حلفاء نيودلهي يسرّعون إمدادها بالأسلحة

أنظمة دفاعية من فرنسا وإسرائيل وروسيا والولايات المتحدة في ظل ازدياد التوتر مع الصين

مودي يقوم بزيارة خاطفة لقواته في المنطقة الحدودية مع الصين في ظل ازدياد الضغوط المحلية عليه (أ.ب)
مودي يقوم بزيارة خاطفة لقواته في المنطقة الحدودية مع الصين في ظل ازدياد الضغوط المحلية عليه (أ.ب)
TT

حلفاء نيودلهي يسرّعون إمدادها بالأسلحة

مودي يقوم بزيارة خاطفة لقواته في المنطقة الحدودية مع الصين في ظل ازدياد الضغوط المحلية عليه (أ.ب)
مودي يقوم بزيارة خاطفة لقواته في المنطقة الحدودية مع الصين في ظل ازدياد الضغوط المحلية عليه (أ.ب)

في خضمّ المواجهات العسكرية القائمة والممتدة ما بين الهند والصين على الحدود الشرقية بين البلدين في إقليم لاداخ، يسرع حلفاء الهند من أمثال فرنسا، وإسرائيل، وروسيا، والولايات المتحدة الأميركية من تزويد نيودلهي بشحنات الأسلحة، من طائرات مقاتلة، وأنظمة الدفاع الجوية. من إسرائيل نظام «القبة الحديدية» من أجل نشره على طول المناطق الحدودية بين الهند والصين، وبطاريات «هاويتزر» المدفعية من الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن المزيد من الذخائر الواردة من روسيا والطائرات المقاتلة القادمة من فرنسا.
هذا، ومع تفاقم الصراع العسكري مع الصين إثر مقتل 20 جندياً هندياً، عقدت لجنة الشؤون الأمنية الهندية اجتماعاً طارئاً قبل ثلاثة أسابيع بهدف مناقشة تداعيات الموقف المتصاعد على الحدود الشرقية، ومحاولة سد الثغرات الناشئة في الاستعدادات الدفاعية، تأهباً لأسوأ السيناريوهات المحتملة على جبهتين في آن واحد ضد الصين وباكستان.
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أدلى بتصريحات موجهة إلى بكين، وذلك خلال جولته الخاطفة الجمعة في المنطقة التي شهدت اشتباكات بين قوات هندية وصينية، في منتصف الشهر الماضي. وقال مودي مخاطباً القوات الهندية في الموقع الحدودي في لاداخ: «انتهى عصر السياسة التوسعية، هذا هو عصر التطور. إن التاريخ شاهد على هزيمة القوات التوسعية أو اضطرارها إلى العودة إلى أدراجها». وأضاف: «أظهرت القرون الماضية أن السياسة التوسعية دمرت الإنسانية. إن عقلية التوسع هذه لطالما شكلت خطراً جسيما على السلام العالمي».
وتبعث زيارة مودي برسالة قوية للصين حتى رغم تعرضه للضغوط على الصعيد المحلي تطالبه بالرد على الغزو الصيني للأراضي الهندية، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الهندية. وكان برفقة مودي، رئيس أركان الجيش الهندي، الجنرال بيبين راوات، وقائد الجيش الجنرال مانوج موكوند نارافاني.
وعلى الرغم من ثلاث جولات متسارعة من الاجتماعات المطولة بين القادة العسكريين الهنود والصينيين بشأن تهدئة حدة التوترات في المنطقة الحدودية، فإنه لا يبدو أن هناك حلاً حقيقياً حيث يتخذ كل جانب منهما موقفاً صارماً تلقاء الآخر.
كما منحت الحكومة الهندية أيضاً صلاحيات مالية كبيرة لصالح القوات المسلحة الهندية، التي تتمكن بموجبها من شراء أي نظم من الأسلحة التي تحتاج إليها. وتُقدر الميزانية الدفاعية الهندية للسنة المالية 2020 - 2021 بقيمة 73.65 مليار دولار أميركي مقارنة بالميزانية الدفاعية الصينية الهائلة التي تُقدر بنحو 230 مليار دولار أميركي.
وبرزت فرنسا باعتبارها أكبر المؤيدين العسكريين للهند، وحولت الحكومة الفرنسية بعض العتاد الدفاعي المخصص لقواتها الجوية الوطنية إلى القوات المسلحة الهندية.
ومن المقرر أن تصل ست مقاتلات فرنسية من طراز «رافال» على الأقل إلى الهند بحلول 27 يوليو (تموز) الحالي. ويمكن نشر المقاتلات الفرنسية الحديثة لتنفيذ المهام القتالية بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً. وكان من المفترض لتلك التدابير العسكرية أن تتم بعد مرور عدة شهور من تسليم الطائرات المقاتلة الفرنسية إلى القوات المسلحة الهندية، ولكن يبدو أن الحكومة الفرنسية قد وافقت على الإسراع من إرسال المقاتلات والصواريخ الملحقة بها بناء على طلب مباشر من الحكومة الهندية.
وسيجري نشر نظام الدفاع الإسرائيلي على طول الحدود المشتركة مع الصين. وأفادت المصادر المطلعة لدى الحكومة الهندية بأن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي - الذي لم يتمّ الإفصاح عنه حتى الآن - من المحتمل أن يخرج من المستودعات الحالية لقوات الدفاع الإسرائيلية، ومن شأنه أن يستكمل منظومة الدفاع الجوي في قطاع لاداخ الحدودي.
كما سوف تحصل الهند كذلك على قنابل طراز «سبايس 2000» من إسرائيل، التي استخدمت في مهاجمة الأهداف في إقليم بالاكوت في عام 2019، على مسافة تبعد 60 كيلومتراً من خط السيطرة الفعلية بين الهند والصين.
- الدور الروسي والأميركي في الصراع
في حين أن أغلب الخبراء والمحللين كانوا يتحدثون حول احتمالات أن جنوح الهند صوب الولايات المتحدة عسكرياً، فإن وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ زار موسكو في أول الأمر بحثاً عن التسليم العاجل لشحنات الأسلحة، وقطع الغيار، والصواريخ، والذخائر، التي طالبت بها القوات المسلحة الهندية على نحو فوري وعاجل في غضون أسابيع معدودة. ولا تزال نسبة 60 في المائة من نظم الأسلحة التي تستخدمها القوات المسلحة الهندية القوية – البالغ عددها 1.5 مليون مقاتل – ذات أصول روسية شرقية، على الرغم من أن الحكومة الهندية قد لجأت وبصورة متكررة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وإلى فرنسا وإسرائيل، بغية استيراد نظم الأسلحة الحديثة على مدى السنوات الـ15 الماضية.
وفي تلك الأثناء، توجهت الحكومة الصينية إلى حليفتها روسية، إذ برزت بكين كثاني أكبر العملاء لدى روسيا (بعد الهند) من حيث تلبية احتياجاتها من الأجهزة، والأسلحة، والعتاد، والبرمجيات العسكرية لدى جيش التحرير الشعبي الصيني، البالغ تعداده 2.2 مليون مقاتل. وتأتي أكثر من 70 في المائة من واردات الصين من الأسلحة حالياً من روسيا. وتبحث الحكومة الهندية في الآونة الراهنة في سبل التوصل إلى التسليم السريع لمنظومة الدفاع الجوي الروسي المتقدمة طراز «إس 400». وتفيد التقارير الإخبارية بأن الصين – وهي الشريك الاستراتيجي لروسيا – تملك بالفعل تلك المنظومة الدفاعية المتطورة في ترسانتها العسكرية. وقيل أيضاً إن قوات جيش التحرير الشعبي الصيني قد قامت بالفعل بنشر بطاريات «إس 400» الدفاعية في إقليم لاداخ الحدودي.
والسؤال هو: كيف سوف يكون شكل الدور الروسي في الصراع ما بين الهند والصين، لا سيما مع العلاقات الثنائية الودية التي تربط موسكو بكل من بكين ونيودلهي؟
يقول المحلل الهندي المخضرم راجا موهان معلقاً: «ظهرت روسيا في دور اللاعب الرئيسي في خضم التوترات الراهنة بين الهند والصين. ومع ذلك، تمارس بكين الضغوط المستمرة على موسكو بهدف عدم بيع الطائرات المقاتلة الحديثة إلى الهند. وإن الطريقة التي تستجيب بها الحكومة الروسية للطلبات العسكرية الهندية والدعم والإسناد في هذه المواجهات الحالية ضد الصين سوف يكون لها أبلغ الأثر وأكبره على تطور العلاقات في المستقبل بين نيودلهي وموسكو».
وعلى العكس من موقف الحياد الروسي المعلن ما بين الهند والصين، خرج الموقف الأميركي مؤيداً تماما لصالح نيودلهي. وإذا كانت تصريحات الرئيس الأميركية بشأن الوساطة ما بين الهند والصين مثيرة للغضب، فإن الحكومة الهندية تلاحظ أيضاً الدعم العلني الواضح من المؤسسة الدفاعية الأميركية ومن السياسة الخارجية في واشنطن ضد العدوان الصيني على الهند.
يقول الصحافي الهندي شيشير أوباديايا: «لقد دعمت الولايات المتحدة الحكومة الهندية في ظل تصاعد التوترات على الحدود بين الهند والصين. غير أن واشنطن تملك حزمتها الخاصة من الدوافع التي تحفزها لتشجيع الأعمال العدائية من جانب الهند».
تباشر الولايات المتحدة في الآونة الراهنة تزويد القوات المسلحة الهندية بالمعلومات الاستخبارية، وصور الأقمار الصناعية.
وتقوم القوات المسلحة الهندية بتسيير الطائرات الأميركية على طول الحدود في إقليم لاداخ خلال الأيام الحالية، بما في ذلك طائرات النقل الثقيلة من طراز «سي – 130». وكذلك مروحيات «شينوك» الناقلة، ومروحيات «أباتشي» المقاتلة.
ومع ذلك، يقول البروفسور الهندي فيبين نارانغ: «تكمن الأزمة في العلاقات الثنائية الأميركية الهندية في حقيقة مفادها أن جزءاً كبيراً من الأسلحة الهندية لا يزال روسي الأصل. فكيف يمكن للجيشين الهندي والأميركي المشاركة في المواجهات العسكرية معاً في ظل التباعد الكامل بين نظم الأسلحة لدى الجانبين؟».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.