«العلا السعودية» تنهي ترميم المساجد التاريخية في البلدة القديمة

شارك فيها عدد من الأهالي المختصين

جانب من أعمال الترميم في مساجد العلا التاريخية (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال الترميم في مساجد العلا التاريخية (الشرق الأوسط)
TT

«العلا السعودية» تنهي ترميم المساجد التاريخية في البلدة القديمة

جانب من أعمال الترميم في مساجد العلا التاريخية (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال الترميم في مساجد العلا التاريخية (الشرق الأوسط)

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا اكتمال المرحلة الأخيرة من أعمال ترميم مسجدي الزاوية وحمد بن يونس في البلدة القديمة بالعلا، حيث تضمنت أعمال الترميم التي شارك فيها عدد من أهالي العلا المختصين، لتعزيز بنية المسجدين والحد من الانهيار والتهالك اللذين تعرضا لهما على مر الزمن، وإعادة بناء الأسقف والجدران والأرضيات باستخدام المواد المحلية والتقنيات التي تتوافق مع الهوية العمرانية لبلدة العلا التراثية.
وتتم أعمال الترميم والتأهيل عن طريق شراكة عقدتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا مع برنامج إعمار المساجد التاريخية الذي تتبناه هيئة التراث بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية، وتعتبر هذه الشراكة امتداداً لما توليه الهيئة الملكية من اهتمام بالغ في الحفاظ على الإرث التاريخي لمحافظة العلا وامتداداً أيضاً للتواصل مع كل البرامج والمشاريع الحكومية التي تهتم وتعنى بتراث المملكة.
وتعد أعمال الترميم جزءاً من مشروع موسّع تنفذه الهيئة الملكية لمحافظة العلا بهدف تطوير المساجد التاريخية في البلدة القديمة، إذ يعكس هذا المشروع التزام الهيئة بحماية التراث التاريخي في العلا، ويدخل هذا أيضاً ضمن إطار رؤية العلا المتمثلة بجعل العلا وجهة عالمية للثقافة والسياحية التاريخية المستدامة، إذ وصلت نسبة إنجاز المشروع إلى 90 في المائة.
من جهته، قال الدكتور عبد الرحمن السحيباني مستشار الآثار والتراث في الهيئة الملكية لمحافظة العلا: «يعكس المشروع التزام الهيئة بحماية التراث البشري في العلا، لما في ذلك من فائدة لأهل العلا والزوار على حد سواء، فقد حظي المسجدان بتاريخ مميز ويتمتعان بمنزلة عظيمة في قلوب أهالي العلا، حيث ساعدت جهودهم على مر التاريخ في صيانتهما والمحافظة عليهما ليتسنى لنا اليوم ترميمهما مجدداً ويستعيدا منزلتهما التاريخية في مجتمع العلا ويستمرا في استقبال المصلين، والمهتمين بالعمارة الإسلامية».
ويكشف مستشار شركة الترميم عبد الرحمن الإمام، وأحد أبناء مدينة العلا، كيف تم وضع خطه للترميم تحافظ على الوضع القائم للمسجد ومن ثم تدعيم الأجزاء التي تحتاج إلى تدعيم وإعادة بناء الأجزاء المتهدمة على طبيعتها.
وقال الإمام: «اعتمدنا في جمع المعلومات على كبار السن، حول الشكل الذي كانت عليه بعض الأجزاء المتهدمة وتم استخدام مواد البناء التي تتميز بها طبيعة العلا من الطين الطبيعي وخشب الأثل الذي تمتاز به العلا وجذوع وسعف النخيل المستخدم بكثرة ضمن مواد البناء في البلدة القديمة».
كما صرح المدير التنفيذي لبرنامج إعمار المساجد التاريخية الدكتور محسن بن فرحان القرني فقال: «يأتي ترميم وتأهيل مسجد الزاوية ومسجد حمد بن يونس في البلدة القديمة في إطار برنامج إعمار المساجد التاريخية، بالإضافة إلى المسجدين اللذين قامت الهيئة الملكية لتطوير العلا بترميمهما، ويجري العمل حالياً على اعتماد مخططات ترميم وتأهيل مسجد العظام في بلدة العلا التراثية، ضمن (مشروع سمو الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية)».
وتستند المشاريع التنموية للهيئة على المبادئ الاستراتيجية الـ12، المستمدة من ميثاق الهيئة وخطتها الإطارية، لضمان التنمية المستدامة ودعم المنهجية الثقافية للعلا، وذلك ضمن رؤية المملكة العربية السعودية 2030.


مقالات ذات صلة

منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

عالم الاعمال منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

«بانيان تري العُلا» يكشف عن تقديم مجموعة متنوعة من العروض لموسم العطلات

يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج صورة جماعية لاجتماع اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية في باريس الجمعة (الشرق الأوسط)

اجتماع للجنة السعودية - الفرنسية المشتركة لتطوير محافظة العلا

اجتماع للجنة السعودية - الفرنسية المشتركة لتطوير محافظة العلا، وبيان لـ«الخارجية الفرنسية» يؤكد توجيه فرنسا إمكاناتها وخبراتها لتطوير المنطقة.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق اجتماع اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية استعرض الإنجازات (وزارة الخارجية السعودية)

اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن «العُلا» تناقش توسيع التعاون

ناقشت اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير العُلا سبل توسيع التعاون المشترك بين الجانبين في مختلف القطاعات، خصوصاً في مجالات الآثار والرياضة والفنون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يصل إلى فرنسا للمشاركة في اجتماع «تطوير العلا»

وصل وزير الخارجية السعودي، إلى العاصمة الفرنسية باريس، اليوم؛ للمشاركة في الاجتماع الثاني لتطوير مشروع العلا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».