مهرجان الفيلم بمراكش يكرم «الرجل الذي عرف الخلود»

الممثل البريطاني جيريمي آيرونز: أومن بقدرة السينما على إبراز أفضل ما في الطبيعة الإنسانية

الفنان البريطاني جيريمي آيرونز يحيي جمهور «قصر المؤتمرات» في ليلة تكريمه («الشرق الأوسط»)
الفنان البريطاني جيريمي آيرونز يحيي جمهور «قصر المؤتمرات» في ليلة تكريمه («الشرق الأوسط»)
TT

مهرجان الفيلم بمراكش يكرم «الرجل الذي عرف الخلود»

الفنان البريطاني جيريمي آيرونز يحيي جمهور «قصر المؤتمرات» في ليلة تكريمه («الشرق الأوسط»)
الفنان البريطاني جيريمي آيرونز يحيي جمهور «قصر المؤتمرات» في ليلة تكريمه («الشرق الأوسط»)

بعد ليلة الافتتاح، التي جرى الاحتفاء خلالها بالنجم المصري الكبير عادل إمام، وعرض الفيلم البريطاني «نظرية كل شيء»، تواصلت، يوم أول من أمس، فعاليات الدورة الـ14. للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في يومها الثاني، بعرض الفيلم النيوزيلاندي «كل شيء أحببناه» لمخرجه ماكس كوري، أول الأفلام الـ15 المشاركة في مسابقة الفيلم الطويل، سبقه مؤتمر صحافي لأعضاء لجنة التحكيم، أبرز خلاله أعضاؤها الطريقة التي سيشتغلون بها والأفكار التي يسعون إلى بلورتها لتقييم الأعمال المشاركة لاختيار الفائزين من بينها، قبل أن يتوج اليوم بتكريم الفنان البريطاني جيريمي آيرونز بقصر المؤتمرات، وعرض الفيلم الهندي «سنة سعيدة» لمخرجه فرح خان (2014) بساحة جامع الفنا.

* تكريم بطل من «مملكة السماء»
* أكد تكريم الفنان البريطاني جيريمي آيرونز، في ثاني أمسيات المهرجان، أن الفنان الكبير لا يصير كذلك إلا إذا امتلك قدرة ربط امتهان الفن بما يبني للشخصية من قوة مواقف والتزام بالمبادئ والقضايا الكبرى التي تذوب مشاعر الفرد المبدع في مصير الإنسانية ككل. لذلك لم يكن لحفل التكريم وما جرى التأسيس له من صور وكلمات وتصفيقات، إلا أن ينقل تقديرا لموهبة والتزام فنان مؤمن بدور السينما في بناء الأمل، حتى في أحلك وأصعب لحظات الألم الإنساني.
ولم يخف آيرونز، صاحب المسار الذي راكم 83 عملا سينمائيا وتلفزيونيا، منذ سنة 1971 انجذابه إلى مدينة مراكش وعرسها السينمائي، الذي يحتفي بالسينما المغربية والعالمية، حيث استعاد الممثل البريطاني، الذي استقبل بترحيب حار من قبل ضيوف وجمهور المهرجان، ذكرى حضوره ضيفا على الدورة الأولى لمهرجان مراكش، في وقت كان العالم يعيش فيه تحت وطأة صدمة تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، حيث قال: «ما تعلمته بخصوص إنسانيتنا المشتركة جعلني أدرك أهمية قبول الدعوة حينها للمشاركة في المهرجان الدولي لمراكش. ومنذ ذلك الحين رجعت 3 مرات لزيارة هذه المدينة الساحرة. مرة أولى لرئاسة لجنة تحكيم مسابقة الفيلم القصير، ومرة ثانية لتصوير فيلم مع كلود لولوش، ومرة ثالثة لتصوير فيلم مع ريدلي سكوت».
وتابع قائلا: «نشرات الأخبار التلفزيونية تقدم لنا بشكل يومي همجية الإنسان ضد الإنسانية، وقد أثبتنا بهذا الاحتفاء السينمائي أننا قادرون على إعطاء الأفضل كيفما كانت آمالنا بصدد المستقبل، خاصة حين يكون أساسها أحسن ما في الطبيعة الإنسانية، من أجل صبرنا وإحساسنا بالعدالة والإيمان بفهم بعضنا البعض، بشكل يمكِّننا من التقدم نحو عالم أفضل».
وعبر نجم «مملكة السماء» عن سعادته بأن قضى حياته كممثل، يحلق في قلوب وعقول الشخصيات الكثيرة التي أدى أدوارها، ويسافر نحو لقاء أمكنة ساحرة وأشخاص من مختلف بقاع العالم، معتبرا ذلك امتيازا ثمينا.
وفي شهادتها حول المحتفى به، رأت الممثلة الفرنسية ليتيسيا كاستا أن النجم البريطاني يكرس تقليد كبار الممثلين البريطانيين من عيار شون كونري وأنتوني هوبكينز. وأثنت على فنان اكتسح السينما الأميركية وأبان عن موهبة ودقة استثنائيين، سواء في مشاركته بأفلام سينما المؤلف أو الإنتاجات الضخمة، مذكرة بأنه خريج مدرسة كبيرة تتمثل في «فرقة شكسبير» المسرحية البريطانية. وأضافت كاستا أن آيرونز يجذب، بأدائه عالي الإتقان، المشاهد نحو تأملات ذاتية وعوالم باطنية غامضة. كما نوهت بالتزامه الإنساني والنضالي من أجل حماية البيئة.
وآيرونز هو من مواليد 19 سبتمبر (أيلول) 1948. حاز، عبر مسيرته الحافلة، جائزة «الأوسكار»، عام 1990. عن فيلم «انعكاس الحظ»، كما فاز مرتين بجائزة «إيمي»، وسبق أن حصل على جائزة «غولدن غلوب».
ورغم تحوله إلى أحد أفضل نجوم السينما العالمية، يشدد آيرونز على أنه لم يسع يوما إلى النجومية، لأنها لا تهمه، كما يقول. ويؤكد أنه عندما ينظر إلى أدائه في أحد أفلامه، يجد، دائما، أنه كان بإمكانه القيام بما هو أفضل. كما لا يفوته أن يبرز ما يتميز به من قوة شخصية، حين يقول إنه لا يحب أن يملي عليه أحد ما يجب القيام به.
ولآيرونز مسيرة فنية تمتد على أكثر من 40 عاما، عمل فيها رفقة كبار المخرجين العالميين، فهو كاهن يسوعي في «المهمة» لرولاند جوفي (1986)، وطبيب يغوص في حالة من الجنون في «المتشابهان» لديفيد كروننبرك، وزوج متهم بقتل زوجته في «انعكاس الحظ» لباربيت شرودر (1990)، و«كافكا» في سيرة ذاتية تقدم للأديب الشهير لستيفن سودريرك (1991)، ورجل السياسة الذي يقع في شراك الحب في «داماج» للويس مال (1992)، وكاتب على عتبة الموت في «سرقة الجمال» لبرناردو برتولوتشي (1996). ومن أهم أفلامه، أيضا، نجد «بيت الأرواح» لبيلي أوكست (1993)، و«تاجر البندقية» لمايكل رادفورد (2004)، و«مملكة السماء» لردلي سكوت (2005)، و«قطار الليل إلى برشلونة» لبيلي أوكست (2013)، و«الرجل الذي عرف الخلود» لماثيو براون (2013)، و«متعدد الطوابق» لبين مويتلي (2014).
ويعرض مهرجان مراكش للنجم البريطاني 4 أفلام، هي «امرأة الملازم الفرنسي» لكارل ريسز (1981)، و«المتشابهان» لديفيد كرونبرك (1988)، و«انعكاس الحظ» باربيت شرودر (1990)، و«موت قاسٍ مع انتقام» لجون مكتيريان (1995).

* «استراتيجية» لجنة التحكيم
* أكدت إيزابيل إيبير رئيسة لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أن المظاهرة تعد تجربة فريدة لاكتشاف إبداعات متميزة وغير مسبوقة لمواهب يمثلون القارات الـ5. وأوضحت الممثلة الفرنسية، خلال مؤتمر صحافي، أول من أمس، خصص لتقديم أعضاء لجنة التحكيم، أن «مراكش تمنح الفرصة لاكتشاف الأعمال الأولى لمواهب جديدة، وهي أعمال تمثل القارات الـ5، ولا يمكن مشاهدتها في مكان آخر. وهذه هي خصوصية المهرجان».
واعتبرت الممثلة الفرنسية أن كل فيلم هو انعكاس لروح صانعه، أما ما يؤثر فيها شخصيا فهو «الكتابة الجديدة التي لا تتوقعها». واعترفت إيبير بصعوبة مهمة الاختيار بين الأعمال المتنافسة، ذلك أن «الاختيار دائما يقصي أعمالا أخرى»، موضحة أن الشيء الأهم هو المشاركة، كما أن «مشاهدة الأفلام هي ما يمنحها الحياة». وقد كان على أعضاء اللجنة، مباشرة بعد مؤتمرهم الصحافي، متابعة فيلم «كل شيء أحببناه» للمخرج النيوزيلاندي ماكس كوري، أحد الأفلام المشاركة في مسابقة المهرجان، التي يوجد بينها فيلمان عربيان، هما الفيلم المصري «الفيل الأزرق» لمخرجه مروان حمد، والفيلم المغربي (إنتاج مغربي فرنسي مشترك) «أوركسترا العميان» لمخرجه محمد متفكر.

* فيلم «كل شيء أحببناه».. أو حين تغوص السينما في الألم والحزن
* فيلم تتقاذفه مشاعر الألم والحزن؛ يصور حياة زوجين، مع صعوبة تجاوز مرارة فقدان الابن. ويروي الفيلم قصة الساحر تشارلي الذي يسعى لأن يمنح زوجته أنجيلا طعما للسعادة ومعنى للحياة، بأن يقدم لها أفضل عرض سحري قام به على الإطلاق، وهو ظهور طفل صغير في حياتهما بعد أن فقدا ابنهما هوغو. ينقل لنا الفيلم الحالة النفسية للزوجين اللذين كانا يقومان بجولات لتقديم عروض سحرية، قبل أن تتعطل حياتهما المهنية والشخصية مع الموت المفاجئ لابنهما. حيث سيرفض تشارلي فكرة وفاة ابنه بعد أن ظلت صورة الأسرة السعيدة والمثالية عالقة بذهنه، الشيء الذي سيدفعه للتفكير في استرجاع هذه الأسرة التي يحبها بأي ثمن. وتبدأ أولى مشاهد الفيلم مع تشارلي في منزله، ورغم أنه كان في فترة حداد، إلا أنه لم يكن وحيدا في المنزل، فقد كان يلهو مع طفل صغير اسمه تومي. عندها، سيفهم المشاهد، من خلال مشهد لتقرير تلفزيوني يتحدث عن طفل في عداد المفقودين، أن تشارلي قام باختطاف هذا الطفل ليعوضه عن ابنه الذي فقده. في البداية، سترفض زوجته أنجيلا، التي كانت منهارة، بسبب فقدانها لابنهما، فكرة وجود ابن بديل يعوض هوغو، لأن التعويض صعب، بل مستحيل، ولن يمحو ألم الفقدان والفراغ الكامن في القلب. غير أنها ستغير رأيها، شيئا فشيئا، حين سيقنعها زوجها بأن أسرة الطفل تعامل هذا الأخير بقسوة وأنه يستحق من يحبه ويهتم به. وتتوالى الأحداث ليدرك الزوجان أنهما مخطئان في فعل الاختطاف، ويستسلمان لواقعهما، بالاعتراف بما أقدما عليه للشرطة. يضع المخرج، منذ بداية الفيلم، المشاهد أمام ثنائية الموت والحياة، مصورا شعور الألم الذي أصاب الزوجين جراء الموت المفاجئ لابنهما في حادثة سير وشعورهما العميق بالحزن، ومحاولتهما تجاوزه؛ حيث تلتقط كاميرا المخرج تفاصيل معاناة الزوجين ومشاعرهما التي يغلفها الإحباط واليأس خلال رحلة بحثهما عن سعادة مفقودة وعن أمل ومعنى لحياتهما.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».