الأغاني الطربية تعيد الجمهور إلى دار الأوبرا المصرية

الفنانة مي فاروق خلال الحفل (دار الأوبرا المصرية)  -  جمهور حفل الأوبرا الأول (دار الأوبرا المصرية)
الفنانة مي فاروق خلال الحفل (دار الأوبرا المصرية) - جمهور حفل الأوبرا الأول (دار الأوبرا المصرية)
TT

الأغاني الطربية تعيد الجمهور إلى دار الأوبرا المصرية

الفنانة مي فاروق خلال الحفل (دار الأوبرا المصرية)  -  جمهور حفل الأوبرا الأول (دار الأوبرا المصرية)
الفنانة مي فاروق خلال الحفل (دار الأوبرا المصرية) - جمهور حفل الأوبرا الأول (دار الأوبرا المصرية)

وسط أجواء احتفالية مميزة، وأضواء مبهرة بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة، انطلقت أولى حفلات «الموسم الصيفي» مساء أول من أمس، على مسرح النافورة المكشوف، والتي أعادت الجمهور للحفلات الغنائية والموسيقية، بعد فترة توقف دامت أربعة أشهر بسبب جائحة «كورونا».
وشهد الحفل حضور ما يقرب من 400 شخص، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي وضعتها الحكومة المصرية، والتي تسمح بحضور 25 في المائة من الطاقة الاستيعابية لكل مسرح.
وقدمت المطربة مي فاروق خلال الحفل عدة أغنيات، منها: «وحشتوني» للفنانة الجزائرية الراحلة وردة، و«ألف ليلة وليلة»، و«دارت الأيام»، لـ«كوكب الشرق» أم كلثوم، و«أما براوة» لنجاة الصغير، و«يا شمس يا منورة غيبي»، واختتمت وصلتها بأغنية «يا أغلى اسم في الوجود». وشاركها في الحفل ثلاثة من مطربي دار الأوبرا، وهم: صابرين النجيلي، وياسر سليمان، وأحمد عزت، بالإضافة لعازف الكلارينيت محمد فوزي.
والتزمت دار الأوبرا بتنفيذ الإجراءات الوقائية، ومنها ارتداء الجمهور وأعضاء الفرقة الموسيقية للكمامات، مع الحفاظ على المسافات الآمنة بين الجمهور لتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.
الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، أعربت عن سعادتها بعودة النشاط الفني من جديد في مصر، قائلة: «تعد مصر أول دولة عربية وأفريقية تشهد عودة الحياة الفنية والثقافية مرة أخرى، بعد فترة توقف طويلة. فنحن وضعنا خططاً على كافة المستويات لعودة النشاط، واستطعنا تنفيذ تلك الخطط خلال الأسبوع الماضي، وبدأت بعودة عروض السيرك، ثم حفلات دار الأوبرا المصرية، وندوات المجلس الأعلى الثقافة، وسنستمر على هذا المنوال خلال الأسابيع المقبلة».
وقالت عبد الدايم لـ«الشرق الأوسط»: «رغم إغلاق المسارح في مصر بسبب الجائحة، فإن وزارة الثقافة ظلت متواصلة مع جمهورها، وقدمت الروائع الفنية على قناتها بموقع (يوتيوب) وموقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت، والتي شملت مجموعة من العروض التي تناسب كافة الشرائح العمرية في المجتمع»؛ مشيرة إلى أنه «تم إنشاء مسرح النافورة بساحة دار الأوبرا خلال فترة التوقف في وقت قصير جداً، وسيكون بجانب مسرح النافورة مسرحان آخران، هما المسرح المكشوف ومسرح ساحة الهناجر».
وقالت الفنانة مي فاروق لـ«الشرق الأوسط»: «سعيدة وفخورة جداً باختياري لإحياء أولى حفلات الأوبرا بعد عودة النشاط الفني، لذلك أجريت عديداً من البروفات لكي أستعيد نشاطي مجدداً»، مشيرة إلى أنها فضلت تجديد جدولها الغنائي في حفل افتتاح الموسم الصيفي، قائلة: «كنت أغني دائماً أغنيات المطربات، ولكن في هذا الحفل فضلت تقديم أغنية الفنان الراحل محمد رشدي، (طاير يا هوا) بصوتي».
ووضعت دار الأوبرا المصرية خطة فنية تتضمن تنظيم 40 حفلاً غنائياً وموسيقياً خلال شهور الصيف، تشارك فيها نخبة من كبار الفنانين، في مقدمتهم: محمد منير، والموسيقار الكبير عمر خيرت، والمطرب علي الحجار، والفنان مدحت صالح، وأوركسترا القاهرة السيمفوني، ورائد موسيقي الجاز يحيى خليل، وفرق: «النفيخة، ومسار إجباري، وفرقة أوبرا القاهرة»، وعازفة الماريمبا نسمة عبد العزيز، والمنشدان وائل الفشي وإيهاب يونس، بجانب فرق الموسيقى العربية بالأوبرا، منها فرقة عبد الحليم نويرة، والفرقة القومية العربية للموسيقى، وفرقة التراث للموسيقى العربية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».