وسط التّصفيق، أعاد متحف اللوفر الباريسي فتح أبوابه، أمس، أمام زواره، بعد أربعة أشهر على إغلاقه بسبب تفشّي فيروس «كورونا» المستجد. بيد أنّ المشهد لم يكن، كما كان قبل الجائحة، فالوفود المنتظرة لم تكن أعدادها كبيرة كما في الأيام العادية؛ ولا يزال هذا المتحف العالمي يأمل عودة الحياة إلى طبيعتها وفتح الحكومات مطاراتها أمام السّياح الأجانب الذين لا يغفلون لدى قدومهم إلى العاصمة الفرنسية زيارته والتّعرف على كل ما يحويه من كنوز فنيّة تسكن صالاته وتحكي تواريخ العالم وحضاراته.
عبّر جان لوك مارتينيز رئيس المتحف ومديره، عن سعادته الكبيرة باستقبال الزوار، وأضاف أنّ «المتحف في المقام الأول يقوم على استقبال الزوار»، وتابع، «كرسنا حياتنا للفن ونرغب بتشارك هذا الشغف من حيث نحن».
عشرات السّياح وقفوا في طابور أمس، ينتظرون فتح أبواب المتحف ليسجّلوا أوّل حضور على عتبته بعد الإغلاق الطويل. قوانين جديدة فرضها الفيروس التاجي، فقد حدّد القيّمون على اللوفر، الوقت لإدخال مجموعات تتألف من 500 شخص فقط، كل نصف ساعة، التزاما بالإجراءات الصّحية واحتراماً للتباعد الاجتماعي.وأوضح مارتينيز قائلاً: «وصلت حجوزات الزيارات إلى سبعة آلاف شخص أمس، في حين كنّا نستقبل عادة حوالي 30 ألفا». الأمر الذي يُظهر خسارة المتحف الكبيرة، التي تتعدّى 40 مليون يورو فترة العزل، من الحشود الاعتيادية المؤلفة خصوصاً من سياح أميركيين وصينيين وكوريين وبرازيليين ويابانيين.
يشكل الأجانب 75 في المائة من رواد اللوفر الذي يُعتبر أكثر متاحف العالم استقطابا للزوار. وبسبب هذه الظّروف العصيبة لا يُسمح حتى الآن، سوى للأوروبيين فقط في الدول المجاورة بالمجيء إلى فرنسا.
من جانبها، قالت جوليا كامبل، متقاعدة فرنسية من أصل اسكوتلندي: «لقد اشتقت كثيراً إلى زيارته. فأنا آتي إليه مرتين في الشهر». وتابعت هذه السيدة الشغوفة بعلم الآثار «سأستغل الفرصة لأمضي وقتا أطول فيه».
لم يسبق للمتحف أن أغلق أبوابه لهذه الفترة الطويلة منذ الحرب العالمية الثانية. وتجنباً لأي حادث صحّي، كان على إدارة المتحف دراسة كل الإجراءات ولفترة طويلة، قبل اتّخاذ قرار استقبال الزّوار من جديد. فالدّخول إلى المتحف يكون من جانب الهرم الزجاجي عبر ثلاثة طوابير، مع ضرورة وضع الزوار الكمامات. فثمّة طابور آخر، للأشخاص الذين حجزوا زيارتهم مع توقيت محدد عبر الإنترنت، وطابور ثان للأشخاص الذين يأتون قبل موعد الزيارة التي حجزوها أيضا عبر الإنترنت. أمّا الطابور الثالث فمخصّص للأشخاص الذين يأملون بفرصة الدخول مع أنّ كل الأوقات المخصصة للزيارات الاثنين محجوزة.
ولن تكون كل أجزاء المتحف متاحة للزيارات، إذ تقتصر الأقسام التي ستُفتَح للجمهور على 70 في المائة من المساحة الإجمالية البالغة 45 ألف متر مربع، ومنها قسم التحف المصرية والآثار اليونانية والرومانية.
وأكد مارتينيز «أنّ فرصة الزوار ليكونوا موجودين بمفردهم أمام لوحة جوكوندا تتوافر في بداية النهار أو في نهايته». وخلال الأسابيع أو الأشهر الأولى من إعادة فتح اللوفر، ستبقى 30 في المائة من المجموعات الموجودة في المتحف، غير متاحة للزيارة، مثل المنحوتات الفرنسية في القرون الوسطى والنهضة أو الفنون الأفريقية والآسيوية والأوقيانية والأميركية.
وتلحظ التدابير الوقائية إلزام الزوار وضع كمامات، وتحديد مسارات الزيارات بإشارات، ومنع عودة الزائر إلى الوراء. وأمام لوحة موناليزا، حيث درج السياح من كل أنحاء العالم على التقاط صور تذكارية، ألصقت على الأرضية إشارات تحدّد الأماكن التي يسمح للزوار بأن يقفوا فيها لالتقاط صور السيلفي.
وسيتوافر دليل سمعي جديد اعتبارا من 15 تموز يوليو (تموز)، بتسع لغات مع مضامين مبتكرة لفهم أفضل لتاريخ القاعات والمجموعات مع ألغازها وطرائفها. وقد أبقى المتحف على معرض مؤقت كان قد بدأ قبل فترة الإغلاق التام، يضم لوحات لفنانين كبار من أمثال رامبرانت ودورر ودولاكروا. وكان المتحف سيكرّس موسم الربيع لعباقرة عصر النهضة إلّا أنّ هذا الحدث أُرجئ إلى تشرين الأول أكتوبر (تشرين الأول).
ويعوّل المتحف لتنشيط الحركة، على استقطاب الشّباب والزوار من الفئات الأقل اقتداراً ماديا من المقيمين أو من السياح الأجانب، ومنهم مثلاً سكان منطقة باريس الكبرى.
وكان مسؤولو «اللوفر» قد اتخذوا قراراً بإغلاقه أمام الجمهور في أول مارس (آذار)، في إجراء احترازي للحد من انتشار الفيروس.
«اللوفر» يستقبل زوّاره مجدداً بالتصفيق
7 آلاف شخص حجزوا تذاكرهم في اليوم الأول
«اللوفر» يستقبل زوّاره مجدداً بالتصفيق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة