أوباما يختار الرجل الثاني في البنتاغون لحقيبة الدفاع

أشتون كارتر يتمتع بخبرة عسكرية وعلمية واسعة.. وتوقع المصادقة عليه في الكونغرس بسهولة

باراك أوباما ونائبه جو بايدن يصفقان بعد تسمية آشتون كارتر وزيرا للدفاع في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
باراك أوباما ونائبه جو بايدن يصفقان بعد تسمية آشتون كارتر وزيرا للدفاع في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما يختار الرجل الثاني في البنتاغون لحقيبة الدفاع

باراك أوباما ونائبه جو بايدن يصفقان بعد تسمية آشتون كارتر وزيرا للدفاع في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
باراك أوباما ونائبه جو بايدن يصفقان بعد تسمية آشتون كارتر وزيرا للدفاع في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس تعيين الرجل الثاني في البنتاغون أشتون كارتر لشغل منصب وزير الدفاع خلفا لتشاك هيغل الذي استقال قبل 10 أيام. وفي مؤتمر بقاعة بالبيت الأبيض، حضره نائب الرئيس جو بايدن ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس وعدد كبير من مسؤولي الإدارة، أشاد أوباما بالخبرة الواسعة التي يتمتع بها كارتر في المجالات الأمنية والعسكرية والأكاديمية، وأشار إليه باسم التدليل «أش» خلال حديثه الذي استمر 10 دقائق. وقال أوباما «على مدى أكثر من 30 عاما كان (أش) واحدا من أبرز الباحثين والقادة في المجال الأمني وكان إلى جواري في عدد من الاجتماعات، وأنا أعتمد على خبرته وتقييمه ومؤمن أنه سيجلب رؤية تقنية وسيقوم بعمل هام لتحسين الأمن».
وأشاد أوباما بعمل كارتر مع 11 وزيرا سابقا للدفاع، وبعمله في مجال مكافحة أسلحة الدمار الشامل وخبرته الكبيرة في البنتاغون. وركز على التحديات التي ستواجه كارتر في تقليص ميزانية وزارة الدفاع وفي مواجهة التحديات في العراق وأفغانستان والتعامل مع الأزمة في سوريا وتقوية حلف شمال الأطلسي والعمل مع الشركاء في آسيا والباسيفيك والاستمرار في مكافحة مرض إيبولا مع تركيز وزارة الدفاع على التحديات المستقبلة في مكافحة التهديدات الإلكترونية والاستثمار في الإمكانات لمواجهة التحديات المحتملة ومواجهة الكونغرس حول سياسات الإنفاق.
بدوره، تحدث كارتر (60 عاما)، لمدة دقيقتين، وعبر عن تقديره للقادة العسكريين. وتحدث عن تقديره لقيادة الرئيس أوباما وقال: «لقد قبلت المنصب لثقتي في قيادة الرئيس أوباما، ولإدراكي جدية التحديات التي نواجهها ولاحترامي للرجال والنساء في الجيش الأميركي، لكن أمامنا أيضا فرص علينا استغلالها». وأضاف كارتر «لقد تحدثت إلى الرئيس أوباما خلال الأيام الماضية حول الفرص والتحديات لجعل أميركا آمنة». ووجه حديثه إلى الرئيس أوباما قائلا: «إذا قُبل ترشيحي (في الكونغرس)، أتعهد بالعمل على تقديم نصائح أمنية وعسكرية مخلصة والإبقاء على ثقة الجيش».
وكان ملاحظا غياب وزير الدفاع المستقيل هيغل عن مؤتمر إعلان تعيين خلفه. وفسر مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية غياب هيغل بالقول إن «وزير الدفاع يرى أن هذا اليوم يجب أن يخصص إلى أشتون كارتر وترشيحه والاحتفال بذلك وهو لا يريد أن ينتقص من التركيز على كارتر». وأضاف المسؤول أن الوزير هيغل «يفتخر بكارتر وبعمله والصداقة التي جمعت بينهما وهو يتطلع إلى العمل معه ومع موظفي الدفاع والبيت الأبيض والكونغرس لضمان عملية انتقال ناجحة في الإدارة».
سيواجه كارتر أول تحد في مجلس الشيوخ عندما يبدأ العمل بالتشكيلة الجديدة، ذات الغالبية الجمهورية، الشهر المقبل. وحينها، سيعقد المجلس جلسة للتصديق على تعيين كارتر وزيرا للدفاع، وسيحتاج كارتر إلى 51 صوتا من إجمالي 100 صوت في مجلس الشيوخ ليتم قبول ترشحيه للمنصب.
وتشير مصادر في الكونغرس إلى أن هناك حالة من القبول لاختيار أوباما، بسبب ما يحظى به كارتر من سمعة جيدة وخبرة عسكرية، لكن ذلك لن يمنع أعضاء جمهوريين في المجلس من توجيه أسئلة ساخنة إلى كارتر حول سياسات وزارة الدفاع فيما يتعلق بتنظيم «داعش» والملف النووي الإيراني والمضي تجاه تقليص ميزانيات الدفاع. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين، الذي يفترض أن يرأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الشهر المقبل، إن كارتر يحظى باحترام جيد داخل الكونغرس. كما أكد السيناتور الجمهوري جيم أنهوف أن كارتر لن يواجه صعوبات في الحصول على مصادقة مجلس الشيوخ.
وفي حال المصادقة على تعيينه، سيصبح كارتر، رابع وزير للدفاع خلال عهد الرئيس أوباما، وسيقود البنتاغون خلال العامين المتبقيين من إدارة أوباما حتى عام 2016.
يحظى كارتر باحترام كبار القادة العسكريين ويتمتع بسمعة جيدة في أوساط الدفاع ومعروف عنه قوة الشخصية والثقة والرؤية الثاقبة حول تحديات الأمن الوطني خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وجاء اختياره للمنصب بعد استقالة هيغل الشهر الماضي. وكان هيغل تولى المنصب عندما كان البنتاغون يركز على خفض النفقات وإخماد الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان، بينما انتقل التركيز في الأشهر الماضية إلى محاربة تقدم تنظيم «داعش» ومواجهة انتشار فيروس إيبولا في غرب أفريقيا.
ويعتقد على نطاق واسع أن البيت الأبيض دفع هيغل إلى الاستقالة أواخر الشهر الماضي بعد نحو عامين من قيادته للبنتاغون مما يشير إلى تغييرات في استراتيجية الرئيس أوباما ضد مسلحي تنظيم «داعش».
يواجه وزير الدفاع المقبل، تحديات متعددة في الخارج، أهمها ضرورة مواجهة تهديدات تنظيم «داعش»، في ظل وجود 1400 مستشار عسكري أميركي مكلفين مساعدة الحكومة العراقية في مكافحة هذا التنظيم، وكيفية التعامل مع المحادثات الدولية الجارية بخصوص البرنامج النووي الإيراني، والدور العسكري الأميركي المقبل في أفغانستان، إضافة إلى الوضع الأمني المقلق في أوكرانيا، وأيضا طرق مواجهة انتشار فيروس إيبولا في غرب أفريقيا. وفي الوقت نفسه سيتعين على وزير الدفاع الجديد أن يقود استراتيجية الإدارة الأميركية لتقليص ميزانية وزارة الدفاع من 700 مليار دولار لتصل إلى 580 مليار دولار في السنة المالية 2015.
شغل كارتر منصب نائب وزير الدفاع منذ عام 2011. كما عمل في مناصب متنوعة داخل البنتاغون خلال عهد الرئيس الحالي أوباما والرئيس الأسبق بيل كلينتون.
وقبل ترشحه، تولى كارتر مسؤولية الإشراف على ميزانية الدفاع التي تبلغ أكثر من 600 مليار دولار سنويا ويتولى إدارة شؤون نحو 2.4 مليون من الأفراد المدنيين والعسكريين إضافة إلى إدارة العمليات الدفاعية حول العالم. وفي الفترة من أبريل (نيسان) 2009 إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2011، تولى كارتر منصب وكيل وزارة الدفاع للتكنولوجيا والنقل والإمدادات وهي الإدارة المسؤولة عن شراء جميع التقنيات العسكرية والنظم والخدمات الحديثة. ومن عام 1993 إلى عام 1996 (خلال ولاية الرئيس بيل كلينتون) عمل كارتر في منصب مساعد وزير الدفاع لسياسات الأمن الدولي، وهي الإدارة المسؤولة عن السياسات المتعلقة بالاتحاد السوفياتي ومواجهة أسلحة الدمار الشامل في جميع أنحاء العالم وشؤون الأسلحة النووية. وخلال تلك الفترة كان لكارتر دور أساسي في إزالة الأسلحة النووية من أراضي أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا.
وخلال السنوات الـ5 الماضية (مع بداية ولاية الرئيس أوباما) احتل كارتر منصب الرجل الثالث ثم الرجل الثاني الأكثر أهمية ونفوذا داخل البنتاغون وقاد اثنتين من أهم العمليات داخل البنتاغون: الأولى هي المشاركة في استراتيجية الأمن القومي والميزانية التي اعتمدها الرئيس أوباما، والثانية هي استراتيجية مكافحة الحرب الإلكترونية الجديدة في آسيا والمحيط الهادي وما تتضمنه من أنظمة استخباراتية وأنظمة استطلاع وقوات خاصة وقوات مكافحة الإرهاب ومكافحة أسلحة الدمار الشامل.
وقبل عمله بالبنتاغون كان كارتر أحد المؤسسين لشركة التكنولوجيا العالمية التي تقدم المشورة الاستثمارية في مجالات التكنولوجيا والدفاع، كما عمل مستشارا لبنك غولدمان ساكس وأستاذا للعلاقات الدولية بكلية جون إف كيندي بجامعة هارفارد في الفترة من عام 1990 إلى 1993 وزميلا زائرا بمعهد هوفر بجامعة ستانفورد، وألقى الكثير من المحاضرات حول الدراسات الدولية في معهد فريمان سبوجلي.
شغل كارتر أيضا عضوية مجلس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم أي تي) الذي يعد واحدا من أفضل المعاهد في الولايات المتحدة، وعضوا بمجلس علوم الدفاع والمجلس الاستشاري للأمن الدولي الذي يقدم المشورة لوزير الخارجية الأميركي. وتم انتخابه في منصب زميل الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم وعضوا في مجلس العلاقات الخارجية (مركز أبحاث بارز).
حصل كارتر على درجة البكالوريوس في الفيزياء وفي تاريخ العصور الوسطى من جامعة ييل بامتياز مع مرتبة الشرف ثم حصل على الدكتوراه في الفيزياء من جامعة أكسفورد عام 1979 واشتغل في التدريس بجامعة أكسفورد ومعهد إم أي تي. وتركزت أبحاث كارتر على مشروعات الدفاع الوقائي التي تصمم برامج أمنية تهدف إلى منع ظهور تهديدات للولايات المتحدة. وعلى المستوى الشخصي فهو متزوج ولديه ابنان هما ويل وافا.
وأشارت مجلة «بوليتيكو» إلى أن كارتر تنبأ في أواخر التسعينات بهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وحذر من إمكانية وقوع هجوم كارثي على الولايات المتحدة، وحث المسؤولين على أخذ التهديدات على محمل الجد. ففي مقال نشر عام 1998 في مجلة الشؤون الخارجية، كتب كارتر مع فيليب زيليكو (الذي شغل فيما بعد منصب المدير التنفيذي للجنة التحقيق في 11 سبتمبر) أن «حدثا إرهابيا كارثيا سيقع وسيكون حدثا فاصلا في التاريخ الأميركي، ويمكن أن ينطوي على خسائر في الأرواح والممتلكات لم يسبق لها مثيل في زمن السلم، وسيقوض إحساس أميركا بالأمن كما حدث في اختبار الاتحاد السوفياتي للقنبلة الذرية في عام 1949 ومثل بيرل هاربر، وهذا الحدث سيقسم ماضينا ومستقبلنا إلى ما قبله وما بعده».
وكرر كارتر تحذيراته في كتابه «الدافع الوقائي» الذي كتبه مع وزير الدفاع الأسبق ويليام بيري عام 1999 محذرا من عدد من المخاطر التي يمكن أن تنمو لتكون تهديدات حقيقية للأمن القومي. وأشار إلى خطورة طموحات روسيا التوسعية وطموحات كوريا الشمالية لتطوير قدراتها النووية، وخطورة تزايد نفوذ الإرهاب. كما تنبأ كارتر بأن استراتيجية الولايات المتحدة في الرد على الهجوم الإرهابي ستؤدي إلى تآكل في الحريات المدنية. وقال: «الولايات المتحدة قد تستجيب (للهجوم الإرهابي) بتدابير صارمة ستؤدي إلى تقليص الحريات المدنية ومراقبة المواطنين واحتجاز المشتبه بهم ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من العنف أو مزيد من الهجمات الإرهابية وسوف يحاسب الأميركيون قادتهم على عدم التصدي للتهديدات الإرهابية الأكثر إلحاحا».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.