بسبب كورونا... أكبر تراجع في تناول اللحوم بالعالم منذ عقود

جزار يعمل في أحد الأسواق بمدينة مكسيكو سيتي (أ.ف.ب)
جزار يعمل في أحد الأسواق بمدينة مكسيكو سيتي (أ.ف.ب)
TT

بسبب كورونا... أكبر تراجع في تناول اللحوم بالعالم منذ عقود

جزار يعمل في أحد الأسواق بمدينة مكسيكو سيتي (أ.ف.ب)
جزار يعمل في أحد الأسواق بمدينة مكسيكو سيتي (أ.ف.ب)

توشك جائحة كورونا أن تكون دافعاً لتحقيق أكبر تراجع يشهده العالم منذ عقود في أكل اللحوم. فمن المتوقع أن ينخفض استهلاك الفرد من اللحوم هذا العام إلى أدنى معدل له منذ تسع سنوات، ويمثل الانخفاض الذي بلغ 3 في المائة في العام الماضي أكبر انخفاض منذ عام 2000، وفقاً لبيانات للأمم المتحدة.
ومن ناحية أخرى، يتوقع المحللون في أنحاء العالم حدوث انخفاضات ليس فقط بالنسبة لطلب الفرد، ولكن أيضا بالنسبة للطلب الشامل في جميع المناطق.
وتقول وكالة «بلومبرغ» للأنباء في تقرير خاص إن هذا يعتبر تحولاً كبيراً للغاية بالنسبة لقطاع تجاري يعتمد على النمو المطرد. ومن الملاحظ أن هذا التحول يحدث في كل سوق من الأسواق الكبيرة، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث من المتوقع ألا يعود استهلاك الفرد من اللحوم إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا على الأقل حتى بعد عام 2025.
وهناك مجموعة عوامل تساهم في هذا التغيير. فالتأثير الاقتصادي لتفشي فيروس كورونا يعنى انخفاضا في إنفاق المستهلكين. كما أن إغلاق المطاعم أدى إلى انخفاض الطلب على اللحوم، ذلك لأنه عادة ما يزيد المترددون على المطاعم من مقدار اللحوم التي يتناولونها فيها بالمقارنة بما يتناولونه منها في منازلهم.
وفي الصين، التي تمثل ربع استهلاك العالم من اللحوم، هناك عدم ثقة متزايد بالنسبة للمنتجات الحيوانية بعد أن ألمحت الحكومة إلى أن هناك صلة بين البروتين المستورد وتفشي الفيروس في بكين.
كما أن التوقف في الإنتاج، كما حدث في حالات تفشى الفيروس في بعض المصانع العاملة في مجال المنتجات الحيوانية، الذي تسبب في أزمة في هذا القطاع في الولايات المتحدة، أسفر أيضا عن مشكلات في الإمدادات، مما أدى إلى انخفاض في أكل اللحوم.
من ناحية أخرى، دأب ناشطو حماية المناخ منذ سنوات على الدعوة إلى خفض استهلاك اللحوم. ووفقا لبعض المعايير، تمثل الزراعة أكثر من قطاع النقل مصدرا لانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ويرجع ذلك من ناحية إلى إنتاج الثروة الحيوانية. فاللحوم ومنتجات الألبان وحدها مسؤولة عن حوالي 18 في المائة من انبعاث الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري في العالم الناتجة عن البشر.
والأمر الذي ما زال غير معروف هو إلى أي درجة سوف يستمر التحول الذي يسببه الفيروس. وإذا ما اعتاد المستهلكون على تناول قدر أقل من اللحوم في ظل ظروف الجائحة، هل من الممكن أن يؤدي هذا إلى عهد جديد بالنسبة للأنماط الغذائية في العالم؟
وتشير بلومبرغ إلى أن هناك دلالات على حدوث تغيير هيكلي، حيث يتناول الملايين في الوقت الحالي المزيد من المواد البروتينية النباتية بسبب المخاوف البيئية.
ومن ناحية أخرى، فإن الزيادة في حالات العدوى بكورونا في المجازر ومصانع تجهيز المواد الغذائية الحيوانية - من الولايات المتحدة إلى البرازيل وألمانيا - أوضح للعيان ما يسببه هذا القطاع للعاملين فيه، والذين يقومون بعمل خطير نظير أجر منخفض ومكاسب ضئيلة.
ومع ذلك، ما زال من المبكر معرفة ما إذا كان الاهتمام العام الجديد بأحوال العاملين سوف يؤثر على الطلب على المواد الحيوانية. وفي الوقت نفسه، أصبح المستهلكون أكثر تعوداً على الطهي في منازلهم، ومن الممكن أن تستمر هذه العادة، خاصة أنه من المتوقع أن يتقلص نشاط قطاع الخدمات الغذائية الذي أصابه الإغلاق بالشلل.
ووفقاً لشركة «آرون أند أسوشيتس» الاستشارية فإنه من الممكن أن يغلق نحو 2.‏2 مليون مطعم في أنحاء العالم أبوابه. وقال ألتين كالو، المحلل في مجموعة «ستينر الاستشارية» إن افتقادنا لقطاع الخدمات الغذائية يعتبر «صدمة كبيرة بالنسبة للطلب سوف يستغرق التعافي منها وقتا طويلا».
وقبل جائحة كورونا، كان يتم استهلاك نسبة 50 في المائة من اللحوم خارج المنازل في الولايات المتحدة، وفقا لمجموعة بوستون الاستشارية. وقال ديكير ووكر خبير الأنشطة الزراعية في المجموعة: «إذا ما بدت المطاعم مختلفة هيكليا في المستقبل، وتغيرت مناسبات الأكل خارج المنزل بصورة دائمة، حينئذ من الممكن القول إنه سيكون هناك استمرار في انخفاض استهلاك اللحوم». وأضاف: «سوف يستمر الناس في استهلاك كمية السعرات نفسها، ولكن سيفعلون ذلك في المنزل، حيث تكون نسبة اللحوم أقل».
واختتمت «بلومبرغ» تقريرها بالقول إنه ما زالت هناك فرصة لإمكانية زيادة الاستهلاك العالمي الإجمالي هذا العام. ويرجع السبب في ذلك إلى إمكانية تزايد عدد سكان العالم بصورة أسرع من إنتاج اللحوم. ومع ذلك، فإن انخفاض استهلاك الفرد يمثل نقطة تحول بالنسبة لقطاع اللحوم.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.