطة جنوب السودان لمحادثات السلام السودانية عن مسودة الاتفاق الذي تم بين وفدي الحكومة والحركات المسلحة في «الجبهة الثورية» حول اقتسام السلطة في هياكل السلطة الانتقالية، فيما تبقى حسم ملف الترتيبات الأمنية لتوقيع اتفاق السلام النهائي.
وأضافت المصادر ذاتها أن الورقة الجديدة التي دفعت بها الحركات المسلحة تطالب بنسبة 55 في المائة من السلطة في ولايات إقليم دارفور، و25 في المائة لأصحاب المصلحة، ونسبة 20 في المائة للحكومة الانتقالية.
ونص الاتفاق الأول على 40 في المائة لمكونات مسار دارفور، و40 في المائة لمكونات الحكومة الانتقالية، و20 في المائة لأصحاب المصلحة.
وأفادت المصادر بأن وفد الحكومة المفاوض أبدى تحفظات مبدئية على مقترح الحركات بشأن إعادة تقسيم السلطة في إقليم دارفور، فيما يجري التشاور حول المطالب الأخرى، ومن بينها زيادة الأموال المخصصة لتنفيذ اتفاق السلام في دارفور.
وطالبت الحركات الحكومة الانتقالية بعقد مؤتمر للمانحين، تخصص عائداته لدعم تنفيذ اتفاقية السلام، على أن تشكل آلية مشتركة من الطرفين للإعداد للمؤتمر.
وأفصحت المسودة عن اتفاق على تمثيل الثورية بثلاثة أعضاء في مجلس السيادة الانتقالي، ونسبة 25 في المائة في مجلس الوزراء القومي، أي ما بين 4 إلى 6 وزراء في السلطة التنفيذية. كما نص الاتفاق على تمثيل أطراف السلام كل الحركات المسلحة بنسبة 10 في المائة في السلطة بكل من ولايات الشمال ونهر النيل، وسنار والجزيرة والنيل الأبيض.
وبحسب نص مقترح الوساطة، اتفق الطرفان على تخصيص نسبة 25 في المائة من مقاعد البرلمان الانتقالي للحركات المسلحة، ما يساوي 75 مقعداً من عدد المقاعد الكلي البالغ 300. كما اتفق الطرفان، بحسب المسودة، على استثناء ممثلي الحركات المسلحة من المادة (20) في الوثيقة الدستورية، الذين سيشاركون في مجلسي السيادة والوزراء، والسماح لهم بالترشح في أول انتخابات تجري عقب انتهاء الفترة الانتقالية، ولا يشمل ذلك الولاة، على أن يتقدموا باستقالاتهم قبل 6 أشهر من نهاية الفترة الانتقالية.
وتحرم المادة (20) في الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية في السودان أي شخص تقلد منصباً في مؤسسات السلطة الانتقالية من الترشح في الانتخابات المقبلة.
وأشارت المسودة إلى اتفاق الحكومة والحركات المسلحة على تمديد عمر الفترة الانتقالية 39 شهراً، تبدأ بعد التوقيع على اتفاق السلام النهائي مباشرة.
وعلاوة على ذلك، اتفق الطرفان على إرسال وفد رفيع المستوى إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، لمباشرة التفاوض حول الترتيبات الأمنية الذي توصل فيه الطرفان إلى تفاهمات مبدئية، تشمل جدولاً زمنياً ستتفق على مدده عن اكتمال الترتيبات الأمنية، وسيتم النص على آلية لإصلاح القطاع الأمني والعسكري.
ويجرى التفاوض في الترتيبات الأمنية على دمج القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ومقاتلي الحركات في جيش وطني واحد.
وتضم «الجبهة الثورية»: «الحركة الشعبية - شمال» بقيادة مالك عقار، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، و«حركة جيش تحرير السودان» بزعامة مني أركو مناوي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.